شبكة ذي قار
عـاجـل










المتتبع لكتابات البروفسور الأمريكي نعوم تشو مسكي يجد تفاصيل ذلك في العديد من كتبه لاسيما (( الهيمنة أم البقاء )) حيث يغني ألقارئي بمشاهد الدمار الجماعي الذي ألحقته تركيا بأكرادها تحت مظلة وحماية الأمريكان ، وحصيلة الأمر وجراء العمل العسكري الطويل كان أن تمركزت قوات الدفاع الشعبي ( الكري لا ) العائدة لحزب العمال الكردستاني في جزء من شمال العراق ( منطقة جبال قنديل ) ، الأمر الذي يدفع تركيا حاليا للتدخل في الشأن العراقي تحت ذريعة ملاحقة هذه القوات دون أن تخفي مشاعرها وأطماعها القديمة في العراق خاصة في كركوك والموصل ، فلطالما صرحت باجتياح شمالي العراق بشكل يخالف المعاهدات الدولية وحقوق الجوار ، لقد أكدت في بداية القول إن الاستقلال السياسي يظل أهم مقومات نجاح التجربة الديمقراطية وان أي مظهر ضعف باتجاه تحقيق مطالب الطمع المجاورة يشكل ثلمه وخرقا لاستقلالنا الوطني ، لقد طالبت تركيا بغلق بعض المؤسسات المدنية العراقية العاملة في مجال الثقافة والفكر بحجة إنها مكاتب لحزب العمال الكردستاني في العراق ولغرض إيجاد نافذة تطل من خلالها حكومة الاحتلال على العالم الخارجي وتسويق ذاتها بأنها الحكومة العراقية الشرعية تم فعلا غلق مؤسسة أوجلان للثقافة والبحث العلمي ، دون أن تستوضح حقيقة الأمر ولم تفتح باب الحوار مع كادر المؤسسة المدنية والعراقية الخالصة واكتفت باتهامات الجانب التركي لها الذي أطلق اتهاماته من موقع قوة إذ كان يتفاوض وقتها حول توريد مشتقات النفط إلى العراق وكان شرطه الأولي على هذه المؤسسة ، وعند الوقوف أمام هكذا إجراءات وتعامل دبلوماسي يظهر جليا المواقف الارتجالية التي لا ترتكز على الأفق الأوسع والرؤية المستقلة والاهتمام بالمصلحة الوطنية البحتة ،الفكر والثقافة ممارستان تكفلهما الدساتير العراقي وتدافع عنهما ، وأوصت بقدسيتهما وكذلك تعمل دساتير الأرض كافة أما المشكل الأخطر الآن في إطار تطبيق الديمقراطية ، خاصة وان العالم الآن يعيش القرية الكونية الواحدة في ظل التطور التكنولوجي وانعكاسات نظرية العولمة وما طرحته من مفاهيم جديدة رســـمها من يمتلكون القوة وأعطوها أبعادا عالمية بغية تطبيق النموذج الغربي ، ويتمثل ذلك في تكييف أمريكا والغرب بصفة عامة لمفهوم الديمقراطية بالطريقة التي تؤدي إلى تبعية كل نظام حكم يطبق ذلك لهم ، لهذا نجدهم يطرحون موضوعا جديدا هو ( الإصلاح الديمقراطي ) ، وتحت ضغوط القوة وليس التوجه الإيديولوجي أو الاقتناع الفكري أو ما تقتضيه عناصر تكوين نظام الحكم ، نجد أن كل الأنظمة السياسية في العالم التي لا تتلاءم وتوجهات أمريكا والغرب تقع تحت طائلة هذا الطرح ، فتصبح تلك النظم ، حتى وان كانت ديمقراطية ، تحتاج إلى إصلاح ديمقراطي ولخير مثال نطرحه ألان الربيع العربي وإفرازاته الأنظمة التي هي لحد ألان تحتاج إلى الشرعية الشعبية لأنها وليدة القفز على الثورة الاصيله التي فجرها مظلو مي الشعب العربي في الأقطار التي شهدت الربيع والتغيير ،

 

وما الحراك المصري والتونسي واليمني والليبي إلا الرد الميداني على الدعوات التي سوقها الغرب وأمريكا بشأن إشاعة الحرية والديمقراطية بدلا من الأنظمة الشمولية والدكتاتورية ، حيث أفرزت الساحة النقيض من خلال تسلط التيارات الدينية السلفية التي باشرت بمصادرة حق الشعب وعملت على تركيز هيمنتها الفعلية وان الحراك المصري والتونسي والدعوات التي تطرحها التيارات والحركات الليبية خير داله على النتائج والمحصلات النهائية ، يقتضي الأمر هنا المرور ولو بعجالة على الجذور التاريخية الفكرية للمفهوم العام لمصطلح ديمقراطية كي نعرف كيفية تكوّنه ومدلولاته ، ومن ثم نخلص إلى مفهوم الإصلاح الديمقراطي الذي برز في ظل العولمة وتأثيراته على الممارسة الفعلية للديمقراطية ، أن مصطلح ( الديمقراطية ) إغريقي الأصل ، وهو مكون من مقطعين هما ( ديموس ) ومعناها الشعب ، ( كراتس ) ومعناها السلطة ، وبذلك فإن الديمقراطية تعني حكم الشعب أو سلطة الشعب ، ويؤكد هذا على أن فكرة الديمقراطية هي فكرة قديمة ، عرفها الفلاسفة منذ القدم ، فقد أشار إفلاطون إلى أن مصدر السيادة هو الإرادة المتحدة للمدينة ، وقد ظهر النظام الديمقراطي في المدن الإغريقية القديمة خاصة ( مدينة أثينا ) ، وقد لاحظ أرسـطو في هذه المدينة ، أن أعضاء ( الجمعية العامة للشعب ) التي كانت بيدها السلطة الفعلية ، يلتقون حول واحد منهم ، وكان لا يحق إلا للرجال الأحرار حضور جلسات الجمعية العامة ، ويعني ذلك أنه ليس من حق العبيد والأجانب والمرأة حضور جلسات الجمعية العامة ، وعلى الرغم من أن ذلك يعد قصور منهجي في تطبيق فكرة الديمقراطية ، حسب مقاييس العصر الحاضر ، إلا أن الجهد الإغريقي في هذا المجال يعد رائداً للفكر الديمقراطي ، رغم أن البعض يعده نظاماً أرستقراطيا في حقيقته لإسناده السلطة لطبقة الأحرار فقط ، وتشير المعاجم إلى أن الديمقراطية نظام اجتماعي يؤكد قيمة الفرد وكرامة الشخصية الإنسانية ، ويقوم على أساس مشاركة أعضاء الجماعة في إدارة شئونها والديمقراطية السياسية هي أن يحكم الناس أنفسهم على أساس من الحرية والمساواة ، لا تمييز بين الأفراد بسبب الأصل أو الجنس أو الدين أو اللغة ، كما يشير الفقه الدستوري إلى أن معالم المبدأ الديمقراطي ، لم تتضح إلا بعد أن اتخذ بعض الكتّاب منه سلاحاً ضد الملكية المطلقة بغية تقييدها والحد من سلطانها ، وبغية هدم النظريات الثيوقراطية التي كان يتذرع بها الملوك آنذاك في تشييد سلطانهم ، على أن فكرة الديمقراطية لم يقدّر لها أن تكون مبدءاً وضعياً للحكم إلا بفضل الثورة الفرنسية ، التي هيأت لها المناخ المناسب للتطبيق بعد أن كانت مبدءاً نظرياً بحتاً في عقول المفكرين وفي مؤلفاتهم ، فقد حرص رجال الثورة الفرنسية على النص في إعلان الحقوق الصادر عام 1789م ، (( على أن الأمة هي مصدر السلطات ، بحيث لا يجوز لفرد أو لهيئة ممارسة السلطة إلا على اعتبار أنها صادرة منها ، وأن القانون هو التعبير عن الإرادة العامة للأمة )) ، وإذا كانت الديمقراطية تعني حكم الشعب لنفسه أو إسناد السلطة إلى الشعب ، فإن جمهور الفقه متفق على أن الأخذ بالديمقراطية ليس غاية في حد ذاتها ، بل وسيلة لتحقيق غاية وهي الحرية والمساواة السياسية ، أي العدالة الاجتماعية ببعدها الإنساني ومن هنا يطرح السؤال أين حكومة ألهالكي من هذا المفهوم والرؤية الديمقراطية بممارساتها وتعاملها مع الشركاء والذين هم مجتمعا" نتاج ما يسمى بالعملية السياسية

 

يتبع بالحلقة الرابعة

 

 





السبت ٧ ربيع الاول ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة