شبكة ذي قار
عـاجـل










المشاهد للفضائيات العراقية التابعة للحكومة يسمع كلاما يصور العراقيين في رغد وبحبوحة عيش يحسدهم عليها الاخرون من العرب في الاقطار الاخرى . ومن يشاهد الواقع والحقائق على الارض , ويستمع الى شهادات العراقيين الذين يعانون من الجوع والفقر والمرض والتشريد والحرمان والقهر جراء الاضطهاد في السجون لالاف العراقيين المعتقلين بدون محاكمة , يخرج بقناعة ان العراق عاد الى عصر ما قبل الصناعة كما وعد وزير خارجية الولايات المتحدة في عهد بوش .

 

اين هي الحقيقة في بلد فيه بحيرات كبيرة من النفط والغاز , ويقدر الاحتياطي النفطي ( 287 ) مليار برميل حسب رواية شوفنمان وزير الدفاع الفرنسي السابق ؟ . كيف يحصل هذا الفقر والمرض ونقص الخدمات في الماء والكهرباء والادوية في بلد يبلغ دخله السنوي من النفط قرابة 100 مليار دولار ؟ . اين تكمن المشكلة ؟ اهي في شحة الموارد ؟ ام في سؤ الادارة ؟ .

 

الحكومة الحالية التي يرأسها المالكي عن حزب الدعوة , وعدت الناس انها ستخلصهم من الفقر والمرض الذي كانوا يعانونه زمن النظام السابق , وكذلك وعدت الادارة الامريكية ان تحول العراق الى جنة وارفة الظلال في منطقة الشرق الاوسط . اين هي هذه الوعود البراقة التي وعد بها الشعب العراقي ؟ . الحكومة هي نتاج العملية السياسية التي صاغتها الادارة الامريكية , بقرارات ( بول بريمر ) الحاكم الاول للعراق المحتل منذ عام 2003 , ويتسلط في هذه الحكومة عناصر جاءت على ظهور الدبابات الامريكية الغازية ارض العراق , وهذه العناصر واضحة الارتباطات سواء مع نظام الملالي في ايران او بالاستخبارات الامريكية , فهي عناصر لم تخفي هذه الارتباطات مع هذه الجهات المعادية للعراق الحر العربي ومعادية لامال العرب بعامة . بل تباهت هذه العناصر بهذه العلاقة المشينة واستعانت بهذه الجهات كلما حصلت ازمة مع الفرقاء المتخاصمين في العملية السياسية .

 

القوى السياسية المشتركة في الحكم جيرت الولاء الوطني الى الولاء الى الفرد والى الحزب والى المليشيا المسلحة . وصار العراق نهبا مقسما بين هذه القوى وبين هذه الاحزاب , كل ينهب حسب قدراته وحسب رموزه القيادية القادرة على حمايته , وقد تخندق كل حزب مقابل الاخر , وتجسس عليه وجمع الملفات التي تدينه لحين الطلب , وتركوا البلاد نهبا للدول الاخرى , فصار العراق مرتعا للجواسيس والمليشيات الارهابية الشركات العالمية وخاصة النفطية منها .

 

الحكومة تتحدث عن الامن الكاذب , وتجري الفضائيات الموالية لها لقاءات مع الناس البسطاء او من الاتباع المطيعين ليظهروا ان الاوضاع في العراق احسن من الاوضاع في سويسرا ,ويخرج الناطق باسم عمليات بغداد ليخدر الناس ويستغفل عقول العراقيين ليدعي ان ما يحصل في العراق من تفجيرات " هي خروقات امنية بسيطة " , وسرعان ما يخرج الناطق باسم الحكومة ليتهم جهات محددة بهذه التفجيرات , وصارت هذه الجهات كليشيهات ممجوجة " البعثيين والصداميين والتكفيريين " , وعقب كل تفجيرات ارهابية يتم اعتقال المئات من العراقيين بدعوى ان لهم صلة بالتفجيرات , ويزجون في السجون بدون محاكمة اشهر وسنوات تحت التعذيب المميت .

 

من الواضح ان الاطراف السياسية الحاكمة عندما تختلف تزداد التفجيرات , فاختلافهم صار عقوبة للعراقيين ويدفعوا المزيد من دمائهم ثمنا لهذه الخلافات , واذا اتفقوا لبعض الوقت فان الهدوء يوفر الفرصة لهذه الاطراف لكي تنهب وتسرق براحتها , فاتفاقهم نقمة على مال الشعب واختلافهم نقمة على دماء الشعب .

 

اطراف العملية السياسية كثيرا ما تشدقوا واكثروا الحديث حول فردية النظام السابق , ولكن الحقائق الراهنة تؤشر ان المالكي ديكتاتور من طراز جديد , ديكتاتور الغى حزبه والغى وطنه ولخص هويته في " انه شيعي اولا قبل عراقيته " , واعلن اعوانه في المحافظات العراقية الموالية له بانها ستعلن الانفصال في حال تم سحب الثقة من المالكي , لقد صار الوطن مرهون بشخص واحد يتبع بلدا اجنبيا هي ايران . ان الحاكم الذي يحكم شعبا مثل شعب العراق لابد ان يكون منهجه حماية وحدة العراق ووحدة العراقيين اولا قبل الدين وقبل الطائفة , لان العراق متعدد الاديان والطوائف والقوميات .

 

المالكي رجل الادارة الامريكية ونظام الملالي في ايران , والذي يمسك بيديه مقاليد الحكم , اي يرأس وزارات الدفاع والداخلية والامن الوطني والمخابرات , يتمسك بمنصبه ولو هلك الجميع , ويدافع عنه ( جون بايدن) نائب الرئيس الامريكي الذي يعتبر سحب الثقة منع " خطا احمر " ,كما ان السفير الايراني وقف وقفة حازمة مع القوى الطائفية الاخرى وهددها بفتح ملفاتها امام الراي العام اذا اصرت على سحب الثقة من المالكي . ولم تفت المالكي لعبة " العصا والجزره " مع خصومه , ويعمل على تفتيت قوائم خصومه كما فعل مع بعض اعضاء القائمة العراقية حيث قربهم ومنحهم الوعود المعسولة والمناصب الرفيعة في الحكومة , وغض النظر عن اية مخالفة ارتكبوها في السابق , اضافة الى الرشوة المقيتة التي منحها لهؤلاء المرتزقه بان افرج عن اعداد من المعتقلين الذين زج بهم في السجون بدون وجه حق , بدعوى انهم ارهابيون خطرون على امن الدولة , وهكذا صار دم العراقيين وحياتهم ورقة بيد المالكي يلعب بها وقت ما يشاء وحسب الظروف .. فهذا الرجل تدرب في اجواء المكر والخديعة والارهاب في صفوف حزب الدعوة واسياده الملالي في طهران, لايهمه التحالف مع الشيطان مقابل البقاء في قمة السلطة لانه سبق ان اكدها من قبل " اخذناها ولن نعطيها " .

 

وطالما وجهت حكومة المالكي الاتهامات الى تركيا والى السعودية بالتدخل في شؤون العراق الداخلية , ولكنه لم يتحدث ولو بكلمة عن ايران الملالي التي تحتل العراق حقا بعد الولايات المتحدة , ولايتحدث عن المليشيات التابعة لايران مثل " قوات القدس " وقائدها ( قاسم سلماني ) الذي يتبجح بان ايران قادرة على تشكيل حكومة في العراق وفي جنوب لبنان , وان تفرض السياسة التي تتوافق مع سياسة ايران , ولايتحدث عن سيطرة ايران على ابار النفط العراقية في الفكه , ولا يتحدث عن تهريب الدولارات من العراق الى ايران عبر مطار النجف , ولا عن تلويث الاراضي العراقية في الجنوب بالمياه العادمة , ولا عن تحويل مياة الانهر في ايران حتى لا تصب في شط العرب , ولا عن العصابات المسلحة التي يطلق سراح افرادها مثل ( عصائب اهل الحق ـ الباطل ) بل وتسليحها من اجل نصرته ضد خصومه اذا لزم الامر .

 

في ضؤ هذه المعطيات فان هكذا حكومة ليست الا عصابة تتصارع مع عصابات اخرى تطمح ان تصل الى الحكم لنهب ما تبقى من مال العراق , وليذهب العراقيون الى الجحيم ؟.. عصابات تتسلح بارهابيين والضحية هو الشعب العراقي الذي يدفع من دمه ضريبة هذا الصراع المخرب والدامي . الشعب يصرخ ويتألم وينادي ولا احد يسمع او يستجيب لنداءه وصراخه , والاخطر من كل ما يعانية الشعب هو غسل الاذهان ومصادرة العقول من خلال دعاية مضلله تمسخ الشخصية العراقية الوطنية وتحل محلها شخصية طائفية تابعة للاجنبي .

 

الوضع العراقي بحاجة الى ثورة شعبية تخلص البلاد والعباد من الاصنام والطواغيت والسراق , ثورة تعيد للعراق وجهه العربي الاصيل المؤمن البعيد عن التعصب الديني والطائفي والعرقي , ثورة تحفظ وحدة العراق ارضا وشعبا , فقوة العراق في وحدته وليس في تفرقه , ثورة ضد الفدراليات المقيتة , ثورة ضد التدخل الاجنبي ايا كان , ثورة ضد الاحتلاليين الامريكي والايراني ,ثورة ضد الفاسدين والحرامية الذين نهبوا ثروات البلاد , ثورة ضد الظلم والظالمين , ثورة ضد التفرد بالسلطة , ثورة من مستقبل العراقيين ليعيشوا بكرامة وانسانيه .

 

 





السبت٢٦ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / حزيران / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة