شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما تختلط مبادئ الثورة والمقاومة بأهداف السياسة البراغماتية غير النقية تضيع الثورة وتخفق السياسة إخفاقا مميتا. فالثورة أخلاق لا يمكن أن يشوبها شائبة من حيث كونها قطعة نقاء طاهرة في أصل التكوين البنيوي لقياداتها وطلائعها والشعب المحتضن لها أو من حيث الأهداف والغايات النبيلة السامية التي تقترن وتنصهر في جسد الثورة وتمنحها اسمها وعنوانها وصيرورتها كلها.والثورة الفلسطينية ومقاومتها المسلحة الباسلة تقف على هذه الخصال الثورية الأصيلة مهما اعتراها من شوائب ومهما حصل عليها من اختراقات ومهما تعرضت له من ضغوط لا يمكن أن يقدم لنا سفر البشرية كله ما يماثلها أو القياس عليها لأسباب ترتبط بطبيعة العدوان الاحتلالي المغتصب لأرض فلسطين والاستيطان بها وتشريد شعبها من قبل العصابات الصهيونية التي نظمتها الصهيونية العالمية والماسونية وجلبتها من كل بقاع الأرض لتقطن وتستوطن في ديار الفلسطينيين . وبالمقابل فان عامل الزمن غير المقيد ولا المحدد في بداية الثورة الفلسطينية كمقاومة بدأت من يوم بدا الاستيطان أو بصيغتها الحديثة التي بدأت مع انطلاق العمل الفدائي في أواسط وأواخر ستينات القرن الماضي وما زالت مفتوحة وممتدة إلى أن يشاء الله.

 

من الموضوعي والحق أن يعترف العرب الرسميون أنهم جميعا قد ساهموا بهذا القدر أو ذاك في تدنيس الجسد الفلسطيني المقاوم واستخدام المساعدات المالية والسلاح للفدائيين والمقاومين الفلسطينيين لتحقيق أهداف مختلفة ومتناقضة حزبية أو دينية سياسية أو لخدمة أجندات خضع لها بعض حكام الأمة هدفها تقويض العمل الفلسطيني المقاوم وإجهاضه خدمة للصهيونية والقوى الكبرى الدولية المساندة لها ..

 

لقد كان الاختلاف الجذري والتناقض الصارخ بين حكم نظام حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق 1968-2003 وجل الأنظمة العربية سببه موقف نظام البعث المؤيد بلا قيود ولا شروط لفلسطين وتحريرها وفدائييها ومقاومتها ورفضه المطلق لكل مشاريع التسوية والاستسلام هو احد ابرز أسباب الضغينة والعداء التي اختزنها النظام العربي الرسمي للعراق وثورته وشعبه وحزبه العربي القومي التحرري الوحدوي. وهو احد الأسباب الأساسية لصياغة مئات المؤامرات الداخلية والإقليمية والدولية بهدف إسقاط نظام البعث في العراق وآخرها التحالف مع أميركا وإيران والصهيونية لغزو العراق واحتلاله وتدميره والاعتداء على قيادته الوطنية الشرعية بالقتل والاعتقال والتهجير القسري.

 

من حيث المبدأ لا يحق لنا أن نعتب على أنظمة امتنا التي ساهمت بذبح العراق ونظامه الوطني والعتب عند العرب يمتد بين كلمة تأبين أو شكر وثناء في مواضع الاستحقاق وصولا إلى مواقف مشهودة تتغنى بموقف العراق العربي القومي الحر الثائر الشريف على مدار العقود التي حكم بها البعث وقيادته التاريخية لان الأنظمة العربية في جلها قد تورطت بخيانة العراق وشعبه ووقعت على صكوك تدميره.... لكن العتب واللوم والتقريع واجب على من يدعون الثورية والمقاومة ويرفعون شعارات التحرير وعلى من يدعون أنهم أهل دين وملة تحرك خطواتهم السياسية وترسم نهجهم لان الوفاء والثناء وذكر محاسن الميت من خلق المسلم الحقيقي وإلا فان ثمة خدش أو علامة استفهام على إسلامه و/ أو ثوريته. الثوار الحقيقيون هم أوعية الحياة الطاهرة النقية التي لا تدنسها دسائس السياسة وألاعيبها الظلامية القذرة ولا تنحرف بهم عوامل الانتفاع والانتهازية أيا كان هدفها وانتماءها وإلا فهم ليسوا ثوار ولا مؤمنون بل مثلهم كمثل بعض ما يسمون بثوار الربيع العربي.

 

حماس بين الثورية والتأسلم والصفوية الفارسية:

كتب الباحث والمفكر العراقي القومي د. خليفة العيثاوي مقالا بعنوان ( تساؤلات ثورية : هل سيعقد الإخوان المسلمين صفقة القرن مع الصهاينة ؟؟  عام 2011) جاء من بين ما جاء به منقول حرفيا:

(( ولكن حين نقرأ تصريحات السيد عصام العريان وهو من قيادات الاخوان المسلمين التي تتصدر المشهد السياسي في مصر اليوم،

أقول حين نقرأ ماقاله هذا العريان للصحافة الامريكية علينا ان نتوقف لنعيد اتجاه البوصلة .

نعم ياسادتي ، ان العريان عبر عن أمله ودعوته للبرلمان المصري القادم ان يحترم الجوانب القانونية في اتفاقية كامب ديفيد .

هنا اسأل نفسي واسأل الشرفاء من أبناء امتي ونحن نعيش ذكرى مرور عام جديد على اعوام نكبتنا واحتلال فلسطين ،

 

أسأل العريان :

هل في جريمة احتلال ارض وتشريد شعب جوانب قانونية لتوجب علينا احترامها ؟؟؟

هل ان مهمة الثوريون تحليل المحرم ، وتدنيس المقدس ؟؟

إن أخطر ما نخشاه هو ان يتم اقحام فلسطين وترابها في إطار لعبة الفتاوى الشيطانية التي تعبر عن براغماتية يجيدها الاخوان المسلمين .

هل يريد الاخوان المسلمين هذه المرة ان يتاجروا بما تبقى من اراضي فلسطين لتكون إسرائيل اكثر شرعية وقبولاَ ، على اعتبار إنها تحظى بمباركة الحاخامات المتأسلمين ،

اولئك الحاخامات والوعاظ ، الذين يجيدون فنون التلاعب بالايات وتزوير الاحاديث لتمنح البغاة والامريكان وبني صهيون شرعية ، عجز الحكام الخونة السابقين من منحهم إياها .

إذا كان العريان وثلل المعممين من وعاظ السلاطين وفقهاء الحيض والنفاس ،

إذا كانت فيهم رغبة وشوق في أن يقدموا انفسهم للادارة الامريكية والصهيونية ، على إنهم معتدلون لترويج بضاعتهم ،

وتجميل وجوهم القبيحة المستقبحة ،

لتكون مقبولة امريكيا وصهيونيا ،

فلديهم الكثير ليساوموا عليه ، ومبروك عليهم استجداء رضا السيد الامريكي ،

ولكن فلسطين ليست مزادا للبازار السياسي ،

من يريد ان يبيع شرفه فليسقط في هاوية الرذيلة غير مأسوف عليه ،

ولكن فلسطين ليست للبيع ،

ولن يستطيع المتأسلمين المعتدلين ،

ان يبيعو ترابها ،

لان فلسطين اليوم لم تعد كما كانت مجرد ارض ، بل انها اصبحت تمثل لنا انهارا من الدماء سالت عبر عشرات السنين وتنتظر ان نثأر لها ، هي حلم مقدس لايملك السيد العريان واشباهه ان ينتزعوه من صدورنا وافئدتنا وأن يساوموا عليه بفتاويهم الشيطانية .

اخيرا اقول وبلا تردد :

انني اليوم اكثر خوفا على فلسطين والاسلام معاَ من هؤلاء الحاخامات المتأسلمين الجدد ))

 

وبوسعي التأكيد إن مقال الأخ العيثاوي قد نهل من حديث خاص أدلى به الرفيق الشهيد القائد الخالد صدام حسين في حوار خاص مع الشهيد طه ياسين رمضان والشهيد الحي طارق عزيز فك الله أسره هذا نصه:

السيد الرئيس القائد الشهيد الخالد قال حرفيا :           
إن الأمريكان والإسرائيليين لا يمكن أن يتوصلوا إلى تسوية نهائية مع أبو عمار 
ولهذا سوف يبحثون عن جهة قوية جديدة تحضي بشرعية قوية 
ولهذا سيجري نفخ حماس وإعطاءها هالة 
وبالتالي يمكن لحماس أن تتفاوض وتوقع على منح صك الشرعية للكيان الصهيوني وذلك لان الإخوان المسلمين بارعين في البراغماتية

ومن بين وثائق ديوان رئاسة جمهورية العراق ننقل لكم حرفيا هذه الوثيقة :

 

(( لازال ،، الإخوة القياديين في حماس ومنهم أسامة حمدان ،، وموسى مرزوق من الشهود ... في عام 1999 في مطلع نيسان زار العراق بشكل سري وفد من حماس وقد تم الطلب إليهم أن يفكوا ارتباطهم مع إيران وان العراق مستعد لتعويضهم بكل ما كانت تمنحه إيران .. قال لهم السيد الشهيد طه ياسين رمضان رحمه الله : كي لا تقولوا إنكم مجبرين على قبول دعم إيران بسبب موقف العرب ها نحن على استعداد لمنحكم الدعم المالي والإعلامي والعسكري دون مقابل ولكننا نتحفظ على علاقتكم المشبوهة مع إيران .... ولكن الوفد حين عاد إلى دمشق أعلنوا عن عدم موافقتهم ... بمعنى إن الإخوة في حماس ليسوا مجبرين على الوقوع في حضن ولاية الفقيه ولكنهم بسبب النظام السوري وجدوا أنفسهم في حضن إيران ... ....... وفي وقتها غضب الرفيق طه ياسين رمضان .... ولم يستقبل الوفد حين عادوا في السنة التالية وأتذكر إن الرفيق طاهر جليل الحبوش ترجى السيد النائب شخصيا لكي يستقبلهم ... ومع ذلك استقبلهم وجدد العرض عليهم .... وأتذكر إن الأخ اللواء رعد فؤاد اشترى صينية بقلاوة من محلات حلويات أبو عفيف وبعثها مع الوفد للمرحوم عبد العزيز الرنتيسي ...... يبدو إن قيادة حماس وليس قواعدها هي من وقعت في حبائل إيران ))

 

وتأسيسا على ما أوردناه أعلاه فإننا نرى في تصرفات حماس واندفاعها في التعاطي مع حكومة المنطقة الخضراء المنصبة من قبل أميركا وإيران والصهيونية وتقوم بحمايتها هو خيار اختارته قيادة حماس لنفسها ولم يفرض عليها إلا من جهة واحدة كاحتمال هي النظام السوري وان الخيار قد وقع قبل احتلال العراق بسنوات. وان اختيار حماس الوقوع في مخالب إيران واستقبالها لوفد من حكومة الاحتلال التي نصبتها وتحميها إيران وأميركا نراه يقع ضمن إستراتيجية وتكتيكات خدمة المخطط الصفوي الفارسي ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف أولا إلى إلغاء حق الفلسطينيين في العودة إلى بلدهم وديارهم ويقيم السدود حول الكيان الصهيوني لحمايته والإقرار به كدولة شرعية وهو ما يتعارض مع حقوق الأمة العربية وشعب فلسطين.

 

فلسطين ليست قضية حماس ولا فتح ولا جبهة التحرير ولا سواها فقط، بل هي قضية الأمة والشعب العربي برمته. ومن يلعب بثوابتها فلن تحميه شرعيات دينية أو أثنية أو حزبية مفترضه ولن يكون لحكومة الخيانة والعمالة في بغداد ولا لحكومات الإسلام السياسي الأخرى حق اجتثاث وحدة الأمة وإنهاء قضيتها المركزية فلسطين من البحر إلى النهر طال الزمن أم قصر ومهما ظن أهل الأجندات القاصرة إن المد الآني قد رفعهم إلى مصاف غير وصفهم الحقيقي وهو الوصف المبني على وهم الفسيفساء عندما يظن انه ليس مجرد طائر لا يقدر على الطيران، بل أن أجنحته قادرة على تغطية أجزاء المعمورة. نحن نرفض كعرب قبول موقف حماس الأخير الذي صرح به السيد خالد مشعل عن استعداد حماس للقبول بدولة في الضفة والقطاع لأننا نؤمن بتحرير فلسطين : كل فلسطين .

 

 

 





الاحد ١٨ محرم ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة