شبكة ذي قار
عـاجـل










كأنهما على موعدٍ معاً، وهما من كان لكل منهما بصمته الخاصة داخل صفوف "البعث" وواجهاته الشعبية والعمالية ... وكما كانا متقاربين في السن، وهما المولودان في منتصف أربعينيات القرن الماضي،


قارب المرض العضال فيما بينهما أيضاً ليجمعهما الموت في الأيام الأخيرة لشهر نيسان المنصرم، في غمرة احتفالات الرفاق بذكرى التأسيس وانطلاقة المقاومة الوطنية في العراق وعز انتفاضة جماهيرها التي تفترش الشوارع والساحات هذه الأيام مطالبةً بربيع حقيقي يعيد العراق إلى حضن أمته، مطهراً من كل أورام التقسيم والمذهبة والطائفية التي يحاول زرعها العملاء.


يغادرنا الرفيقان منذر طالب وفتحي اشراقية، هذه المرة، دون استئذان، وهما من كان الحزب بالنسبة لهما، العائلة والبيت والرفاق وقضايا الناس وفلسطين والعراق والالتزام المتحرر من كل عصبية والزام.


- منذر طالب (أبو نادر)، فضلاً عن مسؤولياته في الحزب، كان واحداً من مؤسسي اللجان الشعبية في طرابلس والميناء، وركناً فاعلاً في مسقط رأسه منطقة القبة – ضهر المغر، حيث ما زال أبناء المنطقة يتذكرون المستوصف الشعبي الذي كان يشرف عليه وكم كانت الخدمات تتوزع على الجميع دونما تمييز أو تفرقة بين هذا وذاك، لاسيما خلال العامين 1975 – 1976 والدور المشرِّف الذي لعبه الرفاق في الدفاع عن منطقة القبة وحمايتها وتعزيز صمود ساكنيها.


- فتحي اشراقية (أبو أنور)، ابن منطقة باب التبانة في أوج انخراطها في العمل الوطني والاجتماعي، حيث كان عنصراً فاعلاً ضمن رفاقه في المنظمة الحزبية، التي كانت بدورها تشرف على المستوصف الشعبي في المنطقة، فضلاً عن مهامه من خلال منظمة كفاح العمال التي عملت بإشراف المكتب العمالي للحزب أوائل سبعينيات القرن الماضي وهو المتميز دائماً في تقديم كل ما أمكن من خدمات للمواطنين، متقرباً من أبناء المنطقة والرفاق وحائزاً على محبة الجميع.


- ومن القبة – ضهر المغر وباب التبانة كان تواصل الرفيقين الراحلين مع كل معارك المدينة وأبنائها ومعركة الوطن دفاعاً عن حريته وعروبته واستقلاله، خاصة في خضم التحديات التي واجهتها البلاد قبل وخلال حرب السنتين دفاعاً عن الثورة الفلسطينية وقضية أبنائها العادلة، جنباً إلى جنب في معارك الدفاع عن حقوق المواطنين ضد احتكار شركة كهرباء قاديشا، وفي سبيل تأمين الرغيف بالأسعار المعقولة وحمايته من شجع المتاجرين بلقمة العيش، إلى تأمين الكتاب المدرسي المجاني للمحتاجين من الطلبة، إلى دعم المستوصفات الشعبية التي أنشأها الحزب بتوجيه وإشراف المناضل الدكتور عبد المجيد الرافعي منذ العام 1958 في الأسواق الداخلية للمدينة، لتتوسع بجهود وعزائم الرفاق في مختلف مناطق طرابلس (التل – الميناء – الحدادين – القبة – التبانة – الزاهرية – أبي سمراء ومنطقة الراهبات) وصولاً إلى مخيمي البداوي والبارد.


منذر طالب وفتحي اشراقية، رفيقان عزيزان ودعهما الرفاق بالأمس، الأول في طرابلس، والثاني في اوستراليا التي رحل إليها في العام 1977 عقب الأوضاع الأمنية القاسية التي تعرض لها الرفاق من قتل واعتقال وتشريد أثناء دخول قوات الردع السوري إلى لبنان وكان قدره أن يموت ويدفن هناك.


أبو نادر وأبو أنور، مناضلان بعثيان ستبقى ذكراهما حافرة في ضمير الرفاق، وحاضرة في يوميات نضالهم اليوم وغداً، والعزاء في رحيلهما أنها مشيئة الخالق عز وجل ولا راد لمشيئته، فلعائلتيهما الصغيرة والكبيرة العزاء والسلوان، ولفقيدينا الرحمة، وإنا لله، وإنا إليه راجعون.

 

 





الثلاثاء ٤ رجــب ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / أيــار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة