شبكة ذي قار
عـاجـل










إذن فإن مقولة الإصلاح الديمقراطي أصبحت في هذا العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كلمة حق يراد بها باطل ، مثلها في ذلك مثل مقولة الشرق الأوسط الكبير ـ والتي نرى بأنها ستعدّل إلى مقولة أخرى وهي الشرق الأوسط الجديد بناء على التوجهات التي جاءت على لسان وزيرة خارجية أمريكا الأسبق ( كونداليزا رايس ) في مداخلاتها بخصوص عدوان الكيان الصهيوني على لبنان حيث أن كل المتتبعين لتطورات الأحداث السياسية يعرفون جيداً أن الشعوب جميعها تريد إصلاحاً ديمقراطياً داخل دولها وأنظمة الحكم فيها ، لتمارس حقوقها الطبيعية في السيادة والسلطة ، إلا أن ذلك الذي تريده ليس على الطريقة الأمريكية ، حيث إن تفسير تلك الشعوب للإصلاح الديمقراطي الذي تريده أمريكا والغرب بأنه لا يعدو كونه مزيداً من خنوع وتبعية أنظمة الحكم لهم  والإمعان في الحرمان والتهميش  بل التنكر لأبسط الحقوق ألا وهي العيش بأمن وأمان ، ومن هنا  وانطلاقا" من المعنى الحقيقي للعولمة من حيث الانتماء بلا هوية كان ارتكاز نظرية الفوضى الخلاقة  التي يراد منها  بعثرة كل الأشياء ليكون الشعب في دوامة الصراعات التي لم تكن في يوم من الأيام هي فيصل العلاقة والتعامل  ، ومن هنا كان ما يسمى بالربيع العربي وحقيقته إعطاء الدور إلى التيارات الإسلامية  المتوافقة مع تطلعات أعداء الأمة والدين  من اجل أن يكون لها موطئ قدم في البلدان التي شهدتها وصولا إلى التخريب المتعمد ، وها نحن نرى ونسمع ما يطرح في ارض الكنانة وليبيا  واليمن وتونس عندما تسلق المتطفلون  برج إرادة الشعب بدعم وإسناد النظام الغربي  بزعامة  راعية الإرهاب الدولي أمريكا  وما سبقهم في العراق عندما تحالف الإسلاميون المزيفون مع نصارى يهود كي يغزى العراق ويحتل وتنهى الدولة بمؤسساتها ، إن الديمقراطية الحقيقية هي أن يمارس كل الشعب السلطة والسيادة ، وأن يسيطر بشكل كلي على ثرواته ويمتلكها بطريقة تجعل كل أفراد الشعب يستفيدون منها بشكل متساوي وبقدر الجهد الحقيقي لكل واحد منهم ، كما أن مفهوم الديمقراطية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهومي الحرية والعدالة والمساواة ، فلا ديمقراطية لأي شعب يكون التهميش والاجتثاث والإقصاء ، ومكبّل بالقيود المادة 4 إرهاب  وقانون المسألة واللاعدالة ومحروم من حريته وما كفلته له الشرائع السماوية والقوانين الوضعية من حقوق للإنسان يجب أن يتمتع بها دون تدخل من أي طرف وبأية حجة ، كما أن الديمقراطية تقترن بالعدالة في كل شيء ، فلا تمييز بين فرد وآخر داخل أي مجتمع من المجتمعات ، إلا بقدر ما يقدمه ذلك الفرد للآخرين ، حيث يقول علماء الاجتماع بأن (( كل فرد في المجتمع يساهم من خلال مكانته الاجتماعية ودوره الذي يقوم به بناء على تلك المكانة ، في تلبية وظيفة معينة يقوم بها خدمة للمجتمع  )) ،

 

أي بمعنى أخر إن هذه النتائج لابد أن تصل إلى تحسين حال الفرد داخل المجتمع ، يقول الباحث في مفهوم الديمقراطية سيدني هوك )) أن الديمقراطية سبيل وطريق لاتخاذ القرارات ، إنها ليست نقطة الاهتمام ، بل إن المحك الهام في رأيه هو ما إذا كان الشعب له الحق عن طريق الأغلبية في الاختيار ، أي اختيار الحياة التي يبتغيها للإصلاح الديمقراطي )) ، عندما نذكر الإصلاح الديمقراطي يبرز في مخيلتنا وجود خلل معين في نظام الحكم جعله لا يعمل بشكل جيد مما يستدعي الإصلاح لمؤسسات الدولة بطريقة تكفل الحرية والعدل والمساواة لجماهير الشعب صاحبة المصلحة الحقيقية في الاستفادة من خيرات البلاد وممارسة السلطة والسيادة دون إنابة أو وساطة ، فكلما كان نظام الحكم عاجز عن تقديم هذه المنجزات للشعب فإن ذلك يعد مؤشراً دالاً على عجز ما ، إما في النظم أو الأدوات التي تعتمدها الدولة في ممارسة الحكم ، وأكد ذلك على ضرورة التدخل الإصلاحي الذي يعيد الأمور إلى واقعها الطبيعي وعندما نلقي النظرة التحليلية للواقع العراقي  الحالي نجد إن  الخلل الحقيقي في الأدوات التي يسمونها العملية السياسية  واللاعبين الأساسيين فيها  الذين يفتقرون لروح المواطنة ألحقه  والارتباط الحقيقي بالشعب  والابتعاد عن  زوايا الظلام التي أرادها الأعداء لتكون نقطة الانطلاق ، إن الإصلاح الديمقراطي الحقيقي شيء مطلوب ومرغوب ، والشعوب الآن وفي هذا العصر بالذات ، عصر التقدم العلمي والتطور التكنولوجي  عصر المعلوماتية والاتصالات ، قد أصبح أكثر إطلاعاً وأوسع أفقاً ، وعلى علم بكل ما يجري في العالم من أحداث ، وبالتالي أكثر معرفة بواجباته وأكثر مطالبة بحقوقه ، لذلك فإنه لا يقبل بأقل من أن يأخذ حقوقه كاملة غير منقوصة  في ممارسة السلطة ، وأن تكون بيده كل مقدرات القوة ، فالديمقراطية بالنسبة للشعوب الآن لم تعد فقط أسلوب حكم ، بل ممارسة سلوكية وطريقة حياة ، لذلك فإننا نلاحظ اليوم على امتداد الساحة العالمية كل أنواع الرفض السياسي  من مظاهرات واعتصام وعصيان مدني ، ما يدل على أن الشعوب تريد الإصلاح الديمقراطي الحقيقي الذي هو بكل بساطة نابع منها ومن احتياجاتها الحقيقية وليس مفروضاً من أي جهة خارجية ، لأن الإصلاح في هذه الحالة الأخيرة لا يخدم مصالح الشعوب بقدر ما يخدم مصالح الجهة التي فرضته والوصول إلى طريق التحول الديمقراطي الحقيقي الذي نجد أنفسنا بحاجة ماسة إلى تطبيقه في بلادنا ، ونبذ أساليب البوليسية والإقصاء والتهميش سيما لدور مؤسسات الفكر والثقافة والمجتمع المدني ، ومن خلال هذه الرؤية كانت الوقفة الشجاعة لأبناء العراق في ساحات العزة والكرامة والأحرار  وميادين الحق  بمطالب محدده  تنم عن المعنى الحقيقي للإصلاح بل التغيير والجذري لما شاب الحياة العراقية بفعل الغرباء وأسيادهم ، ونظرا" لحقيقة الفاعلين بما يسمى بالعملية السياسية  كان رفض الجماهير لهم ومنعهم من مخاطبة الجموع في ساحات الثبات والإثبات لان الشعب أراد الحياة الحرة الكريمة ولابد للقيود التي فرضها الغزاة المحتلين وأذنابهم أن تنكسر لأنهم لا يمثلونها بل هم الخارجين على إرادتها وحقوقها

 

 

يتبع بالحلقة الأخيرة

 

 





الاحد ١٥ ربيع الاول ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عــبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة