شبكة ذي قار
عـاجـل










الأوضاع السياسية المرتبكة التي يمر بها العراق منذ وقوع الغزو والاحتلال وما نتج عنه من آلية سمية بالعملية السياسية يراد منها تفتيت البنية الاجتماعية وتقسيم العراق إلى كانتونات متناحرة ارتكازها طائفي وتعصب قومي شوفيني ، وهذا لم يكن وليد لحظت وقوع الغزو عام 2003 بل هو بحد ذاته الأهداف الإستراتيجية التي زرعت من اجلها الأحزاب والتيارات والحركات ذات الفكر الديني المسيس التي تنظر إلى الفكر القومي الثوري وعملية التغيير المتجسدة بالمشروع القومي النهضوي حالة لابد من وئدها وحرمان الأمة العربية من نتائجها التي تمكنها من الاقتدار على المواجهة والتصدي واسترجاع الحقوق المسلوبة ، وشهدت الساحة العراقية أنواع من التهميش والحرمان والتهجير والقتل على الهوية بل وصل الحال على الاسم المكنى به المغدورين الأبرياء وتصفيات جسدية للضباط العراقيين الذين كان لهم الدور المميز في التصدي للعدوان ألصفوي الذي شنه ملالي قم وطهران وكان فعلهم هذا هو في حقيقته المراحل الأولية لما لحقها من استعدادات الغزو والاحتلال وقيام بعملية التزوير للتأريخ والوقائع من خلال استهداف الشاخص التاريخي للعراق ، وهناك حكمة يؤمن بها علماء الاجتماع والباحثين السياسيين يمكن الاستدلال من خلالها على جذور السلوك ألهالكي الذي تمارسه حكومة الاحتلال الخامسة مع الشعب من اجل حرمانه من كل الحقوق التي نصت عليها الشرائع السماوية والوضعية (( ليس للطغيان صورة واحدة فمتى استغلت السلطة لإرهاق الشعب وإفقاره تحولت إلى طغيان أياً كانت صورته )) فالطغيان هو صورة يتقمصها الطغاة والمستبدين ويستمدوه من ورود الاستبداد في المجتمعات وبالتالي يكون للاستبداد الدور الأكبر لممارسة الطغاة طغيانهم على المجتمعات حيث يوفر البيئة الكاملة ألطغاة لطغيانهم وهنا نجد مجالس الإسناد التي شكلها ألهالكي لتكون منبر التدليس والدجل والضلالة لإعطاء أفعاله الإجرامية بحق الشعب والوطن الشرعية من خلال الشعارات والهتافات التي يرددونها بتوجيه من حزب الدعوة العميل وفعل المال السحت الحرام الذي يقوم ألهالكي بتوزيعه عليهم شراء" لذممهم وضمائرهم وكما جرى اليوم 12 كانون الثاني 2013 في ساحة التحرير ببغداد والرعاع الذين تم نقلهم من محافظات الفرات الأوسط بالحافلات كي يرقصوا بعقلهم مع كل الأسف متناسين أنهم رجال وأنهم أبناء الرجال الذين هزموا أبو ناجي بالفالة والمكوار وأقول لهؤلاء خسئتم لخيانتكم الوطن والشعب واستجبتم لمن هو ضالع حتى النخاع في الخيانة والعمالة والطغيان وعدم المبالاة بحق الشعب ، ونقف أمام مقولة الفيلسوف أفلاطون (( من يقتل الناس ظلماً وعدواناً ويلغ بلسان وفم دنسين بدماء أهله ويشردهم ويقتلهم فمن المحتم أن ينتهي به الأمر إلى أن يصبح طاغية ويتحول إلى ذئب )) ، ومن هنا وبمنطلق الفيلسوف أفلاطون ومن تجربته المباشرة مع الطغاة وذلك لأن شخصية ديونسيوس ( الذي يعكس سلوكيته ألهالكي القريضي ) كانت شهيرة وبارزة في عالم أفلاطون من ناحية ولاية هذه الشخصية ومن ناحية أخرى هي التي أثرت في تكوين آراء الفلاسفة عن الطغيان خلال القرن الرابع قبل الميلاد ، ومن هنا لم يكن أفلاطون صاحب أول نظرية فلسفية حول الطغيان السياسي فحسب بل كان كذلك أول فيلسوف يلتقي بالطاغية وجهاً لوجه ويخبره بنفسه خبرة عملية قبل أن يضع فيه نظريته الفلسفية كما أنه خبر عن طغيان العامة أو ما يسميه هو بالنظام الديمقراطي ويسميه الأخيار والأحرار والمطالبين بحقهم المسلوب وهم الشعب العراقي الحي بالفوضوية أو الديماجوجية والدجل والتضليل ، وليس الديمقراطية الحقة التي يجد المحروم والمظلوم والمستضعف حقه كاملا" هي السائدة كما يروج إعلام الفئة الباغية المتسلطة على رقاب الشعب العراقي وأسيادهم الذي جاؤا بهم عن تنفيذ جريمتهم بغزو واحتلال العراق فالديمقراطية اليونانية التي عاصرها أفلاطون هي التي حكمت على استاذه سقراط بالموت عام 399 ق.م فهو من هذه الزاوية أيضاً يتحدث عن نوعين من الطغيان السياسي خبرهما بنفسه ويقول ديورانت عن هذا الطاغية (( إنه كان رجلاً واسع الثقافة وكان شاعراً )) والسؤال لماذا أرسل هذا الطاغية على الفيلسوف أفلاطون ؟ والإجابة على الأرجح أن الطغاة كانوا على مدار التاريخ يفاخرون بوجود الفلاسفة والعلماء والشعراء والأدباء في بلاطهم ذلك لأن الطغاة يعرفون بصفة عامة أنهم لن ينالوا الشهرة إلا على يد هؤلاء وعاظ السلاطين المنافقين الأفاقين

 

إن أسوء النظم جميعاً وأشدها فساداً ألا وهو الطغيان فكيف صنف أفلاطون هذه النظم ؟

 

1- النظام الارستقراطي : وهو أفضل أنواع الحكم لدى أفلاطون وهو حكم القلة الفاضلة ويتجه نحو الخير مباشرة ومن ثم فهو نظام الحكم الصادق .

 

2- الحكم التيموقراطي: وهو الحكم الذي يسوده طابع الطموح من محبي الشرف أو الطامحين إلى المجد الذين تكون وجهتهم السمو والتفوق والغلبة

 

3- الحكم الاوليجاري : وهو حكومة القلة الغنية حيث يكون للثروة مكانة رفيعة

 

4- الديمقراطية : التي هي حكم الشعب حيث تقدر الحرية تقديراً عالياً

 

5- حكومة الطغيان : وهي حكومة الفرد الظالم الذي يتشبث بما لا يؤمن به هو حقا"ويتخذ من المسميات واجهة لسلطته للخداع والتمرير ، وهذا هو الذي يجري في العراق اليوم يدعي ألهالكي بالدستور وهو أول من اخترق أحكامه وعمل على انتقاء ما يرغب ويريد واتخذ من القانون مسمى لكيانه وهو من لا يؤمن بالقانون ولا يتقيد بأحكامه بل اخترق مؤسساته كي يكمم أفواه معارضيه أو المختلفين معه على الأسبقيات ، أو الحكم الجائر حيث يسود الظلم الكامل بغير خجل أو حياء وهذا الترتيب الذي نذكره لدى أفلاطون إنما هو ترتيب تاريخي وما نزال نعيش كيفياته في الواقع المعاصر وخير مثال واقع الحال العراقي كما قلت والتفرد الذي يتميز به ألهالكي من اجل التأسيس لمرحلة يؤمن بها هو وحزبه العميل من حيث احتواء كافة الأحزاب والتيارات والحركات الإسلامية بالترغيب والترهيب ، وجعل القوى العلمانية التي تعمل معه مستسلمة لإرادته من خلال تكميم أفواه قياداتها بالملفات الملفقة التي عمل بكل إمكاناته وبدعم ومعونة نظام الملا لي في إيران والدور ألمخابراتي المميز الذي يقوم به فيلق القدس الإيراني ، وما نشر على الشبكات المقاومة من معلومات مفصله وصور لبعض المخابرات الرسمية الجارية فيما بين ألهالكي والسفير الإيراني في بغداد عام 2007 بشأن إعداد الملفات التي يراد تلفيقها بحق من يراد إنهاء دوره ونشاطه المعارض لخير دليل وحجة دامغة لعمالة الحكومة الهالكية وطغيانه واستبداده ،

 

وأن حالات الفوضى السائدة في تطبيق القانون والتوسع في دائرة الفساد والإفساد هي المتسبب الرئيس لظهور حالات الطغيان في البلاد الذي يولد بدوره الطغيان السادي الذي يعانيه الشعب اليوم لان برك الدم وازدياد عدد الأرامل والثكلى والأيتام والمفقودين والعقاب الجماعي ...... الخ ما هي إلا إفرازات هذا الطغيان من اجل البقاء وتشبثا" بالسلطة ، وهنا يتبادر للذهن سؤالا" ( ألا يمكن أن تكون هناك حكومة مركزية ديمقراطية ؟ ) والجواب نعم يمكن ذلك ولكن بعد أن تحاط هذه الحكومة ببرلمان يحدد صلاحياتها ، وبنظام انتخابي محكم ويغلق الأبواب أمام المزورين ، ولا تحتكر السلطة من قبل شخص حاكم ، وان تحدد ولايته ، وبحركة ديمقراطية حقه تتم عملية إقالة الحكومة حال ظهور علامات الاستبداد أو التفرد في البلاد ، إن صورة الاستبداد السياسي التي ناقشناها بداية المقال وعلاقتها بالحاضر الحي علاقة مهمة جداً ولها مدياتها التاريخية وأكبر دليل على ذلك هو أن الطغيان المتفشي في العراق والمتمثل بشخص الحاكم لهو أكبر دليل على ما نقول ومصادرته الحريات كافة وإن من يعارضه سيلقى به في التهلكة ويقتله بأبشع الطرق إذن الحرية هي المطلب الأساسي والكبير للتخلص من مفاهيم الاستبداد ومن صور الحكم الطغيانية ولكن هل الحرية شيء لا حدود له ؟ ، ونحن هنا لسنا بصدد أن نضع رموزاً للحريات وطرق وجودها داخل المجتمع ولكن أن مبادئ الحرية الحقة إذا أردنا لها أن تنشأ داخل المجتمع علينا أن نحددها ضمن ضوابط أولها لغة الحوار في المفهوم المؤسساتي الإنساني ، وقوانين صارمة تحد من التجاوزات عليها وقد رأينا في بداية البحث عند التكلم حول مفاهيم الطاغية لدى أفلاطون أن الحريات التي كان يتحكم بها الطغاة في مصائر الشعوب هي التي ولدت الفوضوية الطاغية لدى الحكام والعكس صحيح أي أن استخدام الحريات المفرطة من قبل الشعوب وعدم تحديدها بالقوانين الصارمة يجعل الأمة ترزح تحت حكم الطغاة بحجة ضبط القانون وتنظيمه بصورة مطلقة مما يؤدي إلى تفشي الطغيان في الأمة ، ومن اجل البقاء بإطار التوحد والوحدة لابد من ممارسة الدور الرقابي الجماهيري لردع الطغاة والمستبدين وهذا يوكل للنخب المثقفة الواعية المنصهرة ببودقة المواطنة الصالحة الواعية

 

 

ألله أكبر    ألله أكبر    ألله أكبر

وليخسأ الخاسئون

 

 





السبت ٣٠ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عــبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة