شبكة ذي قار
عـاجـل










البعث حركة قومية ثورية تقدمية انطلقت من رحم الواقع العربي وما يصطرع به من عوامل وهن، وعوامل قوة وقدم مشروعه القومي الذي كان ومازال يتماها مع توق كل العرب المؤمنين بارتباطهم الجدلي بعروبتهم عبر سفر حضاري هو فخر للإنسانية كلها وتطلع للغد هو الآخر يتداخل مع تطلع الأمم والشعوب للحرية والتقدم وازدهار مكونات الحياة، والمساهمة الفاعلة كحق انساني في كل منتجات البشرية. وتأسيسا وانطلاقا من هذه الهوية الوطنية – القومية فان البعث قد سجل ولما يزل يسجل رؤى سياسية واقتصادية واجتماعية تعبر عن أصالة فكره وعبقرية منهجه و يتصدر من خلالها جبهة الجهاد والنضال القومي ويتفاعل بروح ايجابية خلاّقة مع حركة القوى القومية واليسارية والليبرالية والإسلامية الوسطية من غير أن يكون ذيلا ولا تابعا ولا منساقا بدوافع آنية ولا انتهازية وراء مواقف ورؤى الآخرين.


إن استقلالية الموقف عند البعث ليست انعزالا ولا انطواء" سلبيا بقدر ما هي سمة ثورية تعبر عن القدرات الخلاّقة لحركة البعث ومناضليها وهي ضرورة لتكريس استقلالية النهج القومي والحفاظ على تمييزه في التعاطي مع هموم الأمة وتأكيد دائم لجدلية الارتباط العضوي الحي بالواقع القومي ومقومات القوة فيه والارتكاز من خلالها على إرادة الأمة في ذات الوقت الذي يتم فيه التفاعل الايجابي مع كل القوى التي تنتمي بهذا القدر أو ذاك إلى مفردات التكوين والبناء الهيكلي للنهج القومي الوحدوي التحرري الثائر. إنها تعبير عن الثقة الراسخة بقدرات العقل العربي على إنتاج الحلول وتقديم الرؤى والتجذر عميقا في نمذجة الواقع فكريا وبوسائل شاملة تحيط بالجزئيات في طريق تركيب مت هو عام في التكتيك والاستراتيج المؤديان إلى ذروات وقمم الانجاز القومي في أطر زمنية متعاقبة أو متداخلة. فالبعث هو الحركة السياسية والفكرية الوحيدة التي مسكت زمام الكيمياء العكسية للمجتمع العربي تماما مثلما مسكت زمام معطيات التفاعلات المنتجة لكل ما هو جديد معبر عن التطور والتقدم في مسيرة تقريب العقيدة القومية الوحدوية الاشتراكية من حالة الانصهار العضوي في حياة الأمة انصهارا يعبر عن منبع انطلاقتها ومآلات أهدافها.


إن من نتائج الثبات على الرؤى القومية وثوابت الأمة التي أصر البعث على انتهاجها وعدم التفريط بها هو أن البعث قد ظل الشاخص القومي الأهم المترفع عن دنايا المساومات السياسية التي سقطت بها الكثير من القوى السياسية اللاهثة خلف منافع وبريق السلطة. فمنهج البعث في الوصول إلى السلطة قد ظل مرتبطا باعتبارها محض وسيلة من وسائل النضال القومي وليست دربا للانتفاع واختبار القدرة على المناورات السياسية التي تسمح بالتعاطي مع الباطل والحق في كف واحدة تجعل من اللاعب في ساحتها محض متهالك يطير في فضاءات العلاقات كأي فاقد للوزن والقيمة: أي ذاك الذي يصير مجرد أداة طيعة لمن يغدق عليه بنعمة الوصول إلى السلطة مقابل إفراغه من أي محتوى أو مضمون وطني أو قومي أو ديني أو انساني لأن الأداة الطيعة المستلبة السلبية لم ولن تنتج أي حالة خلق مبدعة، بل تنتج في العادة نمطا استهلاكيا متواضع القيمة ولا يمتلك قطعا أية قدرة على انجاز ما يمكث شاخصا في التاريخ ولا في سفر الحياة.


الاستقلالية السياسية للبعث أهلته أن يقدم للأمة نماذج هي الأقرب إلى حراكها نحو أهدافها المقدسة في الوحدة والحرية والاشتراكية ومن أهمها تجربة الأمة في العراق بما أنتجته من نتائج عبقرية رغم كل العقبات والظروف الاستثنائية التي وضعت في طريقها لتحجم توقها العظيم وانطلاقتها الثورية الباسلة وصولا إلى وأدها بغزو مباشر، واستهدافها بالاجتثاث دون حياء ولا تفكير بجدليات الانتماء إلى زمن الديمقراطية والتمدن والتحضر. لقد كان استهداف تجربة البعث اكبر مصداق لكونها الممثل الأنقى والأكثر طبيعية في تمثل إرادة الأمة وأهدافها. وعلى البعث وقوى الأمة الحيّة كلها أن تتعاطى مع تجربة العراق من منظار نجاحها في الانجاز العظيم ميدانيا ومن منظار أن هذه الانجازات المرتكزة على هوية وطنية وقومية تصدت بروح ثورية وبالاستناد إلى قدرات الأمة هي التي أوصلت الامبريالية والصهيونية وحلفاءها إلى قرار الحرب على العراق في عام 1980 و1991 و2003. إن الركون إلى هذه النظرة والى هذا التقييم الموضوعي لا يمثل إقرارا وتفهما للحقيقة المطلقة فقط، بل هو المنفذ الوحيد أمام العرب لإنقاذ أمتهم أرضا وشعبا وثروات.


إن عشق البعث والبعثيين للعروبة ووحدة الأمة تحت إطارها القومي الإنساني قد جعل الحزب يتحول إلى مكون عضوي في حياة العرب وأداة حاسمة من أدوات صيرورتها الجديدة بالوحدة بديلا للتشرذم والتجزئة وبالحرية والديمقراطية كمنقذ من الاستلاب والتغييب والفاقة والجهل والاشتراكية كتعبير عن منهج العدل الاجتماعي بديلا للظلم والطبقية المقيتة المجرمة. آمن البعث بطريق الوحدة والحرية والاشتراكية لأنه الحل الأمثل المتكامل الذي يقود العرب إلى تلك الصيرورة الحلم. وعلى ذلك فان موقف البعث من الثورة وتغيير الأنظمة والمسميات التي تم تداولها على ساحتنا العربية قد اقترنت بوعينا العميق وإيماننا الراسخ بحقوق الشعب والأمة ومن بينها إيماننا بمدى ابتعاد أو اقتراب الحراك من أهداف تحرير الأرض المغتصبة في فلسطين والاحواز وجزر الإمارات والجولان والاسكندرونه وسبته ومليلة ومن نوع النواتج المتصلة بنوع العلاقة بين نواتج الحراك وموضوع احتلال العراق وإسناد مقاومته الظافرة التي تحمل وتعمل على تحرير العراق وإعادته إلى حاضنته العربية وكذلك في مقدار اقتراب نتائج الحراك من تحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي والإعلامي والذي يقرب الأمة من الوحدة وليس العكس وفي تحقيق حق العرب في أن يكونوا هم هدف وأدوات التغيير تمردا ورفضا على واقع الخنوع لإرادات ومصالح وأجندات الأجنبي المعادي لحقوقنا ومصالحه التي صار البعض يتعاطى معها وكأنها قدر لا يسعنا إلا قبوله مرغمين.


نحن مع الثورة في أي بقعة من ارض العرب لأن الثورة هي عنوان ولادتنا وسمة وجودنا وبقاءنا وأهم ما أنتجته فكرتنا القومية المعاصرة في ما عبر عنه عقائديا وميدانيا بالانقلاب على الذات. الثورة التي تنقلنا إلى مسارات سالكة لتحرير فلسطين وتحقيق الوحدة العربية والاستقلال الحقيقي سياسيا واقتصاديا والى استثمار فعلي وعادل لثروات امتنا في خدمة التنمية البشرية وعناصر التقدم وتحجم فعل الرجعية العربية وأدواتها المعروفة. لذلك كان موقف البعثيين عموما مع ثورة تونس ومصر قبل وبعد اندلاعها غير أنهم ظلّوا يمارسون التحليل الفكري والتمعن النضالي والسياسي بسبب معرفتهم بقوى الردة التي كانت تتحرك داخليا وخارجيا لتوجه نتائج الثورة إلى غير ما ابتغته الإرادة الشعبية الثائرة وكان موقف البعث صارما وقاطعا في ما حدث في ليبيا باعتباره فعلا عدوانيا عسكريا يختلف في سيناريوهاته العريضة عن منهج احتلال العراق غير إن المال والنتيجة واحد وهو احتلال ليبيا وتمزيقها. وتمعن البعث بعناية في جغرافية الفعل السياسي في مختلف أقطار الأمة واتخذ مواقفه منها بناءا على ثوابت النضال العربي وتقييم القوى السياسية المتصدية أو الطالعة إلى الواجهة بعوامل ترجيح مختلفة بعضها خارجي في صيغتي دعم واضحة احدهما مالي والآخر إعلامي, وبدون الانجرار إلى مواقف عاطفية متعجلة أو انتهازية أو متشنجة تضمن الوقوف مع إرادة الشعب مع ضرورات توافر شروط حماية وحدة وسيادة الوطن ورفض أي تدخل خارجي وباستعداد نضالي محسوب من الحزب يؤمن نقاء الصلة وشفافيتها مع شعبنا وعدم الانجرار إلى انتهازية متهالكة لتسجيل مواقف نفعية آنية . ومن البديهي جدا أن تحضر أمام أنظارنا صورة التحالف غير السوي بين نظام سوريا وبين إيران وان نتعاطى مع هذا التحالف ضمن أطر خصوصيات تأثيره المباشر على أمن وديمومة والزمن المؤمل لانجاز المقاومة العراقية مهمة طرد إيران المحتلة من العراق كأحد عوامل موقف البعث من الشأن السوري كخاصية متفردة لهذا الشأن بالذات .


البعث طليعة الأمة في الجهاد والنضال ونحن القوة السياسية الثائرة التي ولدت لتكون جزءا لا لحياة حرة كريمة. يتجزأ من إرادة الشعب العربي وتطلعه
رجال البعث بناة الأوطان ... بالعرق وبالدم وبعقيدة الأمة القومية الثائرة لذلك
لن يكون البعث رقما يجر خلف الأحداث
لن يكون البعث كتلة تحركها الأهواء حتى لو كان بعض هذه الأهواء يصور فبركة وتضليلا على إنها
مزاج جمعي
لم ولن نطلب القيادة والريادة لأنها أصل فينا وميزة وسمة بعثية
لم يثبت أي حدث على الإطلاق أننا أخطأنا بنية الخطأ ولا انحرفنا بنية الانحراف
كنا ندافع عن العراق والأمة وعن تجربتنا الرائدة في البناء والإعمار والتقدم والتطور
لم نقاتل أحد.. لا عربي ولا أعجمي بنية العدوان، بل كنا ندافع عن أنفسنا ووطننا
لن ننجر وراء احد فنحن طليعة الأمة وفكرنا وعقيدتنا هي الأجدر بتثوير الأمة وتحقيق أهدافها.

 

 





الاحد ٦ ذو القعــدة ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أيلول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة