شبكة ذي قار
عـاجـل










استمر الحديث منذ أكثر من عام عن انسحاب قوات الغزو الأمريكي من العراق بمبررات وآراء تختلف حسب وجهات النظر والانتماءات العقائدية والخلفيات الفكرية لمن يطرحها ولكنها جميعا تتفق على إن هذا الانسحاب لم يكن في واقع الأمر خيارا أمريكيا بحتا يتطابق مع ما هو معلن في تبنيها للشعارات الفضفاضة التي تبرر من خلالها فعلها الوحشي للغزو بعد أن فشلت في أن تثبت امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل كحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية وإنما جاء استحقاق طبيعيا للضربات الجسورة التي نفذها رجال المقاومة العراقية الأبطال بدعم مطلق من الشعب العراقي وحجم الخسائر المادية والبشرية الهائل الذي لحق بها نتيجة لذلك وعجزها عن تحقيق أهداف العدوان العلنية منها والسرية فلجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تغير طبيعة تواجدها ودفعت إلى الواجهة من يقاتل بالنيابة عنها ويمثل ويلبي لها مصالحها من العملاء والمأجورين والقتلة وعشاق سفك الدماء الذين يسمون أنفسهم حكومة تمارس مهامها القبيحة الواضحة المعالم بأبشع الوسائل من خلال دستور ملغم مشرع لهذا الغرض بقوة السلاح وتستند إلى المليشيات الطائفية التي أعدت سلفا خارج الحدود وتم تغذيتها فكريا لهذا الغرض ولكن طبيعة المعارك التي دارت رحاها على الأرض العراقية وتعدد ولاءات الجهات المشاركة فيها وانتماءاتها السياسية وتغذيتها الفكرية طائفيا والسباق على تقاسم الثروات التي تسرق كناتج عرضي أدت إلى إفرازات كانت بعيدة نسبيا عن حسابات الأجهزة المخابراتية التي أدارت تلك المعارك أو في المرحلة التالية من تسلسلات مهماتها , فالهدف الأكبر والاهم للغزو لم يكن أبدا ثروات العراق بل كان هذا مطلب صغار العملاء الذين كانوا يتسكعون أما في الحانات والملاهي الغربية أو على أبواب حسينيات وجوامع قم وطهران وهو تحصيل حاصل لابد منه وهو ما يبرر في نظرنا ما نراه اليوم من صراع وتكالب العملاء على المناصب التي تمثل الوسيلة الأنجع للسرقة ونهب المال العام وانعدام الخدمات وهو في نفس الوقت أصبح عاملا مساعدا في إعاقة انجاز هدف العدوان الأكبر لما ولده من نتائج عكسية كشفتها كثير من الحقائق على ارض الواقع .


وإذا كانت الدول الغربية قد وضعت أقطار امتنا العربية كوحدة متكاملة في مرمى نيرانها مع وجود مبررات لصراعات الكثير من التيارات الدولية التي تحاول إثبات وجودها بين العرب فقد تعاملت مع أقطارها كل على حدة وفق خصوصية المعطيات التي تفرزها المقاومة الجماهيرية لكل قطر فان العراق يبقى هو المختبر الأفضل بالنسبة لتجاربها العدوانية والمطبخ الأكثر أهمية لانجاز المؤامرات وتصديرها لدول الإقليم لما يتمتع به من ميزات انفرد بها كموقعه الجغرافي القريب من احد أهم اذرع العدوان والتنوع الكبير في نسيجه الاجتماعي الذي وفر لهم حركة واسعة في المناورة في توسيع فجوة الخلافات البينية الاثنية والطائفية للعملاء وما يترتب عليها من سهولة في استقطاب بسطاء الناس وانقيادهم للدفاع عن جرائم المليشيات وتبريرها وإثارة الرعب فيهم من البطش غير الموجود أصلا من الطرف الآخر .


إن ما يحصل اليوم من اختلافات كاذبة وتعالي أصوات الشركاء – الفرقاء في ما يسمونهم أطراف العملية السياسية لا يبتعد كثيرا عن مجمل الغليان الشعبي العربي الذي يجري منذ إسقاط نظام حكم بن علي في تونس (( ما يروجون له كربيع عربي )) , وسط دوي إعلامي صاخب حول ما يسمونه تهديد للعملية السياسية وسحب الثقة من سلطة حكومة الاحتلال هو فبركة كاذبة لسيناريو مج لا يتيح لهم الانفلات من دائرة العمالة لأسيادهم وتبريز دور هذه الفئة منهم أو تلك لا تعني أبدا أنها انحازت إلى الصف الوطني لأنها سرعان ما تخضع إلى الدوران في فلك قيادتها المتوافقة أصلا مع مراعاة الحفاظ على المغانم الخاصة , فنوري المالكي الذي يرقص على كل الحبال يدرك إن بقائه مرهون بالرضا الأمريكي وتطبيق برنامج الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة الذي وصل الآن إلى مرحلة الإطاحة بنظام بشار الأسد وتبديل وجوه الحكم في سوريا من جهة والتوافق الأمريكي الفارسي في العراق من جهة ثانية , بمعنى انه يدرك أن عليه كسب ود الإدارة الأمريكية والمساهمة في دور مقبول في إسقاط نظام الحكم السوري في نفس الوقت الذي يمد أكثر من يد للمساعدة في إطالة عمر هذا النظام وبقائه برفده بمليشيات تارة من أتباع مقتدى الصدر وأخرى من أتباع هادي العامري وثالثة من أفراد حمايته الخاصة ناهيك عن تمرير مختلف أنواع الأسلحة من إيران عبر الأراضي العراقية إلى سوريا, وآخر أنواع الدعم ما بات يؤثر على اقتصاد العراق كدولة من خلال تهريب العملات الأجنبية وما ترك من آثار سلبية على سعر صرف الدينار محليا .


إن هذا ألنوري المالكي فتح منذ ما قبل بداية مرحلته الثانية في حكومة الاحتلال أكثر من جبهة مع أكثر من طرف محلي وإقليمي مراهنا على ما جمعه حوله من ضعاف النفوس الذين اشترى ذممهم بالمال المسروق من قوت الشعب العراقي معتمدا على ما ذكرناه من تراقص على الحبال بلغ حد التلويح بإلغاء دستورهم الذي توافقوا عليه بعد أن جمد عمل مفوضية الانتخابات وجعل منها موضع اختلاف جديد ليجد لنفسه تبريرا بإلغاء أهم ما أعلنه المحتل كمبرر للعدوان إي انه سيحاول إلغاء ونسف ما يسمونها انتخابات ديمقراطية بعد أن تنصل عن كل وعوده الكاذبة التي طرحها في أربيل كنقطة صفر وما سبقها وما تلاها بعد بدء مرحلة كنا قد سلطنا عليها سابقا في العديد من مقالاتنا كثير من الضوء تتلخص في ابتلاع القوى المحلية المناوئة له حتى ممن يشترك معه في العملة .


أن وجود التكتلات الطائفية في حكومة احتلال على هذه الشاكلة مهما اختلفت في عناوينها تعتبر من الخطورة بمكان على كل عراقي تتطلب تضافر الجهود وتكاتف كل القوى الخيرة من اجل إسقاطها وتطهير ارض القطر من دنسها بكل الوسائل دون تردد وهو طريقنا الوحيد والأكيد لتحقيق النصر الشامل .

 

 





الاحد٢٢ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٣ / أيــار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة