شبكة ذي قار
عـاجـل










أنظروا إلى مصير الحزب الشيوعي العراقي صاحب الباع الطويل في نضال شعبنا وأمتنا على امتداد أكثر من سبعين عاماً كيف تهاوى وانحدر وتدحرج إلى أسفل السافلين من الخيانة والعمالة :

أنظروا إلى حركة الإخوان المسلمين في العراق أولاً وفي بعض أقطار الأمة كيف تهاوت وتدحرجت وذهبت بعيدا ًعن أصالة المنشأ وعن تراثها وتاريخها المجيد وعن عقيدتها ورسالتها الكريمة :

 

حين يتم استعراض مسيرة بعض الأحزاب نجد ان لها ماضي عريق ولكن مستقبلها مجهول، ومن البديهيات المسلم بها ان سبب تراجع شعبية البعض منها يعود إلى عدم توافر فرص النجاح بشكل دائم، وخاصة الأحزاب الشمولية التي تعمل على صهر الإنسان والمجتمع وكل مكوناتهما فيه، هذا المستوى من التفكير، هو انعكاس لتفكير الأغلبية الساحقة من عامة الناس، ومن الطبيعي حصول تراجع في شعبيتها على خلفية الفشل بتحقيق الوعود التي تقطع من قبلها للجماهير، خاصة بعد تفشي ظاهرة الفساد المالي، الذي يقود إلى نفور الناس من سلوكيات تلك الأحزاب، فكثير منها فضل المصلحة الفئوية على مصلحة الشعب، مما جعلها محل انتقاد الجماهير التي كانت ترى فيها الأمل والرجاء في تحقيق العدالة الاجتماعية.

 

فالإخوان المسلمين حركة سياسية إسلامية تصف نفسها بأنها إصلاحية وهي حركة سياسية في كثير من الدول العربية، ومنها مصر وهي منتشرة في الدول العربية والإسلامية ولها امتدادات في دول غير إسلامية أيضا، وهم اليوم في تراجع مذهل لأنهم تناسوا ماضيهم وتنكروا لمشروعهم الحضاري الإسلامي .

 

أما الحزب الشيوعي العراقي فهو حزب قديم، ويعتبر من الأحزاب العريقة على الساحة السياسية، ولعب دورا مهما في التاريخ السياسي الحديث، ولكنه أخذ بالتراجع في مواقفه، والى ان ختمها بوصمة عار ستلاحقه، لمشاركته في العملية السياسية في العراق، وأنغماسه في مستنقع العمالة والخيانة وتعاونه مع المحتل، لذا لم يعد مؤهلا للثقة بعد ان فضل المصلحة الفئوية على مصلحة الشعب، وهذا جعله محل انتقاد الجماهير التي كانت ترى فيه عكس ذلك، حيث كان يفترض به كحزب ان يحرص على تاريخه، ولا ينساق إلى طريق سينهيه، وكان عليه دراسة كيفية العودة إلى الساحة بعد ما حصل من تحولات، وبعد ان فقدوا الرعاية الأبوية العالمية، وتهاوى صرحهم الفكري والايدولوجي، فما عادت هناك روابط أو جسور ممتدة تحميهم أو تغذيهم، ولكن هذا ما حصل، والأمل بمن انتفض على الواقع ورفض المساومات وهو اليوم يواصل طريق النضال في الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية.

 

ان الذين يبتغون إحياء أحزابهم وإنقاذها من التراجع المذل والتبعية للقوى السياسية وطريق الخيانة، عليهم ان يتمعنوا كثيرا ويستفيدوا من رؤية القائد حين يقول " ففي رفاقنا وأعزاءنا الشيوعيين العراقيين الذين نحبهم ونحترمهم ونجلهم، المناضلين الثوريين في الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية، خير كثير وخلف صالح للتصحيح والتجديد، ثقتنا بهم عالية وقوية، إنهم قادرون على العودة إلى ميادين النضال والكفاح بما يتناسب وتاريخ حزبهم" أما الإخوان المسلمين فيخاطبهم بالقول "أملنا كبير أن تتراجع هذه الحركة ذات التاريخ الطويل في النضال والكفاح وتصحح انحرافها وتوقف انحدارها وتتوب إلى الله وتطهر تاريخها الذي لوثته، لأن فيها رجال أخيار وأماجد، مؤمنين حقاً، وهم الذين كانوا يعلمون الناس على امتداد تاريخ مسيرتهم أن من تاب كمن لا ذنب له، وهم الذين كانوا يعلمون الناس أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين".

 

سر انتصارات الأمة التاريخية الكبيرة على امتداد تاريخها الطويل كان يرتكز على إعداد النخبة الطليعية :


النصر يحققه الشجعان والمتحمسين الذين خلعوا لباس المهادنة، والصمود الأسطوري يعد حافزا لتحمل المصاعب والمشاق ومواجهة التحديات، من أجل العبور والوصول إلى ضفة الكرامة وتحقيق الهدف، فالشعوب التي تنبذ الكسل ستحقق مبتغاها مهما طال الزمن، وهذا يتطلب تسلحها بالإرادة والعزيمة اللازمة، فان تحقق ذلك وبعد الاستعانة والتوكل على الله سبحانه فهي بالتأكيد ستتحرر سياسيا وتنعتق اقتصاديا .

 

ليس أمام أي شعب حر إلا خيار واحد لا حياد عنه يتمثل بطرد المحتل وعملائه، والى ان تتحقق كامل الأهداف بإذن الله، ومن خلال الثبات والصمود واليقظة فلا أحد بإمكانه أن يقف ضد إرادة الشعوب ورغبتها في التغيير وتوقها إلى الحرية ومطالبتها بالحقوق والحياة ضمن نظام سياسي راشد تسيره مؤسسات مستقلة وقوانين عادلة، فالإرادة الشعبية والانجازات التاريخية هي سر الانتصار، والبعث الرسالي كما هو معروف عنه وعبر تاريخه هو النموذج والمثل والقدوة، والرائد والطليعة وهو المنطق والقلعة والسور المحصن تجاه كل الانحرافات، لكونه حزب قيم فكرية وأخلاقية والبعث بهمة الغيارى هو طوق النجاة حيث يقول القائد "إن المسؤولية التاريخية تفرض علينا أن نبادر فوراً كل من موقعه ومسؤوليته، مسؤولين ومؤسسات إلى وضع الخطط والبرامج الدقيقة والشاملة والعميقة وعلى هدي عقيدة الأمة، واستراتيجية البعث الشاملة والعميقة بعيدة المدى لإعادة بناء الحزب الثوري الطليعي الشعبي التقدمي الاشتراكي حقاً، وحتى يبني في هذا الحزب الرسالي الخالد وفي رجاله المثل الأعلى والنموذج الأمثل والقدوة الحسنة، يبني القائد الرائد الواعد المبدع في مسؤوليته وفي أدائه وعطائه، وحتى نعود بحزبنا إلى دوره الثوري الشعبي الطليعي المبدع الراشد في تفجير ثورة الأمة وقيادتها".

 

وهذا يستوجب منا جميعا استنفار كل قوانا الوطنية والحضارية والثقافية والتعبوية للدفاع عن المكتسبات التي تحققت بجهد غير مسبوق وتضحيات جسام وتقع علينا أيضا مسؤولية تاريخية للوفاء للوطن وللبعث فالمستهدف بعد البعث هو الوطن بحاضره وماضيه ومستقبله بأمنه وأمانه، خابوا وخاب مسعاهم فالبعث عصي ومنتصر سيواجه مؤامراتهم وخططهم بكل شدة لإيمانه الراسخ واليقيني بمشروعه الوطني النهضوي الذي يسير عليه بخطى ثابتة لأنه يمتلك سلاح الإيمان ويتمتع بالمصداقية السياسية المقرونة بثبات المبادئ حيث يقول القائد هكذا كان حزبنا أيها الرفاق وهكذا يجب أن يكون اليوم وغداً وبعد غد، فهو وريث تاريخ الأمة وحضارتها، وهو وريث حزب الرسالة الأولى في تفجيره لثورة الأمة وقيادتها، هكذا يجب أن نعود بقوة إلى حزبنا الثوري الشعبي الاشتراكي التقدمي التاريخي الرسالي، وليس إلى الحزب السياسي التقليدي الذي يتصارع مع الآخرين على السلطة، على سلطة أو جاه أو مال كما يظنه البعض. علينا في أول خطوة نخطوها أن نقف عند تجربتنا قبل الاحتلال، وعلى طول مسيرة ثورة تموز المجيدة، وقفة شجاعة جريئة وواعية ومسؤولة أمام الله وأمام التاريخ وأمام الأجيال القادمة، لدراستها بعمق وشمول".

 

مطلوب المزيد من الدراسات والمساهمات عن قيادات الحزب ومكاتبه ومنظماته ومناضليه، لإغناء إستراتيجيته الشاملة والعميقة بعيدة المدى:

نداء بهذا السمو من القائد الرسالي يحملنا جميعا مسؤولية الارتقاء إلى مستوى هذا المفاهيم، حيث ان المستهدف ليس البعث فحسب، وإنما العراق بماضيه وحاضره ومستقبله، وكذلك الأمة، ولمعرفتنا بالبعث الذي لم يسجل عليه وعبر تاريخه أي موقف ارتهان ومهادنة لقوى الشر، ولكونه صاحب مشروع حضاري متكامل وصاحب تاريخ ثقافي ومعرفي وتسامح ديني وإنساني وعمق حضاري وفكر تنظيمي وغايته الإنسان والمجتمع ككل، أكد قائد الحزب والمقاومة ومنذ سنوات وليس اليوم ان البعث لا يبغي من وراء جهاده الوصول إلى السلطة حيث قال في مناسبة سابقة، إن حزب البعث لا يرغب بالسلطة، بل بخروج القوات الأمريكية حيث قال ما نصه "نحن في حزب الرسالة ومقاومته الباسلة هدفنا الأسمى هو في تحرير بلدنا وشعبنا وكل شبر مغتصب أو محتل من ارض امتنا.. أما السلطة فقد وضعناها ونضعها اليوم تحت أقدامنا إن لم تكن في خدمة هذه الأهداف والمبادئ والقيم."

 

هذه هو البعث وهذه حقيقته منذ اليوم الأول لولادته وانطلاقته ولا يزال وسيبقى إلى الأبد يمثل روح الأمة وجوهرها وهدفها الأصيل فأي سمو قيمي وأخلاقي لحزب تعرض لأبشع وأشرس حملات القتل والاعتقال والمطاردة والإقصاء والتهجير والاجتثاث ويتسامى فوق ذلك كله ليقول قائده "كما كنا دائماً أول المضحين الباذلين وآخر المستفيدين، ويكون حزبنا كما كان قائداً لمسيرة الأمة في البذل والعطاء والتضحية، وليس بالاستحواذ والهيمنة، مطلوب منا اليوم أيها الرفاق وبعد التجربة الواسعة والخبرة العميقة أن نصل من قاطعنا من هذه القوى، ونعفو عمن ظلمنا ولمن أساء إلينا، وخاصة إلى إخوتنا في التيار الإسلامي الوطني المعتدل المجاهد، كل ذلك من أجل استنفار طاقات الأمة وتعبئتها في معركة المصير الواحد لشعب العراق العظيم أولاً، ثم لشعب فلسطين المجاهد البطل، ثم لشعب الأمة المجيد حيثما تدعونا معارك التحرير والاستقلال والبناء على أرضها الطاهرة"

 

في مثل هذه الظروف ويطلب منا قائد الجهاد والمقاومة ان نصل من قاطعنا ونعفو عمن ظلمنا ولمن أساء إلينا، طلب لا يمكن ان يصدر إلا من قائد الصفوة، ولا يصدر إلا من قائد متمسك بالحق وثابت على المبادئ، وبذلك يضع سابقة في التسامح ليقرر بظرف استثنائي ذلك، ومن أجل من يقول ذلك؟ يقوله من أجل استنفار الطاقات ومن أجل شعب فلسطين وشعب الأمة المجيد، لله درك وأنت من كنت شاهدا على ما فعله بعض الحكام العرب.

 

نعم هذه الرجال وكيفية تعاطيها مع المواقف الصعبة، فأفعال بهذا السمو لا تنتج إلا من الهامات العالية التي يخلدها التاريخ، فلكل شيء تاريخ وحتى المفاهيم لها تاريخ، نفهمك يا سيدي القائد فقرارك هذا وقبله تحريمك استباحة الدم العراقي يأتي من اجل الحفاظ على الهوية والمستقبل، ومن أجل التصدي لمن يريد تقطع أوصال الوطن، ومن أجل ان يكون للبعث دور ريادي في قبر الأحقاد والضغائن، ونعم وألف نعم سينتخي لك رجال البعث ليتصدوا للمهمة، ويرتقوا بمستوى الإنسان العراقي إلى سلم الرقي والتقدم العلمي المرموق، وستخيب آمال من يريد بشعب العراق السوء لا محالة..

 

يتبع الجزء الخامس بإذن الله ..

 

mmsskk_msk@yahoo.com

 

 

 





الثلاثاء٢٤ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / أيــار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. منهل سلطان كريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة