شبكة ذي قار
عـاجـل










عام 1920 كان العراق محتلا من قبل الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس. كانت الأعظم في الصناعة وفي سطوتها الاستعمارية الغاشمة وفي قدراتها العسكرية. لبريطانيا جيش بري جرار من الانجليز ومن المرتزقة وتسانده مدافع ومدرعات وطائرات.

 

وكان العراقيون لا يمتلكون غير أسلحة يدوية من الخناجر والقامات والسيوف وبنادق صيد لا حول لها ولا قوة إزاء ترسانة السلاح البريطاني . لكنهم كانوا أهل غيرة وطنية متأججة وأهل حمية على دينهم وأعراضهم وكرامتهم وشرفهم. كانت مقاييس الولاء للدين وللوطن ترتبط بعفوية وفطرية بعوامل شرف الإنسان ومقاييس إنسانيته المعنوية والمادية على حد سواء.

 

كانت بريطانيا قوة ضاربة لا يتحداها إلا من يضع روحه فوق صفحات شرف الوطن وعزة الدين والإيمان . وكان في العراق عشائر وقبائل , شيوخ ورجال دين . الشيوخ وأبناء العشائر فرضوا على رجال الدين منطق الجهاد والمقاومة وأحرجوهم ليضعوهم في مقدمة الصفوف وأجبروهم أجبارا أدبيا وماديا على استخدام الدين بعوامل إيمانه وقدسيته ليكون سلاح الصدور العارية ولجعل الدين حامي للوطن ولقيم الشرف والكرامة الشخصية والشعبية والوطنية.

 

كان في العراق رجال ومراجع عليا ووسطى ودنيا أجبرهم الشعب العراقي في الجنوب والفرات الأوسط والشمال والغرب والشرق على إعلان فتاوي الجهاد رغم أن الجميع كان يرى بعيون مبصرة وعقول مفتوحة ان القوة غير متوازنة وان الفتك بثوار العراق يمكن أن يسيل دماء العراقيين إلى الركب . الشعب هو من اصدر الفتاوى الجهادية لأنه صار مصدرها ومغذيها ونسغ ارتقاءها إلى رؤوس العمائم والجبب على حد سواء. كان الشعب , ممثلا بشيوخ وأبناء العشائر اليعربية البطلة هو مصدر قرار الثورة.

 

كان في العراق عام 1920 شعب مسلم ومؤمن . والشعب المسلم فيه سنة وفيه شيعة لكنهم لم يكونوا أصحاب زلل ولا شطط ولا انحراف تحت أجندات سياسة وليسوا أهل تنابز ومناكفات تصل في تصعيداتها الخلافية إلى حد استخدام السلاح ضد بعضهم البعض ولذلك تعشقت إرادة الثورة في نسيج أسطوري امتد من شرارة الانطلاق زمانا ومكانا في الرميثه الجنوبية إلى إطناب مشهودة بين بغداد والفلوجه.

 

عام 1920 ثار العراق كله بدون استثناء لا في المكان ولا في السكان. وتداخلت خنادق الثوار بين العطيشي في كربلاء والفلوجه في الأنبار وامتدادا إلى كركوك وديالى وبغداد ونزولا إلى البصرة.

 

ثورة العشرين سجلت ملحمة الوحدة الوطنية العراقية بأجل وأروع صورها ومعانيها. ولذلك دخل عليها الفرس وإذنابهم ليزوروها عبر تزوير معروف لكتاب السيد عبد الرزاق الحسني حيث خلطوا الأوراق وحذفوا أسماء بعض الثوار الأبطال الحقيقيين ليبدلوها بأسماء من القاعدين أو من  الذين خانوا الثورة والثوار. وكانت نيات ومقاصد المزورين قد اتضحت أكثر من أي وقت مضى بعد احتلال العراق عام 2003!! . تم التزوير لان الروح البغيضة الباطنية الطائفية الصفوية كانت تخطط عبر بعض رموزها ذات الولاء والجنسية الفارسية ليوم يأتي تصبح فيه الطائفية سلاح احتلال إيران للعراق. زوروا الكثير من حقائق ثورة العشرين ليعطوها غطاءا طائفيا فارسيا صفويا مقيتا . ألا خسئوا وخاب ما خططوا له .

 

ثورة العشرين كانت أسمى من الطوائف وأرقى من الاثنية الشوفينية وستبقى إلى يوم الدين ثورة وطنية شاملة ساهم بها كل شعب العراق بكل فئاته وبكامل طيفه الديني والاجتماعي .

 

العراق الآن محتل من أميركا ومن إيران ورجاله يقارعون الآلة العسكرية الخرافية بذات النفس الذي قاتل به رجال العشرين بصدور عامرة بالإيمان بالله والدين والوطن والأمة . رجال لم تثنهم سطوة الصواريخ والدبابات والهمرات والطائرات والأساطيل وآلة التجسس المخيفة وآلة الإعلام العملاقة. ثوار العراق الآن هم حملة الوطنية المتجردة من الطائفية السياسية المجرمة والعرقية الشوفينية الخائنة.  إنهم رجال رسالة بعث الأمة وماردها التنظيمي حزب البعث العربي الاشتراكي وهم من سيغسلون عار من تقبع بالعار.

 

في العراق عام 2003 وما تلاها مرجعيات ورجال دين سقطوا تحت قبضة المحتل ونزوات أنفسهم المتخاذلة الخائنة الجبانة فسارت في خط تصرف وفعل خائن للوطن والأمة بفتاوى سهلت الاحتلال وحاولت ولما تزل تحاول توطينه وخاصة الاحتلال الطائفي الصفوي الإيراني.

 

العجب أن يزور الطوائفيون ثورة العشرين ليمنحوها سحنات لا تمت لها بصلة في الوقت الذي يقع فيه ذات هؤلاء الساقطون الخونة في وحل العمالة والخيانة للاحتلالين الأمريكي والإيراني. فإذا كانت ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني ( شيعية ) كما يدعون .. فلماذا لا تكون ثورة تحرير العراق من براثن الاحتلالين الأمريكي والإيراني ( شيعية ) هي الأخرى ما داموا يظهرون هذا الشغف بروح الثورة وينسبونها لأنفسهم؟ لم لا يصدر ( مراجع ألشيعه العليا ) فتاوي لمقاتلة الاحتلال كتلك التي أصدرها رجال الدين والمراجع عام 1920؟ ألا يبرهن هذا الملمح لوحده عن زيفهم وكذبهم؟؟

 

ثورة العراق الباسلة بعد عام الاحتلال والغزو المجرم هي ثورة عراقية شاملة وطنية قومية مسلمة مؤمنه أجبرت الغزاة على الهرب بعد أن كبدتهم خسائر لا قبل لهم بتحملها وهي ثورة بعثية يخوض غمارها حتى التحرير والاستقلال رجال حزب الثورة العربية الكبرى رجال حزب البعث العربي الاشتراكي ويلتف حولهم وينصهر في بودقات فعلهم الوطني الجبار كل شعبنا وسيلتحق بهم من تأخر إلى اللحظة .. لنردد معا من أم قصر إلى دهوك أهازيج الثورة :

 

يتوزع وطروح نشيله : معناها نوزع الواجب الوطني بيننا لكل شطر وجزء من الوطن والشعب

حطوني بحلكة وكلت انه : معناها أن الانجليز قد وضعوني في فم المدفع ولم أنكر إنني إنا من قتل ضابطهم

عفيه ابني الجاتل جباله : معناها أن الأم الماجدة الغيورة كانت تزغرد لولدها الذي عض قاتله من حنجرته وقتله أي أنهما سقطا صرعا سوية

حل فرض الخامس كوموله : حيا على الجهاد

و: يا محلى النصر بعون الله .

فلنحيي جميعا مارد الوحدة الوطنية والقومية ومارد ثورة العراق القائمة : حزب البعث العربي الاشتراكي وشركاءه الوطنيين والقوميين والإسلاميين ومن يواليهم من شعبنا العظيم من الفاو إلى السليمانية..

 

 





الاحد ١٨ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة