شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يختلف أثنان على إن "الصهيونية" هي العدو رقم واحد للعرب ، لكن بعد وصول "الخميني" الرجيم ( خلده الله في قعر جهنم ) للسلطة في إيران عام 1979 ( بمباركة أمريكية ) عاد الفرس من جديد للصدارة كعدو للعرب والمسلمين ، فإيران اليوم هي الخطر الأكبر الذي يهدد العرب والدين الأسلامي بحد ذاته ، هناك من لايتفق معي على هذه الرؤية ، وقد يعتبرها البعض مبالغة كبيرة ، لكنها ليست مجرد رؤية وإنما هي حقيقة يجب أن نعترف بها ونستعد لها قبل فوات الآوان ، هذا إذا لم يكن قد فات فعلاً!!.

 

مشكلة المسلمين العرب مع الفرس تقترب من ال ( 14 ) قرن ، فعلى مدى هذه القرون كان للفرس دوراً كبيراً في تغيير مسيرة الدولة العربية الأسلامية والتلاعب بمصيرها ، تحالفهم مع "العباسيين" أدى إلى سقوط الدولة "الأموية"، ويصف المستشرق الألماني "يوليوس ڤلهاوزن" سقوط الدولة الأموية بالقول .. "أن حكم العرب انتهى بمجيء العباسيين , وأن الفارسية انتصرت على العربية تحت ستار الأممية الاسلامية"!!، وفي العصر العباسي كان للفرس دوراً بارزاً في تفكيك الدولة العباسية ومن ثم ضياعها ، ابتداءاً من مؤامرة "البرامكة" ، مروراً بفتنة "الأمين والمأمون" ، وانتهاءاً بخيانة "أبن العلقمي" وتسليم "بغداد" للمغول ، هذا بالإضافة إلى النفوذ البويهي الفارسي ودسائس وشبهات روج لها الفرس من أجل تقسيم المجتمع ، أعظمها فتنة "خلق القرآن"!!، أما الدولة الصفوية الفارسية فغنية عن التعريف ، والتاريخ يشهد بالجرائم التي أرتكبها الصفويون بحق المسلمين ، ودورهم البارز في تعثر مسيرة الأسلام ، وعن ذلك يقول مستشرق أوربي "لولا الدولة الصفوية لكنا اليوم نقرأ القرآن في أوربا"!!، وقد لايعلم الكثير أن الصفويين تحالفوا مع البرتغال لأحتلال "مكة" ، وفعلا تحرك الأسطول البرتغالي نحو البحر الأحمر لكن مشاكل داخلية حدثت في البرتغال أدت إلى أنسحاب الأسطول ، وهذا بفضل الله سبحانه وتعالى ، وفي التاريخ المعاصر كان لإيران بصمة كبيرة مع العرب ، أهمها حادثة حاول الإعلام العربي تغطيته ( لأسباب مجهولة ) ، وهي "حرب الأربعة أيام" ، وفيها أرسل شاه إيران "محمد رضا بهلوي" قواته لتنزل على شواطئ جميع دول الخليج العربي ( عدا عُمان ) وأستقرت هناك لمدة أربعة أيام أستعداداً للأجتياح ، وأعلن الشاه أنه سيرد بقوة على كل من يهاجم قواته ، لكن أضطرابات حدثت في إيران أجبرت الشاه على سحب قواته ، وذلك قبل سقوط نظامه بشهرين!!، ومع نظام "ولاية الفقيه" فالوضع مختلف تماماً ، ولايحتاج أن نتحدث عنه لأننا لانزال في دوامته ، بإختصار .. مشكلة العرب مع "الصهاينة" بدأت منذ تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية عام 1897 ، أي منذ ( 115 ) عام ، بينما مع الفرس تعود ل ( 1400 ) عام كما ذكرنا ، وهذا العمق التاريخي له أولوية في تمييز الفرس عن غيرهم في معاداتهم للعرب والمسلمين!!.

 

نسأل .. من حَرف الشريعة الأسلامية؟!، ومن له الأثر الأكبر في تقسيم المجتمع الأسلامي طائفياً؟!، الجواب هو إيران ، والجميع يدرك هذه الحقيقة ، فـ "التشيع الفارسي" محمل بالشذوذ والأنحرافات ، وهو ينتشر داخل المجتمع الأسلامي بمغريات المال والمتعة ، وكلما يتوسع يدب الخلاف بين أفراد المجتمع ويؤدي إلى أضعاف وحدة المسلمين ، والعرب كذلك ، لأن "التشيع الفارسي" يروج للشعوبية أيضاً ، والسؤال الذي يطرح نفسه .. هل كانت "الصهيونية" قادرة على أضعاف المسلمين والعرب كما يفعل الفرس؟!، لا أعتقد ذلك ، لأن لدى إيران نفوذ في المجتمع العربي الأسلامي وتأثير كبير على أفراده ، ولو أخذنا العراق مثالاً حياً عن مقدرة إيران في التأثير على المجتمع العربي الأسلامي لكان دليلا حاسماً ، فلولا إيران لما وجدت أمريكا حاضنة لها في العراق ، لأن أتباع إيران هم من شَرع للمحتل الأمريكي!!، أما الصهاينة فليس لديهم نفوذ أو تأثير مماثل ، ولهذا "الكيان الصهيوني" منتفع من هذه الميزة الفارسية لأنها تضعف أعداءه.

 

هناك أعتقاد راسخ بإن إيران "الشاه" أقوى من إيران "الملالي"!!، وهذا صحيح ، في السنوات الأولى التي تلت سقوط نظام الشاه فقدت إيران مكانتها العسكرية بعد أن دمر "الخميني" الرجيم الجيش الإيراني وقتل جنرالاته ، خوفاً من الأنقلاب عليه ، وعندما بدأ جيش "الخميني" الرجيم بالأنكسار وشارف على الهزيمة أمام الجيش العراقي ، تلقي دعم مباشر من أمريكا وأسرائيل!!، وهذا ما يعرف بفضيحة "إيران غيت"، لكن اليوم أصبحت إيران "الملالي" أقوى من إيران "الشاه"!!، لأن "الملالي" يمتلكون سلاح لامثيل له ، وهو "القوة البشرية" التي تدين لهم بالطاعة العمياء والولاء اللا محدود ، خصوصاً خارج إيران ، لأن الإيرانيون يميلون للجذر الفارسي أكثر منه للطائفة ، بينما أتباع إيران من غير الفرس متعلقون بذيول الملالي بدافع الطائفية ، وبذلك يكون ولاءهم أكثر وخطرهم أكبر ، لأن إيران تحركهم من بعيد ضد حكوماتهم ، ولا يخفى على الجميع ماذا فعلت هذه الشريحة في البلدان العربية ، العراق ، لبنان ، السعودية والبحرين ... إلخ ، أذاً .. لدى "ملالي إيران" سكين نصلها في خاصرة الدول العربية ، هذه السكين لايمتلكها "الصهاينة" لكنها توفر لهم الغطاء والأمان ما دامت بيد الفرس ، فأي شيء يهدد العرب ويشغلهم مكسب للصهاينة.

 

القضية الفلسطينة في المنظور الفارسي جديرة بالأهتمام ، فأتباع إيران أكثر الناس كرهاً للفلسطينيين ، ( قبل ولاية الفقيه وبعده ) ، فحركة أمل الأرهابية قتلت منهم أضعاف ما قتله الصهاينة ، وفي العراق كان لهم حصة بالقتل والتشريد على يد جيش الدجال الأرهابي ، وعندما تسأل أي "متشيع فارسي" عن القضية الفلسطينية فأنه يشتم ويلعن ويقول "إن الفلسطينيين باعوا أرضهم لليهود فمالنا ومالهم"!!، هكذا علموهم وأقنعوهم ، أذاً .. القضية الفلسطينية لاتثير أهتمام أتباع إيران ، بل يرون فيها مادة إعلامية تروج لها القيادات العربية ، وهم أكثر الجهات التي تطمح لتطبيع العلاقات مع أسرائيل ، وقد يقول قائل .. وماذا عن "حزب الشيطان" الذي يقوده "حسن عبد المجوس"؟!، فنرد عليه ونقول .. "لو كان هذا الحزب يشكل خطراً على أمن أسرائيل لتخلصوا من حسن عبد المجوس كما تخلصوا من الشهيد أحمد ياسين ، لكنه على العكس يخدم سياسة إيران التي تعتبر صمام الأمان للكيان الصهيوني"، ( راجع: دور جيش الدجال وحزب الشيطان بالصراع الإيراني الأمريكي في العراق ولبنان – بلال الهاشمي ) ، الجدير بالذكر .. عندما أنسحبت القوات الصهيونية من جنوب لبنان عام 1985 تركت السلاح بيد حزب الشيطان!!، بشرط منع المقاومة الفلسطينة من القيام بعمليات ضد الكيان الصهيوني!!، وبالفعل .. لم يبقى وجود للمقاومة الفلسطينية في الجنوب اللبناني نهائياً ، وبذلك شكل حزب الشيطان غطاء أمني للكيان الصهيوني لم يحلم به الصهاينة من قبل!!.  

 

أحتلال إيران للأراضي العربية لايقل شأناً عن أحتلال الكيان الصهيوني لفلسطين ، مع فارق أن في فلسطين ثاني القبلتين ، مع هذا .. فأن كل من الجزر الأماراتية الثلاثة والأحواز هي أراضي عربية نحمل من أجلها نفس الآلم ، والشعب العربي واحد أن كان في فلسطين أو الأحواز ، فما يحدث لعرب فلسطين في الأرض المحتله يعايشه الشعب العربي في الأحواز المحتلة ، بالإضافة إلى سياسة التفريس التي يتبعها الفرس مع عرب الأحواز ، وعلى هذا الأساس يجب أن يكون هناك موقفاً عربياً موحداً للدفاع عن جميع الأراضي العربية بدون تمييز.   

 

عندما نقول أن "إيران والكيان الصهيوني وجهان لعملة واحدة" نرتكب خطأ كبير في رسم الصورة الواقعية للفرس والصهاينة ، والقول الصحيح "إيران هي الخطر الذي يهدد العرب ويحمي الصهاينة" ، وبشكل واضح نرى أن الصهاينة أتخذوا من إيران سلاح لتهديد العرب وحماية كيانهم ، وبالنتيجة .. إيران تشاغل العرب على حساب توسيع المستوطنات الأسرائيلة!!، بالمقابل يوسع لإيران في المنطقة لتقوم بدور أكبر لمشاغلة العرب ، العراق أصبح تحت وصاية الولي الفقيه ، ونفوذ عمامته دخل دول الخليج العربي ووصل إلى حدود المحيط الأطلسي ، ولا شك أن إيران بثوب رجال الدين ساهمت بشكل كبير بتنفيذ الأجندة الغربية في المنطقة العربية ، ولهذا حصلت على دعم أمريكا والكيان الصهيوني وأصدقائهما في حربها ضد العراق .. سلاح ، عتاد وقطع الغيار ، بعد أن كادت تنهزم في العام 1982!!، وشاهدنا على ما نقول أن الملف الوحيد الذي كان مطروحاً على الطاولة العربية منذ عام 1948 ولغاية عام 1979 هو ملف القضية الفلسطينية ، إما اليوم فهو مركون على الرف لأن الملفات الإيرانية تحتل كامل الطاولة العربية بدون منافس!!.

 

رآيي الشخصي يتمثل في إن إيران سلاح موجه ضد العرب لخدمة الصهيونية ، وهنا نطرح سؤال .. من هو الأكثر خطورة العدو المسلح أم الأعزل؟!.. الجواب هو العدو المسلح ، وحتى يتم التغلب عليه يجب أن يفقد سلاحه ، وهذا بالضبط ما يجب أن يحدث مع "الكيان الصهيوني" ، فعندما نريد أن نتغلب عليه يجب أولا أن يخسر السلاح الذي يوجهه ضدنا ، أي يجب أن نهزم إيران أولاً.

 

 

 

بلال الهاشمي

باحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي

http://alhashmibilal.blogspot.com

alhashmi1965@yahoo.com

 ٠١ / تمــوز / ٢٠١٢

 

 





الاحد ١١ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة