شبكة ذي قار
عـاجـل










ربما هي سابقة في العالم، وإذا لم تكن كذلك فهي سابقة في العراق، على الأقل، أن يتم الضحك على ذقن رئيس حكومة، وإظهاره بصفة المغفل وتمرير خدعة كبيرة عليه، تجعل الثكلى تضحك عليه إلى أمد بعيد..


هذا ما حدث للمالكي، كما يروي جريدة المسلة، التي كشفت عن قصة المستشفى العراقي ـ الالماني، الذي وضع له المالكي الحجر الأساس في 12/ 12/ 2010 وألقى خطاباً طويلاً عريضاً أمام عشرات ميكروفونات القنوات الفضائية وعشرات الكاميرات التلفيونية والفوتوغرافية التي حضرت الحفل "البهيج" من على منصة رئاسية في الشارع العام بمنطقة الجادرية دعي إليها شخصياً وبرفقته وزير المالية رافع العيساوي ورئيس هيئة الاستثمار سامي الأعرجي وعدد كبير من المسؤولين بينهم نواب بالبرلمان، لوضع الحجر الأساس لمشروع ما أطلق عليه "المستشفى العراقي - الألماني وكلية الطب الالمانية"، وكان من المفترض أن يشيدان على قطعة أرض كبيرة في منطقة الجادرية وأن ينتهي العمل بهما في غضون سنة واحدة.

 


بدا المالكي، في ذلك الحفل فخوراً وهو يعلن بفرح انطلاق مسيرة المشاريع الاستثمارية على ارض الواقع، وبدا أكثر سعادة وهو يعلن أن هذا المشروع سيكون أول مشاريع بناء المستشفيات التي "ترى النور" بعد ان توقفت عجلة بناء المستشفيات منذ عام 1985.


وقال المالكي: "أنا كلي فرح وسرور إذ أرى أن مشروعاً هنا ومشروعاً هناك بدأ يتحرك بالاتجاه الصحيح الذي يجعل القطاع الخاص ورجال الأعمال والاستثمار والشركات الأجنبية تتسابق من أجل أن تسهم في عملية البناء والاعمار".

 


واضاف: "لا يسعني في هذا اللقاء الكريم إلا أن أتقدم بجزيل شكري واستعدادي والأخوة العاملين لدعم مجلس رجال الأعمال ودعم الشركات الذين يقدمون في كل يوم مشروعاً من المشاريع لتكون إلى جنب مشاريع الدولة للتعجيل في تقديم الخدمات وبالذات في المجال الطبي لأن اطلاعنا على ما كان ينجز في العراق ، بأن العراق لم تنجز فيه مستشفى واحدة منذ سنة 1985 أو 1986".

 


طبعاً، ليست بي حاجة إلى أن أدلكم على مواقع الكذب في هذه الفقرة الأخيرة من حديث المالكي، فلو كان هناك كل يوم مشروع يقدم إلى جانب مشاريع الدولة لكان العراق، الآن، مثل اليابان أو لتفوق عليها!!


وتابع المالكي قائلاً: "المهم عندنا أننا بدأنا ومشاريع المستشفيات في طور الانشاء وليست في طور التعاقد أو الأفكار على الورق وإنما هي في طور العمل والانشاء وإلى جنبها مثل هكذا مشاريع تقوم بها مؤسسات وطنية ومجالس الاعمال، وأنا أتقدم بشكري إلى الدكتور حسن حداد الذي تابع هذا المشروع كثيرا وبسبب الظروف القانونية والأمنية ربما تلكأ المشروع وتعطل هو قبل سنتين كان المفروض أن يبنى في منطقة الكاظمية ولكن قطعة الأرض التي خصصت حصل عليها طارئ ومشاكل أخرته، ولكن صبره وتحمله ومتابعته لهذه الفكرة أوصلتنا إلى اليوم الذي وجدنا هذا المكان الذي سيكون شاهداً على اقامة هذا الصرح الذي هو ليس فقط لأغراض العلاج، وإنما لأغراض التعليم حينما تكون إلى جنبه كلية متخصصة".


وهذه كلمة المالكي بصوته في حفل وضع الحجر الأساس:

http://www.youtube.com/watch?v=2wZh9nfFR4o


هذا مستشفى وكلية، لا صفقة مسابح وخواتم، لذلك ربما لم يفطن المالكي إلى أن الأمر كله خدعة كبيرة، أدخلوا رأسه فيها وجعلوه أضحوكة سيظل التاريخ يتندر بها، إذ تقول "المسلة" أنها تابعت "المشروع" بعد مرور 22 شهراً وذهبت إلى مكان الاحتفال فوجدت أن حجر الأساس"دفن"، والمفاجأة أنها لم تجد شيئا على الأرض يشير إلى أن هناك أي أعمال إنشائية في تلك البقعة، بل لا أثر لأي طابوقة واحدة وضعت في أساس "المستشفى" المفترض، وجدت فقط اليافطة التي وقف أمامها رئيس الوزراء ليعلن حينها بفرح كبير انطلاق المشاريع الاستثمارية على أرض الواقع.


المفاجأة الاكبر ما تسرب من معلومات حول نية المستثمر بيع قطعة الارض تلك والتي خصصت لبناء المستشفى والكلية، بعد أن تحول عقد الأرض من إيجار إلى تمليك !!.


وهذا هو الدكتور حسن حداد، الذي وصفه بيان لمجلس الوزراء بأنه المدير التنفيذي للمشروع (هكذا) قال في الحفل ان المستشفى الذي أطلق عليه اسم "المستشفى العراقي الألماني"، في منطقة الكرادة وسط بغداد، سيحتوي على مستشفى بسعة 250 سريراً، وكلية طب ألمانية! تدرب وتخرج اطباء عراقيين.


والمشروع، كما يقول إبراهيم البغدادي رئيس مجلس الأعمال الوطني العراقي هو من ضمن مشروعات عدة مهمة تنفذها مجموعة الشركات التابعة للمجلس وستنفذه شركة بن حيان إحدى شركات المجلس وبكلفة 125 مليون دولار.


لمشاهدة تقرير عن وضع حجر الاساس يتحدث في نهايته الدكتور حسن حداد اضغط على الرابط الآتي:

http://www.youtube.com/watch?v=e7Oyq2-avmg

 

ومجلس الأعمال الوطني العراقي تشكل في 19 كانون الأول عام 2009 ويضم عدداً من أصحاب الشركات التجارية والصناعية ورجال أعمال ومستثمرين عراقيين من داخل البلد وخارجه.
عند البحث في شبكة المعلومات (الانترنت) عن موقع المستشفى العراقي الألماني ظهر الرابط التالي:

http://ighospital.com/

 

وتقول "المسلة" عند مواصلة البحث عن مجلس الأعمال الوطني العراقي لم نعثر على أي موقع إلكتروني له ولم نعثر أي معلومات عن الدكتور حسن حداد، بل لم نعثر على أي معلومات عن القائم بالأعمال الألماني، اوليش كنه، الذي قالت البيانات الحكومية انه حضر الاحتفال.


وفي الوقت الذي تصدرت فيه صورة رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار سامي الاعرجي، وهو يستقبل رئيس الوزراء في موقع الاحتفال، البيانات الحكومية واخبار وضع حجر الاساس توحي بان القائم على الاحتفال هي الهيئة الوطنية للاستثمار، ومسارعة أمانة بغداد بإصدار بيان تقول فيه إنها "شاركت بالجهود المبذولة لإنشاء المستشفى العراقي الألماني وكلية الطب الألمانية الملحقة بها في منطقة الجادرية في العاصمة بغداد"، إذ نقل بيان للأمانة عن مدير عام إعلام أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة قوله خلال حضوره حفل وضع حجر أساس المشروع: "إن أمانة بغداد تعاملت مع المستثمر خلال الفترة السابقة من أجل إيجاد الموقع الملائم لبناء المستشفى الكبير وكلية الطب الألمانية وهيأت كل التصاميم وما يحتاجه هذا المشروع من أجل إنجازه".


واعترض رئيس هيئة استثمار بغداد شاكر الموسوي في تصريحات صحافية قائلاً إن "مشروع إنشاء المستشفى الألماني يعد واحداً من المشاريع التي كان يجب أن تحال عن طريقنا، لكن هناك بعض الدوائر (رفض الكشف عن اسمها) تحاول احالة هذا المشروع الى احدى الشركات المعينة".


لكن بغض النظر عمن اقام الاحتفال بالمستشفى المفترض ومن حضره ومن منح اجازة المشروع، فان المواطن العادي لن يتذكر اي من تلك الاسماء بل سيتذكر فقط وقوف رئيس الوزراء في ذلك المكان واعلانه "بدء" انشاء مشروع المستشفى العراقي - الالماني.


كما سيظل يتذكر قدر العراق، هذا البلد العظيم، الذي كان من أوائل من حكموه حمورابي، واضع أول مسلة في التاريخ والذي سنّ أولى القوانين، ثم يحكمة بائع مسابح وخواتم "مضحكة"، لا يملك من مواصفات رجل الدولة شيئاً.


والقصة لم تنته بعد، إذ تقول "المسلة" إنها حاولت معرفة الفائدة المتوقعة على أقل التقديرات من المستشفى لو قدر له أن ينجز في المدة المقررة والموضوعة له لو كان واقعاً حقاً، فاتصلت بوزير الصحة السابق ورئيس لجنة الصحة البرلمانية د.صالح الحسناوي الذي استهل حديثه بقول ممزوج بحسرة "كان يفترض أن يكون هذا المستشفى نسخة شبيهة من المستشفى الألماني في السعودية".


وأضاف: "لا يمكن معرفة كم يستوعب المستشفى الألماني إلا أن يبدأ بالعمل.. لكنه لن يبدأ".
وتابع "يعتمد معرفة عدد المرضى الذين يدخلون المستشفى مستفيدين من الخدمات الطبية التي كان يفترض أن يقدمها على الإشغال السريري"، مبيناً أن هناك "معادلات علمية في الإشغال السريري تعرف من خلال بيان عدد الأسرة التي سوف تشغل من هذا المستشفى خلال السنة مع معرفة عدد أيام الرقود".


وبحسبة بسيطة قال الحسناوي لـ"لمسلة" إنه وبشكل عام" لا تتجاوز نسبة الاشغال السريري في المستشفيات الحكومية عن 60%، وبها يمكن معرفة الاشغال السريري في المستشفى من خلال ضرب الـ60% في 250 يظهر الناتج تقريباً بنحو 150 سريراً يشغل في السنة الواحدة في المستشفى ذات سعة الـ250 سريراً" .


وتابع الحسناوي "لو ضربنا 150 سريراً في 360 يوماً يظهر معدل اشغال السرير خلال السنة".
ويخلص الحسناوي إلى بيان عدد مفترض أن يكون استفاد من المستشفى لو كان واقعاً بقوله: "إن معدل رقود المريض في المستشفيات الخاصة يكون ثلاثة ايام، فنقسم السنة على ثلاثة ليظهر الناتج 120 يوماً تضرب في 150 وهي نسبة الاشغال السريري في السنة فيظهر الناتج 18000 مريض خلال سنة واحدة".


كما أشار إلى أنه كان يمكن أن يشغل نحو 1000 موظف من الكوادر الوسطى بين بين إداري وممرض وفني ونحو 50 طبيب اختصاص.
الحسناوي علق على كون أن ثمة كلية طب ملحقة بالمستشفى غير الموجود اصلاً قائلاً: "لا توجد كلية طب خاصة في العراق وأنا ضد إنشاء كلية طب خاصة في العراق وذلك بسبب نقص كليات الطب الحكومية للمستلزمات العلمية".


واضاف " ان هيئة الاستثمار ليس لها علاقة بالتدريس وهذا من اختصاص وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وليس للهيئة أن تمنح إجازة استثمار لكلية طب خاصة، قبل أن توافق وزارة التعليم العالي مبدئياً وبعدها يوافق مجلس الوزراء.. وهذا لم يحصل".


أنا أعطيت الحق للمالكي بأن تمرر عليه مثل هذه الخدعة وتجعله أضحوكة، بعدما اطلعت على الأرقام الواردة: 150 سريراً، 360 يوماً، 120 يوماً، 18000 مريض، ذلك لأن أعلى رقم يعرفه هو 101 وهو عدد حبات أكبر مسبحة كان يبيعها.


وفي هذه الأحوال يقول العراقي: تعيش وتاكل غيرها، ولكننا نقول له: ربما تعيش يا مالكي ولن تاكل غيرها، لأن نهايتك في المكان الخطأ الذي أنت فيه، الآن، اقتربت، وأصبح يراها حتى من لا يملك عينين.

 

 





الثلاثاء ٣٠ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة