شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة

 

بمناسبة ذكرى تأسيس حزب البعث العربي الإشتراكي في 7 نيسان ، إخترت هذا الموضوع من فكر البعث لإعتبارات كثيرة ، سأذكر منها ما يوضح بعض المفاهيم التي نتداولها في حياتنا اليومية . وهي تعتمد أولاً وأخيراً على بناء الإنسان العربي الذي يوظف شعار الحزب في الوحدة والحرية والإشتراكية بما يطور المجتمع العربي ويوصله إلى مستوى التطور الذي وصلته ارقى الدول المتطورة صناعياً عبر قرون في أقصر وقت ، مع الحفاظ على كل القيم الأخلاقية العربية والإسلامية في عملية هذا التطور ... فللإنسان في فكر البعث أعلى درجات الإهتمام . فلذلك سعى نظام البعث في العراق قبل الإحتلال ومنذ أن إستلم السلطة مباشرة إلى القضاء على الأمية بشكل كامل . وباشر بتهيئة جميع مستلزمات قانون إلزامية ومجانية التعليم من أبنية وأجهزة تعليمية ومناهج لجميع المراحل الدراسية للمدارس . وكانت هذه الإلزامية تصل لحد السنة التاسعة (نهاية الصف الثالث المتوسط ) . كما توسع نظام البعث في فتح الجامعات في جميع محافظات العراق ، بعد أن كانت مقتصرة على محافظة بغداد ، لتخرج العلماء والكوادر المتقدمة لما بناه البعث في العراق من منشئات صناعية دمرها الإحتلال البربري في عام 2003 م والذي تبقى من هذه المشئات فصخت أجزاءها وسرقته إيران عن طريق عملاءها الذين جاءوا مع الإحتلال لتعيد بناءه في إيران ، كما أنشأ النظام أكثر من 300 معهد لتخريج الأطر الوسطى للصناعة وكذلك كان الحال بالنسبة لتهيئة الكوادر الزراعية والأطباء وباقي العاملين في صنوف الخدمات .... إنها مقدمة لابد منها ‘حيث لا يمكن ممارسة الحرية الحقيقية في مجتمع متخلف لا يستطيع أن يستغل حريته في تسلق سلم النمو والتطور .....

 

الديمقراطية ومفهوم الحرية

 

معنى الديمقراطية في اللغة اليونانية تعني حكم الشعب لنفسه .... ولكن الذي يهم هو كيف  يحكم الشعب نفسه ....!!!؟؟؟ . إنه السؤال الذي تاهت الشعوب عبر النأريخ للإجابة عليه . فكانت الصيغ البرلمانية التي لايدخل فيها المواطن البسيط إلا ناخباً لمن سيكون حاكماً لبلده نيابة عنه ، كما أن هناك صيغة الديمقراطية الشعبية ، التي يكون فيها الدور الكبير في حكم الشعب لنفسه لمنظماته الجماهيرية التي تشترك مع الأحزاب ( الوطنية ) في الحكم ...  والإسلام قد أشار إلى جماعية حكم الشعب المسلم لنفشه ، وأكد ذلك في قوله تعالى ( وأمرهم شورى بينكم ) ....   

 

إما بالنسبة لحزب البعث ؛ فإن المادة الخامسة من دستوره قد ورد فيها ؛ إن حزب البعث العربي الإشتراكي يؤمن بأن السيادة هي ملك الشعب ، وإن الشعب هو وحده مصدر كل سلطة وقيادة ... وإن قيمة الدولة تتأكد عندما تكون ناجمة عن إرادة الجماهير فيها .... والحزب بذلك لا يعتمد دستورياً على النظام الشمولي ، بل أن أساس حكمه يعتمدعلى التعددية للأحزاب الوطنية والقومية ومساهمة المنظمات الجماهيرية في قرارات الحكم . وكل ذلك لابد أن  يتضمنه  دستور الدولة ، وإن ممارسة الحرية ( الديمقراطية ) لأي مواطن لابد أن تكون في إطار القيم العربية والإسلامية ، وبهذا التحديد يندرج الأكراد والمسيحيين ومختلف القوميات والديانات الأخرى ... وحتى يكون المواطن قادراً على الممارسة الواعية للديموقراطية لابد أن تنهض الدولة بأجهزة ومؤسسات التربية والتعليم ، والوصول إلى مستوى تعليم جميع أبناء الشعب وبلا إستثناء .... فالديمقراطية بالنسبة للبعث هي ليست مجرد إنتخابات وتصعيد الممثلين الجيدين لأبناء الشعب ، بل هي عملية بناء وتطور ... ولايمكن أن يتم ذلك إلّا بشعبٍ متعلم قادر على اللحاق بركب الأمم المتطورة والوصول إلى مستواها وبالأخص منها التطور الصناعي وبأقصر وقتٍ ممكن ...

 

إن ممارسة المواطن للحرية ، التي تمثل واحدة من أهداف الحزب الثلاث ، يفسر بها ما يعنيه من تقرير هدفيه الآخرين في الوحدة والإشتراكية . فتثبيت تحرر الوطن العربي بكل أقطاره  وتكامل إقتصاده يكون في وحدة أقطاره التي تمتلك جميع مقومات التقدم بما تمتلكه من ثروات معدنية تغري الدول الطامعة في سرقة ثرواته ، وما يمتلكه من قدرات زراعية ، بالإضافة إلى ما ستوفره هذه الوحدة من قوة رادعة لأي قوة دولية طامعة في إحتلاله ، بالإضافة إلى وقوع هذا الوطن في وسط العالم الذي يربط القارات الثلاث ( آسيا وأفريقيا وأوربا ) .... ورغم كل هذه الأهمية الإستراتيجية لموقعه ، فإن نظرة البعث لكل شعوب العالم هي نظرة إنسانية وتريد لهم العيش بحرية بعيدة عن كل أنواع الإضطهاد .....

 

والحرية بالنسبة للإشتراكية بمفهوم البعث لا تعني تجريد الفرد من كل مايملك بل تعطيه كل حقوقه بالتملك بالحدود التي لا تساعده على إستغلال الآخرين . والحزب يعتبر أن حجب حرية التملك عن الإنسان تفقد عنده روح الإبداع والإبتكار ، وبالتالي ينعكس ذلك على تطور المجتمع ، حيث أن شعور الإنسان بأن إبداعه و إبتكاراته سوف تسلب منه ولايستطيع إمتلاكها والتصرف بها ، فإنه سينكمش على نفسه ويوقف إبتكاراته وجهده الإبداعي الذي يصب في نمو وتطور المجتمع . إما فيما يخص السكن فإن الفرد له حرية تملكه له ، وإن لم يتوفر للفرد هذا السكن ، فإن الدولة هي التي توفر له السكن ... وحتى تقوم الصناعات الكبيرة التي تطور المجتمع بوقت سريع فإن هذه الصناعات لابد أن تكون في إطار القطاع العام .... فحرية التملك في الحدود التي لاتدخل في إطار إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، هي التي تميز إشتراكية البعث عن الإشتراكيات الأخرى في العالم .....         

 

وحيث أن معنى الديمقراطية عند البعث تعتمد على ممارسة الفرد لحريته فإن دستور الدولة لابد أن يؤطر حدود هذه الحرية بحيث لاتتجاوز حدود الأخلاق الإسلامية والتقاليد العربية الأصيلة ، وهو بذلك يبتعد كل البعد عن ديمقراطية الغرب التي لاترعى للأخلاق التي حددتها الرسالات السماوية والإنسانية بأية أهمية ، حتى وصل بها الأمر إلى تحليل قتل النفس التي حرم الله قتلها فقتلت الملايين في هيروشيما ونكازاكي والعراق ولم تراعي في ذلك إلّاً ولاذمة إلامصالح اليهود الذين يسيطروا على مافي هذه البلدان من ثروات وخيرات ، كما وصل الحد بديمقراطيات الغرب إلى أن تنشر الرذيلة والدعارة وإعترفت بمنظماتها وأقرت قوانين الزواج المثلي وغيرذلك على أساس أنها ممارسات تدخل ضمن الحرية الشخصية للفرد ....!!! . كما أصبحت حرية التملك غير المحدود إلى إستغلال الجهد الإنساني للعمال وبأبخس الأثمان من خصائص الليبرالية الغربية التي وضفت أي تطور للآلة الصناعية لصالح رب العمل والتي أدت إلى طرح الملايين من العاطلين الى الشوارع ليفتشوا عن العمل ولقمة العيش ...   

 

وأعتقد أن ما ذكرناه كافيا ليتعرف القاريء الكريم إلى مقدار الفرق ما بين إنسانية الحرية التي يدعو لها البعث لتشكل أساس الديمقراطية التي يدعو لها وليبرالية الغرب والديمقراطية الإنتقائية البعيدة عن طموحات الجماهير وحاجاتها ... وحينما ينقل الغرب الديمقراطية إلى شعوب الدول التي يريد سرقة ثرواتها من دول العالم ، ينقل لها صورة الديمقراطية التي تثير عندها ما يفرق الشعب الواحد ليصفو لهم الجو الذي  ينفذن من  خلاله للسيطرة على ثروات ومقدرات  هذه الشعوب ، كما هوحال الديمقراطية التي نقلتها أمريكيا للعراق بعد إحتلاله بمساعدة معول التهديم ( الديمقراطي ...!! ) ، دولة ولاية الفقيه الذي هيء الأحزاب التي تدعي الدين لتكون معولاً لتهديم العراق عن طريق إثارة النعرة الطائفية .    

 

وأخيراً فإن العروبة بالنسبة للبعث لا يمكن أن تفهم إلا أن من خلال أن يكون الإسلام هو جوهر وروحها . ولذلك كان روح فكر البعث الذي تمثل بتحقيق أهدافه الثلاث ( الوحدة والحرية والإشتراكية ) الإسلام ، وهو ماتوصل إليه القائد المؤسس الرفيق المرحوم أحمد ميشيل عفلق ، والذي أراد من خلال كتاباته أن يكون الفرد العربي ذو ثقافة إسلامية تسعى لوحدة الأمة في إطار نظام خاص بالعدالة الإجتماعية ، وقد قال في إحدى كتاباته ( كان محمداً كل العرب فليكن اليوم كل العرب محمداً ) .............

 

 





السبت ٢ جمادي الثانية ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / نيســان / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد عبد الحياني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة