شبكة ذي قار
عـاجـل










تأسس حزب البعث العربي الاشتراكي ، وطرح أهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية ، وشعاره أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ، ليس ليكون حزبا يمثله رقم في قائمة الجغرافية السياسية العربية وأحزابها المختلفة والموزعة بين القومية والاشتراكية والوطنية واليسارية والمغطاة بغطاء الدين وغيرها ، بل ليكون تمثيلا لتحدي الأمة العربية لواقع فُرض عليها من التجزئة والتشرذم والفقر والجهل والتخلف.


تأسس البعث في روحه وجوهره وحقيقته ليكون توق الأمة المعنوي الاعتباري والمادي للخروج من محنها والعلل التي تفتك بأبنائها والتشظي بين إرادات مختلفة لا تدر على الأمة إلا المزيد من التدهور والإحباط وإضعاف المعنويات ولم ولن تكون السلطة بالنسبة له إلا محض وسيلة من بين الوسائل للوصول إلى أهدافه القومية المقدسة.


احتضن البعث في خلاياه التنظيمية العمال والفلاحين والطلبة وأبناء القوات المسلحة والكسبه .. أي انه حزب للشعب وليس لطبقة أو لشريحة بعينها ولا هو حزب لطائفة ولا لأثنية ولا لقبيلة ، ولم يؤسس لتسلم سلطة يحقق من خلالها مكاسب لقادته وتنظيماته لأنه امن بعقيدة الانقلاب على الذات وتطهير النفس بالجهاد وبالنضال فتحرير الذات العربية يبقى فيصلا وركيزة في تحقيق الحلم الجمعي .


شرط الانتماء للبعث هو الإيمان بوحدة الأمة وحريتها وحقها في النماء والرقي والتقدم في كل مناحي الحياة. شرط الانتماء هو الإيمان بالجهاد والنضال كطريق لتحقيق أهداف الأمة التي برزها البعث بعد أن ولدت معه من رحم الأمة ومن عمق معاناتها وآلامها وطموحاتها والتعبير عن هذا الإيمان ميدانيا بإيصال المبادئ والعقيدة إلى الآخرين والدفاع عنها ببطولة وعفة ووضوح ولم نسمع يوما إن البعث قد نظر لمبادئ نفعية لاعضاءه قدر ما نظر وطبق قناعاته إن البعثي أول من يضحي وآخر من يستفيد والفائدة هنا ليس المقصود بها الفائدة الشخصية بل هي الفائدة المتحققة للأمة .


البعث والبعثيون هم من النماذج التي عرفها العرب بكونهم حملة رسالة وليس أصحاب بواخر ولا مراكب ولا تجارة ولا عقارات ولا مصالح تصطرع في بورصات الأسواق العالمية ولا استثمارات في شركات الغرب أو الشرق. نماذج البعث التي اذكر منها للمثال لا الحصر القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق والشهيد صدام حسين ، والشهيد طه ياسين رمضان ، والشهيد برزان إبراهيم الحسن والشهيد عواد حمد البندر السعدون ، والشهيد نايف شنداخ ثامر ، والأسرى الصامدين طارق عزيز و عبد الغني عبد الغفور وسبعاوي إبراهيم الحسن وسيف المشهداني ، وغيرهم ، 170 ألف شهيد رووا بدمائهم أرض العراق بعد الغزو المجرم عام 2003 فقط ، وبوسع أي كان أن يضيف لهم ما يقترب من الملايين ممن قضوا وهم يحملون السلاح ويقاتلوا دفاعا عن موقفهم الوحدوي وقضيتهم العربية في العراق و الأردن وسوريا وفلسطين ومصر ولبنان وغيرها من ارض العرب.


البعثيون ليسوا مَن خَرجوا من العراق بعد الاحتلال يحملون حقائب مليئة بالدولارات ليشتروا بها العقارات في الأردن وعمان والقاهرة والخليج ولبنان ليعيشوا فيها مع عوائلهم وكأن الله ما خلق العراق وقدّر عليه ما قدّر جلّ في علاه وله الأمر أولا وآخر . وهم بالتأكيد ليس مَن سرق أموال المقاومة ليؤسسوا بها مستقبلا زاهرا لأبنائهم في أوربا الغربية أو الشرقية أو في بلدان النمور الآسيوية.مع إن البعث في عقيدته الاشتراكية يقف مع حق الملكية المتأتية بالجهد والمثابرة ولا تصل إلى مستوى الاستغلال.


هم ليسوا مَن بحث عن فرصته في دولة العراق الجديد الذي أنتجته أميركا والصهيونية وإيران الصفوية وركن قانطا كل همه أن يخرج نفسه من تهمة الانتماء للبعث ويقدم فروض الطاعة إما للأحزاب الطائفية الشيعية أو للأحزاب الطائفية السنية أو لمن وصفوا أنفسهم بالليبراليين والعلمانيين وهم ليس مَن سمحت له نفسه أن يجلس في قاعات محاضرات العملاء أحمد الجلبي ومثال الآلوسي وعمار الحكيم لإعادة التأهيل قبل الإعادة للوظيفة.


مَن سقط في هكذا فخ أو سواه من صور التراجع عن الانتماء ليسوا بعثيين ، بل هم كانوا حزبيين دخلوا تنظيمات البعث تحت عوامل ذاتية ولخدمة أهداف آنية لهم ومآرب شخصية ، أو أن قدراتهم على التحمل والصبر والمطاولة لم تسعفهم ونحن لسنا هنا في وارد ذمهم أو الإساءة إليهم كبشر وكمواطنين ، بل في وارد التمييز لنقترب من تعريف يحتاج البعض أن نقدمه لهم بين الفينة والأخرى لتبقى صورة البعث الرسالي النضالي الجهادي هي السائدة وما سواها يذهب كما الزبد.


نموذج البعث في احمد ميشيل عفلق فكرا وسلوكا واستعدادا للتضحيات وهناك العشرات أو المئات ، بل آلاف من البعثيين الأحرار من جيل أحمد ميشيل عفلق منهم في العراق مثلا الشهيد سعدون حمادي لم تثنهم المطاردات ولا التهجير ولا السجون والمعتقلات ولا قطع الأرزاق من الثبات وعدم التنازل عن مبادئهم وعقيدتهم.ولم يفكروا لا بربح ولا خسارة ولا تجارة ولا جاه ولا وجاهة ، قدر تفكيرهم وانشغالهم بمبادئ البعث والأمة في الوحدة والتحرر والانعتاق والنماء.


نموذج البعث الرسالي الجهادي في الشهيد صدام حسين والمجاهد عزة إبراهيم ورفاقهما ممن غادروا كراسي الحكم بعد الغزو لينتقلوا إلى خنادق المقاومة مع الشعب ومع رفاقهم المرابطين لا يهابون ردى ولا يخشون فتك اكبر قوة عرفها تاريخ البشرية.وفي الزنزانات وأمام محاكم الطاغوت والكفر كانت لهم صولات وجولات ومواقف أذهلت الكون. وهكذا نماذج للبعث لم تكتف بالتضحية بالروح وبكل مكاسب الحياة الدنيا ، بل تعدت ذلك لتقديم الأولاد والأحفاد شهداء على مذابح البطولة وأسوار الوطن والأمة التي إصابتها قذائف العدوان الجشع الباطل.


ونماذج طارق عزيز وعبد الغني عبد الغفور وسبعاوي إبراهيم الحسن وغيرهم من الأسرى الصامدين ، أسماء كواكب وأساطير الثبات في معتقلات الاحتلال وعملاءه هم الرساليون الذين لم ينتموا للبعث كحزب تقليدي ، بل كحركة أمة رسالية ولم يعانقوه كحزب سلطة ليتنكروا له بعد أن ضاعت السلطة .. رجال تشربت العقيدة والجهاد والنضال من اجل الوطن والأمة في دماءهم وعقولهم فلم تقدر عليهم لا أمريكا ولا 40 دولة تحالفت معها ولا عملاء خونة يحملون جنسية العراق غير أنهم عبيد لهوى النفوس المنحطة الوضيعة.


نموذج البعث الفريد هو الرفيق القائد عزة إبراهيم ورفاقه الغيارى النشامى الذين تناخوا بعد الغزو والاحتلال المجرم ليعيدوا ترتيب تنظيمات البعث في العراق طولا وعرضا من رفاق البعث الرساليين ، ويطهروا خلايا المجاهدين المرابطين من العناصر التي تهاوت ونأت مع غروب شمس السلطة. تحولوا إلى فلاحين في الأرياف والقرى وكسبة وعمال بناء وغير ذلك من وسائل كسب لقمة العيش الطاهرة لهم ولعوائلهم دون أن يغادروا خلاياهم التنظيمية.ومنهم مَن عانق ركب المسلحين بحب الله والوطن والشعب والأمة وببنادق المقاومة ليرفدوا مقاومة العراق الباسلة حتى انتصرت بإرادة الله الجبارة وأجبرت دول العدوان على مغادرة العراق بلدا بعد آخر وآخرها أميركا الأفعى الصهيونية الكافرة القذرة.


ونموذج البعثيين أيضا هم مَن هاجروا بأرواحهم ودينهم وعقيدتهم بعد الغزو بعد أن استهدفتهم الميليشيات الصفوية المتحالفة مع المحتل غير أنهم ما بخلوا بمال ولا شحوا بموقف يساند رفاقهم في الداخل ومنهم مَن ارتقت به غيرته ووطنيته وإنسانيته وروحه الرسالية لينضم إلى فيلق الجهاد بالكلمة التي ساهمت وما تزل في مواجهة طاغوت التبشيع وإعلام الكذب والشيطنة والتزوير وتغييب الحزب ومنجزاته العملاقة.


غير هؤلاء ليسوا بعثيين ولا يسجل التاريخ لهم اسما ولا موقفا. منهم مَن يطالب البعث بالتنازل ليجد طريقا لقلب الأمريكان لتعود له بضاعته أو تجارته أو مركزا كان يرى نفسه من خلاله لأن ليس بوسعه أن يرى ويجد نفسه كانسان أولا وكصاحب مبادئ ثانيا. ومنهم من ينتقد البعث لأنه يقاوم العملية السياسية المخابراتية الأمريكية الإيرانية الصهيونية لان هذه المقاومة تمنعه من أن يجد لنفسه مقعدا في برلمان العار أو وظيفة في حكومة الفساد والعار والشنار. هكذا نماذج لم تكن يوما بعثية ، بل ادعت إنها كذلك بعد الغزو لتلعب أدوارا صممت لها من قبل الغزاة والعملاء. وبعض هذه النماذج بعثيون غير أنهم وصلوا إلى نهاية الأمل وليس في ذلك عيب لكن العيب أن يظلوا يدّعون ما ليس فيهم أو يتصرفوا بوسائل ملتوية مكابرة وعزة نفس في غير موقعها.


البعثي هو الثابت على مبادئه ، المدافع عن وطنه ، المجاهد ضد المحتل والمحتلين ومن تعاون معهم سرا وعلنا ، الصامد في سجون المحتل والحكومة العميلة ، المؤمن بأن العراق سيتحرر من خلال بندقية المجاهدين في المقاومة الوطنية العراقية ، الرافض للعملية المخابراتية التي يسمونها ( العملية السياسية ) . من يحمل هذه الصفات وهذه المواقف هو البعثي ، ومن لم يكن مثله فهو لا يمت للبعث بصلة لا من قريب ولا بعيد .

 

 





الخميس ٧ رمضــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة