شبكة ذي قار
عـاجـل










الولادة التي نظّر لها وتبناها حزب البعث العربي الاشتراكي ميدانيا هي عملية اعادة صياغة الواقع العربي عبر تغيير جذري يتصدى لكل التناقضات التي جعلت من الأمة العربية التي وحّدها الإسلام الحنيف بقيادة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله وسلم, تستسلم للتجزئة التي فرضها الاستعمار وأطماع الاحتلال الأجنبي. وفي الوقت الذي أدرك البعث ولَما يزل أن تناقض التجزئة له أدوات وقوى لن تقف مكتوفة الايدي أمام النهج القومي الثائر وهو يصوغ مسالك تقويض التجزئة. إن مشكلة العرب وهم يواجهون التجزئة اليوم ليست في التجزئة نفسها لأن الإيمان بالوحدة والشعور بها كإحساس كان ولم يزل يجمع كل العرب، غير أن المشكلة تكمن حقيقة في جملة السلوكيات التي تقف عليها انظمة التجزئة كأدوات تكريس له وفي أدوات اعلام التجزئة ومَن يقعون في بركه الآسنة.

 

إن ركائز العقلية القطرية لأنظمة العرب التي أنتجتها اتفاقية سيكس بيكو هي التي يجب على الطلائع العربية الثائرة المؤمنة بحق التوحيد أن تقوضها أولا عبر عمل فكري وثقافي ثائر, موضوعي وممنهج علميا وينفتح على زمن يحتوي بكفاءة منتجات زمن القطرية التي أنهكت الكثير من أبناء الأمة وأضعفت يقينهم ليس بالوحدة العربية، بل بأساليب تحقيقها. ان الثورة العربية الحقيقية، هي التي لا تقف عند حدود تغيير النظام الفاسد المكبل بقيود القطرية التجزيئية، بل إلى رسم خريطة جديدة للأمة تلغي حدود التشظية الاستعمارية وتفتح الافاق أمام وحدة اندماجية أو كونفيدرالية.

 

على الطليعة العربية القومية الثائرة ان تلملم كل صفوفها وتوحد قدراتها وتبدأ الهجوم المؤمن بروح الاسلام والمنطلق من منتجه الوحدوي العظيم، وتحت شرعيته المقدسة لتنهي قدسية الحدود السايكس بيكوية المزيفة والمفروضة من قوى وأطراف لا تمتلك ذرة واحدة من القدسية. ان الاسلام الذي نريده سلاحا روحيا وماديا، هو إسلام محمد والصحابة والخلفاء وهو ليس حزب ولا قوى دينية وطائفية من التي نراها الآن كأداة من ادوات احتلال الأمة واستعمارها وأداة من أدوات تكريس التجزئة بصيغة دول العوائل وإمارات القبائل ودول الطوائف البغيضة, بل هو القوة الروحية الاعظم التي تحرك المنهج القومي الوحدوي التحرري الاشتراكي ويؤمن للطليعة العربية الثائرة نقاءها وطهرها وعفة منهجها وإيمانها الدافع بقوة أصيلة للكفاح المتواصل لتحقيق الاهداف السامية للأمة والتفوق على عوامل الوهن والضعف والإحباط.

 

إن خطاب الطليعة الثائرة البعثية، ومَن يحتشد معها من قوى قومية ودينية واجتماعية مؤمنة بوحدة الوطن العربي يتركز الآن على مسالك اساسية نرى من بينها :


1- ان الدول والدويلات والإمارات التي قامت بعد سيكس بيكو قد انتجت تكريسا لأمراض اجتماعية لا تليق بالعرب كشعب يقف على قمم المعاني الانسانية ولا يليق به أن يعيش معلولا كسيحا يجب انهاءها.


2- ان انظمة سايكس بيكو قد حاولت تقديس الحدود المصطنعة لتحافظ على امتيازات للطبقة الحاكمة على حساب عموم الشعب العربي وعلى العرب وطلائعهم الثورية اسقاط وإلغاء هذه القدسية.


3- ان افقار العرب من قبل الانظمة وارتباطاتها المشبوهة وسياساتها التابعة هو أحد سبل الغاء الشخصية القومية لأن الفقر يجعل الانسان بلا تطلع إلاّ إشباع جوعه واكتساء عورته من جهة، ولأنه يجعل الانسان سلعة او بضاعة بيد الحاكم. انه يقتل روح الانتاج والإبداع عند الانسان فيحجره في خانات البؤس. الواجب القومي الذي يجب تكريسه وإبرازه هو ان اسقاط الحدود الاستعمارية يفتح سبل الغنى الروحي والمادي للعرب.


4- الأنظمة القطرية كرست الفقر والأمية والتخلف لكي تضمن خنوع الناس لسياساتها ولتواجه بهم كحشود مسيّرة الفعل الطليعي لثوار الامة. وجعل بعضها الدين ثوبا يتكسب من ارتداءه شرعية لا وجود لها وقدسية لا سند لها. الثورة العربية الحقيقية يجب أن تقدم البراهين للعرب ان القدسية الحقيقية المثرية للنفوس وللجسد العربي هي الوحدة.


5-  إن الحشد الأمي الجاهل الجائع العاري هو ما يجب أن يكون الآن القوة الضاربة بيد الثوار القوميون الوحدويون مع مراعاة أن يجد الثوار مصادر تمويل لتجهيز حشدهم الثائر ببعض احتياجاته من بعض آبار النفط العربي، ومن بعض خيرات الأمة التي يحتكرها ويبعثرها حكام التجزئة. لم يعد ممكنا قبول الشعب العربي لمبررات التجويع والتجهيل، بل أن التثوير لابد أن يشتمل على تقديم ما يدل على الايمان بالإنسان واحترام انسانيته. على طلائع العرب الثائرة ان تسيطر على بعض مصادر الثروة لتجهز بها الموحدون الجدد.

 

إن الوحدة العربية هي أساس انطلاق الانسان في افق البناء والاعمار والتطور. هي الأم الولود التي تنجب الحرية والعدل والنماء وازدهار سبل الحياة ورقيها. الوحدة هي طريق العرب الاوحد لإثبات هويتهم الانسانية وكينونتهم المتحضرة. ولا ثورة حقيقية في أي جزء من اجزاء الامة, لا قيمة حقيقية لأي توجه قومي إلا بتبني ثورة الوحدة. الوحدة هي الضمانة الوحيدة لأمن العرب وسيادة ارضهم ولقدرتهم الاعظم في امتلاك ثرواتهم. اهداف العرب السامية في الحرية والتحرر والاشتراكية لا يمكن ان تأخذ كامل مداها بدون وحدة الأمة.

 

 





الاربعاء ٢٩ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / نيســان / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة