شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

من المعروف في الفقه السياسي والديني معاُ، أن بين الاثنين خيط رفيع ولكنه متين أسمه الوطنية .. والوطنية كما نراها بحاجة إلى فقه سياسي ينير لها الطريق نحو الحرية والكرامة الإنسانية، كما أن الوطنية في الوقت ذاته، بحاجة إلى فقه ديني ينير لها طريق الهداية الروحية والتسامح والعدل والإنصاف..فكليهما يعززان منهج الوطنية على أرض الواقع، لأن الحياة تجمع بين السياسة والدين، ولا فكاك في عرى الترابط بين العروبة والإسلام.. فإذا انقطع هذا الخيط أرتبك الفقه السياسي، وتوقف الفقه الديني عن أن يكون هادياً .

 

رجل الدين، إذا خاض معترك السياسة لا يجب عليه إلا أن يخوضها وطنياً، ولا ينبغي عليه إلا أن يحتكم إلى منطق الحق والعدل والإنصاف، الذي يصب في خانة الوطنية.. ورجل السياسة وهو يخوض المعترك السياسي من أوسع أبوابه لا يجب أن يَحيدَ عن معايير الوطنية بحال، وإلا بات يفتقر لها ولمعاييرها .. وفي هذا المجرى تبقى الوطنية وثوابتها معياراً لصواب الفقه السياسي والفقه الديني في مدى اقترابه أو ابتعاده عن الوطن والوطنية في ظروف السلم والحرب .

 

فمن الغرابة أن يحاول أحدهم ثقب مركب الوطنية وهو في عرض البحر تتلاطم فيه الأمواج العاتية، ومثل هذه المحاولة، الحكم عليها إما جنون مطبق أو عدم تقدير المخاطر أو لغرض في نفس يعقوب.. لأن المنطق يقول إذا كان الشيخ الجليل الدكتور "محمد عياش الكبيسي" في هذه الظروف العصيبة التي تكالبت فيها على العراق وشعب العراق عصابات صفوية تعمل على تصفية حسابات فارسية حاقدة على العرب والإسلام، وهو الفقيه الديني، لا يعي أن الحالة تقتضي شرعاً منع أو وقف أي محاولة من شأنها تبديد قوة الوطنيين المسلمين، كقوله تعالى " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " وقوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " وقوله تعالى " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون " .. صدق الله العظيم، فأن الحالة تقتضي تبصيره بما هو فيه ، وبما هو عليه حسب قوله تعالى في محكم كتابه العزيز.

 

فهل استدرك شيخنا الجليل هذه الآيات العظام؟ فكيف يثير إشكاليات جانبية في خضم صراعات مصيرية يكافح فيها ويجاهد شعبنا في العراق ضد الظلم والكفر والاستعباد والهيمنة الصفوية المجوسية ؟! ألم يدرك أن مثل هذه المشكلات التي يثيرها تثير نزاعاً لا يرضى عنه الله ورسوله، يفضي إلى فشل الوطنيين المؤمنين فيتفرقوا وتذهب ريحهم هباباً ؟، ثم لماذا هذا التوقيت بالذات وليس قبل سنين عجاف من عمر الصراع مع المستعمر الأمريكي الغازي وأعوانه الصفويين ؟ ثم لماذا يدعو شيخنا الدكتور الكبيسي إلى الإقليم في غرب العراق، في الوقت الذي يعلم علم اليقين بأن الوطنية العراقية ترفض الفيدرالية والإقليم والكونفيدرالية، وهي جميعها مسميات منتجة في مطابخ الغرب الصهيوني .؟

 

فإذا كان شيخنا الجليل الدكتور محمد عياش الكبيسي لا يدرك ذلك فتلك مصيبة وإن كان يدركها فالمصيبة أعظم .!!

 

ودعائنا له بالثبات على الموقف لخدمة شعب العراق، الذي يريد جمع قوى الأمة ووحدة كفاحها وجهادها على طريق الخلاص الوطني، ويرفض من يفرقها ويضعفها في وقت شدتها خدمة لإغراض أعدائها .!!

 

والله من وراء القصد .

 

 





الجمعة ٣٠ جمادي الثانية ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيــار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة