شبكة ذي قار
عـاجـل










أبا علي تحسين، سلاماً ومحبة في ذكرى رحيلك الواحدة والثلاثين التي تمر كعادتها كل عام، مسرعة، وأنت الذي ما غبت يوماً عن ذاكرة الرفاق، ولم يُغِّيبهم عنك حادثات الأيام وكل ما مر على أمتنا، حتى اليوم من مآسٍ وتحديات.


وكأننا على موعد أبدي معك، يا فقيد الأدب والمرؤة وأخلاق البعث الحميدة، وذكراك تُمسك بوجداننا كل صبيحة السابع عشر من تشرين الثاني من كل عام، مستذكرين منك المواقف المبدئية والآراء الثاقبة والنقاش الهادئ الرزين المنطلق من ثقافة واسعة ومحبة الآخرين، تميزت بها على الدوام، رفيقاً كنت تحاور أم صديقاً أم حتى الخصوم.


أبا علي تحسين، واحد وثلاثون عاماً تمر اليوم، وكأنك غبت عنا البارحة، وكأننا على موعد معك في الغد القريب، وكل بعثي وبعثية ما برحا مشروع شهادة كما عهدت رفاقك، وكما ترسخت فيهم معجزة العطاء للأمة التي تجسدت فيك أيها القائد الحبيب، مثلما تجسدت بمن سبقوك إلى الشهادة، ومن سعى إليها بعد رحيلك من الرفاق، وعلى رأسهم رفيقك الأمين العام القائد صدام حسين، الذي جعل من حبال المشانق الغليظة، أرجوحة فخر واعتزاز للأبطال الميامين الذين ما فتئوا يرددون:


لما سلكنا الدرب كنا نعلم
ان المشانق للعقيدة سلَّم


أبا علي، غادرنا رفاق بعد رحيلك، واستشهد آخرون، وما زال في المعتقلات الكثير، وشاخ الرعيل الذي واكب معك مسيرة التضحيات،

أما الحزب فبقي على شبابه يخرج من محنة إلى أخرى، فيتغلَّب عليهما معاً بالصمود والتحدي وقوة الشكيمة، ومن أجل ذلك، تراه اليوم أكثر حيوية وأطول أناة وأنضح شباباً،


فالحزب الذي يقدم أمينه العام شهيداً على مذبح الفداء، هو حزب جدير بالحياة، ومناضلوه يستحقون كل احترام وتقدير،


والحزب الذي تضيق المعتقلات ومنصات الاستشهاد بقياداته وكوادره قبل قواعده وأنصاره، هو حزب الجماهير، وليس للسلطة في مسيرته من مساحات، سوى خدمة الجماهير وتحقيق أهدافها في الحرية والكرامة والسيادة والعدالة الاجتماعية.


والحزب الذي لم يتنازل يوماً عن حق الأمة في تحرير أرضها من المحتل الغاصب، صهيونياً كان أم أميركياً أم فارسياً، هو الذي يسطرِّ للأجيال العربية القادمة، في هذه المرحلة العصيبة، أبجدية الحياة العربية الجديدة ومفردات المستقبل الواعد، المتحرر من العبودية والذل والتبعية للخارج.


هو الحزب الذي يتقدم أمينه العام اليوم، المجاهد عزت إبراهيم ، مسيرة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني لكل العراق، أرضاً وشعباً وهواءً وماءً وفضاءً وشجراً وحجراً وكل ذرة من تراب هذا القطر العربي الصامد، العائد حتماً إلى حضن أمته وعروبته وحبيبته فلسطين وقدسها الشريف، فموعدهم الصبح، وما الصبح على ناظريه ببعيد.


واليوم، لك أن تستبشر يا أبا علي من الأخبار الواردة من أرض فلسطين، تتحدث عن بسالة المقاومين في غزة البطلة وهم يدكون الكيان الصهيوني بالصواريخ مستكملين ما بدأه الشهيد صدام، في العام 1991، مؤكدين لشعبهم ولأمتهم، ان الانتصار على هذا العدو المزروع في وطننا العربي ليس بالمستحيل، إذا توفرت إرادة القتال والصمود والتضحيات.


إنه الفعل العربي المقاوم، الذي لطالما ناديت به، فكان قلمك بديلاً عن البندقية، وكلماتك كالرصاص، الذي لا يخطئ الهدف، والجملة التي أنت كاتبها تحمل من المعاني، ما يتسنى للجميع أن يدرك معانيها ومقاصدها.


من أجل ذلك، وجهوا رصاص بنادقهم عليك، ليُسكتوك قبل أن يردوك مسجىً بالدماء، وأنت الذي اخترقت المحظور لديهم، عندما تحدثت عن الخطر المنبعث من الهواء الأصفر القادم على وطننا العربي من على بوابته الشرقية، مستكملين جريمتهم التي بدأوها قبل أشهر باغتيال رفيقك وصنوك في قيادة الحزب، الشاعر موسى شعيب، الذي هالهم أن يتحدث عن جيوش كسرى القادمة من أفكار الزمن البعيد، حاملة بذور الحقد والانتقام لقادسية سعد بن أبي وقاص،


فيا لعار السلاح الذي وُجًه إلى صدور أحرار الأمة قبل أن يُوجه إلى أعدائها، ويا لعار القاتل لِما حمل من جبن وغدر وغباء، وقد فاته أن الكلمة الحق، لا يمكن أن تُقتل بالرصاص، وستبقى عصية على الموت لأنها عصية على النسيان.


أبا علي الحبيب، وأنا أُقرؤك السلام، أجزم، بأنك في عليائك تهزأ بقاتليك، لأن السنبلة التي ظنوا أنهم قد طمروها في باطن الأرض، قد أينعت سنابل ستملأ "الوادي" بها من جديد، كما كان الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش يقول، وهو يتحدث عن الشهداء. والوادي في عرفنا يا أبا علي، ليس سوى أرض العروبة بكاملها، من المحيط إلى الخليج، وأولها فلسطين الحبيبة بحدودها الطبيعية من النهر إلى البحر وليس بما ارتضاه دعاة التسوية والسلام الوهمي.


وإذا كان القائد الفلسطيني – العربي الكبير الشهيد غسان كنفاني، يردد دائماً، أحذروا الموت الطبيعي، ولا تموتوا إلا بين زخات الرصاص، فإنه من الشرف للبعثي أن يموت شهيداً، كحالك وحال رفاقك الشهداء الأحياء، يا أبا علي، الذين عند ربكم تُرزقون.

 

 





الثلاثاء ٦ محرم ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة