شبكة ذي قار
عـاجـل










بحثت خلال اليومين الماضيين عن عنوان اخر غير الذي استخدمته هنا  فلم أجد أبلغ من هذا العنوان وأصدق . بل ان كثرة تفكيري بالعنوان جعلتني اتيقن ان هذا العنوان لا يعبر كما ينبغي عن ما يجيش به واقع العراق من ماس وجرائم وفساد تقوم به السلطة القائمة في المنطقة الخضراء تحت حماية اميركا وبادعاء باطل ضلل العالم طويلا هو انها سلطة منتخبه . فدعونا نعالج الامر بعلمية ومنطق وتجرد لنرى ان كان الوصف يفي بالغرض أم علينا أن نضيف له كل ما في قاموس السؤ والدونية والديوثية من مفردات.

 

تطورت انظمة الحكم في العالم عبر مخاض انساني عسير مؤلم حتى استقرت على معايير وثوابت من بين أهمها:

النجاح في تقديم الخدمات للشعب

تحقيق الامن العام والحفاظ على سيادة الدولة

تحقيق النمو المطلوب في الانتاج والاقتصاد

تحقيق نمو اقتصادي محسوب بدقة وعناية

 

وعادة ما تلتزم الاحزاب والقوى السياسية التي تتصدى للعملية الانتخابية الديمقراطية في الدول المؤمنة بالإنسان كقيمة عليا وكهدف مقدس في العمل السياسي وما يرتبط به بهذه الثوابت وتعبر عنها في برامجها الانتخابية . ومعروف ان البرلمان وضغط المعارضة المتواصل ووجود حكومة ظل جاهزة لاستلام السلطة في حال فشل الفائزين في الانتخابات عن البر بالتزاماتهم تلك تشكل كلها ضمانات عملية للعمل الجدي والنزيه لمن يستلم الحكومة مثلما تشكل مفاتيح مركزيه  لتحقيق النجاح ليس للدولة وسلطتها فقط بل وحتى للأحزاب المتصدية لإدارة السلطة لأنها تضبط ايقاعات الانجاز المطلوب وتمثل مرايا عاكسة ترى السلطة نفسها من خلالها.

 

هذا معناه ان الانتخابات ليست صك غفران مارتن لوثر لتامين الدخول الى الجنة والى ضمان الخلود فيها. بل ان البقاء  في السلطة مرهون بتنفيذ استحقاقات الدولة وشعبها . فالديمقراطية نظام شمولي وأخلاقي ومنفتح النهايات غير منغلق على الاضافات والتبديل الايجابي الذي تفرضه ارادة الوطن والشعب وضرورات نجاح السلطة في تنفيذ واجباتها .

 

اذا توقفنا عند هذا الايجاز وحاكمنا انتخابات اميركا وأدواتها السياسية التي اعتمدتها بعد غزو العراق واحتلاله وتفكيك مؤسسات الدولة الوطنية ونوع السلطة التي انجبتها من رحمها المتسرطن فماذا سنحصل :

 

الخدمات الاساسية التي يفترض ان تؤمنها الدولة للشعب معدومة بالكامل او شبه معدومة . ولو كانت اميركا جادة في تامين الاستقرار لمنتجها في العراق لما أحجمت عن اعادة هذه الخدمات للعراقيين رغم مرور عشر سنوات على احتلال البلد وضياع مليارات لا عد ولا حصر لها من الدولارات تحت بند اعادة الاعمار. بهذا المعنى فان الحكومة ( المنتخبة ) في المنطقة السوداء فاقدة للشرعية وأميركا الراعية للديمقراطية الايرانية في العراق لم تعر أي اهتمام لملايين العراقيين الذين يتظاهرون احتجاجا على انعدام الخدمات مع علمها ان هكذا تظاهرات لو قدر لها ان تحصل في أميركا لأدت الى انتخابات مبكرة وفي أوربا لأدت الى استلام حكومات الظل للسلطة فورا .أي ان اميركا ومن باب نافلة القول ليست ديمقراطية ولا تعنيها حقوق الانسان قط.

 

الامن مفقود في العراق تماما منذ بدأ الغزو والاحتلال . المليشيات التي أسسها الحاكم المدني الامريكي للعراق بول بريمر وهو موظف من الدرجة الثالثة أو الرابعة في دوائر متخصصة بالإرهاب في الخارجية الامريكية والمليشيات التي سمح بدخولها متسترة بغبار دبابات وعجلات الغزو مثل فيلق بدر الايراني وفرق موت الجلبي وحزب الدعوة الايرانية وحزب الله الايراني ومنظمة العمل الاسلامي الايرانية وغيرها هي من ينفذ التفجيرات الاجرامية وتفتل الناس في أحياء العراق وشوارعه وأسواقه ومؤسساته الرسميه لغرض ايصال العراقيين الى مواضع اليأس فيكفرون بوحدتهم الوطنية وينزعون ويتجهون الى تنفيذ مخطط اميركا وأعوانها والسياسيين الذين اعتمدتهم ومكنتهم الى التحمس لخطط تقسيم العراق. بهذا الحال يكون الوصف البسيط والمتواضع للحكومة ( المنتخبه) انها سلطة وحكومة قذرة ومن يحميها من الامريكان أقذر وأحط شانا ومقاما منها .

 

صحيح ان النشاط الاقتصادي الوحيد الذي تمارسه السلطة العميلة هو توزيع جزء يسير من واردات العراق النفطية على موظفي الدولة التي ارتفعت بما لا يقبل المقارنه عما كانت عليه قبل احتلال العراق الذي كان محاصرا بالخبز والدواء وفي كل مستلزمات وروافد الحياة. لكن الغالبية التي لا تقل عن 95 % من شعب العراق بما فيهم جزء مهم من موظفي الدولة يعيشون تحت خط الفقر . كل متطلبات الحياة ارتفعت اضعافا مضاعفة والملايين من العراقيين لا يقوون على مواجهة الغلاء بل ان هناك ألافا منهم يعيشون على فضلات القمامة في مشهد يشبه حياة بعض الصوماليين ألمعدمين ابتاء البلد الفقير المدمر في حين ان العراقيين هم ابناء أغنى بلد في العالم. هكذا حال يجعل وصف حكومة الاحتلال الايرانية بالحكومة الساقطة أخلاقيا وصف يستحي منه حتى معنى السقوط الاخلاقي.ويجعل من أميركا التي تحمي الحكومة الايرانية في بغداد دولة راعية للفشل وانعدام الاخلاق واغتيال مع سبق الاصرار لأبسط قيم ومفاهيم الديمقراطية.

 

يكاد يكون تصدير النفط هو النشاط الاقتصادي الوحيد في عراق ما بعد الاحتلال. النفط العراقي يصدر بأنابيب بلا عدادات ولا أحد على وجه الارض يعلم كم بيع منه وكم هي المبالغ المترتبة على البيع ولا أحد يعرف على وجه التحديد ولا الدقة أين تذهب مليارات من الدولارات لا عد ولا حصر لها . وإذا كانت البديهة تقتضي ان نقول ان اميركا مستفيدة من هذا الحال بل هو أحد اسباب احتلالها للعراق فان التساؤل يبقى قائما : لم تسمح اميركا التي تفرض ( عقوبات اقتصادية على ايران ) بان تنتقل مليارات من واردات نفط العراق ومن احتياطي الذهب العراقي الى ايران؟ ألا يعرف الاوربيون والأسيويون الذين ترغمهم الولايات المتحدة الامريكية على الحاق اضرار فادحة باقتصاد بلدانهم عبر قطع بعض صلاتهم الاقتصادية مع ايران ان اميركا تضرهم وهي تستفيد وتغذي ايران في نفس الوقت على حسابهم؟

 

ان الاوان للعالم الحر ..للشعوب المؤمنه بالديمقراطية الحقيقية وبالحرية وحقوق الانسان أن تقف الى جانب الشعب العراقي وتباشر فورا برفع الحيف والظلم والإرهاب والبؤس الذي جلبته أميركا وعملاءها  . ان الاوان أن يطالب العالم اميركا بأن تكف عن لعبتها اللااخلاقية في العراق فورا وترفع حمايتها عن السلطة القذرة التي شكلتها من الاوغاد والموتورين والشوفينيين العرقيين  والطائفيين والشواذ المنحرفين في اكبر جريمة تقترف بحق دولة وشعب في العصر الحديث والمعاصر.

 

 





الخميس ١٠ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / شبــاط / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة