شبكة ذي قار
عـاجـل










أقيم في باريس يوم الخميس 26 تموز - يوليو 2012 احتفالا تأبينيا للمناضل الراحل الدكتور حسين التريكي، بحضور نخبة من المثقفين و الاكاديمين العرب، و لفيف من الدبلوماسيين و السفراء العرب، و قد استهل الاحتفال بقراءة الفاتحة و الوقوف دقيقة صمت حدادا على الراحل الكبير... و ابرز المتحدثين الدور النضالي للراحل الكبير و اشادوا بمسيرته الفذة في سوح النضال، في مرحلة الاستعمار الفرنسي لبلده تونس، او في مقاومة الانظمة المستبدة


و اتجه نحو القضايا العربية العادلة، فالتحم مع ثوار الجزائر ابان الاستعمار الفرنسي، او في وقوفه لاحقا مع قضية فلسطين، و التي توجها لاحقا في كتابه الشهير " هذه فلسطين .. الصهيونية عارية" ..و قد تميز الاحتفال بالمداخلةالصريحة للدكتور خالد فرح سفير السودان في فرنسا، الذي اكد ان الصهيونية استهدفت ايضا كل البلاد العربية، و اكد ان الدعم الاكبر للمتمردين في جنوب السودان قبل الانفصال، كان يأتي من "اسرائيل" و اعاد للاذهان ان اول دولة اعترفت بدولة جنوب السودان هي "اسرائيل"، و اول زيارة لسيلفا كير كانت للكيان الصهيوني بعد اعلان جنوب السودان دولة مستقلة..


و فيما يلي نص كلمة الاستاذ علي نافذ المرعبي في الاحتفال التأبيني


...ايها الاخوة و الاخوات


نلتقي اليوم في باريس, لتكريم وتأبين مناضلاً عربياً بارزاً, كرس حياته المديدة التي كتبها الله له في الدفاع عن قطره تونس, كما في الدفاع عن الأمة العربية وقضاياها العادلة


الدكتور حسين التريكي, ومنذ ريعان شبابه إنخرط في النضال الوطني التونسي في حقبة الإستعمار الفرنسي, وكان مثال الشاب الصلب والمؤمن بالحرية, حرية الإنسان وحرية الوطن. وأيقن مبكراً, أن النضال الوطني هو جزء من المعركة الكبرى, معركة القومية, من أجل محاربة التجزئة والتبعية والتخلف, وبناء الوطن العربي في دولة واحدة موحدة. ونال وسام الشرف الأول في حياته الحافلة بالعطاء, عندما حكم عليه المستعمر الفرنسي بالإعدام


وبعد حصول بلده تونس على الإستقلال, وبدأت السلطة التونسية التي خلفت مرحلة الإستعمار, بالإبتعاد عن الطموحات المشروعة للمواطن والوطن, تابع مسيرته النضالية الفذة, مما أدى إلى تصادمه معها, ونال وسام الشرف الثاني, عندما ضاقت هذه السلطة بنشاطه وحكمت عليه بالإعدام


من هذا التاريخ, إتجه المناضل حسين التريكي, نحو عمقه العروبي, الذي كان متأصلاً فيه منذ بدايته, وهاله مايتعرض له شعب فلسطين من تهجير وإغتصاب لوطنه على أيدي رعاع الصهيونية العالمية وبتواطؤ فاضح من دول الإستعمار القديم في أوروبا ومن الامبريالية الامريكية الناشئة آنذاك. وإبتداء بالبحث السياسي وبالوثائق عن هذا التواطؤ, واستطاع تجميع كل ذلك في كتابه الشهير "هذه فلسطين...الصهيونية عارية"الذي تم إصداره مطلع الثمانينات في بغداد زمن الحكم الوطني والقومي. وهو بالحق لمن أطلع عليه, كتاباً أخذ جهداً كبيراً من هذا المناضل الفذ, ويمكن تصنيفه من ضمن الكتب الوثائقية, التي كشفت زيف الصهيونية وإدعاءاتها الباطلة, كما كشفت زيف الغرب المنافق الذي طالما صدعنا بحقوق الإنسان وحريات الشعوب


أيها السادة والسيدات
إسمحوا لي الآن أن أتكلم بخصوصية عن المناضل حسين التريكي, الذي تعرفت عليه في باريس مطلع هذا القرن, وكان يحمل ـ وهو ابن الخامسة و الثمانين عاماً ـ الترجمة الفرنسية لكتابه الآنف الذكر, والمعنون "هذه فلسطين" وكان يريد طباعته وإصداره في باريس


قال لي: " هذا الكتاب هو ثمرة جهدي في حياتي, وهو أقل مايمكن أن أقدمه لأخواتنا الفلسطنين, هذا الشعب المظلوم" وأردف قائلاً: " لقد أوصدت في وجهي كل أبواب دور النشر وأنت تعرف طبعاً لماذا؟...وعلمت أنك لن تتوانى بحسك العروبي ودفاعك عن قضايا الأمة من العمل على طباعته وإصداره من دار النشر التي تملكها هنا " . وللحقيقة والتاريخ كان يتكلم بهمة الشباب وبحيوية رائعة, لاتتناسب بالمنطق مع سنين عمره الطويلة


في اليوم التالي, كان اللقاء الثاني..كانت عيناه تشع بإصرار نادر, ومما قاله لي: "علينا أن نعرف أن أبواب جهنم ستفتح في وجوهنا من الجهات الصهيونية والدوائر الفرنسية التي ستتواطأ معهم...وأنا أعرف ظروفك الخاصة والحساسة جداً مع الدولة الفرنسية ومع وزارة الداخلية الفرنسية, فما قولك وما هو قرارك؟!!".. نظرت إليه مطولاً وقلت له: "دكتور حسين, إذا كان الكتاب جاهزاً..فأنا جاهز, وهذا شرف كبير لي إصدار كتابك, وهذا واجب أخلاقي نحو مناضل من ظرازك وقومي نحو أهلنا شعب فلسطين


هناك مسألة أخيرة, أريد أ أعلنها أماكم, للأمانة التاريخية, لقد كان الدكتور حسين التريكي يعول كثيراً, على السفارات العربية في باريس بالمساهمة المالية في أصدار كتابه من خلال شراء كل سفارة لعدد من نسخ كتابه, وأذكر يومها أني قلت له:"لن نعتمد على السفارات العربية لأنها لن تساهم ولو بشراء نسخة واحدة من الكتاب"..وهذا ماحصل فعلاً مع الأسف ولم تشتري أي سفارة عربية, ولاأي نسخة من هذا الكتاب الوثائقي والهام والذي يطرح أهم قضية عربية ألا وهي قضية فلسطين


رحم الله الراحل الكبير والمناضل حسين التريكي وأسكنه فسيح جنانه..وإنا لله وإن إليه راجعون

 

 





السبت ٩ رمضــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي نافذ المرعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة