شبكة ذي قار
عـاجـل










ان من دواعي الأمانة والموضوعية تبصير كل عربي بالأهداف الحقيقة لاحتلال العراق، والذي يأتي مكملا للمخطط المعادي للعروبة والإسلام، فاستهداف البعث وحكومته الوطنية لم يكن صدفة، وإنما كان بتخطيط من قبل القوى الرجعية والاستعمارية إلى جانب الحركة الصهيونية المتناغمة مع الصفوية الفارسية، كل هذه الاطراف رأت في البعث ونظامه الوطني الثوري التقدمي في العراق خطراً حقيقياً على وجودها بامتداداته الإستراتيجية، وفي كافة مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلا ان ذلك لم يثني البعث الرسالي من مواصلة خطه الجهادي، وواصل تحركه بخطى متوازنة متكاملة.

 

بعد يقين الاعداء الذين يتصدرون المشهد علنا أو الذين يحيكون حبال التآمر ما خلف الستار باستحالة نجاح مخططاتهم أو أمكانية استكانة البعث ويأسهم من امكانية خنوع النفسية العراقية العنودة، وبعد ان لمسوا قدرة البعث على تجاوز المرحلة الحرجة لكونه حزب ذو نفسية فريدة، تعمل عكس ما يفرض عليها قسرا، عمدوا هذه المرة وفق أجندة جديدة من خلال العمل على تحريك العملاء لتنفيذ الاجندة بالنيابة عنهم بقصد اجهاض روحية النصر وتدمير قلعة العروبة وسدها المنيع، ليتمكنوا بعد نجاح مخططهم من التقدم خطوة أخرى، من خلال جعل العراق قاعدة للانطلاق واستهداف الامة، وقد نبه لذلك بشكل صريح وبالمباشر قائد الجهاد الرفيق عزة ابراهيم حين دق ناقوس الخطر بالقول "إن ما يجري اليوم في العراق بعد الانتصار التاريخي لمقاومته الوطنية الباسلة على قوى الغزو المسلحة هو محاولة خطيرة للغاية تستهدف تدمير العراق وتفتيته وتقديمه لقمة سائغة إلى إيران الصفوية لتتخذ منه قاعدة للانطلاق إلى الأمة لكي تفعل في أقطارها وشعبها وارضها وخبراتها كما فعلت في العراق"

 

أمام تلك الحقائق وهذا التنبيه يجب على كل عربي حر ان يدرك ان حدود الاستهداف لا تقتصر على البعث، وان واجه البعث كل ما واجهه طيلة السنوات الماضية، فالسبب في ذلك هو لتيقن اعداء العروبة والإسلام ان البعث هو القوة الوحيدة القادرة على اجهاض المخططات والأجندة الحاقدة التي تستهدف وجود الامة، والعدو بخبثه ودهائه يعلم ان العراق هو عمق العرب وسندهم.

 

لا شك ان الصفوية الفارسية تستهدف الأمة منذ الازل، والأطماع الفارسية ليست وليدة الساعة ولا يتوهم أحد بذلك، انها اطماع تاريخية تمتد الى فترات طويلة، انها تعود الى فترة اذلال الامبراطورية الفارسية على يد فرسان العروبة، حين نشرت تعاليم الرسالة الاسلامية السمحاء، ومسخت المعتقدات الخرافية البالية، فالأحقاد الصفوية الدفينة هذه لها مقدمات تمتد الى عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وهي اليوم تبحث عن ثارات القادسية، وما تسخير المجوسي أبو لؤلؤة لاغتيال الخليفة العادل إلا ذروة الحقد الصفوي، ولمن لا يعلم أو يحاول ان يسفه أو يسطح الأمور، نقول ومن خلال أدلة وبراهين تاريخية وليست انية فحسب ان هذه هي الحقيقة المرة، فما حصل ليس صدفة بل انتقاما لهم بعد زوال امبراطوريتهم، فهم وان اعترفنا بوجود خبرة لديهم، إلا ان هنالك فرق كبير بين من يسخر خبرته للخير ولخدمة الانسانية وبين من يسخرها للتآمر، ودون أدنى شك الصفوية الفارسية سخرت خبرتها للدجل والشعوذة وللإضرار بالعروبة والإسلام، حيث يؤكد ذلك القائد بقوله "أن العملية السياسية قد جيرت بالكامل اليوم لإيران وهي تمثل أخطر مشروع للفرس على امتداد خبرتهم المشؤومة مع الأمة لهدف ابتلاع العراق ثم تدمير الأمة" لذا فالمستهدف اليوم بعد العراق الأمة وشعبها على امتداد الوطن الكبير.

 

ان حديث قائد الجهاد والمقاومة الرفيق عزة ابراهيم أتصف بالصدق والموضوعية، لكونه بعيداً عن التحامل المسبق على الذين خذلوا الأمة، وتصرفوا تحت تأثير المصالح القطرية الضيقة، لذا نراه اليوم يضع على كل عربي حر ومسلم صادق الاسلام، ويحمله مسؤولية تاريخية في التنبه للخطر المحدق بكل أقطار الأمة من قبل الصفوية الفارسية، والدعوة الصادقة لضرورة التصدي للمشروع الذي لن يجهض إلا بوحدة الامة حكاما وشعوبا، ومن بينها استثمار روحية النصر الذي حققته المقاومة العراقية التي ركعت المحتل وأجبرته على الانسحاب بعد ان خسر سمعته وأذلت ترسانته العسكرية التي ما عادت تشكل هاجسا لدى أي دولة أخرى، كل هذا يستدعي دعم المقاومة العراقية من أجل استكمال المهمة، والقول الفصل في استثمار الفرصة من أجل التكفير عن الخطأ، وبعده الحكم للتاريخ والأجيال هو ما قاله القائد" نضع هذه الحقيقة أمام الحكام العرب أولاً لأنهم لا زالوا إلى اليوم شركاء في الجريمة إلا ما رحم ربي، ولتضعهم أمام التاريخ الذي لا يرحم وجهاً لوجه، ولتقيم عليهم الحجة أمام الذي لا تخفى عليه خافية، يعلم ما توسوس به أنفسهم، وهو أقرب إليهم من حبل الوريد، وهو سريع الحساب وشديد العقاب" فالنزال ليس قطريا كما يحاول ان يصوره البعض، انه صراع قومي وصراع وجود وصراع حضارة وتاريخ، ينبغي من كل الأمة بكل توجهاتها المساهمة فيه وتأدية الأمانة كما يجب، وان كتب على البعث الرسالي الجهادي تشرفه بقيادة المنازلة.

 

نعم هي منازلة قومية لكونها تستهدف وجود القومية العربية، ودينية لكونها تستهدف الاسلام الحقيقي، وإنسانية لكونها تستهدف الانسان القيمي المتحضر، وأمام كل تلك التوضيحات فليس من عذر بعد اليوم للمنزوين الخانعين، ومن كان يتحجج بالغزو والاحتلال فليس له حجة بعد ان مكن الله رجال المقاومة الابطال من طرد المحتل الغازي بإعلانه الانسحاب المذل، ولكنه خلف بعد انسحابه مأساة أعمق جسدها بالتغلغل والتأثير الصفوي على كل أرض العروبة من مشرقها الى مغربها، حين زرع عن قصد زمرة من الخونة والعملاء ومكنهم من التحكم بمصير ومقدرات البلاد والعباد، ورغم القناعة المطلقة ان شعبا كشعب العراق وحزبا كحزب البعث لا يمكن ان يستكين، وسيقلع كل مخلفات الاحتلال من جذورها، ويعيد لمدن العراق ألقها وبهائها وعنفوانها إلا ان الحرص لدى قائد الجهاد الرفيق عزة ابراهيم هو الذي جعله ينبه لحال الأمة من خلال دعوته المباركة لكل من في دمه غيرة وحمية ان يضع لأسمه بصمة في سجل التاريخ والتاريخ لا يرحم، وحال الامة مرتبط بما يحققه النشامى في الميدان، وخلاص وسلامة الامة لن يتحققا إلا بخلاص وسلامة البعث والعراق.

 

حيث ان المنازلة تعنيننا جميعا، فقد وجه القائد كلامه لشعب العراق أيضا، وأتجه له مبصرا وناصحا على اعتبار انه من تصدى وأخذ على عاتقه الدفاع عن البوابة الشرقية ليس اليوم، وإنما منذ ان واجه الإطماع الايرانية في الارض العربية، وتقع عليه اليوم مهمة ومسؤولية تاريخية اذ أكرمه الله تعالى وشرفه بقيادة المنازلة، لذا فقد خصه قائد الجهاد بالقول "أما نحن شعب العراق المجيد صاحب التاريخ الطويل الموغل في القدم صاحب الحضارات الإنسانية الخالدة والرسالات السماوية والأرضية معاً، صاحب المبادئ الإنسانية والقيم والمثل، صاحب الحمية والنخوة والهمة الإيمانية العالية، سيمضي بعون الله القوي العزيز في جهاده خلف مقاومته الباسلة يمدها بكل مقومات المطاولة والتصعيد حتى النصر الشامل والتحرير الكامل، وحتى يعود العراق كما كان طليعة في مسيرة الأمة نحو أهدافها الكبرى، وحتى يعود شعب العراق بقيادة طلائعه الثورية التي ساهمت في تحريره إلى بناء تجربة الأمة الوطنية القومية الإنسانية الهادية الراشدة على أرضه الطاهرة" ولا نريد هنا ان ندخل في التفاصيل، لأن الجميع على علم تام بكل مجريات الأمور ولكن الهدف هو اعلام الشعب بما يجب ان يفعله ازاء ما يحدث، فهو اللاعب الأقوى وذو التأثير على مجرى الاحداث، وهو الكفيل بتصحيح المسار وفي كيفية الخروج من النفق المظلم، فكما أقر المحتل بهزيمته سيتبعه العملاء بالإقرار لان صبر البعث ليس له حدود وطاقته ليس لها مثيل، وقد جسدها قولا وفعلا، وهذا الاصرار والطاقة لم ترق لمن يريد بالعراق وشعبه السوء مما شجعهم للتكالب عليه بتخطيط مبرمج وتناغم أمريكي صهيوني صفوي، فكان الاحتلال الأمريكي الذي خلط الأوراق وادخل العراق في التخبط السياسي من خلال تربع الجهلة والمتخلفين وصنائع المحتل وتسليمهم زمام الأمور بغير استحقاق، والحقيقة لا يمكن ان تحجب مهما زورت فالذاكرة العراقية ثاقبة متيقظة لن تجف، تسجل من هم رجال العراق المضحين الوطنيين الذين ناضلوا من اجل حرية واستقلال العراق وشعبه ودفعوا من اجل ذلك قوافل من الشهداء، ومن هم العملاء بيادق الاحتلال.

 

رسالة قصيرة وموجزة إلى علماء الأمة علماء الدين والشريعة:

المجال لا يتسع لذكر مكانة أهل العلم، ولا لنقل الكثير من فضلهم، أو لذكر ما لهم من حقوق، والمتعارف عليه ان العلماء يقع عليهم واجب تدارس حال الأمة ومعالجة قضاياها ونبذ كل الأسباب التي تؤدي الى الاستهانة بالأمة، ولا يختلف اثنان أن أمتنا تتعرض لعدوان خارجي بغية فرض واقع جديد وتغيير شامل للمفاهيم ليشمل روح الأمّة وهويتها وثقافتها وقيمها مستفيدا من نجاحه في تغيير هذا النظام أو ذاك ومن ثم ستكون له الكلمة العليا والتي يهيمن من خلالها على مقاليد الأمور المصيرية والإستراتيجية التي ستحدد مصير الأمة إلى أجيال لا يعلمها إلا الله تعالى، وإذا داهن العلماء وامتنعوا عن القيام بما أوجب الله تعالى عليهم نخشى ان يصل الحال الى ان يتم العبث بعقيدتنا وقيمنا، وهذا يعني ان العلماء في نظر العامة من الناس يعطون غطاء شرعيا للطغاة.

 

ان من أشد الأمور وطأة على المجتمعات الإسلامية هو ذلك التردي المزري الذي تعيشه البلاد الاسلامية، وذلك الضعف والهوان الذي أصيبوا به وأفقد أمة الإسلام كل قدرة على الحراك.

نتفهم اننا في محل لا نستطيع توجيه النصح إلى علماء الأمة علماء الدين والشريعة في هذا المجال، أو ابداء الرأي في حماية العقيدة أو الفكر الاسلامي، فمقامنا اذ ما قيس بمقام أهل العلم والدين والشريعة لا يقارن، لذا نترك الخوض في هذا المجال لمن هو أعلى شأنا ومقاما وعلما ومعرفتا وخاصة في هذا الجانب، وخير من يفتي بذلك وينبه لواجب التعاضد او العمل الشرعي ويحذر هو القائد المجاهد المؤمن عزة ابراهيم حين يقول ان الواجب على العلماء تجاه الامة كبير، ويخاطبهم بعتب بالقول "أين كنتم وممن كنتم تخافون وتخشون وأين ذهب علمكم وأين هي خشيتكم الله أيها العلماء؟ وأين هي الضرورة الدينية التي تتحججون بها دائماً عندما يضيق عليكم ويحاصركم محور النفاق ودائرته؟ حاشى الخيرين منكم وهم قلة قليلة قد حفظهم الله وأدوا جزءاً مما عليهم للعراق وشعبه، غداً سيسألكم رب السماوات والأرض ويحاسبكم وهو سريع الحساب وشديد العقاب، ماذا ستقولون وبأي الأعذار ستعتذرون؟" .

 

في الأجزاء الأربعة السابقة وهذا الجزء الخامس من مقالنا ( برعاية القائد وضمانته .. البعث سور الشعب وحصته .. وقفة تحليلية لخطاب نيسان ) وجدنا من الضروري ونظرا لأهمية خطاب قائد الجهاد والمسيرة الرفيق عزة ابراهيم أن نقوم بتسليط الضوء على مضامينه مع اعترافي ويقيني انني لم أستطع تغطية الخطاب من كل جوانبه ولكنها كانت فكرة عامة، أملا من رفاقي اعداد الدراسات والبحوث حول مضامين الخطاب بشكل متأني، ليطلع عليها كل عربي وكل مثقف وكل وطني لما فيه من فائدة وأبعاد وطنية وتربوية ودينية وفكرية وجهادية، سائلا المولى الجليل أن يوفقنا لما فيه خير بلدنا وحزبنا ..

 

mmsskk_msk@yahoo.com

 

 





الاربعاء٠٢ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / أيــار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. منهل سلطان كريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة