شبكة ذي قار
عـاجـل










في البداية لابد لي من تصحيح المسميات التي حفلت بها وسائل الاعلام منذ بداية ماأسموه "الربيع العربي", وخاصة إطلاق مسمى "الثورة" على الحراك الشعبي الذي شهده أكثر من قطر عربي, حتى نضع الأمور في نصابها الحقيقي, بعيداً عن جموح الاعلام, والتسميات البراقة التي تنال من مصداقية الواقع


ماشهدته الأقطار العربية, على أهميته في إزاحة أنظمة كان من الضروري سقوطها, لايمكن توصيفه بأكثر من حراك شعبي مشروع في وجه أنظمة أذلت المواطن في حقه بالحياة الكريمة وحريته, كما أذلته في كرامته الوطنية والقومية, وتآمرت على قضايا أمتنا العادلة, وخاصة في فلسطين, كما شاركت في غزو وإحتلال العراق


الحراك الشعبي الذي أطاح بهذه الأنطمة البائسة والمتآمرة لم يرق إلى مستوى الثورة, لأن ألف باء الثورة أكبر وأعظم مما جرى, فهي في يد أولى تقوم بإطاحة الأنطمة, وهذا ما تحقق, ولكن باليد الثانية تبني البديل الثوري الانقلابي الخلاق وهو ما لم يتحقق, لعوامل ذاتية وموضوعية يدركها كل من يمتلك الرؤية الثورية


وإذا ماأضفنا إلى ماتقدم, التدخل الاجنبي, بالمسميات التي عودونا عليها, تارة تحت لافتة الحريات, وطوراً خلف تحقيق الديمقراطية, وآخر بإسم حقوق الإنسان. وكأن الغرب يعيش في كوكب آخر, ولم يكن الداعم الحقيقي لهذه الأنطمة البائدة. وأن تدخله هنا وهناك في هذه المرحلة ليس ضناً بشعبنا, بل من أجل مصالحه, ومصالحه فقط. .. ومن العار أيضاً أن تشكل الجامعة العربية غطاء لهذا التدخل، و من العار أكثر ان يبرر بعض "الثوار" هذا التدخل، بل وينادوا به


في مصر, جرت قبل أيام, المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية, التي أشرت في سياقها وفي نتائجها أيضاً على ظواهر لابد من رؤيتها بكل أبعادها


ـ بروز المناضل حمدين الصباحي في ملايين الأصوات التي نالها, كمؤشر على عمق وتجذر الخط القومي العربي, رغم عقود من إستهداف العروبة في مصر, سواء من نظام السادات أو مبارك, منذ توقيع كامب ديفيد، والمحاولات المحمومة للنأي بمصر عن دورها العربي أو التطبيع مع الكيان الصهيوني من جهة. أو الدور المريب للأخوان المسلمين وباقي التيارات "الإسلامية" في التأليب على القومية العربية وفق أساليب بالية وقاصرة, وكأن العروبة والاسلام على طرفي نقيض. متناسين ان العروبة جسد روحها الإسلام, وكأن رسولنا العظيم لم يؤكد: إذا ذل العرب ذل الإسلام


ـ عجز مرشحي الاخوان المسلمين والسلفيين, عن تحقيق نتائج ملموسة, رغم صعود محمد مرسي للمرحلة الثانية, اعتماداً على دغدغة مشاعر المصريين بأن الإسلام هو الحل, دون رؤية عملية لهذا الحل الذي ألبسوه للدين, ورغم الدعم المالي والسياسي والاعلامي الهائل الذي نالوه من جهات خارجية, وتراجعهم عن الكثير من مواقفهم السابقة في بزار رخيص, كان أكثرها رخصاً, تأكيدهم الحفاظ على معاهدات مصر الدولية "أولها كامب ديفيد" تحت ستار الواقعية, التي ترتكب بأسمها من الموبقات الوطنية والقومية


ـ لايمكن وصف ما ناله الجنرال أحمد شفيق وتأهله للمرحلة الثانية, إلا باللعبة السياسية اللا أخلاقية التي مارسها المجلس العسكري الاعلى من جهة أولى, وتخوف قطاعات هامة من الشعب المصري من مجهول "الاسلاميين" والرغبة المشروعة بالأمن والأمان من جهة ثانية


لا أخفي, أنني كنت آمل أن يجتاز المناضل حمدين صباحي, المرحلة الأولى, وان يتأهل للمرحلة الثانية التي كنت لا أشك بفوزه بالرئاسة فيها, وهذا أمر يشاطرني الرأي به جموع شعبنا في مصر والوطن العربي, إذ أن حسابات المرحلة الأولى لها أبعادها, وحسابات المرحلة الثانية لها أبعاد مختلفة على الأولى


الحراك الشعبي المصري الهام, الذي أدى إلى إسقاط نظام حسني مبارك, كان بحاجة لمناضل من طراز حمدين صباحي, ليحقق القفزة الثورية المطلوبة, لينقل مصر وشعبها من حالة الحراك المشروع, إلى أفق الثورة المطلوبة وطنياً وقومياً


أن الوضع في مصر الآن, على أبواب المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية, يتلخص بأن "كلاهما مر" كما أشرت في حديث مع بعض الأخوة المصريين في باريس, عندما أعترض أحدهم مصححاً "أحلاهما مر", داعبته قائلاً: قصدت كلاهما لأنه في هذا التوصيف لا يوجد "أحلاهما" لأنه خيار بين الطاعون والكوليرا


حمى الله مصر وشعبها الطيب الأصيل
 

 

 





السبت١٢ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / حزيران / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي نافذ المرعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة