يشير الباحثين ان العروبيين اعتمدوا في عهد بني أمية الذي يعد ربيع العصبية العربية ، على احاديث كتبها ووضعها وعاظ الســــــلاطين الذين لاهم لهم ســـــــوى الحصول على رضى الخليفه وتحقيق اغـراضهم ومن هـؤلاء الوعـاض من هم مـن الموالي في صارعـهم مــع المــوالي الأعاجم - على سلاحين هما السياسة ، والنصوص ، اٍما أنها لتمجيد عنصر العرب ، أو لاٍظهار دونية الموالي بمختلف أصولهم العرقية ، وهي أحاديث موضوعة لأنها لا تطابق القرآن ، ولا يقبلها العقل والمنطق ومنها على سبيل المثال : أخرج ابن قدامة المقدسي ، بسنده من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه واله وســــلم قال : ( من أحب العرب فبحبي أحبَّهم ، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم ( ، ورد من رواية أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه واله وســـلم قال ( إن الله اختار العرب (وبلفظ مقارب أورده ابن حجر بصيغة ( ثم اختار من بني آدم العرب ( ، و في حديث طويل تفرد به خارجة ٌبن مصعب ، نُسب للنبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال ( إن الله تعالى أوحى إليَّ ألا أخرج في سرية إلا وعن يميني رجل من العرب ، فإن لم يكن فمن الموالي فإن لم يكن فالناس فئام لاخير فيهم ، ياســـلمان ليس لك أن تنكح نساءهم ولاتأمرهم ، إنما أنتم الوزراء وهم الأئمة ، وُضعت كثير من الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وحمِّلت إهانات وانتقاصات لبعض الأعراق غير العربية ، في مضمار الخصومة العروبية الشعوبية أهم تلك النصوص ما يلي (( دعوني من السودان إنما الأسود لبطنه وفرجه ، وقوله الزنجي إذا شبع زنا وإذا جاع سرق ، وشر الرقيق الزنج ، إياكم والزنج فإنه خلق مشوه ، ومن رواية ابن مسعود مرفوعاً اتركوا الترك ما تركوكم )) ، ومما تقدم وغيرها من الاحاديث التي حشرت في كتب الشريعة والفقه والحديث من الطبيعي اذن أن يتكاثر الأعداء على هذه الدولة العربية الاسلامية ويكثر المتربصون بها ، المتربصون من خوارج وغيرهم من العرب المسلمين وغير العرب المسلمين من الموالي الفرس والترك والسلاجقة والبربر والزنج الذين ألفوا طائفة كبيرة لايستهان بها ، اشـــتبكت آلامهم وآمالهم ويعقدون الأماني على زوال حكمهم ، وكانت الجرأة تتخطى الأماني الى الفعل والتنفيذ ، فلا غرو اٍذن ان تقوم الثورات والفتن وتتوالي المؤامرات في السر والعلن الى أن تزعم الثورة بنو العباس تحت شعار يالثارات ال بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم ، ومن ألامور الاخرى التي مكنت الشعوبية وروادها التمكن وفعل فعلهم هي اتجه الموالي بعد اقصائهم من المناصب والريوع الى الاهتمام بالثقافة والعلوم الأداب تنفيسا لهم ، ورغبة في التفوق والبروز ، وكان بعضهم ينشد الانتساب للعرب لنيل الجاه والحظوة والمكانة ،
ومما يبين اغتياظ العروبيين من ثقافة الموالي ونبوغهم ذلك مالوحظ عن تضايق الخليفة عبد الملك بن مروان حين سأل الزهري ، في الخبر التالي الذي يرويه الزهري نفسه حيث ذكر (( أنه قدم إلى عبد الملك فقال له : من أين قدمت يازهري ؟ قلت : من مكة قال : فمن خلفت بها يسود أهلها ؟ قلت : عطاء بن أبي رباح قال : فمِن العرب أم من الموالي ؟ قلت : من الموالي قال : وبم سادهم ؟ قلت : بالديانة والرواية قال : إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا قال : فمن يسود أهل اليمن ؟ قلت : طاووس ابن كيسان ، قال عبد الملك : فمن العرب أم من الموالي ؟ قلت : من الموالي قال : وبم سادهم ؟ قلت : بما سادهم به عطاء ؟ قال عبد الملك فمن يسود أهل مصر ؟ قال الزهري : يزيد بن أبي حبيب ، من الموالي قال : فمن يسود أهل الشام ؟ قلت : مكحول قال عبد الملك : فمن العرب أم من الموالي ؟ قلت من الموالي ، عبد نوبيٌ اعتقته امرأة من هذيل ، قال عبد الملك : فمن يسود أهل الجزيرة ؟ قلت : ميمون بن مهران من الموالي ، قال : فمن يسود أهل خراسان ؟ قلت : الضحاك بن مزاحم من الموالي قال : فمن يسود أهل البصرة قلت الحسن بن أبي الحسن ، من الموالي قال عبد الملك – وقد غضب – ويلك فمن يسود أهل الكوفة ؟ قلت إبراهيم النخعي قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قلت : بل من العرب فقال عبد الملك : فرّجت عني ، والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها (( ، ونبغ منهم العديد في تخصصات شتى منهم البخاري ، الليث بن سعد وأبو حنيفة النعمان ، عبد الله بن المبارك ، ابن الرومي ، بشار بن برد ، أبو حامد الغزالي والفارابي ، ابن سينا والقائمة طويلة ، وسعى الوضاعون ، مسعى العروبيين ، ووضعوا العديد من ألنصوص تكبر من شأن الموالي ، وتحط من قيمة العرب ، في رد فعل نوعي أمام افراط العروبيين في اعلاء قيمة الجنس العربي ، ونورد على سبيل المثال النصوص التالية : (( و رد مكذوباً من رواية ابن عباس أن النبي صلى الله اليه واله وسلم قال -اتخذوا السودان ؛ فإن فيهم ثلاثة من سادات أهل الجنة - لقمان الحكيم ، والنجاشي ، وبلال ، و عن ابن عمر مرفوع ومكذوباً ورد من أدخل بيته حبشياً أو حبشية أدخل الله بيته بركة ، وروي عن الإمام الصادق عليه السلام الشجاعة في أهل خراسان ، والباه في أهل بربر ، والسخاء والحسد في العرب ، وعن الامام الصادق أيضاً لو أنزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب ، وقد نزل على العرب فآمنت به العجم فهذه فضيلة العجم((
يتبع بالحلقة الخامسة