شبكة ذي قار
عـاجـل










وصم التاريخ تسمياته بالعار التي تدين العقائد والممارسات العسكرية لكل احتلال، كالفاشية والنازية وغيرها من الحركات التي ارتبطت بممارسات القسوة والقمع الدموي لغيرها. وعبر العالم في كل الظروف عن احترامه وتكريمه للمقاومات الوطنية التي تواجه العسف الاستعماري والقمع الدموي والساعية الى الحرية والانعتاق.


ورغم أن تجارب الأمم الحية ذات التاريخ الحضاري، بما فيها تلك الأمم التي تورطت نخبها بممارسة غرور القوة والغطرسة إلى التورط في جرائم يندى لها الجبين الإنساني، وهكذا سقطت الولايات المتحدة في وحل بتنفيذ الغزوات والمجازر وتكريس ظرف الإحتلال بالقوة ضد الشعب العراقي، زاجة في سجونها وسجون حلفائها، مئات الالوف من صفوة الرجال والنساء الاحرار من ابناء الشعب العراقي ممن رفضوا هذا الاحتلال، وقاوموه قدر استطاعتهم سياسيا وعسكريا حتى هزموه ببسالة منقطعة النظير.


وعندما أقدمت ادارة الاحتلال الامريكية على ارتكاب المجازر بحق شعبنا ومارست قواتها ابشع طرق التعذيب وانتزاع الاعترافات في سجون ابو غريب والمطار .... واطلاق الاحكام إلا أن الكثير منها بعد صحوتها من تلك الغطرسة لا بد أن تدرك مسبقاً أو لاحقاً، إن لكل احتلال نهاية، وان لكل احتلال مقاومة، ومقابل كل غزوة استعمارية، ستكون هناك انتفاضات وثورات وحتى حرب تحرير. وفي خضم تلك المراحل سيسقط بيد العدو الكثيرين من هؤلاء الرافضين والمنتفضين والمقاومين، أسرى ومعتقلين، إضافة إلى الشهداء.


وان هؤلاء الأسرى المقاومين سيكونون، لا محالة، أيقونات للحرية وأمثلة للرجال التي ستفتخر بهم أمتهم، وأجيال العراقيين المتعاقبة ، ومنهم أيضا سيختار شعبنا المنتصر باذن الله في معارك الحرية سادة للعراق، ومنهم سيكون أيضا ذلك الجزء الهام من قادة البلاد المحررة. ولهذا المثال وغيره تسجل العديد من الأمم احترامها لأسراها ومفقوديها وشهدائها، ومهما كانت التهم المفبركة اليوم ضدهم أو تلك التي وجهت ضدهم، خاصة وإن شعبنا قد خبر تاريخ الرجال والنسوة المجاهدين والمجاهدات، وهم الذين خاضوا ببسالة، وبإراداتهم المعارك الشرسة ضد الاحتلال واحتلوا أماكنهم الرائدة في تجارب الكفاح المسلح والنضال السياسي لشعبنا، كثوريين ووطنيين مقاومين.


وفي كل حركات التحرر الوطنية تقدم الوطنيون إلى واجهة المعارك المسلحة والسياسية، والكثير منهم يعرف مُسبقاً إن الدروب إلى الحرية ليست مفروشة دائما بالورود والرياحين، وليس هناك من ضمان الانتصار في كل مواجهة، وطريق الثورة عسير وليس فيه من محطة اسهلة أو مريحة، وإن لم تتعمد الثورات والانتفاضات بالدماء وتنشد لها الحناجر بهتافات النصر، وتسمع آذان الجلادين صرخات المعاناة في مجاهل المعتقلات فإنها لا تنتصر.


والمناضلون من أجل الحرية، يدركون إحتمالية الوقوع في الأسر، ومواجهة المحاكم العسكرية والإستثنائية، وحتى انهم قد هيأوا أنفسهم، نفسيا ووجدانيا لسماع أحكام الإعدام ضدهم أوإحتمال السجن المؤبد، لكنهم بتفائلهم الثوري يظلون منتظرين لفجر الحرية، وفي اي وقت سيقرره شعبهم وجماهيرهم عند الثورة والمقاومة والانتفاضة الباسلة.


ولأنهم من صنف القادة الوطنيين، فان سلطات الاحتلال والأنظمة الدكتاتورية والعميلة، غالبا ما تعزلهم في الزنازين، ظنا منها انها يمكن أن تقتلهم بالعزلة ومحاولة فصلهم عن قضاياهم العادلةح لذا تتعمد اهانتهم، والانتقاص من إنسانيتهم، ومحاولة النيل من معنوياتهم، وتلجأ في الى وضعهم في سجون قد تضم ذوي السوابق العدلية لاجبارهم على التعايش مع اللصوص والسرُاق وعتاة المجرمين من المحكومين لقضايا جنائية أو فساد؛ وبذلك تجعل سلطات القمع من هؤلاء الأبطال في الموقع الحرج وسط عالم من الإجرام والقتلة والشواذ، وهو أسلوب متعمد ورثه الجلادون من تعليم جلاديهم وأسيادهم، في العراق يحاول الجلادون من خلال تلك الاساليب كسر روح المقاومة لدى هؤلاء الابطال من السجناء والأسرى الذين تناقلتهم السجون والمعتقلات الامريكية الى ايادي سجون العملاء .


في كل الحالات عبرت إرادات السجناء والمعتقلين والأسرى عن روح إنسانية عالية، حتى تجاه سجانيهم وجلاديهم، عندما تكفلوا، بصبر يُحسدون عليه، حتى برعاية هؤلاء المجرمين من زملاء السجون، بهدف إصلاحهم، وتفهم دوافع إجرامهم، وتفهم سقوطهم في الرذائل وعالم الاجرام. وتسجل الكثير من الحالات الرائعة في مدارس التجارب الثورية والنضالية في العالم، ومنها مئآثر عراقية لا يمكن حصرها، كيف صارت للسجين السياسي رسالة إنسانية أخرى، تضاف الى دوره الثوري، كمحرر، وقائد، عندما عمل الكثير من المناضلين والثوريين على كسر إرادة السجان وإحباط دوافعه ونوازعه الانتقامية ضد الآخرين، وعرف هؤلاء الثوريون الصامدون كيفية التعامل مع السجان وادارة السجن والقضاة الفاسدين ومؤسسات حقوق الانسان المزيفة. هؤلاء جميعهم بنظر الفكر الثوري هم بشر ومواطنين من أبناء جلدتهم تعرضوا الى الانحراف وتشبعوا بالاحقاد، بحكم حصولهم لوظيفة ساقطة كلفته بها السلطة، او تغذية طائفية او سياسية مغلوطة التوجه الانساني.


لقد سجلت تجارب السجون والمعتقلات في كثير من البلدان، ومنها بلادنا، والحالات الكثيرة لثوار من دول العالم، أين واجهت إن المناضلين، ضحايا الاضطهاد، حالات غنسانية مشرفة لهم، حيث عاملوا سجانيهم بتفهم ودراية كبيرة، وبسمو إنساني، مهما كانت درجة حقد الآخر وتعبئته ضدهم. و في حالات عديدة أعادوه جلاديهم وسجانيهم إلى محيطهم الإنساني، وفي حالات كثيرة أجبروهم، بإنسانيتهم السامية، إلى التراجع أمام تلك الشجاعة اللا متناهية التي يمتلكها الكثير من الأسرى والقادة السياسيين، خاصة، من أؤلئك المؤمنين بحتمية انتصار الحرية والإنعتاق، لا لهم وحدهم، ولا لشعوبهم فقط؛ بل حتى لتحرير السجان والجلاد وإنقاذهم من مظالم السقوط الأخلاقي كمجرمين إمتهنوا التعذيب والقسوة والابتذال الانساني.


في حالات عدة، نقرأها من كم من المذكرات الرائعة لمناضلين وثوار، أو حتى لأشخاص أوقعتهم ظروفهم الوظيفية او المهنية أو السياسية المتطرفة للعمل في إدارات السجون ووزارات العدل والمحاكم ولجان التحقيق، فنجد في نصوصهم، بعد صحوتهم، اعترافات ذات قيمة إنسانية هامة، بعضها امتلكت الشجاعة بالإعتراف، وبعضها تمتلئ بالندم الكبير عن أفعال شانئة، ومنهم من حاول التنصل عن المسؤولية، ولاذ ببعض الأعذار، بعد غياب الشهود والتوثيق، عن مثل تلك السنوات السوداء التي قضوها بعض الجلادين في ممارسة التعذيب والقسوة مع ضحايا الاعتقال السياسي، ومنهم من خدمة الاحتلال الاجنبي لبلاده او النظام السياسي القمعي الذي جندهم كموظفين في مؤسسة القمع التي طالما ما حملت عنان " العدالة".


القليل منهم تحلى بالشجاعة لتحمل مسؤوليته الاخلاقية الكاملة عن ممارساته وقبوله الانخراط الطوعي في خدمة أحط الوظائف التي تحتقرها الانسانية جمعاء الا وهو التعذيب وإدانة الابرياء عن طريق انتزاع المعلومات.


عندما نراجع مذكرات بعض الجلادين النادمين عن أفعالهم المشينة، خاصة ضد الصفوة الثورية من أبناء الامم الأُخرى، ممن رفضوا الاحتلال والاستكانة لشروط الإلغاء الاستعماري لكرامة شعوبهم التي طالما سعت اليها إدارات الاحتلال ومعاونيهم من الخونة، لفرض الاستسلام على الخصم المقاوم العنيد سنستفيد منها عندما تحين لحظة تنفيذ العدالة الانتقالية وانتصار العراق، ليأخذ كل منهم حقه أو عقابه.


لقد بات ذلك الجزء من تلك الافعال في خانة العار الانساني الذي تخجل منه الامم والشعوب التي مارست نخبها وقواتها وجلاديها الفعل المشين بحق الغير. ولا نظن ان احدا من ابناء واحفاد الجستابو الألماني، ومن أدار سجن غوانتانامو او ابي غريب او سجون أو بوكا أو سجون العدو الصهيوني ، وكل من شارك في اعمال لجان التحقيق في الكثير من سجون الانظمة العربية، وحتى من تجند جلادا وقاتلا في صفوف المليشيات السياسية والطائفية، سيفتخر يوما بوظيفة ابيه او جده، كان عنوانه كجلاد أو سجان، او المخبر السري، ، أو محقق يحترف انتزاع الاعترافات وإملائها وفق هواه .


لقد بات العار أبديا بحق كل هؤلاء وهم أورثوه وسرثوه الى أبنائهم وعوائلهم وعشائرهم وأحفادهم.


قد تبدو للبعض من هؤلاء الجلادين أن السجين أو الأسير الأعزل سيكون في موقع الضعف والعزلة والنسيان في مجاهل الاعتقال لحظتها. وقد تبدو لبعض الجلادين انه السلطة المقررة لحياة إنسان، يبدو في نظر الجلاد ضعيفا أو أعزلا، وهو يقف أمام جلاده المدجج بالسلاح، والمتمترس في قلاع السجون والمعتقلات، تحرسه وحدات مدربة خاصة تحترف الإيذاء الجسدي والمعنوي للسجين، ويتعامل مع النصوص القانونية كأدوات للتجريم والإسقاط العمدي في تهم جاهزة ومعدة على المقاس المطلوب، لكن مثل تلك الملاحظة والوهم الذي عاشه كل الجلادين كثيراً ما يسقط ويتراجع أمام الحقائق الصادمة التي أفرزتها مواقف وتجارب المناضلين الصلبين ومذكراتهم التي باتت دروسا هامة من صفحات التاريخ الانساني.


إذا ما عرفنا الكثير من الأمثلة التي تعيد المواجهة بين المعتقل والسجين وجلاده إلى الاتجاه المعاكس تماما، فهؤلاء الأسرى يتصفون أولا بالشجاعة والايمان بقضاياهم ، وبقدرات لا حدود لها من الصبر والذكاء والفطنة والتسلح بالإرادة والصمود، وحتى بإمكانيات النجاح في إدارة التنظيمات الثورية، والارتباط مع بقية المناضلين الآخرين داخل وخارج السجن.


وعندما تنضج ظروف التنظيم الناجح بين المناضلين في السجن الواحد او عبر مجموعة من السجون والمعتقلات تبدأ معارك الاحتجاجات ضد المظالم والتعذيب والمعاملة اللا إنسانية، تبدأ برفع المذكرات والاتصال بالمنظمات الحقوقية والمحامين، وبعدها الشروع بتنظيم الإضرابات، وصولا الى الاضراب عن الطعام، كحالة تحدي قصوى بمقابلة القمع بالجوع والاستعداد الى الموت والشهادة، لفضح سلوكيات السجانين وإدارات المؤسسات العقابية التي تُسير تلك السجون، وبالتالي فضح الانظمة وسلطات الاحتلال.


يكرر وزير العدل الفرنسي الأسبق إدمون ميشليه، الذي استوزره الجنرال ديغول خلال السنوات الاخيرة للاحتلال الفرنسي للجزائر، أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، إعجابه بقدرة جبهة التحرير الوطني الجزائرية على تنظيم مناضليها، والاتصال بأسراها وهم في أعماق مجاهل السجون الفرنسية الرهيبة.


ويعترف الوزير باعجاب عن تلك القدرة لهؤلاء المناضلين والمجاهدين الجزائريين وقدرة النجاح لجبهة التحرير الوطني الجزائرية ومناضليها على تنظيم مواطنيها سواء داخل الجزائر المحتلة او في بلدان المتروبول [ داخل فرنسا]، على الجهة الأخرى من المتوسط، ويعترف ذلك الوزير بنجاح الثورة الجزائرية وقدرة قيادتها على ربط المناضلين احرارا كانوا او معتقلين في الانخراط بتنظيمات الثورة، ومواجهة كل الظروف والاحتمالات التي يفرضها الالتزام الثوري للوصول بقضية التحرير الى الانتصار النهائي ونجاح الثورة.


وبهذا عبر الوزير الفرنسي عن تجربته وإستخلاصاته من وظيفته ومهامه كمشرف عام على السجون الفرنسية فيتوصل إلى الحقيقة الثابتة التالية : إن تلك القدرة التنظيمية العالية هي سر الانتصار التالي الذي حققه المناضلون الجزائريون بتحرير بلدهم. وهنا اجد من القيمة ذكر مثل هذه الامثلة لثوار واسرى العراق وهم في سجونهم الرهيبة. وهي تذكرة للجلادين الجدد الذين يتحدثون عن مظلومياتهم وينسون جسامة مظالنهم المرعبة في العراق.


ورغم أن الرجل الفرنسي، إدمون ميشليه ، الذي سبق له ن عاش سجينا في ظروف الاحتلال النازي لفرنسا، لكنه تناسى كل دروس الحرية حين ظن أن التجارب الثورية للشعوب قد تختلف من حالة إلى أخرى، وعندما قبل مهمة الاشراف على وزارة العدل الفرنسية، وعندما تقلد وظيفة تسيير المظالم في وزارة العدل الفرنسية وجد أنه لا يمكن ان يكون للعدل فيها موقعا؛ طالما ان دولته تمارس الاحتلال والقمع والاستباحة لبلد وشعب الجزائر الذي ظل يطالب بالحرية والاستقلال طوال 130 سنة من العهد الاستعماري والاحتلال.


ربما يكون إدمون ميشليه، من القلائل الذين أدركوا استحالة تحقيق عدل في ظل سلطات الاحتلال، لكنه رغم ذلك قبل المهمة التي كلفه بها الجنرال ديغول بمهمة تسيير وزارة العدل وسجونها ولجان تحقيقها فوجد نفسه أمام السؤال المحير الذي عاشه وهو سجين مقاوم يطالب بتحرير فرنسا من الاحتلال النازي. اعاد السؤال على نفسه وزيرا : من هم هؤلاء السجناء من الجزائريين الذين يقفون أمامه؟، وتصل الى مكتبه تقارير السجون والمعتقلات التي تزدحم بعشرات الالوف منهم، وخاصة ملفات القادة والاسرى؟؟ . وفي لحظة شجاعة ومراجعة مع الذات فجاب في قرارة نفسه : هؤلاء هم قادة دولة الغد للجزائر المحررة، ولا يمكن لاي سبب من الاسباب قبول إهانتهم بالتعذيب وانتزاع الإعترافات منهم بطريقة مخجلة، لان الغد يبشر بالانتصار لهم، مهما طالت ليالي الاحتلال، وتراكمت عذابات الأسر، وطال البعد لهم عن الأهل والأوطان.


أمام ذلك الوزير الفرنسي مرت ملفات العديد من قادة الدولة الجزائرية، ممن كانوا في الأسر، اليوم منهم الكثيرون يتذكرون تلك العذابات والمعاناة القاسية لهم عندما كانوا في الأسر الفرنسي، ومنهم الكثير من قادة جبهة التحرير والثورة الجزائرية، كان منهم الرئيس الراحل احمد بن بله والمناضلين محمد بو ضياف وحسين آيت احمد، ورابح بيطاط ومحمد خيضر، ومصطفى الأشرف الذين خطفتهم القوات الفرنسية في أول قرصنة جوية يسجلها التاريخ المعاصر، عندما تم اجبار انزال طائرتهم المدنية على النزول بالقوة وتم اعتقالهم.


غيرهم الالوف من الشهداء والمجاهدين، كثيرون منهم لم يكتبوا بعد وصفا لمعاناتهم وحالات تعذيبهم على يد الجلادين الفرنسيين، ولا يمكن أبدا أن تحصى حالاتهم وتعداد سني اعتقالهم وحجم معاناتهم وما تعرضوا له من طرائق التعذيب التي باتت تخجل مجد فرنسا الاستعمارية اليوم، عندما لجأت لجان التحقيق انتزاع اعترافاتهم أو إسقاطهم سياسيا ونضاليا في دولة صدعت أسماع العالم بشعارات الثورة الفرنسية . [المساواة والاخوة والديمقراطية].


في داخل السجون الفرنسية عرف القادة الجزائريون كيف يتواصلوا مع قواعدهم الثورية وشعبهم من داخل وخارج السجون، وكانوا مؤمنين بثقة، رغم ثقل الاحكام الاستثنائية ضدهم، بأنهم منتصرون لا محالة،، ومهما كانت ظروف اعتقالهم فهم سيبقون مناضلين سياسيين وثوريين ثابتين على مبادئهم، ولهم قضية وطنية واحدة، يجب ان يعرفها العالم هي التحرير وانتزاع النصر من المحتل، وبكل الوسائل الممكنة، بما فيها النضال الصلب من داخل السجون والمحتشدات والمعتقلات والنفي البعيد.


إن الأحداث السجنية، ومنها إضرابات الجوع والانقطاع عن تناول الطعام وحتى الدواء، كانت وستبقى من وسائل الكفاح الثوري المجيد، عاشوها في ظروف لا تكافؤ فيها، بين الضحية وجلاده، لكنها كانت إحدى الوسائل التي قادت الى الانتصار وفضح التعذيب، وتعرية سلطاته اخلاقيا، وهي وسيلة نضالية تنشر أخبار معاناتهم إلى العالم القريب والبعيد، ومن اهدافها تحريك الوعي لدى أسرهم وشعوبهم وشعوب الآخر، وإضرابات الجوع تصل في تأثيراتها حتى إلى جبهة سكان النظام الاستعماري ومجتمعاته ونخبه الفكرية والسياسية وتحدث صدمة والشعور بالعار، حتى باتت تقليدا ثوريا لكل أحرار العالم عندما يلحقهم الأذى في ظروف الاعتقال القسري.


من هنا صارت أخبار صمود المعتقلين والاسرى وتدهور صحتهم والتزامهم القرار والتضامن مع بقية زملائهم تحتل موقع الصدارة في التضامن الانساني لكسب التعاطف معهم وضمان ديمومة التضامن الوطني والعالمي لهم ، ليس معهم كسجناء فقط ؛ بل كمناضلين يسهمون، وهم في الزنازين في كفاح شعبهم الجاثم تحت الاحتلال ببطون خاوية.


ان جبهة العدو العسكرية والسياسية تخشى أن تفضحها إرادة السجناء والأسرى والمعتقلين، فتحاول التكتم على ممارساتها القمعية، لذا تسعى بكل الوسائل على تكميم الأفواه ومحاولات تشتيت تنظيمات المناضلين والثوريين والاسرى وعزل قياداتهم وطلائعهم الواعية ، لكن مثل هذه القضايا ستواجه جدارا صلبا من الإرادات المؤمنة بالانتصار، التي لم يحسب لها السجانون حسابا عند بداية أي إضراب معلن من قبل السجناء، وسرعان ما تكون تلك الاحداث مصدر احراج وحساسية حساسية شديدة للسلطات القمعية ونخبها السياسية، تبدأ ردود الافعال القمعية بالتصاعد مع ظهور ابسط المطالب الانسانية للسجناء، لكنها في النهاية ستتراجع صاغرة أمام استمرار اراداتهم وصمودهم، وهم يقدمون حياتهم مقابل الخلاص من عذابات العدو ومحاولته قهرهم في السجون.


إن صدى صمود السجناء في العراق وفلسطين وغوانتانامو وسجون الانظمة القمعية في كل انحاء العالم يظل مدرسة للحرية لكل شعب يحترم تاريخ كفاحه من اجل الخلاص من الذل والقهر والاستبداد. وان صرخة الحرية في أي سجن تخاطب العالم الحر كله، وغالبا ما تكسر قانون الصمت وحديد الزنازين ووحشتها وصلافة جلاديها.


من السجناء القليل ممن أُتيحت لهم الفرصة فكتب ونشر تجربته النضالية ، ومنهم من تمكن أن يعبر عن إرادته في المقاومة على جبهة فضح الجلادين اينما كانوا، لإلحاق الهزيمة في صفوف أعداء الحرية وفضح السلطات الغاشمة في كل مكان. لدينا تجربة هامة للمناضل الجزائري الراحل بشير بو معزة حين كتب عن تجربته في كسر قانون الصمت الاستعماري، وهو من قاد يوماً عددا من الإضرابات البطولية للقادة الجزائريين المحتجزين داخل السجون الفرنسية، وعلى ارض فرنسا الاستعمارية عبر البحر المتوسط، وقف بومعزة صامدا و معه لبى نداءه كل مناضلي الثورة الجزائرية، قيادة وقواعد.


المجاهد الثائر الراحل بشير بومعزة، المسؤول السابق في فيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا كان المسؤول، في ذلك الوقت، عن إضراب معتقلي جبهة التحرير الوطني المسجونين في معتقل قرين، اهتدى إلى أن الإضراب عن الطعام داخل سجن قرين سيهزم جبروت فرنسا الاستعمارية في عقر دارها. وفرنسا الاستعمارية ظنت ، بعد عجزها قهرهم بوسائل التعذيب وتنفيذ حكم الإعدام، وانها ظنت أنها تهزم إرادة المعتقلين الجزائريين بالترهيب داخل السجون مهددة إياهم بالموت البطئ، واظهرت السلطات الفرنسية الغاشمة اللامبالاة تجاه وضعهم الإنساني والصحي المتدهور، وهم يقتربون من لحظة الموت جوعا ببطون خاوية.


دولة الديمقراطية والحرية والمساواة وسلطاتها الاستعمارية والإحتلالية كانت تشاهد أحرار الجزائر يتساقطون الواحد تلو الآخر في زنازينهم، بتأثير الجوع والعطش والآلام والأمراض الأخرى.
لكن الدرس الذي تعلمته فرنسا، وإدارات سجونها، أنها كلما حاولت كسر الإضراب عن الطعام وتفتيت تنظيمات المضربين وعزلهم عن بعضهم البعض، زادتهم ممارساتها قوة وصلابة وإرادة اكبر لانتزاع النصر.


في احد المرات، وفي عهد الوزير إدمون ميشليه، وكما يسجل مستشاره آنذاك، إرفيه بورج، في كتابه " ذاكرة عصر" : سارع السجانون إلى قطع المياه عن المعتقلين الممتنعين عن تناول الطعام، فيما وزعت ادارات السجون الحليب عليهم، كانت الفكرة لدى السجانين: أن المعتقلين، عندما يشربون الحليب بدل الماء، فإنهم سيتغذون، وسيفشل إضرابهم عن الطعام؛ لكن المعتقلين والأسرى الجزائريين لم ينخدعوا بتلك المحاولة، فواصلوا الاضراب، ورفضوا إطفاء عطشهم بالحليب المتوفر في الزنازين، استمروا على اضراب الجوع وهم يدركون إن فقدان السوائل تدريجيا من أجساد المضربين سيقود إلى هلاكهم وبسرعة.


وعندما أدركت السلطات الاستعمارية الفشل بكل تلك المحاولات، سارعت بإطلاق الماء إلى الحنفيات. وتلك معركة سجلها بشير بو معزة، ووردت في كتابات العديد من المنصفين الفرنسيين، ومنهم بيار هنري سيمون في صرخته في كتابه " ضد التعذيب"، الصادر من دار نشر لوسوي بباريس 1957، وكتاب الصحافي المعتقل والمُعذب هنري أليغ، المعنون " الاستجواب " الصادر بباريس في عام 1957. بعدها قام بشير بو معزة بفضح التعذيب في الجزائر في كتابه الصادر بالفرنسية الذي عنونه " الغرغرينة"، مستندا إلى التحقيقات التي جرت معه شخصيا فاضحا جرائم الاستعمار ضد الاحرار الجزائريين .


كتابه يظل وثيقة هامة ودامغة تكشف العار الاستعماري وهمجيته في تصفية المناضلين وتعذيبهم. حينها فقد بشير بو معزة كل أسنانه على اثر الحرمان الطويل من الطعام الذي فرضه على نفسه، في إطار مشاركته في تلك الإضرابات الباسلة عن الطعام التي أطلقها في سجون الجزائر لوقف صلافة ادارات السجون ولجان تحقيقها وممارسات التعذيب.


ورغم معاناته الصحية، وانهيار صحته، وهزاله الجسدي الذي لازمه لعقود طويلة حتى وفاته قبل سنوات، تمكن بشير بومعزة، وبإرادة حديدية من الهرب من سجن قرين الرهيب. يروي عنه "ارفيه بورج" في مذكراته بكتاب " ذاكرة عصر" : ، وكان في حينها مستشارا في ادارة السجون، وكلفه وزير العدل الفرنسي بمتابعة اوضاع السجناء الجزائريين لدى مكتب وزارة العدل ، فيعترف إرفيه أيضا: انه تعلم كثيراً من تجاربهم، وتوصل منذ نهاية الخمسينيات إن هؤلاء السجناء والأسرى سيكونون هم قادة المستقبل في الجزائر المستقلة، وعلى ضوء تلك العلاقة المحترمة التي مارسها داخل السجن معهم، كان إرفيه يرسم مستقبل العلاقات الفرنسية الجزائرية مستقبلاً.


وبعد نيل الجزائر استقلالها في الخامس من تموز/ جويليه 1962 حظي إرفيه بورج باحترام قادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية وقيادة الجمهورية الجزائرية المستقلة، وتم استدعائه حالا للعمل في إدارات الدولة الجزائرية الفتية في اول حكومة لها، وفاء للموقف الذي وقفه كمثقف فرنسي ومسؤول في احدى الادارات الفرنسية مع احرار الجزائر خلال فترة سجنهم بفرنسا . بعد إعلان الاستقلال مباشرة صار إرفيه بورج من أقرب الشخصيات العاملة في مكتب أول رئيس للجمهورية الجزائرية صيف 1962، أين عمل في مكتب الرئاسة بجانب الرئيس الراحل احمد بن بله، وعمل مستشارا له، وتم تكليفه بعديد المهام الوطنية والدولية، وانتقل بعدها ليكون اقرب مساعدي أول وزير للشباب والرياضة في اول حكومة بعد الاستقلال، كان يقودها الرئيس الحالي عبد العزيز بو تفليقة، ومن ثم التحق إلى وزارة الاقتصاد، ليعمل جنبا إلى جنب مع بشير بو معزة، حتى لحظة مغادرته الجزائر حينها.


وظل إرفيه وعديد من كتاب وممثلي اليسار الفرنسي ممن رفضوا التعذيب والإساءة لأحرار الجزائر اصدقاء، تكن لهم الجزائر وشعبها كل الاحترام والتقدير حتى اليوم وعلى مر الأجيال.


ومن شهادة إرفيه بورج في كتابه " ذاكرة عصر" يشير بورج إلى ذكريات القادة الجزائريين عن سجانيهم وعن أماكن إعتقالهم، وما عاناه البعض من صنوف التعذيب، ومنهم بشير بو معزة، الذي عاد من منفاه، وأسس جمعية 8 ماي 1945، ونشط في الدفاع عن القضية الفلسطينية، واستنكر الحرب على العراق، وكافح الى آخر لحظة في حياته من أجل رفع الحصار الظالم ضد الشعب العراقي، ونشط طوال سنوات الحصار من خلال كتاباته وندواته ومحاضراته داخل الجزائر وخارجها من اجل رفع الحيف عن شعب العراق.


ظل بومعزة وفيا للحرية وللاحرار في كل مكان حتى رحيله عن هذه الدنيا قبل سنوات. وفي عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أصبح بشير بومعزة رئيسا لمجلس الأمة، وهو ثاني موقع في ادارة الدولة الجزائرية، وخلال تلك الفترة زار بشير بومعزة باريس في ماي من عام 2000 ، قبل شهر من زيارة الرئيس بو تفليقة الى باريس. وهناك قال بو معزة وعلى رؤوس الأشهاد، في حفل أقامه على شرفه " جان بيير شفينمان" وزير الدفاع الفرنسي الاسبق، و بالقرب من ساحة بوفو بباريس. خلال حفل العشاء كان ارفيه بورج مشاركا فيه والى جانبه : قال بو معزة مؤشرا للمكان القريب من ذلك الحفل : قبل أكثر من أربعين عاما، جرى تعذيبي في هذا المكان من قبل مديرية الأمن الوطني الفرنسي [DST]. قالها وهو حر ومسؤول كبير في قيادة الدولة الجزائرية.


ذلك هو حكم العدالة الذي ينتظر كل مناضل وسجين سياسي ومقاوم وأسير، هو الحكم المنتظر والمحتوم يوما لاحرار العراق، كما صير القدر والانتصار لاؤلئك الاسرى المجاهدين في ثورة الجزائر، فكانوا مناضلين وبعدها رجال دولة وقادة مجتمع، كانوا بالامس يواجهون جلاد الاستعمار، وهو اليوم يذكرهم بمعانات شعبهم، وهاهم الاحرار يقودون، دولة مستقلة، سيدة وحرة.


كم هي الحالات التي يعيشها اليوم سجناء وأسرى العراق وفلسطين في سجون متماثلة في كل شئ، وهم يعتصرون الإرادة من آلام معدهم وبطونهم الخاوية، الاخبار منذ أشهر وصلت عن انتصار جزئي حققه الأسرى الفلسطينيون بالامس القريب عندما حولت جماهير شعبهم قضيتهم الى قضية واحدة ومصير واحد في داخل السجون وخارجها ليكون الشعب واحدا يقفلا خلف قادته الاسرى والمسجونين ظلما.


والسجناء الفلسطينيون ومثلهم الاسرى العراقيون هم أمثلة ناصعة للتضحية من اجل الحرية ، وهم يسطرون أمامنا ملحمة من ملاحم الحرية والانعتاق، وهم يشدون بآلامهم تلاحم أبناء شعبهم خارج أسوار السجون، وها هي ساحات العز والكرامة تنتفض وتتوسع يوما بعد يوم، وبصمود الاسرى فهم يؤججون مشاعر الفخر والاعتزاز في انتفاضات شعبنا وامتنا الصابرة، وهم بصمودهم يفضحون ديمقراطية الصهاينة وعملاء الاحتلال الامريكي في العراق، هذه الديمقراطية المغطاة بقانون الصمت الذي يفرضه الرعب اليومي للجلادين في السجون والزنازين العراقية والإسرائيلية والايرانية بحماية أمريكية.


وهؤلاء الجلادون الجدد في حكم العراق الذين تاجروا بمظلوميات غيرهم مثلهم مثل الصهاينة الذين ابتذلوا عذابات غيرهم وتاجروا بها وحولوا قصص معانات الشعوب في السجون النازية والفاشية والادعاء بحقهم حصريا من الانتقام من الغير بحجة محارق " الهولوكوست" . اليهود واشباههم من تجار المظلوميات الطائفية يكشفون عن جهلهم لحقائق التاريخ المخلد لأبطال المقاومات الوطنية وحتمية انتصار مقاومة وانتفاضة الشعب العراقي ، طال الزمن أم قصر، ظلت رغبة الانتقام لدى الصهاينة وحلفائهم حمقاء وعمياء من رؤية دروس التاريخ العراقي، وهم يمارسون عبر السجون الممتدة من القدس الى بغداد وبتعاون قوات الاحتلال الامريكي الانتقام من العراق المقاوم، اين تحل في كل السجون والمعتقلات التي فتحها الامريكيون وخلفائهم الخبرات الصهيونية في التعذيب وتدمير حياة الانسان. في تلك المعتقلات تحل ممارسة الشرور بوجه الحقوق ويجري التعامل مع الخصم من دون رجولة، وتندفع الغرائز المتدنية والمنحطة مقترنة بدوافع الإنتقام والإبادة المنظمة ضد احرار شعبنا.


وفي الوقت التي تتناقل وكالات الانباء وتقارير لجان حقوق الانسان فداحة وجرم الممارسات التي تقوم بها ادارات السجون في الحكومة العراقية القائمة منذ الاحتلال الامريكي للعراق، هناك كثير من التقصير والتهاون في تجنيد كل الامكانيات لفضح جرائم التعذيب والمحاكمات والأحكام الرعناء المستندة الى محاضر الاعترافات المنتزعة بوسائل التعذيب وتقارير المخبرين السريين للسلطة وكياناتها السياسية. لا بد من وقف الاهانة لكرامة السجناء والاسرى والمقاومين والوقوف بحزم ضد وسائل ووسائط واساليب ابتزازهم في شرف عوائلهم ونسائهم.


لا بد من ادانة الصمت المريب والتساؤل امام العالم لماذا يجري مثل هذا التكتم من كل الاطراف المتشاركة في العملية السياسية الكسيحة الجارية في العراق. ولماذا السكوت عن اخطر الممارسات الاجرامية لحكومة المالكي وقضائه المسيس ولجانه التحقيقية المسيرة من قبل عصابات المليشيات الاجرامية التي اخترقت وزارات العدل والقضاء والاعلام والداخلية لتشكل وحدة من وحدات الجريمة المنظمة المكلفة بتصفية احرار العراق وقادة مقاومته الوطنية الرافضة للاحتلال ولحكم العملاء.


لجان التحقيق في العراق والعصابات المنظمة التي اخترقت جسد السلطة بات ديدنها الحصول على الاعترافات والإفشاءات وتقديم شهود الزور ، وتنظيم مسرحيات المحاكمات الشكلية، حتى وان كانت ملفاتها مفبركة ومنتزعة اعترافاتها تحت التعذيب. مهمة حكومة المالكي باتت أكثر وضوحا بعد خدمة الاحتلال وتنفيذ بنود الاتفاقيات الامنية صارت تسعى، وفي سباق مع الزمن لإسقاط الأبرياء وارتهان القادة المقاومين كأسرى ورهائن للابتزاز. ووصل الامر الى تنظيم الاعتقالات بحق حلفاء الامس من شركاء العملية السياسية نفسها. وهكذا ينمو الغول الذي تباكى يوما على المظلوميات الطائفية ليصير كابوسا جاثما على صدر شعب العراق يجرم الاخرين من دون خجل من رؤية سجله الارهابي والاجرامي.


هذا الكابوس اللا إنساني وممارسات التعذيب وتنظيم المحاكمات القمعية من قبل حكومة تدعي انها تمثل " دولة القانون" في العراق تفضحها تقارير الامم المتحدة والمنظمات الانسانية ومنظمة العفو الدولية، وتقابلها الإضرابات البطولية والمطالبات الحقوقية والإرادة الوطنية العراقية لانتزاع الحقوق ووقف المظالم وتصليب الارادات التي لا تلين أمام قانون الصمت الاستعماري والإحتلالي والطائفي والإثني المتطرف في العراق.


وكما سقط دعاة الجزائر فرنسية بالأمس، وسودوا صفحات مذكراتهم بالخزي؛ فان دعاة إسرائيل دولة يهودية على تراب فلسطين، ودعاة دولة شيعية او سنية ستقام هنا وهناك هم على طريق تدوين فضائح اخلاقية لا تقل عن السقوط الامريكي وحلفائه.


كما سيسقط معهم العملاء وقادة المليشيات والحكومات التي تتغنى بالمظلوميات التاريخية والطائفية وستنتهي الى صفحات العار تلك القوى التي تتبجح باسم الممارسة الديمقراطية وحكم الائتلافات السياسيوية الطائفية والاغلبيات المشبوهة وهي تحتجز في سجونها الاف الابطال من الاسرى والسجناء والمنتفضين ضد الاحتلال وعمليته السياسية المشبوهة التي باتت جرائمها تزكم الانوف ولا بد من فضحها وفضح قانون الصمت المريب من حولها.


وان غدا لناظره قريب

 

 





الثلاثاء ١٦ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة