شبكة ذي قار
عـاجـل










وتساءلت في قرارة نفسي ما هذا الخذلان  ؟  ولماذا هذا التشــتت في أمتنا العربية الإســـلامية ؟ ولماذا هذا الخســـــران المبين  ؟ وهل هناك ما يجمع نصارى يهود والشعوبيين ؟  و بالرغم من القناعة التي اخزنها في ذاكرتي من خلال الثقافة القومية التي تثقفت بها وما وثقه الكتاب والمحللون اهتديت إلى التاريخ لاسترشد منه لعلني أجد سببا أخر لهذا التناحر والتنافر بين العرب المسلمين الذين تعرضوا إلى العدوان الصليبي المستمر وان اختلفت أنواعه وأدواته إن كانت حملات عسـكرية أو تبشــيرية أو حصار اقتصادي ...الخ ، مما  أصبحوا قطعانا ينقادون ولا يقـودون ، ينفعـلون ولا يفعـلون ، يتأ ثرون ولا يؤثرون شـــعارهم الانبطاح والانحســـار والخذلان ،  بالرغم من كوننا خير امة  أخرجت للناس ، والأمة الوسط وبعد أن كنا الشمس الساطعة على الغرب  ومورد العلم والتطور والحضارة  ، فتوقفت عند نص متمم  لما أشرت إليه من كلمة المرحوم احمد ميشيل عفلق كونها تعمق ألا جابه وتفتح الأبواب على مصراعيها للباحثين والمتتبعين حيث قال  ((  منذ قرن ونصف قرن عاد اتصال الغرب بالعرب بواسطة حملة بونابرت على مصر ، وقد رمز هذا الداهية إلى ذلك الاتصال بأن علق لوحات كتبت فيها آيات القرآن الى جانب حقوق الإنســـان ومنذ ذلك الحين ما برح العرب ( أو الرؤساء الدخلاء على العروبة ) يدفعون نهضتهم الحديثة في هذا الاتجاه لأشوه ، فهم يجهدون أنفسهم ويرهقون نصوص تاريخهم وقرآنهم ليظهروا إن مبادئ حضارتهم وعقيدتهم لا تختلف عن مبادئ الحضارة الغربية ، وإنهم كانوا اسبق من الغربيين الى إعلانها وتطبيقها وهذا لا يعني إلا شيئاً واحداً وهو * أنهم يقفون أمام الغرب وقفة المتهم مقرين له بصحة قيمه وأفضليتها * ، إن الواقع الذي لا محيد عن الاعتراف به هو أن غزو الحضارة الغربية للعقل العربي في وقت جف فيه هذا العقل حتى أمسى قوالب فارغة ، يسر لتلك الحضارة أن تملأ بمفاهيمها ومعانيها فراغ هذه القوالب ولم تمض فترة من الزمن حتى انتبه العرب الى أن ما يخاصمون الأوروبيين عليه هو نفس ما يقول به هؤلاء ، وإنهم لا يفرقون عن الأوروبيين إلا بالكم ، كما يفرق القليل عن الكثير ، والمقصر عن السابق ، ولن يتأخر الوقت الذي يعترفون فيه بالغاية المنطقية لهذا الاتجاه ، أي أن في الحضارة الأوروبية ما يغني عن حضارتهم فحيلة الاستعمار الأوروبي لم تكن في انه قاد العقلية العربية الى الاعتراف بالمبادئ والمفاهيم الخالدة ، إذ أن هذه العقلية معترفة بها وقائمة عليها منذ نشأتها ولكن هي في اغتنامه فرصة جمود العقلية العربية وعجزها عن الإبداع ليضطرها الى تبني المضمون الأوروبي الخاص لهذه المفاهيم فنحن لسنا نخالف الأوروبيين في مبدأ الحرية ، بل في أن الحرية تعني الذي يفهمونه منها  إن أوروبا اليوم ، كما كانت في الماضي ، تخاف على نفسها من الإسلام  ولكنها تعلم الآن إن قوة الإسلام (  التي كانت في الماضي معبرة عن قوة العرب ) قد بعثت وظهرت بمظهر جديد هو القومية العربيه  لذلك فهي توجه على هذه القوة الجديدة كل أسلحتها ، بينما نراها تصادق الشكل العتيق للإسلام وتعاضده ،  فالإسلام الاممي الذي يقتصر على العبادة السطحية والمعاني العامة الباهتة آخذ في التفرنج ، ولسوف يجيء يوم يجد فيه القوميون أنفسهم المدافعين الوحيدين عن الإسلام ويضطرون لأن يبعثوا فيه معنى خاصا إذا أرادوا أن يبقى للأمة العربيه سبب وجيه للبقاء ))  ،

 

وعدت إلى بدايات الإسلام المحمدي الذي هو الثورة الكبرى في امة العرب ليخرجهم من الجاهلية إلى منار العلم والإنســـانية وليتحولوا من الســـــــــلبية المطلقة في العلاقات الاجتماعية إلى ركيزة الخير والعطاء والتوحد والتعاطي الإنســــــاني مع الشــــــعوب والأمم التي تعاني من جبروت الطغاة ، فاستكشفت ما يجيب عن أسئلتي ويشبع فضولي في البحث والتحري ، فاكتشفت حسب رأيي المتواضع أن التشتت والتشرذم والتناحر والاختلاف الذي يعاني منه أبناء الأمتين العربية والإسلامية حاليا زرعته الأيادي الآثمة في جسد الأمتين ،  و هو فكرة الشعوبية التي ولدت في رحم  الدولة العربية الإسلامية وهناك من يحددها في الدولة الأموية واتساع الفتوحات الإسلامية  ، ولغرض تحديد الدور المؤذي لهذه الفكرة وبواعثها الحقيقية لابد من الوقوف وبإيجاز أمام معناها  ((  الشعوبية في التاريخ تنعت بالصراع الجنسي بين شعبين يختلفان في العرق ، ويتحدان في الدين ، ويقول الخطيب والمفكر الراحل الشيخ الدكتور أحمد الوائلي في كتابه هوية التشيع عند تعريفه الشعوبية:  جمع شعوبي نسبة للشعب ، وقد تطلق ويراد بها النزعة العدائية للعرب ، وهي وجاءت تسمية الشعوبية نسبة للشعوب * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ * ،

 

وقال عنها القرطبي هي حركة تبغض العرب وتفضل العجم ، وقال الزمخشري في أساس البلاغة:  وهم الذين يصغرون شأن العرب ولا يرون لهم فضلاً على غيرهم )) ، كان الشعوبيون يسمون حركتهم بحركة التسوية -  التسوية بين حقوقهم وحقوق العرب  - ، وكانت البلاد الإسلامية مسرحا لها منذ بداية حكم الدولة الاموية ، وهي ثمرة العصبية القبلية ، والشعوبية شعوبيتان ، شعوبية العرب بقيادة الأمويين ، وتعرف اصطلاحا بالعروبية ، وشـــــــعوبية الموالي بقيادة الفرس ومن واكبهم من زنج ، وترك  وسلاجقة ، وشراكسة ، وبربر، وقبط في الامصار الموالية للحكم الأموي ، والثانية هي نتاج للأولى ووظف كل فريق إرثه الحضاري ، ومجده القديم مرتكزا على النصوص والأدلة الشرعية التي استحدثت عن طريق الكذابين في رواية الحديث ، وما أكثرهم ، والتي تطورت بدورها إلى العنصرية المقيتة في زماننا الحاضر التمييز بين العرب والموالى ،  وفى أيسر تعريف للموالى أنهم المسلمون من غير العرب ، وأحسّ العرب بتفوق جنسهم الذي كان منه الخلفاء والأمراء والكتاب والشعراء والفقهاء ، وافتخر العرب بجنسهم ولم يساووا بين العرب والموالى وبخاصة من الفرس ومن هنا بدأ للشعوبية معنى جديد في التاريخ يرمى  إلى (( التعصب لغير العرب ، واعتبارهم بتاريخهم العظيم أسمى من العرب ))

 

 

 يتبع بالحلقة الثالثة

 

 





الاثنين ٢١ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة