شبكة ذي قار
عـاجـل










إِصرار "آية الله العظمى علي السيستاني"، على موالاةِ قوات الاحتلال الأمريكي، واضح المعالم في كُلِّ صفحة ، مِنْ صفحاتِ مُذكرات الحاكم الأمريكي، ورئيس سلطة الائتلاف فيهِ "بول بريمر"، وهذا الإِصرار لم يكن وليد يومه، بل كانت موالاة، تسبقها اتصالات تهيئة، واتفاق، ليس بالضرورةِ بين سماحته، والاحتلال الأمريكي بشكل مُباشر، بل كان مِنْ خلالِ وسائل عده، منها المجلس الأعلى للثورة الإِيرانية في العراق، أو عن طريقِ حزب الدعوة الإيراني، ولا نستغفل هنا دور الحكومة الإِيرانية، فالجميع كان يُفكر في هزيمةِ الحكم الوطني في العراق، والجميع كان يتآمر في كيفيةِ التضامن، والتكاتف في غزو واحتلال العراق، والجميع كان يطمع في إِضعاف العراق، وتخريبه، وهذا ما جرى فعلاً، حيث رفعت المرجعية الإِمامية الراية البيضاء، واستقبلت الاحتلال بما كان يتوقعهُ منها، وضمن ما هو متفق بينهما، استقبالاً أوصلهم إِلى تدمير الأهداف الحساسة في بغداد المحتلة بشكلٍ خاص، ثم المُباشرة في اغتيالِ القيادات العسكرية العراقية، وغير ذلك الكثير، والراية البيضاء تعكس حقيقة موافقة المرجعية السيستانية-الإِمامية على ما جرى ويجري في العراق منذُ سنة العِجف 2003 حيث احتلاله، مِنْ قتلٍ يومي لشعبهِ، وتهجيره داخل وطنه، وخارجه، والنهب الكارثي لثرواته الوطنية، والتدمير المُنظم لذاكرته التاريخية، ونشر الظواهر اللا أخلاقية الفاسدة في المُجتمع العراقي، وتخريب الأراضي الزراعية بحشراتٍ وأمراضٍ، لا يعلمها إِلا الله تعالى، واللذين قاموا بنشرها على تلك الأراضي الزراعية، وغير ذلك الكثير.


سماحة السيستاني"، كان قد رفض عقد لقاءات مُباشره مع قادة الاحتلال الأمريكي، وبرر سماحته برسالةٍ لـ "بريمر" اسباب رفضه، وغير ذلك مِنْ الأهميةِ بمكانٍ، تناولتهُ في مقالٍ لي نُشر على شبكة المعلومات/الإِنترنيت.([1]).


مِنْ بدائلِ عدم اللقاءات بشكل مُباشر، كانت الرسائل المُتبادلة بين "سماحة السيستاني"، و "بريمر"،  تم الإِشارة إِليها، بـ: " كتاب "بريمر" بالإِشتراك مع مالكوم ماك-كونل، المعنون: عام قضيته في العراق النضال لبناء غدٍ مرجو، ترجمة عمر الأيوبي، دار الكتاب العربي (بيروت-2006)، حيث تناول ليس بشكلٍ مُفصل، ما ورد في مضامين الرسائل، ولكنهُ اشار إِلى تبادلِ الرسائل بينهُما، عبر مجموعة مِنْ  الوسطاء.


يقول "بريمر" في كتابهِ أعلاه، حول ذلك في الصفحةِ 214-215 ما نصه: « عندما علمتُ في أوائل تموز/يوليو (2003) بأن السيستاني لا يزال يعتقد بأن الأئتلاف يعتزم كتابة دستور العراق، وأنه مُتمسك بأن يكتبهُ العراقيون، أرسلتُ لهُ رسالة عبر عدة قنوات، أُشدد على نقاط مُهمة "جئنا مُحررين لا مُحتلين"، وقد وافقنا على أن يكتب العراقيون الدستور، وأن مجلس الحُكم سيُقرر العملية المُلائمة، وهو ما يُحاول القيام به.


وفي إِتصالاتٍ لاحقة، طمأنتُ آية الله بأنني أدركُ تماماً معاناة الشيعة، مُشيراً إِلى أن رحلتي الأولى، خارج بغداد كانت إِلى المقابر الجماعية في الحلة، وأشرتُ إِلى أن الأئتلاف، يضع الكثير من المال، في مشاريع إِعادة الإِعمار في قلب المنطقة الشيعية.


كما تبادلتُ أنا والسيستاني، رسائل مُنتظمة بشأن الوضع الأمني في النجف، لا سيما في آب/أغسطس، عندما أصبح مُقتدى الصدر، يُشكل تهديداً خطيراً. وأبلغتُ آيةُ الله إِننا أنا وهو نتشارك المسؤولية، عن تجنب العنف غير الضروري، فلا يُريدُ اياً منا حدوث أعمال عُنف شيعية ضد السنة، أو العكس، وكان كُلاً منا يرغب في عراقٍ مُستقر، وديمقراطي، يعيش بسلامٍ مع جيرانهِ.


وفي تموز/يوليو وأواسط أيلول/سبتمبر (2003)، فقد تبادلتُ أكثر من عشر رسائل مع آية الله وعبّر السيستاني بشكلٍ مُتكرر عن أمتنانهِ الشخصي لكل ما فعله الأئتلاف من أجل الشيعة والعراق. لكنهُ بقيَّ مُصراً على وجود انتخاب المؤتمر الستوري بالأقتراع المُباشر.».([2]).


في قراءةٍ تحليلية موجزة لما ورد أعلاه:
1-  في لفتةِ غدر حوزوية، أتخذ "السيستاني" موقفاً إِعلامياً، مسرحياً لم يستطع أن يتقنهُ، رفض فيهِ أن يكتب الاحتلال الأمريكي الدستور العراقي، وهو يعلم جيداً أن الاحتلال لا يُثنيه لا السيستاني، ولا أذرعه السياسية، والميلشيات الفوضوية، عن هدفٍ قرر أن يقوم بهِ، فكانت الحيلة الأميركية التي قابلت الحيلة السيستانية – الإِمامية، مُتمثلة برسالةِ "بريمر" لـ "السيستاني"، يُطمئنه فيها أن قواته قد جاءت مُحررة غير مُحتلة، وهذه نفس العبارة المُخادعة، المُضللة، التي ذكرها الجنرال البريطاني "مود"، في بيانهِ لشعب العراق عند احتلاله عام 1920.


2- موافقة "بريمر"، بأن يكتب الدستور عراقيون، كانت بدورها مسرحية إِعلامية أجادها، ونجح فيها، بحيث شكل هو نفسهُ، لجنة مِنْ مكوناتِ المُجتمع العراقي، على اساسِ أن مجلس الحُكم هو الذي أختارهم، علماً أن أعضاء المجلس، قد جرى تعيينهم مِنْ قبل "بريمر" شخصياً، وكان ينظر إِليهم نظرة دونية، ويُسميهم احتقاراً بـ "المنفيين"، علماً أن لجنة كتابة الدستور، لا يحمل اياً منهم شهادة تخصص في فرع "القانون الدستوري"،  أو خبرة سابقة في كتابةِ الدساتير، فالدساتير كونياً، معروف عنها أنهُ لا يكتبها "العُملاء"، بل جهابذة أهل الأختصاص الدستوري في البلد ذا العلاقة، على أن يُعرفوا بوطنيتهم، وإِخلاصهم لهُ، وهذا ما لم يحدث في كتابة الدستور العراقي نهائياً، ولذا جاء مليئاً بالألغام التي تُهدد عقيدتهُ الدينية، ووحدة أراضيه، واقتصاده، و...إلخ.


3- ينقرُ "بريمر"، على وترِ الطائفية، لإِثارةِ الحقد والبغضاء، بين مكونات المُجتمع العراقي للأحتراب الدموي، وعند التمعن في ما ورد أعلاه، نجد كم مرة كرر فيها لفظ "الشيعة"، ثم "السنة".


4- كان "بريمر" كاذباً، وهذا مِنْ سماتِ الاحتلال، في ما أدعاه مِنْ إِعادةِ الأعمار في المناطق التي اسماها "شيعية" ولم يسمها "عراقية"، فالخراب لا زال فيها قائماً، والفقر لا يزال فيها منتشراً، ويكفي بهذا الخصوص مثلاً واحداً لعدم الإِطالة، يتمثل في اعتراف رسمي بمحافظة المثنى، كونها الأكثر فقراً من محافظات العراق، فـ: ”خلال الأسبوع الثاني مِنْ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2011، كشف مدير إحصاء مُحافظة المثنى/مدينة السماوة "مانع الخزاعي"، عن ان المُحافظة، سجلت اعلى نسبة فقر في البلادِ (العراق)، بلغت 49% مِنْ مجموعِ سُكانها، فثلاثة ارباع سكان ريف المثنى، هُم مِنْ الفقراءِ، وبينهم مَنْ يقتاتُ على مُخلفاتِ محصول الشلب وتمر الزهدي!. ووصف ظاهرة ارتفاع مُعدلات الفقر الحالية في المحافظة بـ « المرعبة»، مؤكدا ان الاوضاع الاقتصادية السيئة، هي اهم الأسباب، التي ادت الى ارتفاعِ معدلات الفقر فيها. وقال ان نسبة الفقر بين سكان محافظة المثنى تبلغ 49% ، وهي الاعلى بين المحافظات، وتتوزع بواقع 75% في البيئة الريفية، و 23% في الحضر، مُشيراً الى ان معدل عدد افراد الاسرة الواحدة في المثنى، يصل الى ثمانية افراد، ولفت "الخُزاعي"، الى: ان الفرق الجوالة للمُديرية، لاحظت ان هُناك عائلات، تتألف مِنْ 11 فرداً، يقتاتون على ا"لدنان"، وهو مِنْ مُخلفات محصول الشلب، الذي يفشل اثناء مراحل زراعته، ويتحول الى حباتٍ صغيرة، وغالباً ما يستخدم كعلف للحيوانات، اضافة الى تمر الزهدي الذي يستخدم هو الاخر كعلف حيواني.”([3])، ولا أودُ بيان كم من المليارات من الدلارات سرقة من صندوق اعمار العراق لعدم الإِطالة، وكنا قد تناولنا هذا الموضوع في مقالات لنا نُشرت على شبكة المعلومات/الانترنيت. ([4]).


5- يعترف "بريمر" بتبادُلهِ عشرة رسائل خلال فترة لا تتجاوز الشهرين والنصف، وهذا ما يؤكد معرفة السيستاني ومرجعيته، بستراتيجيات الاحتلال بتدمير العراق، وموافقة ذلك السيستاني ومرجعيته عليها جُملة وتفصيلاً، لا بل أندفاعاً طوعياً في تنفيذها.

 

[1]شبكة المعلومات/الانترنيت: الدكتور ثروت الحنكاوي اللهيبي:  حقائق بريمرية عن: موالاةِ آية الله العظمى علي السيستاني وتجذيره للاحتلال الأميركي للعراق... قراءة تحليلية بمُذكراتِ "بول بريمر" الحاكم الأميركي للعراق المُحتل ورئيس سلطة الائتلاف فيهِ.؟   


[2]بول بريمر بالاشتراك مع مالكوم مال-كونل، عام قضيته في العراق النضال لبناءِ غدٍ مرجو، ترجمة عمر الأيوبي، دار الكتاب العربي (بيروت-2006)، الفصل السادس: لا تزعجنا بالتاريخ، ص214-215.   


[3] المثنى الأكثر فقراً بين المحافظات .. فقراؤها يقتاتون على مخلفات محصول الشلب وتمر الزهدي، الأربعاء 12-10-2011، http://albayyna-new.com، أنظر الرابط الإِلكتروني: http://albayyna-new.com/news.php?action=view&id=2639    


[4]شبكة المعلومات/الانترنيت: الدكتور ثروت الحنكاوي اللهيبي:  
-   "القسم الأول": قراءة تحليلية موجزة في التقرير الرسمي للمُفتش العام الخاص لإعادة الاعمار بالعراق الذي يُحمّل وزارة الدفاع الأمريكية مسؤولية فقدان 96% من المبالغ المودعه  في صندوق تنمية العراق
-  "القسم الثاني": قراءة تحليلية موجزة في التقريرِ الرسمي للمُفتش العام الخاص لإعادة الاعمار بالعراق...  المُقدم لوزيرِ الدفاع الأمريكي.... مليارات من دولاراتِ شعب العراق فُقدت دون وجود سجلات تحتفظ بها الوزارة...؟!
- "القسم الثالث": قراءة تحليلية موجزة في التقريرِ الرسمي للمُفتش العام الخاص لإعادة الاعمار بالعراق... أكثر 8,413 مليار دولار من أموال شعب العراق المودعة في صندوق تنمية العراق سُرقت... لم تستطع وزارة الدفاع الأمريكية من تحديد أوجه صرفها....؟!

-  "القسم الرابع": قراءة تحليلية موجزة في التقريرِ الرسمي للمُفتش العام الخاص لإعادة الاعمار بالعراق...التقرير يؤكد: 4 مليار دولا من أصلِ 6,6 مليار دولار مودع في صندوقِ تنمية العراق لا يوجد ما يُؤكد قدْ تم صرفهُا من قبلِ مُنظمات وزارة الدفاع الأمريكية..؟! فضلاً عن مبالغ أخرى مفقوده؟!
 

 

 





الاثنين ٣٠ شــوال ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / أيلول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثروت الحنكاوي اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة