شبكة ذي قار
عـاجـل










كل الأديان السماوية جاءت لتحقيق العدالة الإلهية في المجتمعات الإنسانية على الأرض لذلك أصبحت من أقوى العوامل المؤثرة كما يفترض إيجابا في توجيه حركات الشعوب ومن المؤسف حقا أن يكون استغلال الأديان لعبة سياسية تعيد نفسها وتعمل على تغذيتها دول الغرب كعادتها دائما بين شعوب عالمنا النامي الذي يريدونه مغلوب على أمره وتحديدا مشرق وطننا العربي رغم إيغاله في عمق التاريخ الساحق ورياديته في بناء أقدم الحضارات الإنسانية في زمن كان الغرب يعيش فيه في غيابة الجهل والتخلف ورغم إن الحضارات التي قامت في منطقتنا نقلت إليهم أسباب العلم والتطور الذي بلغته والديانات التي أراد الله العزيز أن يكون مهبط وحيه بين ظهرانيها وهذا ما لا يستطيع احد أن  ينكره فقالوا بتغطرس وتعالي إن الماضي كان لكم والحاضر لنا والمستقبل سيكون لنا لذلك حين انهارت دولة العرب والإسلام واحتلوا بلادنا قهرا نصبوا على شعوبنا حكام لا يدينون بالولاء إلا لهم بل استخدموهم مطية في حروبهم البينية ولن يسمحوا للشعوب باختيار قادتها وان حصل ذلك في غفلة منهم يصطفون جميعا لقتل من يحلم بذلك الطموح وليس عدوان الشر على العراق في عقد القرن الماضي الأخير ببعيد عنا والأدهى والأمر أنهم استخدموا شعوبنا حطبا رخيصا لتلك الحروب .


في الحرب الباردة التي دارت حتى نهاية القرن الماضي بين معسكري الغرب والشرق كانت منطقتنا العربية خصوصا والشرق الأوسط عموما معدة كمسرح مهما لتلك الحرب فكان السباق بعد أن تحررت أقطارنا جزئيا على أشده في تنصيب حكومات عميلة للغرب لتشكل حاجزا بشريا وفكريا يعيق اقتراب أو توسع الاتحاد السوفيتي السابق والوصول إلى منطقتنا التي أرادوها حكرا لهم والدافئة في كل شيء من جهة ويعيق نمونا وتطورنا وعودتنا كأحد أهم الأمم التي ترتكز إلى ارثها الحضاري والتاريخي من جهة ثانية ولم يكن أكثر من الدين وسيلة سلسة وسهلة لإقناع الشعوب بالتطوع لانجاز هذه المهمة إذا ما توفر من ينجز هذا الدور تحت لباس الدين ، أي دين ( مسيحي أو يهودي أو مسلم ) , فمشرق الأرض الذي اختار الشيوعية والعلمانية منهجا عقائديا لانتشار فكره وتوسيع قاعدته نقيضا بالمرة للإسلام , ولمقاومة مده قامت وهوت كثير من الأحلاف ذات الطابع الديني لمناهضة الشيوعية تحديدا قادتها دول لا تعرف من الإسلام إلا اسمه ولا تلتزم بتعاليمه إلا في القتل ولا تفهم من عقيدته إلا الطائفية ولسنا هنا بصدد التطرق إليها وتعدادها لكن نكتفي بذكر ما حصل في إيران الشاه كمثل لذلك ودعواته لتشكيل الأحلاف منذ ثورة مصدق عام 1951 حتى تمكنت الشعوب الإيرانية من إسقاطه في ثورة شعبية عام 1979 بعد أن استهلك واحترقت أوراقه وتمرده على أسياده في الغرب بعد عقد اتفاقية الجزائر مع العراق عام 1975 وتمكن الشاه الجديد خميني الجاهز والمعد سلفا لهذه المهمة من مصادرة تلك الثورة بدعم من المعسكر الغربي وكل تفاصيل وطريقة تلك المصادرة معروفة لأننا لازلنا نعيش أحداثها حتى يومنا هذا فتبدل ثوب العميل إلى العمامة الطائفية وأصبح مركز استقطاب للطائفية وبنظرية جديدة اسمها ولاية الفقيه وبدأت تدفع بسمومها التوسعية نحو غرب إيران تحديدا وراحت تستغل أقصى إمكانياتها البشرية والمادية لتحقيق أحلامها التوسعية ، حيث تطابقت الأهداف والمصالح مرة أخرى وعاد شرطي الغرب في الخليج لممارسة دوره القذر .


لقد اعتاد الغرب على استغلال الدين لتحقيق أهدافه في مجابهة نهوض امتنا وقد اعد لذلك الكثير من مراكز البحوث والمتابعة المتفرغة كليا لهذا الغرض حصرا وحين نقول إن أمريكا سلمت العراق على طبق من ذهب إلى إيران التي ارتدت عباءة طائفية لإسلامها فإننا نعي ما نقول وندرك أبعاد الحلف القائم بينهم وهذا ليس تجني منا على الدولتين إنما هو ما أثبتته الفترة الماضية من عمر الاحتلال البغيض ويكمن فيه سر الدعم الذي تقدمه أمريكا لنوري المالكي دون غيره رغم أنهم لا يبتعدون كثيرا عن بعضهم في عمالتهم للغرب وهو ما يفسر ما تعلنه أمريكا عن انسحاب قواتها من العراق لأنها خولت إيران ونوري المالكي ليقاتلا بالنيابة عنها وينفذان لها برنامجها العدواني التي عجزت عن تحقيقه تحت العباءة الإسلامية بدلالة سكوت كل المرجعيات الدينية عن كل ما جرى ويجري فيه منذ بداية الغزو إلى يومنا هذا من انتهاك فاضح لكل القيم الدينية وبذلك فان الولايات المتحدة تحقق مجموعة من الأهداف دون أن تكون تحت نيران المقاومة العراقية الباسلة , وهنا قد يتبادر سؤال يطرح نفسه في ذهن من لم يتابع تسلسلات الأحداث ووقائعها هو هل إن أمريكا تتحالف مع إيران في العراق بينا تتقاطع معها في مفاعلاتها النووية وفي سوريا ولبنان وغيرهم من ملفات البلاد العربية والإسلامية ؟


بشديد البساطة نعم لان الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا والغرب عموما يقف مع مصالحه دائما أينما تكون وبالطريقة التي تناسبه هو في نفس الوقت الذي يتخلى عن عملائه لأتفه الأسباب وبسرعة لا تسمح لهم حتى بالدفاع عن أنفسهم بل يتركهم نهشا ضعيفا لضحاياهم , فالمشروع النووي الإيراني ليس بحديث عهد ووليد ساعته بل إن إيران حصلت على موافقات إنشاءه وتخويل جهات تنفيذه منذ خمسينات القرن الماضي بدعم غربي وهو جزء من سلسلة مساومات المحاور المؤثرة في المنطقة وهو جزء من الثمن المرحلي الذي تقبضه إيران نتيجة لدورها الإقليمي كشرطي للغرب في الخليج العربي ولكنها تجاوزت الخطوط الحمر المسموح بها في تلك الاتفاقيات والمساومات كطريقتها في التعاطي مع الملفات المتاحة لها وسيدفع حكامها الملالي ثمن هذا في القريب المنظور بعد أن يكملون انجاز دورهم , أما في لبنان وسوريا فقد انتهت مهماتهم بعد أن نجح حسن نصر الله في تامين حدود الكيان الصهيوني مع لبنان من أي خطر فلسطيني أو لبناني مقاوم وبشرعية دولية وتحول إلى متمرد مغرور وجعلوا منه ورقة ضغط وتخويف أو خلية نائمة تستيقظ عند الحاجة إليها (على غرار دور أسياده الفرس في الخليج العربي بمعنى انه الشرطي الإيراني في لبنان بامتياز ) ..


إيران بفكرها ألصفوي ومنهجها التوسعي تعزف في سوريا على أوتار مقطوعة فإطلاق يدها أمريكيا في العراق له غاياته ومبرراته , أما في سوريا فان الحالة تخضع لمصالح الغرب ودول الإقليم التي تتقاطع مع المصالح الإيرانية وتقليم أظافرها هناك إنما هو بداية لنهاية حكم الملالي في طهران لتغيير أدوات اللعب .

 

 





السبت٠٥ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٦ / أيــار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة