شبكة ذي قار
عـاجـل










مع مرور الأيام، تتكشف المزيد من الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة ضد شعب العراق سواء بصورة مباشرة عبر قواتها الغازية، أو تلك التي ارتكبتها حكومات العملاء اللصوص والميليشيات الإيرانية التي نصبتها على العراق، ومعها ينكشف للجميع مدى انهيار منظومة القيم التي تتحكم بقرارات وسياسات الطغمة الحاكمة في الولايات المتحدة.

 

وكلما ازداد هذا المأزق الأخلاقي اتجهت الجهات الاميركية الى سلاح الخداع والأكاذيب والتلفيقات لتشويه صورة دولة العراق الوطنية وقياداتها بعد ان فشلت في اختراق النظام الوطني حتى في أبسط حلقاته.

 

ففي إطار موجة الأكاذيب القديمة/ المتجددة التي تطل برأسها مع كل ذكرى سنوية لاحتلال العراق من قبل الادارة الأميركية وتابعتها، بريطانيا، نشرت بعض الصحف العربية والغربية، تقريراً صحفياً نقلاً عن برنامج لهيئة الاذاعة البريطانية BBC، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقتطفات منه، أعادت فيه سرد الفرية المفضوحة بشأن اتصالات مزعومة للمخابرات الأميركية والغربية مع عدد من أركان الدولة العراقية، قبيل غزو العراق واحتلاله عام 2003.

 

ولعله من المضحك والمثير للشفقة في آن معاً، ان تلك الاجهزة الاستخبارية والاعلامية رغم الامكانات المادية والمعنوية الهائلة لها، إلا انها تسقط في مطبّات تفضح غباءها، فهي تدعي، في هذا الصدد، انها سلَّمت مبالغ مالية للمسؤولين العراقيين المعنيين، بينما كان جوابهم هو نفي وجود أسلحة دمار شامل في العراق، والسؤال هنا: هل يكون دفع أموال من المخابرات الأميركية، او غيرها، على نفي وجود تلك الأسلحة أم على تأكيد وجودها؟

 

فهل يعقل أن تدفع الادارة الأميركية مبالغ لمسؤولين عراقيين ليعيدوا التأكيد على عدم وجود أسلحة دمار شامل لديهم، وهو نفس ماكان يعلنه كل المسؤولين العراقيين لوسائل الاعلام وفي اللقاءات الرسمية مع المسؤولين الدوليين وفي المحافل الدولية؟ وهو ما تأكد واضحاً بعد احتلال العراق.

 

لقد كانت تلك الأجهزة تدفع مئات ألوف الدولارات، شهرياً، للعميل المجرم أحمد الجلبي، مثلاً، لفبركة أكاذيب حول وجود أسلحة محظورة في العراق، ومنها ما ادّعاه العميل القذر رافد الجنابي، بشأن مختبرات الأسلحة البايولوجية المتنقَّلة، وهي الكذبة التي روَّج لها وزير خارجية الولايات المتحدة، حينها، كولن باول، في مجلس الأمن في فبراير، شباط 2003.

 

لقد سعت الدوائر الاستخبارية الغربية إلى ترويج مثل هذه الأكاذيب لتقول للعراقيين ان لديها اتصالات استخبارية مع اطراف قيادية في الدولة العراقية لتكسر ثقة العراقيين بقيادتهم الوطنية، فضلاً عن تشويه النظام الوطني وإظهار مسؤولين بارزين فيه باعتبارهم (عملاء) خانوا وطنهم واتصلوا بأجهزة المخابرات الغربية قبل العدوان على العراق، وتسلموا منها مبالغ مالية جراء تخابرهم مع العدو حينها، ولتقول لهم: لا داعي للأسف على نظام كان بعض كبار رموزه مرتبطين بأجهزة مخابراتنا.

 

وقد سلكت الادارة العدوانية الأميركية هذا الطريق الوعر قبل الغزو، عندما شنَّت في اواسط عام 2002 حملة واسعة لتخويف وترهيب المؤسسة الدبلوماسية العراقية والسعي للحصول على دبلوماسيين عراقيين يتعاونون معها.

 

وحينها بعث وزير الخارجية العراقي، الشرعي، الدكتور ناجي صبري الحديثي، أمراً صريحاً وجريئاً الى رؤساء البعثات العراقية في الخارج، أن يعقد كل منهم اجتماعا لجميع افراد بعثته من دبلوماسيين واداريين وحراساً، ويقرأ عليهم توجيه الوزير وهو "إن عناصر المخابرات الأميركية والبريطانية يحاولون الإتصال بكم لإغرائكم بخيانة بلدكم وشرفكم، لذلك أطلب منكم ان تهينوا كل من يتصل بكم لهذا الغرض بأعلى أصواتكم وأمام الناس وأن تبصقوا في وجهه وتضربوه بالأحذية إن أمكن ويفضل ان يكون ذلك في المناسبات والتجمعات العامة".

 

وجرت فعلا عدة محاولات تصدى فيها دبلوماسيون عراقيون، بسلاء، بالإهانة لعناصر اميركية وبريطانية أو عناصر من بلدان ثالثة عميلة للمخابرات الأميركية أمام الناس في جنيف وبوخارست ومالي واوتاوا، وبعضها جرت الإهانة بالضرب بالأحذية كما حصل في القاهرة.

 

وجدد الوزير العراقي هذا التوجيه بعد بدء الغزو المجرم.

ويتذكر العراقيون حجم الأكاذيب التي سوَّقتها اميركا عبر عملاء عراقيين عن تعاون قادة عسكريين مع الولايات المتحدة وانهارت كل هذه الأكاذيب، سريعاً، حيث ظهر نقاء المؤسسة العسكرية العراقية، وخلوها من أي اتصال خياني مع العدو الغازي.

 

ولعلنا نشير في هذا الصدد إلى أمثلة عدة، منها مسرحية تعاون الفريق أول الركن حسين رشيد التكريتي، فك الله أسره، وابنه علي، سكرتير المرحوم قصي صدام حسين، وابنه الآخر سفيان الدبلوماسي في نيويورك، حينها، ومنها فرية اتصال الفريق سفيان ماهر التكريتي بالمخابرات الأميركية قبل العدوان على العراق، فيما اعتقلت قوات الاحتلال الفريق التكريتي وهو قيد الأسر حتى الآن، فرَّج الله عنه.

 

كما نشير الى المسرحية التي زعمت انشقاق السيد نائب رئيس الوزراء، طارق عزيز، فك الله أسره، في الاسبوع الأول من العدوان، وفرية انشقاق وزير الدفاع الفريق أول الركن سلطان هاشم أحمد، فرَّج الله كربته، الذي فرض شخصيته في مباحثات صفوان يوم 2 مارس/ آذار 1991 على مجرم الحرب نورمان شوارزكوف وتابعه خالد بن سلطان رغم قساوة الظروف حينها، ورغم كونه ممثلا للطرف المغلوب في الحرب. فقد طلب منه نزع سلاحه الشخصي قبل الدخول الى خيمة المفاوضات فرفض نزع سلاحه قبل أن ينزعه شوارزكوف وخالد بن سلطان. وكان له ما أراد. ويشير محضر مباحثات الخيمة الى صلابة موقفه وتماسكه رغم كل الظروف المحبطة الهائلة المحيقة به، حينذاك.

 

كما يمكننا هنا ان نشير الى محاولات المسِّ بالفريق طاهر جليل الحبوش، بل محاولة تخوينه، الذي نؤكد، وبكل ثقة، ان كل ما أشيع عنه كذب وافتراء. فهو، كما العهد به، لمّا يزل ثابتا على مبادئه متمسكاً بولائه وانتمائه وشرفه الوطني وواجباته العسكرية الوطنية، ويقف مع اخوانه المقاومين على أرض العراق، في الموقع الذي ينتظره منه إخوانه العراقيين، بعد أن قدَّم ابنته الكبرى شهيدة ، ولعلها الأولى، ضمن مسيرة شهداء العراق الأبرار.

 

وهنا نتساءل: لماذا وضعت إدارة الشر الأميركية اسم الفريق الحبوش على قائمة مطلوبيها الـ 55 من القياديين العراقيين، وهي تزعم انها اتصلت به قبل الغزو، فلماذا إذن لم (يكافئوه) بمنصب أو (مغنم) ما دام، حاشاه، قد تعاون معهم لاحتلال بلده، كما يزعمون؟

 

اننا نؤكد ان قرار اجتثاث البعث، في حقيقته ليس الا قرار اجتثاث الكفاءات العراقية ورموز الدولة الوطنية بذرائع شتى وأساليب مختلفة بان زيفها واختلاق حججها.

وقد ورد في هذا الاطار اسم وزير خارجية العراق، الشرعي، الدكتور ناجي صبري الحديثي، الذي ذكر التقرير انه أبلغ رئيس محطة وكالة المخابرات المركزية الاميركيةCIA  في باريس خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل تماماً.

 

ومع ان هذه الكذبة تم دحضها بشكل تفصيلي في وقت سابق، إلا ان آلة الكذب البريطانية مستمرة في الترويج لها، مايعني انها مصممة على زرعها في أذهان مشاهديها، سعياً على وفق المنوال البريطاني المعروف في صنع الأكاذيب وتكرار نشرها والترويج لها على أوسع نطاق لجعلها (حقيقة واقعة) فعلاً.

 

وقد حصلت وجهات نظر على نسخة من الرد الذي وجهه السيد الحديثي إلى هيئة الاذاعة البريطانية، وتنشره لقرائها الكرام، إيضاحاً للحقيقة وإنصافاً للتاريخ ودحضاً لهذه المساعي الخائبة.


 

Mr. Alys Cummings,   Panorama, BBC

In reply to your request, I attach my comment on the reference to me at your program on the 10th anniversary of US-UK illegal war on my country.  I hope you give my comment a sufficient space to let your viewers know the reality about this false allegation. If you have further inquiries, please let me know.                                      

 Regards

Dr. Naji Sabri al-Hadithi

Foreign Minister of the Republic of Iraq

Before US-UK Invasion and Occupation  

Feb 24, 2013
 

Comment by

Dr. Naji  Sabri  al-Hadithi,

Foreign Minister of the Republic of Iraq 

Before US-UK Invasion and Occupation 

on Allegations in Panorama Program

 

In marking the 10th anniversary of war on Iraq, which was based on lies, it’s unfortunate that BBC gives space to yet another lie cooked up by the same US fabrication machine.

US authorities have already admitted that all their intelligence on Iraq, upon which they based both their charges, and their illegal devastating war on its people, was false.

The real target of the war was obviously neither Iraq’s so-called “weapons of mass destruction” nor its so-called “Qaeda links”- which were both non-existent. Rather, it was (a.) to maintain Israel’s security based on expansionism and aggression against Palestinian and Arab peoples and fulfillment of its dream of destroying Iraq; and (b.) to control Iraq’s oil wealth, being the second largest in the world.

The deliberate manufacturing and use of lies by US and UK governments to invade Iraq, murder its society, and destroy its modern state was indeed, the atrocious scandal of the century- which has brought disgrace and shame to them and to their collaborators.

 

However, the fabrication of anti-Iraq lies seems continuing. One such lie is the totally fabricated story that “I met in New York an intermediary sent by the French and gave him data on Iraq’s weapons programs”.

This story is absolute nonsense. It’s worth nothing but rejection.

 

Throughout my term of office, all my contacts with foreign governments were through counterparts or their envoys in Baghdad, and in a formal, direct and open manner with no intermediaries. What I, and other members of Iraqi government, used to say in such contacts was essentially the same as what we did in public, namely, the expression of Iraq’s official policy on all issues. On weapons of mass destruction issue, our position was a truthful and factual reflection of the reality, that’s there were no banned WMD and their related facilities left in Iraq since the end of 1991 after the destruction, under UN inspectors’ control, of all its chemical weapons, the only type of WMD Iraq had, which it had itself declared even before 1991 war.

 

In mid Sept. 2002, I was in New York. I attended UN General Assembly, and fixed Iraq’s decision to let UN weapon inspectors back to Iraq-which killed a US attempt to get UN authorization to a US-UK plan of war on Iraq.  An Arab ex-journalist resident in France, whom I knew from early 1990s when I headed Iraq’s Foreign Information Department, phoned asking to meet me “just to say hello”.

I received him at Iraq’s Ambassador Residence, where I used to stay during my trips to New York. He started the meeting, which lasted a few minutes, by asking how I was doing in my ministerial post, and how I felt about working with president Saddam Hussein.

I did not suspect his questions since he had never contacted me for more than two years, well before I assumed my post. After I replied to his questions he paused then said, that his friend, the sister of President Chirac’s, asked him if he knew an Iraqi official to convey an urgent message from Chirac to President Saddam. 

 

The message, he said, was that Chirac wanted to send a secret delegation to Baghdad to discuss how to avoid US war threats, and requested the President to personally receive them.

As I went back home, I delivered the message to President Saddam who agreed. I let my press secretary phone this man and tell him the approval. I didn’t check the result, considering it a confidential Presidential contact.

A couple of months after US occupation of my country, I was outside Iraq when this man phoned. He blamed me for “causing him to lose 10 million dollars,” saying: “The French were cooperating with the Americans. They asked me to try to persuade you to dissent against President Saddam, and promised me 10 million dollars if I succeeded.” He added, “But, when I met you, I couldn’t open up the issue. For, how can I ask you to dissent against Saddam, after you told me how happy you were to work with him, how much he had been friendly and supporting to you, and how much you were pleased at your post?.”

 

As a case in point: a few Iraqis and Arabs began to surface in western capitals after 1990, pretending to be aides or friends to Iraqi leaders, and inventing fictional anti-Iraq stories, in return for personal gains from those capitals.  These crooks and swindlers dishonestly exploited Iraq’s isolation and plight under strangling sanctions, and manipulated some western authorities’ thirst for anti-Iraq stories, no matter how absurd and false they were, to feed the fabrication machine, so as to keep distorting the image of Iraq’s national government and leaders, and justifying the crime of the century, i.e., the US-led illegal invasion and destruction of the modern state of Iraq.

       
 
 

السيد أليس كمنغـز

برنامج بانوراما BBC

 

بناء على طلبكم، أرفق لكم تعليقي على الإشارة التي وردت لي في برنامجكم عن الذكرى العاشرة عن الحرب غير المشروعة التي قادتها الولايات المتحدة وبريطانيا على بلدي. وآمل أن تتيحوا مساحة كافية لتعليقي من أجل أن يعرف مشاهدوكم حقيقة هذه المزاعم الكاذبة. وبوسعكم الاتصال بي إن كانت لديكم استفسارات أخرى.

 

مع التقدير

د. ناجي صبري الحديثي  

وزير خارجية العراق قبل الغزو والاحتلال الأميركي-البريطاني

24 شباط / فبراير 2013


 
 

تعليق 

الدكتور ناجي صبري الحديثي 

وزير خارجية العراق قبل الاحتلال

على افتراءات في برنامج بانوراما - BBC

 

من المؤسف أن تفسح هيئة الإذاعة البريطانية المجال، في تغطيتها الذكرى العاشرة للحرب على العراق التي قامت على الأكاذيب ، لأكذوبة أخرى طبختها ماكينة التلفيق الأميركية نفسها. لقد اعترفت السلطات الأميركية نفسها أن كل معلوماتها الاستخبارية عن العراق التي استندت إليها في اتهاماتها وحربها المدمرة غير الشرعية على شعبه كانت مزيفة. وواضح إن الهدف الحقيقي للحرب لم يكن أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة ولا علاقاته المزعومة بالقاعدة، وكلاهما لا وجود له في الحقيقة.

 

إن الهدف الحقيقي للحرب هو:

(أ‌)    الحفاظ على أمن إسرائيل القائم على نهج التوسع والعدوان على الفلسطينيين والعرب، وتحقيق حلمها بتدمير دولة العراق؛

(ب‌)  الهيمنة على ثروة العراق النفطية التي تأتي بالمرتبة الثانية عالميا من حيث حجم الاحتياطيات.               

                                                                           

إن تعمّد حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا تصنيع واستخدام الأكاذيب من أجل غزو العراق واغتيال مجتمعه وتدمير دولته الحديثة يـُعد، في حقيقة الأمر، أكبر فضيحة في هذا القرن، وهو أمر لا ريب في انه  قد ألحق بهما وبكل المتواطئين معهما الخزي والعار.

 

و يبدو، مع ذلك، أن تلفيق الأكاذيب ضد العراق مستمر. واحدة من هذه الأكاذيب القصة الملفقة برُمّـتها التي تزعم " إنني التقيت في نيويورك وسيطا أرسله الفرنسيون، وأنني أعطيته معلومات عن برامج أسلحة العراق"  إن هذه القصة هراء في هراء ، ولا تستحق إلا الازدراء.

 

  ففي طوال خدمتي (وزيرا في الحكومة العراقية) ، كانت اتصالاتي مع الحكومات الأجنبية تتم من خلال نظرائي (وزراء خارجيتها) أو مبعوثيها (سفرائها) في بغداد وبطريقة رسمية ومباشرة وصريحة وبلا وسطاء. وما كنا أنا وبقية أعضاء الحكومة العراقية نقوله في مثل هذه الاتصالات هو نفسه من حيث الجوهر ما نقوله في العلن، وهو التعبير عن سياسة العراق الرسمية إزاء جميع القضايا. وبخصوص مسألة أسلحة الدمار الشامل، كان موقفنا انعكاسا صادقا وحقيقيا للواقع ، أي انه لم تبق في العراق أي أسلحة دمار شامل محظورة وما يتصل بها من مرافق، بعد أن جرى، بإشراف مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، تدمير أسلحته الكيمياوية، وهي الصنف الوحيد من أسلحة الدمار الشامل الذي كان بحوزة العراق، والذي كان العراق قد أعلن عنه بنفسه حتى قبل حرب 1991.

 

في أواسط أيلول/ سبتمبر 2002، كنت في نيويورك حيث حضرت الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، كما اتخذت الإجراءات اللازمة لإصدار قرار العراق  بالسماح بعودة مفتشي الأمم المتحدة الى العراق- وهو القرار الذي أحبط محاولة أميركية للحصول على تفويض من الأمم المتحدة لخطة الحرب الأميركية- البريطانية على العراق- وقد اتصل بي، هاتفياً، صحفي عربي سابق مقيم في فرنسا ملتمسا اللقاء معي لـ"مجرد السلام". 

كنت أعرف هذا الشخص منذ اوائل التسعينيات، عندما كنت أتولى الإشراف على دائرة الإعلام الخارجي في وزارة الثقافة والإعلام العراقية. 

 

استقبلته في بيت السفير العراقي في نيويورك حيث أقيم في أثناء زياراتي للمدينة. بدأ هذا الشخص اللقاء الذي استمر بضع دقائق بالسؤال عن مشاعري إزاء العمل في منصبي الوزاري، وعن علاقتي بالرئيس صدام حسين ومشاعري بخصوص العمل معه.

 

لم يساورني شك في أسئلته، لأنه منذ أكثر من سنتين، أي قبل تعييني في منصبي، لم يتصل أو يلتق بي.

 

وبعد أن أجبته على أسئلته، توقف برهة ثم قال إن صديقته أخت الرئيس شيراك طلبت من إن كان يعرف مسؤولا عراقيا لكي يوصل رسالة عاجلة من أخيها الرئيس الفرنسي الى الرئيس صدام حسين. وقال إن الرسالة تفيد إن الرئيس شيراك يريد إرسال وفد فرنسي سرا الى بغداد لكي يبحث مع الرئيس صدام حسين سبل مواجهة تهديدات الحرب الأميركية، ويتمنى أن يستقبله الرئيس شخصياً.

عدت الى الوطن وأوصلت الرسالة الى الرئيس صدام حسين الذي رد بالموافقة وقال إنه يعرف الصحفي. وبناءً على تكليفي، اتصل السكرتير الصحفي في مكتبي بهذا الشخص وأبلغه الموافقة.

لم أتابع النتيجة باعتبار أن الأمر اتصال رئاسي خاص.

 

وبعد شهرين على الاحتلال الأميركي لبلادي، كنت خارج العراق فاتصل بي هذا الشخص، ووجه لي اللوم لأنني "أضعت عليه 10 ملايين دولار"، وقال "إن الفرنسيين كانوا يتعاونون مع الأميركيين. وقد طلبوا مني أن  أحاول إقناعك بالانشقاق عن الرئيس صدام، ووعدوا أن يدفعوا لي 10 ملايين دولار إذا نجحت في ذلك." وأضاف "ولكن حينما التقيت بك لم أجرأ على مفاتحتك بالموضوع. لأنه كيف يمكن أن أطلب منك الانشقاق عن صدام، بعد أن رويت لي كم أنت سعيد بالعمل معه، وكم كان ودوداً معك وداعماً لك في عملك، وكم أنت مسرور بالعمل في منصبك".

 

ومن الأمثلة ذات الصلة: إن بضعة عراقيين وعرب بدأوا بالظهور في العواصم  الغربية بعد عام 1990 متقمصين أدوار مساعدين وأصدقاء للقادة العراقيين، وأخذوا يفبركون الروايات المعدة للتشهير بالعراق في مقابل مكاسب شخصية من هذه العواصم.

 

لقد استغل هؤلاء المحتالون والنصابون، بصورة غير شريفة، عزلة العراق ومآسيه في ظل الحصار الخانق، كما استثمروا تعطش بعض الدوائر الغربية لأية روايات تسيء الى العراق لتغذية ماكينة تلفيق الأكاذيب ضد العراق، بغض النظر عن مدى سخف هذه القصص وزيفها، وذلك من أجل إدامة تشويه صورة دولة العراق الوطنية حكومةً وقياداتٍ بما يؤدي الى تسويغ جريمة القرن، أي: الحملة الحربية غير الشرعية التي قادتها الولايات المتحدة لغزو وتدمير دولة العراق الحديثة.   

 

 





الخميس ٩ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مصطفى كامل نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة