شبكة ذي قار
عـاجـل










تحية طيبة ، وبعد ..

من الأمور التي تضعها الأحزاب السياسية العربية نصب أعينها هي الثوابت الوطنية والقومية .. وإن أي اختلال في طبيعة التعامل ما بين الوطني والقومي بالتهميش أو التضخيم أو التقزيم، يضع الحركة السياسية الحزبية أمام تساؤلات الشعب العربي، الذي يرصد بدقة المواقف كما هو شأن التاريخ .

 

أخي الفاضل .. أظن أن مؤتمر الأحزاب العربية باعتباره حاضنة لقوى الأمة العربية المناضلة والمجاهدة، لا يفرق في رؤيته بين قطر عربي وآخر، كما لا يفرق بين حزب وآخر طالما تمسك الجميع بخط الثوابت ومقاومة الاستعمار والإمبريالية والصهيونية وتابعوها الإقليميين .

 

وحين قدم الدكتور "خضير المرشدي" الممثل الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي مذكرته إليكم باعتباره عضو الأمانة العامة لمؤتمر الأحزاب القومية ، يوضح فيها بكل صدق ودقة عن ما جرى ويجري في العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 ولحد الآن، وخاصة الانتفاضة السلمية للشعب العراقي التي عمت أرجاء العراق من الموصل وحتى بغداد مع غليان الجنوب الذي يتعرض وكل شعب العراق إلى أبشع ظلم واضطهاد عرفته الإنسانية جراء الاحتلال وحكومة الأحزاب الإيرانية الطائفية .. ومنذ ثلاثة شهور مضت على اندلاعها، لم يحرك مؤتمركم ساكناً وكأن شعب العراق ليس عربياً ناضل طويلاً من أجل نصرة العرب وقضاياهم القومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

 

ألا يستوجب واقع الحال بعد أن مضت ثلاثة شهور من مطالبة شعبنا في العراق بإطلاق صراح المعتقلين والمعتقلات الأبرياء ومحاسبة المسئولين الدمويين في سجون السلطة القمعية، العلنية والسرية، على أساليب تعذيبهم واغتصابهم للنساء والرجال على حدٍ سواء، وإلغاء المادة أربعه إرهاب، التي فصلتها السلطة على كل مواطن يطالب بحقوقه ويدافع عن كرامته الإنسانية المهانة في السجون والمعتقلات، وتغيير الدستور وإنهاء العملية السياسية، التي تخدم المحتل الأجنبي الذي يزعم بأنه سحب قواته، ولكنها باقية في القواعد العسكرية وشركات حمايته الأمنية وسفاراته وقنصلياته ومستشاريه في كل وزارة من وزارات حكومة الاحتلال .. كل هذا الوجود للمحتل يقع تحت خيمة الاتفاقية الأمنية، التي أبديتم أسفكم على عقدها واعترافكم ((  بعمق المأزق الذي آل إليه الاحتلال الأمريكي بفعل المقاومة العراقية، التي الحقت بالمحتل الأمريكي وحلفائه من الخسائر ما جعل بانوراما الفشل واضحة بشركاء الولايات المتحدة في العدوان بما فيهم بريطانيا إلى حد أنهم بادروا تباعاً الانسحاب من المستنقع العراق، فضلاً عن النزيف الهائل في الاقتصاد الأمريكي )) وقلتم (( وإننا لنأسف لمصادقة البرلمان العراقي على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة ، في الوقت الذي كان يمكن للمقاومة بمزيد من التنسيق والوحدة الوطنية تحقيق الانتصار ودحر الاحتلال، وهذا يقتضي تضامناً واسعاً من قبل ثوى الصمود والممانعة والمقاومة في المنطقة العربية )) .!!

 

هذا هو كلامكم المعلن أخي الفاضل ، ألا يقتضي الأمر إدانة الاتفاقية الأمنية هذه وإدانة البرلمان الذي صادق عليها وإدانة العملية السياسية برمتها باعتبارها من نتاج المحتل الأمريكي الغازي؟! ، ثم ألا يستوجب الأمر دعم وإسناد مطالب الجماهير العراقية المليونية في تغيير الدستور لكونه مصاب بسرطان الطائفية والعرقية، وإنهاء العملية السياسية التي تركها المحتل الغازي لأحزاب السلطة الطائفية ؟

 

ألم تكن العملية السياسية، منذ أن كرسها المحتل الأمريكي ولحد الآن، هي عبارة عن مشروع أمريكي- صهيوني فرضت على الشعب العراقي من لدن الاحتلال الأمريكي .. ألم تثبت الحقائق المره طيلة عشر سنوات، أن هذه العملية ودستورها اللقيط قد أفرزت فشلاً وفساداً لا نظير له في عددٍ من بلدان العالم .؟ ألا يستوجب واقع الحال وانتم تمثلون الأحزاب العربية ، وحزب البعث العربي الاشتراكي الذي يمثله بمبدئية عاليه وبكل إخلاص وجدارة الدكتور خضير المرشدي، أحد أهم الأحزاب القومية المناضلة في العراق وفي الوطن العربي، أن يستجيب مؤتمركم لما جاء في مذكرته التي عبرت عن واقع حال الشعب العراقي المظلوم من شماله حتى جنوبه ؟! ، لماذا لا يكون لكم موقفاً واضحاً ودقيقاً ينسجم مع الثوابت الوطنية والقومية التي اشرنا إليها في مقدمة حديثنا إليكم ؟

 

أخي الأمين العام .. أليس من المبدئية والإنصاف أن يصدر المؤتمر ويؤكد موقفه القومي برفض أي محاولة لتقسيم العراق على غرار موقفه من السودان؟ والعمل على مناهضة التجزئة في الوطن العربي، حيث ينسحب الأمر تحديداً على العراق الواحد أرضاً وشعباً منذ ألاف السنين، لأن العراق يعتبر الركن الأساسي الإستراتيجي للأمن القومي العربي في المنطقة ؟!

 

الظلم في ظل الحكومة التي تقودها الأحزاب الإيرانية مستمر ويكبر منذ الاحتلال، والفساد المالي والإداري مستمر، والانتهاكات الطائفية والعرقية مستمرة، والقتل والاعتقالات والاغتصاب والإعدامات مستمرة تطال كل من يطالب بالعدل والإنصاف وبرفض الهيمنة الأجنبية،  وهو حق تحترمه القوانين الوضعية والسماوية، والكارثة المأساوية حلت في كل شبر من أرض العراق، بيئة واقتصاداً وثقافة واجتماعاً ومستقبل .. ألا يستحق كل هذا أن يصدر من المؤتمر بياناً يثبت فيه موقفة للشعب العراقي وللشعب العربي وللتاريخ ؟

 

لا أظن أن الشعب العراقي يستجدي أحداً كلمة الحق ، لأنه يدرك الحق ومعانيه النبيلة، كما يدرك الحقيقة الناصعة ومضامينها، ويسجل للتاريخ مواقفه التي لا يحجبها غربال.؟!

مع خالص تحياتي .. وأسمى اعتباري ..

 

د. أبا الحكم

 ١٥ / أذار / ٢٠١٣

 

 





السبت ٤ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة