شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يتخل احمدي نجاد ووفده عن وقاحتهم وهم يطلبون ود شيخ الأزهر في التحدث عن الوحدة الإسلامية وتمرير مغالطات تتحدث عن حسن نيات إيران ومرجعيات ولاية الفقيه في حفظ وحدة المسلمين ... الخ. ليخرج نجاد ووفده بغنيمة اعلامية .. ولو شكليا ببيان سياسي مشترك من مشيخة الأزهر لغرض الاستهلاك الإسلاموي المتمذهب في الإعلام الطائفي.


كانت فطنة شيوخ الأزهر حاضرة وقد عاجلته بحزمة من المطالب، بدءا بالكف عن استمرار التدخل الإيراني في الخليج، ومرورا بالمطالبة بوقف النزيف الدموي في سوريا ثم أعقبتها جملة من المطالبات الأخرى منها أحوال الوضع البحريني ومعاناة " أهل السنة والجماعة" في إيران وغيرها ...وباختصار شديد لخص شيخ الازهر احمد الطيب مطالبته لايران بالكف عن تبنيها وتغذيتها لما اسماه الازهريون " المد الشيعي في المنطقة"... ذلك ما ازعج الوفد الإيراني الذي حاول التنكر لبعض ما قاله ووعد به قبل لحظات في اجتماع الغرفة المغلقة في مشيخة الأزهر في لقاء شكلي وبروتوكولي بين الوفدين.


للأسف ان الوفد الإيراني، وبكل وقاحة ذهب إلى الأزهر مؤملا حصد نجاحات إعلامية له ، باعتباره وفدا ممثلا ، "حسب قناعته"، " لأكبر دولة شيعية في العالم" وهو يقابل شيخ الأزهر باعتباره " المؤسسة السنية الكبرى في العالم " وبهذا التقابل التمذهبي كرس الطرفان في خلال محادثاتهما السريعة والبروتوكولية وجهات نظر مرفوضة في قناعتنا الفكرية وفي مثل هذا التعامل السياسي بين الوفدين برؤيا طائفية سترفضها جماهير واسعة من ابناء امتنا العربية والإسلامية وخاصة تلك الداعية الى الوحدة ورفض الانقسام والتخندق الطائفي المختلق . عتبنا هنا نسجله على مؤسسة الأزهر، ونحن لا نشك بانتمائها العروبي واقترابها من مشاعر الشعب المصري الشقيق وهو يناصر انتفاضة شعب العراق. عتبنا على الازهريين انهم قدموا مطالب ذات طبيعة مذهبية شملت ساحات عربية عدة ذكرت بالاسم وهي : الخليج العربي والبحرين وسوريا وحتى جرى الحديث عن سُنة إيران... في حين خلت لغة المعاتبة والمطالبة الأزهرية ذكر العراق، وعندما تحاشت ذكر ساحة العراق وهي المنتفضة اليوم ضد الطائفية السياسية والتخندق المذهبي وهي التي تعاني من التدخل الإيراني السافر والملموس بدعم حكومة المالكي وتسليح وتجنيد المليشيات الطائفية وان إعلام إيران وحلفائها يستهدفون تصفية الانتفاضة العراقية الباسلة التي تجتاح مدن العراق من أقصاه إلى أقصاه.


لقد سبق لنا ان عبرنا في مقالات عديدة لنا رفضنا للطائفية بكل أشكالها وولاءاتها، ونرى أخطارها لازالت تفتت وحدة العراق . ونرى أيضا إن المنظار المذهبي والطائفي لمعالجة قضايا امتنا ، وهي تناضل من اجل الحرية ورفض الاحتلال واستعادة الاستقلال الوطني سيبقى دائما أحول ومصاب بعمى لا يرى الحرية والحقوق للشعوب إلا من خلال نظرة تفكيكية للحمة مجتمعاتنا باسم المذهب أو الطائفة. لا ننكر ان انتفاضة شعبنا الآن عربية المساحة وستلتحق بها ساحات أخرى كردية وتركمانية وفي نسيجها كل المذاهب الإسلامية. وهو ما تريده بقية انتفاضات شعبنا العراقي والعربي بالعودة إلى وحدة الساحات والمطالب من اجل استرجاع الحقوق كشعوب ومجتمعات ومواطنين.


لقد خرجت جموع شعبنا في ساحاتنا الوطنية هاتفة بمظاهراتها السلمية من اجل استرجاع حرياتها وعزتها وكرامتها الوطنية والقومية ومن اجل صيانة ما تبقى من استقلال بلدانها والمطالبة بعودة السلم المدني ومواصلة مسيرة البناء والتنمية؛ لكن مواقف النظام الإيراني وحلفائه تقف بالضد من مصالح وطموحات أبناء أمتنا وهاهم يتمادون في محاولاتهم حرف النضالات الوطنية في العراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين وغيرها من بلداننا العربية الثائرة. كما إننا نستنكر محاولات النظام الإيراني في استعداء جماهير واسعة من أبناء امتنا الإسلامية ضد إخوتهم ومواطنيهم باسم المظلوميات التاريخية وإثارة الأحقاد التي تجاوزها عصرنا، وهاهم يحاولون تحويل ساحات الانتفاضات والمظاهرات الشعبية، وحتى الثورات القائمة الى مواقع صدام وفتن وحروب أهلية تحت عناوين طائفية مرفوضة كليا.


زيارة محمود نجاد إلى الأزهر ومحاولته استصدار بيان سياسي مشترك مع مشيخة الأزهر ما هي إلا تكريس لحالة التمادي والغطرسة والاحتواء التي تنتهجه القيادة الإيرانية ومرجعية قم في تمييع المطالب الشعبية في ساحات الانتفاضات العربية المشتعلة في اغلب ساحات الوطن العربي.


لقد نُسي العراق شعبا ووطنا في لائحة مطالب مشيخة الأزهر التي البسها الشيخ احمد الطيب لبوساً مذهبيا ومطالب لغطرسة فارسية لم تسمع يوما النصح الإسلامي والعربي لها، وبإصدار بيان مشترك مع نجاد ووفده يكون الأزهر قد وضع في يد المحتال محمود نجاد ورقة يحلم بها بادعائه تمثيل مذهبي شامل "للعرب الشيعة والأعاجم معا" ، وهو تمثيل لا يستحقه، كما لايشرف من يحمل أسمائهم باسم المذهب؛ خاصة إن عرب العراق والأحواز هم الاولى اليوم بالتضامن والنصرة من إخوانهم عرب مصر ومرجعيتهم الأزهرية، ان الشعوب الإيرانية كلها تتطلع للنصرة والتضامن الاسلامي، وهم على حد سواء مثلنا يرزحون تحت مظالم الأنظمة الإستبدادية الحاكمة اليوم ببغداد وطهران ودمشق، معاناتهم واحدة مع الاستبداد، سواءاً كانو سنة أو شيعة، عربا أو فرسا وأكراد وآذريين وتركمان.


لنا عتب على مؤسسة الأزهر وهي تنساق واهمة وراء سراب الوعود الإيرانية باسم الوحدة الإسلامية وحوار المذاهب... الخ. وهي توقع بيانا مشتركا مع نجاد ووفده، وسرعان ما سيجف حبره ويُنسى وستتفكك المذهبية والمصالح الفارسية فقراته وترميها الى سلة المهملات في لجة تقاطعات مصالح السياسة الإيرانية وتوجهاتها الثابتة المبنية على إشتراط الإذلال والتبعية لولاية الفقيه ومحاولة فرضها على الغير بكل الوسائل. وما المؤتمر الصحفي المشترك البارحة إلا فبركة إعلامية فارسية على هامش قمة يأست منها الشعوب والامم الاسلامية وما كتب في البيان لا يلزم الرئيس الإيراني الذي عودنا كحكومته التنكر للمواثيق والعهود والغدر لجيران ايران كالعراق وأفغانستان.


المفارقة في نفس لحظات انعقاد المؤتمر الصحفي اعترض نجاد على كلمة شيخ الأزهر وقاطعه أمام كامرات التلفزة المحلية والعالمية، ومن دون خجل أو لياقة دبلوماسية أو حتى شرعية أو حتى اخلاقية هدد نجاد ووفده بالانسحاب من المؤتمر الصحفي وهنا يصبح الاتفاق والبيان المشترك لا غيا ولا قيمة له ولا يلزم أحدا .


مثل هذا التصرف الإيراني الفض سرعان ما مسحته نهائيا عن ذاكرة الجمهور المصري والعربي وحتى الإيراني تباشير ورود ألأخبار الإعلامية العاجلة ومواقع الانترنيت الناقلة من ساحة مسجد الحسين بالقاهرة عندما نقلت صور وخبر سقوط قذائف الأحذية المصرية من جمهور غاضب لتقع على رؤوس الوفد الإيراني، واستكملت وكالات الأنباء العالمية أخبارها اللاحقة عندما طالت الحجارة موكب سيارات المالكي وحمايته ووفد المضبعة الخضراء وأجبرتهم هو ونجاد كالجرذان ان يكونوا حبيسي غرف الفندق وقاعة المؤتمر.


كلمة أخيرة نقولها هنا من موقع صوت هيئة التنسيق المركزية لدعم انتفاضة الشعب العراقي، كنا ولا زلنا أحراراً بعروبتنا وبعراقيتنا الممتدة الى عمق التاريخ، وعندما وصلت الى العراق طلائع الفتح الإسلامي بقيادة الصحابي سعد بن أبي وقاص إلى ربوع العراق زادنا الإسلام قيما وإيمانا بتلك الحرية. وعلمتنا أيضا صروف الزمن وعواديه ومصائبه والتاريخ الطويل لنا مع جيراننا إن من لا يحترم العرب لا يمكن أن يحترم الإسلام بكل مذاهبه.


ومهما رفع النظام الإيراني من شعاراته ضد الاستكبار العالمي ومعاداة الغرب وإسرائيل والادعاء بدعم الممانعة والمقاومة فقد باتت تلك الرطانات ثرثرة فارغة ومن دون مضمون، وان ما يجري عمليا على ارض العراق خير شاهد ونحن نرى ما يجري من تخريب إيراني حقود يقف ضد طموحات شعبنا وحقه في الحرية، وهو ما يؤكد لنا إن كل ما نسمعه من ترهات بات شعارات مستهلكة تستهدف تخريب وحدة المسلمين والعرب خاصة، وتصطف مع الإرهاب والاحتلال ضد شعوبنا.


تحية لأهلنا وإخوتنا في قاهرة المعز انهم اجبروا بالأمس جرذان التمذهب الطائفي الفارسي من أعاجم وشعوبيين ملتحقين بهم ودفعهم على الاعتكاف في غرفهم بفنادق الضيافة المصرية الرسمية، في حين تمتعت بقية الوفود برؤية قاهرة المعز زاهرة رغم حالتها المضطربة الآن.

 

 





الخميس ٢٦ ربيع الاول ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / شبــاط / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة