شبكة ذي قار
عـاجـل










أقام المركز الثقافي المصري يوم الاربعاء 19 تموز 2013  مؤتمراً عربياً تمثل بطاولة حوار، وذلك بمناسبة مرور مئة عام على انعقاد المؤتمر العربي الأول بباريس في حزيران 1913. ادارة الحوار الدكتور ايمان الجمل الملحق الثقافي المصري في فرنسا، وقدمت المشاركين، الذين تناوبوا الحديث تحت شعار العروبة والفكر القومي العربي. وقد تحدث على التوالي :

 

● علي نافذ المرعبي ـ لبنان

● ماجد نعمة ـ سوريا

● أحمد الشيخ ـ مصر

● هلال العبيدي ـ العراق

 

الصورة من اليمين للشمال : ماجد نعمة ، احمد الشيخ ، ايمان الجمل ، علي المرعبي ، هلال العبيدي

 

 

وتميز الحضور بنخبة من المثقفين والاكاديمين من المشرق والمغرب العربي. و فيما يلي أهم ما جاء في حديث الأستاذ علي نافذ المرعبي، ثم تعقيبه السياسي في نهاية طاولة الحوار وردوده على الأسئلة والمداخلات:

 

السيدات والسادة الحضور

لا بد لي في البداية من ان أتوجه بالشكر للأحبة مسؤولي المكتب والمركز الثقافي المصري بباريس، على اتاحتهم هذه الفرصة الطيبة كي نلتقي اليوم في هذه القاعة، صحبة الأصدقاء الذين سيشاركوني في هذه الطاولة المستديرة، في نقاش علمي وموضوعي يتناول أهم جاني في هويتنا وإنتمائنا، لأن العروبة والفكر القومي العربي هو ألف باء نضالنا، وهو المسار الصحيح الذي سرنا في دربه بقناعة تامة لا تقبل التأويل. وكلما برزت الأمراض المؤسفة من قطرية أو طائفية أو مذهبية أو عرقية، ازدادت قناعتنا بأن الوحدة هي الرد الحقيقي على جملة هذه الأمراض.

 

اتفاقية سايكس ـ بيكو ووعد بلفور

 

كلنا يعرف، ان حالة التشظي التي يعاني منها وطننا العربي الكبير في العصر الحديث، قد بدأ منذ توقيع اتفاقية سايكس ـ بيكو التي ترافقت مع وعد بلفور المشؤوم، ففي الحالة الأولى ادت هذه الاتفاقية إلى تقسيم الوطن العربي إلى دول ودويلات، غير قادرة على تحقيق استقلالها السياسي وسيادتها الوطنية. وفي الحالة الثانية، ادى وعد بلفور إلى اغتصاب فلسطين العربية.

 

في تلك المرحلة، تشكلت البدايات للنهوض القومي العربي. التي أتت رداً موضوعياً على واقع التجزأة الذي فرضه الاستعمار. ففي دمشق، عقد المؤتمر التأسيسي لحزب البعث العربي الاشتراكي في نيسان عام 1947. وفي القاهرة، ادى قيام ثورة 23 يوليو 1952، إلى تأكيد الهوية العربية لمصر. مما ساهم لاحقاً عام 1958 إلى تلاقي الحالتين بإعلان أول وحدة اندماجية بين القطرين المصري والسوري.

 

ايها السيادات و السادة

ان النضال نحو الوحدة، هو السبيل السليم والموضوعي الذي يتحقق من خلال وحدة النضال القومي ولابد ان ترتكز على الفكرة وعلى المستوى. وكما أشار بوضوح الأستاذ ميشيل عفلق: ان الوحدة العربية فكرة ومستوى: ليست الوحدة العربية محصلة أو نتيجة لنضال الشعب العربي من أجل الحرية والاشتراكية، بل هي فكرة جديدة يجب أن ترافق وتوجه هذا النضال، ان إمكانيات الأمة ليست مجموعاً عددياً لأمكانيات أجزائها في حالة الانفصال، بل هي أكثر في الكم ومختلفة في النوع.

 

يبقى هدف الوحدة العربية الشاملة هو الأسمى، الذي يحقق الحضور الحضاري لأمتنا العربية، خاصة أنه لابد ان يترافق مع الحرية والعدالة الإجتماعية. الحرية التي فطر عليها الإنسان، والمساواة بسبل الحياة.

أن أهم سببين لحالة التردي  ـ إضافة لعوامل أخرى ـ هو إتفاقية سايكس ـ بيكو التي أوجدت دولاً ودويلات. ووعد بلفور الذي إستهدف فلسطين.

 

من معوقات تطبيق الوحدة العربية أسباب أشير لأهمها:

ـ دأب الأنظمة القطرية على محاربة فكرة الوحدة لأسباب معروفة لا داعي لتكرارها.

ـ التدخل الأجنبي الدائم ومحاربة التيار القومي العربي. لذلك لا أستغرب ان بريجنسكي تباهى في كتابه "بين جيلين" بقوله: "لقد كنت أو من دعا إلى محاربة فكرة القومية العربية". ويذهب منظري تيار المحافظين الجدد إلى أبعد من ذلك عندما يقولون: أن اتفاقية سايكس ـ بيكو (مع كل سيئاتها) قد تجاوزها الزمن وعلينا ان نرسم الشرق الأوسط الجديد على أسس طائفية ومذهبية وعرقية وخلافه.

 

ـ الوعي المجتمعي بضرورة الوحدة، بقي في الإطار العام عاطفة موسمية أو مشاعر وأحاسيس، تلتهب وتتأجج في مرحلة، لتعود إلى حالة السكينة والجمود. لأن القوى الوحدوية العربية لعوامل متعددة لم تستطع ان تصل إلى القاعدة الشعبية في عموم الوطن العربي، وتفاوت حضورها الشعبي بين قطر وآخر. ولعب عامل محدودية التعليم دوراً في ذلك أيضاً.

 

ـ الانقلابات العسكرية (أستثني منها إلى حد بعيد، 23 يوليو في مصر و17 تموز في العراق) كانت تركب موجة الوحدة العربية وفلسطين، اساءت في غالبها لهدف الوحدة، وكلنا يتذكر مشاريع الوحدة التي كانت تخرج عن الانقلابيين وهي لم تتعدى الأوراق التي كتبت بها هذه البيانات أو تلك المشاريع.

 

النضال الوحدوي

 

أكد الكثير من المفكرين الوحدويين على حقيقة تؤكد ان الشعب العربي لن يحقق وحدة النضال، ما لم يمارس النضال الوحدوي. وأكدوا أيضاً أنهم يبحثون عن الجيل العربي الجديد، الجيل الذي يستمد قيمه من إمكانيات الأمة العربية الكامنة بها. وليس من الواقع المريض.

 

هنا تبرز أهميتين: النضال الوحدوي. والجيل العربي الجديد.

النضال الوحدوي: لا يعني حالات التضامن التي سمعنا عنها وعايشنا بعضها، بل هي أكبر وأبعد من ذلك بكثير.

الجيل العربي الجديد: هو الجيل المؤمن بقناعة فكرية بأمكانات أمته العربية.

 

الأخوة الحضور

العروبة ليست مفهوماً إيدلوجياً أو موقفاً سياسياً، إنها أعمق من ذلك وأكبر، لأنها الحقيقة التي تعبر عن الهوية والانتماء. ولأنها الأصالة الكامنة في داخل كل منا.

المصير العربي من الضروري والحتمي أن يعود إلى الأيدي التي تعرف كيف تصونه وتحميه وتدفعه خطوات إلى الأمام. ولايجوز أن يبقى رهين الحالة الفاسدة والمرتدة التي مزقت كل ماهو خير وبناء وإيجابي في أمتنا العربية. ففي قضايا الأمن القومي العربي، عرفنا كيف نميز بين التراب القومي وحمايته والدفاع عن قدسيته، وبين موقفنا من الأنظمة الرجعية والمرتدة والخائنة.

 

إن التغيير الجذري والمشروع الذي نطمح إلى تحقيقه، من الضروري أن نحققه بإرادتنا وسواعدنا. أؤكد أن أي تدخل أجنبي في وطننا العربي مرفوض، لأنه يأتي من أجل مصالحه، مهما حاول أن يتستر بأسم الحريات أو الحقوق أو الديمقراطية. وفي تاريخنا الحديث والمعاصر شواهد لا تحصى.

 

السيدات والسادة ..

تعملنا في سوح النضال، أننا أمة عربية واحدة، وأن ذلك لن يتحقق إلا في ظل دولة الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج، لأن كل مقومات هذه الوحدة متوفرة موضوعياً وذاتياً، وأن عدم القدرة على تحقيقها لا يعني سوى أننا لم نستطع أن نسير الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح، رغم محاولات خيرة، وستأتي هذه الخطوة.

 

وفي نهاية طاولة الحوار، وبعد حديث كل المشاركين، وتدخلات الحضور بالتعقيب وطرح الأسئلة، قال الأستاذ المرعبي:

حاولت في حديثي، أن ألتزم بموضوع الحوار، فكرياً ونظرياً، ولكن السياسة طغت على أحاديث الأخوة الآخرين، كذلك على مداخلات الحاضرين، هنا لا بد لي من التوضيحات التالية:

 

قال الصديق ماجد نعمة ان هناك تجربة محمد علي باشا النهضوية، وأسهب في الحديث عنها وكيف تحالف الغرب ضده . وهذا حقيقي. ولكني أعتبر ان هناك ثلاث محاولات نهضوية: محاولة محمد علي باشا وجمال عبد الناصر في مصر وتجربة حزب البعث وصدام حسين في العراق واعتبرها الأكثر أهمية. في جميع تلك المحاولات كان التدخل الغربي واضحاً ومباشراً وكلنا يتذكر العدوان الثلاثي على مصر عبد الناصر، والعدوان الثلاثيني ثم الغزو والاحتلال ضد عراق البعث وصدام حسين.

 

أما الصديق أحمد الشيخ، فلا أدري كيف الأمور خلطت لديه بين العروبة والقومية العربية من جهة والأنظمة العربية من جهة ثانية؟ وردد كثيراً في معرض حديثه عن الربيع العربي واصفاً ذلك بالثورة. وأنا أقول أنه ليس أكثر من حراك شعبي عادل ومشروع، استطاع أن يسقط انظمة كان من الضروري اسقاطها، ولكن هذا الحراك لم يرتقي إلى الثورة. فالثورة هي أكبر من الحراك. لأنها تحمل التغيير الشامل والجذري والانقلاب الكامل، وهذا لم نراه في الحراك الشعبي العربي.

 

أما بالنسبة لكل أسئلة الحاضرين، فأنني أود أن أوضح ما يلي:

1 ـ كيف يتوحد العرب في ظل إنعدام الحريات؟ هذا صحيح وأساسي ويجب ان نناضل من أجل الحرية، حرية المواطن وحرية الوطن. ولعل من المعوقات ايضا فشل دول التجزأة. وتردي وضع التعليم، والإنتشار المريع للأمية. وغياب الاستقلال السياسي. وعدم البناء الاقتصادي الوطني. أضافة لعوامل أخرى متعددة، لأني لا أريد الاطالة.

 

تساءل أحد الحضور عن التاريخ واعادة كتابة التاريخ؟ وهذا صحيح أيضاً، وهنا أحب أن أروي لكم ما يلي: في الثمانينات على ما أذكر دعا الرئيس الشهيد صدام حسين في حديث له أمام مجمع المؤرخين العرب، الذي دعاه للانعقاد آنذاك ببغداد إلى إعادة كتابة التاريخ العربي بشكل علمي وموضوعي وتنقيته من كل الشوائب التي ادخلت عليه. وبعد عدوان 1991 على العراق، سئل الرئيس الفرنسي فرانسو ميتران: لماذا دخلت الحرب ضد العراق وكانت لكم علاقات سياسية واقتصادية متميزة معه؟ قال: "كيف تريدون أن نسكت عن رجل يريد اعادة كتابة التاريخ؟! ولا أطيق أن أرى الجندي العراقي على حدود "اسرائيل" ويهدد أمنها وسلامتها!!"... وأترك لكم التفكير ملياً بذلك!!

 

أما الأخوة الذين قالوا وتساءلوا عن دور العرب، في حال "العدوان" على ايران وتوجيه ضربة امريكية أو صهيونية ضدها أو ضد مراكزها النووية. فأنني أعيد ما أكدته منذ سنوات وحتى اليوم في مقالاتي او احاديثي التلفزيونية: لن تكون هناك أي ضربة ضد ايران. علينا أن ندرك ـ أيها الأخوة والأخوات ـ أن هناك محور شر امريكي ـ صهيوني ـ ايراني، يستهدف الأمة العربية. وزير الحرس الثوري الايراني قالها: لولانا لما تمكنت امريكا من احتلال بغداد وكابول. بعد احتلال العراق سلمت امريكا، عملاء ايران السلطة في العراق المحتل. أحمد نجادي " الثوري جداً"  كان من أوائل الرؤوساء الذين زاروا العراق المحتل ونزل ضيفاً بالمنطقة الخضراء ببغداد بحراسة جنود "الشيطان الاكبر"؟!

 

وأخيراً تطرق الأستاذ المرعبي إلى مواضيع حول العروبة ومنظومة دول عدم الانحياز. وموضوع المستشرقين الذين ساهم عدد كبير منهم بتشويه التاريخ والمفاهيم العربية.

 

 





الخميس ١٨ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة