شبكة ذي قار
عـاجـل










قد يرى البعض ان الحديث عن الوحدة العربية بات من الماضي , أي حديث خمسينات القرن الماضي ,وانه اسطوانة يرددها القوميون من اتباع حزب البعث العربي الاشتراكي والناصرين واليسار القومي . وقد انبرى اتباع الاحزاب واتهامها بالشوفينية والتعصب دون دراية بمبادئ الاحزاب القومية وخاصة حزب البعث .


ان الهجوم على فكر البعث ومحاولة شيطنته ليس جديدا , بل سبق للأحزاب الشيوعية ان شنت هجوما واسع النطاق ضد البعث وضد الفكر القومي بعامة , كما ناله من القوى الرجعية الكثير من التهم والافتراءات والدس وشراء بعض ضعاف النفوس لشق الحزب واضعافه , ولكن الحزب ظل قويا بفضل مبادئه الانسانية والايمانية التي ميزته عن الفكر القومي الشوفيني المتعصب الذي ساد في اوروبا خلال القرن التاسع عشر وما بعده .
عندما ننادي بوحدة الاقطار العربية التي صنعتها الدول الاوروبية الاستعمارية في النصف الاول من القرن العشرين المتجانسة في اللغة والتاريخ والدين الى حد كبير اضافة الى الاماني والطموحات التي تجمع العرب في كل اقطارهم .وهذه الاقطار التي تشكل الوطن العربي الكبير هي قلب العالم القديم , وفيها معظم احتياجات العالم من الطاقة والمواد الاولية الخاصة بالصناعة , وفيها الارض الخصبة والمياه الوفيرة , وهذه البقعة الجغرافية من العالم هي مهبط الرسل والانبياء والاديان الثلاث .وعلى هذه الارض قامت اعظم حضارة انسانية امدت البشرية بكل عطاءات الخير والمحبة والسلام .


هذه العوامل الانف ذكرها تحتم على العرب الاضطلاع بمسؤولية كبيرة , هي الارتفاع فوق كل عوامل التفرقة , والارتفاع فوق خط التردي , الى مستوى المهمة التاريخية الملقاة على عاتقهم .
ان وحدة الاقطار العربية التي هي ضرورة تاريخية كما قلنا , وحدثا دوليا حاسما في مجرى السياسة الدولية , كما انها احدى ركائز السلام في العالم , نظرا لموقع الوطن العربي الاستراتيجي في قلب العالم القديم , ونظرا للطاقات الهائلة التي تمتلكها اقطاره , وخاصة الطاقة التي هي شريان الصناعة في العالم . والوحدة القومية للعرب لها عمق روحي قوامه العمق الحضاري الذي عززه الاسلام في جوهره .


وهناك حقيقة مهمة هي ان الوحدة لا يمكن ان تنجح الا اذا توفرت العدالة والحرية والديمقراطية التي تعد اساس في البناء الاجتماعي الرصين .
الوحدة بكل تجلياتها الايجابية هي صلب المشروع القومي الذي تبناه البعث وناضل من اجله , وما زال البعثيون يناضلون على ذات الطريق , وقدموا التضحيات الجسام من اجل هذا الهدف العظيم . وهذا المشروع الانساني العظيم لا يتحقق الا بروح ثورية جهادية كالتي تميز بها مناضلو البعث في العراق , وبها تمكنوا من اجبار القوات الامريكية على الانسحاب من العراق مدحورة مهزومة تجر اذيال الخيبة والخذلان .


الروح الثورية لا بد ان تمتد الى التربية القومية والوطنية , والى الديمقراطية , والى العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين .وبنفس الروح الثورية لابد ان تنبري الجماهير المؤمنة بالقومية السمحة الى الدفاع عن المبادئ القومية لأنها ضرورة حتمية لمستقبل الاجيال المقبلة .


وفي هذا السياق لابد ان نقرر حقيقة مهمة هي ان الوحدة والقومية والعروبة هي هوية تاريخية ثابتة , وهذه الثلاثية تشكل صلب طبيعة المشروع القومي الوحدوي النهضوي , وهي الميزة التي طبعت العقيدة العربية القومية , وبها قاوم العرب كل التحديات ومحاولات الخنق والتصفية للفكر القومي سواء من الداخل او من الخارج .وهذه الثلاثية التي ميزت العقيدة العربية القومية تختلف عن الذي حدث في اوروبا ,فهي مجرد مشروع سياسي بين شعوب مختلفة الثقافات والاصول , في حين ان المشروع العربي يجمع شعب تحدر من اصل عرقي واحد او متقاربة ومتداخلة او تنتمي الى دين واحد في الغالب او من طائفة واحدة , فهو مشروع حضاري حديث لحقيقة حضارية تاريخية قديمة نهل منها الغرب والعالم كله .


ان رؤية البعث للواقع المعاش نظرة مبدئية , فلا يرى امكانية تحقيق حرية مجزأة في اقطار الوطن العربي , ولا اشتراكية أمنة بدون وحدة على الارض , والانظمة القطرية مهما كانت قدراتها المادية او البشرية لا تستطيع تحقيق الحرية والاشتراكية الا من خلال افق قومي وممارسة عملية لمشروع الوحدة ضد أي عدوان خارجي .

 

 





الاثنين ٣٠ ذو القعــدة ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د . حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة