شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ اندلاع حركة الاحتجاجات الشعبية قبل ثلاثة اسابيع والسلطات العراقية تتعامل معها بريبة وقلق وكأن المحتجون يسعون لتقويضها وماصدر عن رموزها يعكس هذا القلق الذي يندرج في اطار استباقها لخواتيم الحراك الشعبي خصوصا ان مطالب المتظاهرين عبرت عن حال الغضب الشعبي ومشاغله بالامن والاستقرار ورفع الغبن والظلم عن قطاعات كبيرة من العراقيين .


وعندما نرصد ردود افعال القائمين على العملية السياسية نستطيع القول انها كانت اسيرة مواقف مسبقة تتحسب لتداعيات الحراك الشعبي .


فبدلا من الاستجابة للمطالب المشروعة التي اعلنها المعتصمون تصرفت الحكومة وكأن تلك المطالب تمس جوهر سلطانها وتهدد كيانها من شدة قوتها وامتدادها لتشمل ست محافظات تناغمت معها محافظات اخرى ماوضع مطالب المتظاهرين في صدارة المشهد السياسي .


ومازاد من تخبط القائمين على العملية السياسية ان الحراك الشعبي تخطى حاجز الطائفية واسقط المزاعم التي ارادت ان تضعه في هذا الاطار لتسهيل مهمة الاجهاز عليه ومحاصرته .


والاجراءات الخجولة والمترددة التي استجابت لبعض مطالب المحتجين عكست عدم جدية السلطات وتهربها من الاستحقاق الوطني الذي ينبغي ان تذعن له لانه المخرج الذي يؤدي للحل وليس الاجراءات المبتسرة التي لاتلبي مشاغل المحتجين .


ان الحراك الشعبي ياخذ يوما بعد اخر منحا واضحا وجديدا نظرا لاتساع دائرته وامتداداته وارتفاع سقف مطالبه الذي سيضع الحكومة والبرلمان امام المشهد الجديد الذي شكله وحدد مساراته المشاركين بالاعتصامات .


فالحراك الشعبي الذي يصفه المشاركون بانه انتفاضة شعبية خالصة مجردة من الاعيب السياسيين والنعرات الطائفية كان ردة فعل استوعبت حاجات وتطلعات الجماهير الرافضة للفساد والاخفاق الحكومي في شتى الميادين وقبل ذلك رفض الاسس الطائفية التي قام عليها نظام الحكم الذي اعقب الاحتلال وماسببه من ابعاد وتهميش قطاعات مهمة من العراقيين الذين حرموا من حقوقهم المشروعة في العيش الكريم .


وتجربة السنوات العشر التي اعقبت الاحتلال وفشل الطبقة السياسية التي تنتقل من ازمة الى ازمة انعكست سلبا على حياة العراقيين وضعهم في خانق لايمكن الخروج منه .


وعندما تغيب عن سلطة الحكم هذه الحقائق وتداعياتها على العراق برمته فانها تتصرف بطريقة احادية وكانها امام تظاهرات مطلبية سرعان ما تتقلص و تتلاشى بمرور الزمن من غير ان تدرك ان انتفاضة العراقيين على الظلم والفساد والطائفية والمتمترسين خلفها ستتصاعد ولن تتوقف حتى تصحيح المسار واعادة التوازن في الحياة السياسية والغاء الاجراءات الاجتثاثية والاقصائية والقوانين الاحتلالية التي حولت العراق الى بلد فاشل مسلوب ومرتهن الارادة وهذا مايسعى الحراك الشعبي لتحقيقه .


ومهما حاولوا تفريغ الحراك من محتواه وجوهره الوطني العابر للطائفية والعرقية فانهم سيواجهون تصميما وارادة لاتلين بالتمسك بالثوابت الوطنية التي ارتكز عليها المحتجون وحتى يستعيد العراق عافيته ومنعته وقدرته في تقرير مصيره من دون الغاء او اقصاء احد في دولة تستند الى مبدأ المواطنة التي يحكمها القانون ويتساوى فيها الجميع .


فهل يدرك القائمون على الحكم بالعراق هذه الحقائق ام انهم سيتصرفون مع هذه الحقائق كما تعاملوا مع حركة الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت مطلع العام 2011 من غير ان يدركوا ان مايواجهونه الان بداية للتغيير الذي سينقل العراق من حال الى حال ويتخلص ادران واورام وامراض السنوات العجاف التي دمرت العراق ومازال يعاني من تبعاتها السياسية والاقتصادية والامنية والحياتية .

 

 

 





السبت ٧ ربيع الاول ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحمد صبري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة