شبكة ذي قار
عـاجـل










كنا نشرنا قبل أيام هنا و هنا القسمين الأول والثاني من الدراسة القانوينة التحليلية الموثَّقة التي كتبها وزير خارجية العهد الوطني الدكتور ناجي صبري الحديثي بشأن الضجيج الاعلامي المكثَّف حول ( إخراج العراق من الفصل السابع ) الذي انطلق إثر تبني مجلس الأمن الدولي قراره 2107.

 

ويسر وجهات نظر أن تنشر اليوم القسم الثالث من هذه الدراسة المهمة والذي يتضمن عرضاً لطبيعة القرار 687 لعام 1991 وكيفية صياغته والتدخلات الأميركية السافرة في ذلك وفي تشكيل اللجنة الخاصة للتفتيش عن أسلحة العراق وإزالتها، معززاً بالوثائق الضرورية.

 
 

العراق والفصل السابع، قصة الدخول والخروج

القسم الثالث : القرار الحاضنة للمنتهي والمستمر من تدابير الفصل السابع

 

وجهات نظر

ناجي صبري الحديثي

 

نصَّ القرار 2107 في 27 حزيران / يونيو الماضي على استمرار اثنين من تدابير الفصل السابع اللذين يعدان من أخطر الانتهاكات لسيادة العراق وحقوقه ومصالحه الوطنية فضلا عن انتهاكهما قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وهذان التدبيران اللذان أهمل الإعلام الإشارة إلى استمرارهما وضررهما الجسيم، تحت وابل من الدعاية الغوغائية عما سمي ب(خروج العراق من الفصل السابع)، هما التعويضات وتخطيط الحدود مع الكويت، اللذان فرضهما مجلس الأمن على العراق بموجب القرار 687 لعام 1991 المتخذ بموجب الفصل السابع وهو القرار الحاضنة لكل التدابير الظالمة التي فرضها مجلس الأمن على العراق بموجب الفصل السابع سواء التي انتهت أو تلك المستمرة حتى الآن.

 

يقول القرار الجديد (2107)  أن مجلس الأمن يرحب بـ  "ما أظهره العراق باستمرار من التزام بالتنفيذ الكامل للالتزامات المتبقية في إطار قرارات الفصل السابع ذات الصلة، وهي مواصلة دفع مبلغ التعويض غير المسدد الذي تديره لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة، وبما يبذله العراق والكويت من جهود لتعزيز الاستقرار الإقليمي". كما يرحب "بكافة الخطوات الإيجابية التي اتخذﺗﻬا حكومة العراق للوفاء بالقرار 833 لعام 1993". وهذه إشارة صريحة الى أن الحكومة الحالية قد أبلغت الأمم المتحدة التزامها بـعدم الاعتراض على استمرار هذين التدبيرين المجحفتين المفروضين بموجب الفصل السابع. 

 

وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد تحدث في تقريره المقدم الى مجلس الأمن يوم 17 حزيران/ يونيو 2013 عشية اتخاذ القرار عن إحداهما، وهي التزام الحكومة القائمة حاليا في العراق بمتابعة تنفيذ قرار تخطيط الحدود قائلا في الفقرة 22: "أدى وفاء العراق مؤخرا بالتزاماته المتبقية بموجب الفصل السابع فيما يتعلق بحدوده المشتركة مع الكويت إلى ﺗﻬيئة ظروف مؤاتية لإحراز مزيد من التقدم في العلاقات بين البلدين". كما يـُفهم من كلامه ان الحكومة الحالية في العراق لم تثر مع الأمم المتحدة هذين التدبيرين المجحفين واستمرارهما، وأن كل ما طلبته هو نقل التعامل مع الملفات الكويتية الثلاثة (المفقودون والممتلكات والأرشيف) من الفصل السابع الى الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة. يقول تقرير الأمين العام: "... كما أشار رئيس الوزراء [نوري كامل المالكي]، إلى ضرورة إﻧﻬاء التزامات بلده بموجب الفصل السابع في ما يتعلق بالممتلكات الكويتية والمحفوظات الكويتية والمفقودين من الكويتيين ورعايا البلدان الثالثة، وإلى ضرورة معالجة هذه المسائل في إطار الفصل السادس من الميثاق.ِ" وهذه الملفات تناولناها في القسم الثاني من هذه الدراسة، هنا، وبيـّنا بالوقائع والوثائق انتهاءها قبل الغزو والاحتلال بفترات تتراوح من 12 عاما الى 22 عاما.

 

ويستند القرار 833 لعام 1993 المشار اليه في أعلاه في سياق الحديث عن تخطيط الحدود  الى القرار 687  الذي يعتبر أم الكوارث التي عصفت بالعراق في إطار قرارات الفصل السابع. فما هو هذا القرار وما خلفياته وما الذي أتى به؟

 

687 - قرار لمجلس الأمن أم معاهدة استسلام؟

كان الحكومة العراقية قد أكملت سحب قواتها من الكويت يوم 27 شباط/ فبراير وأبلغت الأمم المتحدة في اليوم نفسه موافقتها على القرار 662 (1991) الذي طلب من العراق إلغاء جميع الإجراءات والقرارات التي اتخذها بشأن الكويت، و القرار 674 (1991) الذي طلب من العراق إعلان قبوله المسؤولية بموجب القانون الدولي عن التعويض عن الأضرار التي تسبب بها تدخله العسكري في الكويت. وهذان القراران هما كل ما بقي من قرارات لم يكن العراق في حينه قد امتثل لها من بين القرارات الإثني عشر التي أصدرها مجلس الأمن في الفترة بين 2 آب/ أغسطس و 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1990 قبل الحرب الثلاثينية على العراق. كما أبلغت الحكومة العراقية الأمم المتحدة استعدادها لإطلاق سراح أسرى الحرب وإعادتهم إلى أوطانهم مباشرة بعد وقف إطلاق النار.

 

لكن الرئيس الأميركي جورج هـ. بوش جدد في خطابه يوم 28 /2/ 1991 ، كما أوضحنا في القسم الثاني من هذه الدراسة، مطالبة العراق بالامتثال لكل القرارات الإثني عشر المذكورة. وبناء على طلبه اجتمع مجلس الأمن في 2/3/1991 وكرر ذات الموقف وذات المطالبة وامتنع عن إصدار قرار بوقف إطلاق النار. وكان غرض الولايات المتحدة واضحا: تجميد حالة الحرب مؤقتا وإبقاء التهديد بها قائما ريثما تنتهي من صياغة قرار جديد ينوب فيه مجلس الأمن عنها، بصفتها الدولة المنتصرة، في فرض معاهدة استسلام أو عقد إذعان بشروط تعسفية قاسية على الدولة المهزومة. وهذا ما تجسد في القرار الخطير 687 الذي صاغته الولايات المتحدة واعتمده مجلس الأمن تحت الفصل السابع في 3 نيسان/أبريل 1991 بقصد توفير إطار دولي واسع وشامل لتحقيق بقية عناصر حملتها الحربية الاستعمارية على العراق، بعد أن شنت عليه في إطار هذه الحملة حربين مدمرتين هما حرب الحصار الاقتصادي الشامل المتواصل منذ 6/8/1990  والحرب الثلاثينية الشاملة في الشهرين الأولى من عام 1991. والهدف بالطبع هو مواصلة إنهاك دولة العراق الوطنية حكومة وشعبا واستنزاف قدراتها ومواردها الاقتصادية والعسكرية والبشرية وتعجيزها تمهيدا لغزوها واحتلالها وتدميرها في موعد لاحق، خدمة للهدفين الستراتيجيين لحملتها الحربية الاستعمارية على العراق وهما: ضمان أمن إسرائيل والهيمنة على نفط العراق.

 

وهذا القرار غريب شكلا ومضمونا. هو أضخم قرار في تاريخ الأمم المتحدة إذ يتكون من 3613 كلمة. وضمت ديباجته 25 فقرة. وبلغ عدد فقراته العاملة 34 فقرة موزعة على تسعة أقسام. أهم هذه الأقسام هو القسم (أ) الذي فرض فيه مجلس الأمن تخطيط  الحدود بين العراق والكويت، والقسم (ج) الذي فرض فيه المجلس على العراق أن يدمر، تحت إشراف مجلس الأمن، جميع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والصواريخ التسيارية (البالستية) التي يزيد مداها عن 150 كيلومتراً وجميع المواد التي تدخل في صناعة الأسلحة النووية وكل ما يتصل بها من مرافق، والقسم (هـ) الذي فرض المجلس لنفسه بموجبه سلطة قضائية تفصل في مطالبات التعويض عما تسبب به التدخل العراقي في الكويت من أضرار للغير، والقسم (و) الذي تنصل فيه المجلس عن تعهده إلغاء الحصار الذي فرضه على العراق بقراره رقم 661 في 6/8/1990 بهدف إجباره على الامتثال لقرراه 660 في 2/8/1990 بالانسحاب من الكويت، والذي يضم قراره بمد نظام العقوبات ووضع  هدف جديد له هو قيام العراق بتنفيذ القسم (ج) أعلاه واقتناع مجلس الأمن بذلك. وجاءت الفقرة 33 لتنص على ان وقف إطلاق النار في الحرب على العراق رهن بموافقة العراق خطيا على الأحكام الواردة في هذا القرار.

 

أما عن مضمونه فالقرار حافل بالغرائب والعجائب مما يخالف وينتهك قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والمبادئ والقواعد الأساسية في التشريعات القانونية في العالم أجمع. وفيما يأتي أهم المخالفات والانتهاكات القانونية في القرار:

 

1.     فرض مجلس الأمن في خطوة لا سابق لها في تاريخ الأمم المتحدة تخطيط الحدود بين العراق والكويت خروجا على الممارسات والتقاليد المستقرة في القانون الدولي بشأن معالجة النزاعات على الحدود بين الدول والتي تقوم على قاعدة الاتفاق بين الأطراف المتنازعة أو اللجوء للجهاز القضائي الوحيد التابع للأمم المتحدة أي محكمة العدل الدولية للفصل في الخلاف الحدودي.

 

وخروجا على سلطاته المحددة بميثاق الأمم المتحدة منح مجلس الأمن نفسه سلطة قضائية للفصل في مطالبات التعويض عن الأضرار الناجمة عن التدخل العسكري العراقي في الكويت، بينما تــُعالج مسألة التعويضات إما باتفاق الأطراف المعنية أو باللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

 

فـرض تشكيل قوة مراقبة للحدود بين العراق والكويت بسلطة الفصل السابع وبدون موافقة العراق وهو أحد الطرفين المعنيين كما هو متبع في ممارسات الأمم المتحدة المماثلة.

 

تنكر مجلس الأمن للتعهد الذي قطعه على نفسه في قراره 661 في 6/8/1990، بإلغاء تدابير الحصار الظالم التي فرضها على العراق بموجبه، في حالة امتثال العراق لقرار المجلس 660 في 2/8/1990 الذي طلب من العراق الانسحاب من الكويت. لكن المجلس خالف كل أعراف التعامل القانوني للهيئات الدولية المستقلة وغير المتحيزة، وتملص من تعهده بعد أن امتثل العراق لهذا القرار وسحب قواته من الكويت يوم27 /2/1991 وزال المسوغ القانوني لبقاء نظام العقوبات.

 

وإمعانا في إلحاق الأذى بالعراق وشعبه، خلافا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي وتحديا لتقارير الهيئات الإنسانية والقانونية الدولية التي كانت تحذر من العواقب الوخيمة لنظام العقوبات على الشعب العراقي، مد المجلس نظام العقوبات الخانق ووضع له شرطا جديدا بعد أن امتثل العراق للشرط الأصلي. فأصبح الشرط الجديد أن يقوم العراق، تحت إشراف لجنة خاصة شكلها المجلس بموجب هذا القرار نفسه وترتبط به مباشرة، بتدمير ما أسماه المجلس بأسلحة العراق والكيماوية والبيولوجية والمواد التي تدخل في صناعة الأسلحة النووية وصواريخه التسيارية (البالستية) التي يزيد مداها عن 150 كيلومترا وجميع ما يرتبط  بها من مخزونات ومرافق.

 

وقدم مجلس الأمن دليلا واضحا على أن حماية أمن اسرائيل، بكل ما يعنيه من اغتصاب لفلسطين وعدوان وتوسع على حساب الدول العربية، هو أحد الهدفين الأساسيين للحملة الحربية الاستعمارية الأميركية على العراق والذي صيغ القرار687  إطارا دوليا لها. كما تضمن ممارسة نموذجية لازدواجية المعايير في انتهاك صارخ لواحد من أهم مبادئ الأمم المتحدة وهو مبدأ المساواة في السيادة (المادة 2 الفصل 1 من الميثاق). فقد استهدف القرار القضاء على التطور العلمي في العراق بتجريده من جميع منظومات البحث العلمي والحفاظ على أمن إسرائيل من خلال تجريد العراق من سلاحه الكيماوي (وهو سلاح الدمار الشامل الوحيد الذي بحوزته وسبق أن أعلن عنه قبل الحرب بوصفه سلاحا للردع بوجه التهديد الإسرائيلي)، وتدمير صواريخه بعيدة المدى التي يمكن ان يرد بها على اسرائيل دفاعا عن النفس كما فعل في أثناء الحرب الثلاثينية. ففي حين أولى القرار أهمية كبيرة لمسألة نزع اسلحة العراق وخصص لها 12 فقرة من فقرات ديباجته (حوالي نصف عددها الكلي) وفي خمس من فقراته العاملة في القسم ج، فقد تطرق في فقرة واحدة على نحو ضعيف جدا الى مسألة مطالبة الدول العربية وكثير من دول العالم بضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. ونشير هنا الى الفقرة  14 التي تقول نصا: (يلاحظ أن الإجراءات التي من المقرر أن يتخذها العراق والواردة في الفقرات 8 إلى 13 تمثل خطوات نحو هدف إنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من أسلحة التدمير الشامل وجميع قذائف إيصالها، وهدف فرض حظر عالمي على الأسلحة الكيماوية). فبينما بدأ القرار كل واحدة من الفقرات الأربع العاملة 8 و 9 و 10 و 12 من القسم (ج) الموجهة ضد العراق بكلمة (يقرر)، بدأ الفقرة 14  كما هو واضح في أعلاه بكلمة (يلاحظ)، مما أفرغها من أي صيغة إلزام، فضلا عن كونها غامضة وعائمة وغير محددة ولا قيمة عملية لها، حيث تجاهلت شمول منطقة الشرق الأوسط برمتها وتحدثت بدلا من ذلك عن إنشاء منطقة (مجردة من اداة التعريف والتحديد ال) خالية من أسلحة الدمار الشامل بدون أي تحديد أين ومتى ومن المشمول بها؟ كما لم يحدد القرار أي آليات لتنفيذ هذه الفقرة، خلافا للشرح التفصيلي المطول لآليات تنفيذ متطلبات القرار في ما يخص العراق. وفي مقابل النص الملزم للعراق في الفقرة  11 التي تقول: (يدعو العراق إلى أن يؤكد من جديد، دون أي شرط، التزاماته المقررة بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، المؤرخة 1 تموز/يوليه 1968)، تجنب القرار الإشارة، ولو من باب الموازنة الصورية مجاملة للدول العربية، إلى ضرورة انضمام إسرائيل الى هذه المعاهدة التي انضم لها العراق وكل الدول العربية، وضرورة إخضاع منشآتها النووية لرقابتها.

 

وخلافا لمقاصد الأمم المتحدة (الفصل 1 المادة 1) وللمبادئ التي نصَّت عليها جميع صكوك حقوق الإنسان العالمية، وأولها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  وفي المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1985 فقد قـَلـَبَ مجلس الأمن القواعد المتعارف عليها في كل التشريعات القانونية التي عرفتها الإنسانية، ومنها القاعدتان القانونيتان المعروفتان (البينة على من ادّعَى) و (المتهم بريء حتى تـَـثــُبت إدانتـُه)، وفرض بدلا منهما في التعامل مع العراق بخصوص ملف الأسلحة نهجين غريبين هما (البينة على من أدُعـِيَ عليه) و (المتهم مـُدان حتى يـُـثبـِت براءته بنفسه). فأصبح العراق، في عرف مجلس الأمن، مداناً بموجب هذا القرار بحيازة أسلحة محظورة من شأنها تهديد السلم والأمن الدولي، مما يتوجب عليه أن يتولى عبء إثبات براءته من التهمة الموجهة إليه وأن يقتنع مجلس الأمن ببراءته.

 

فرض مجلس الأمن لنفسه في هذا القرار سلطة الفصل في عدة أمور ومنها الإدعاء الخطير الذي وجهه  ضد العراق في القرار نفسه بأنه يشكل تهديدا للأمن والسلم الدولي بحيازته أسلحة محظورة. وبذلك منح نفسه سلطة قضائية، فبات يشمله، بصورة أو أخرى، التوصيف القانوني في القانون الدولي لمن يتولى سلطة القضاء حسب جميع صكوك حقوق الإنسان العالمية وهو وجوب تمتع من يتولى السلطة القضائية بالاستقلال والنزاهة والحيادية. وحتى لو أغفلنا الحقيقة المتمثلة في أن ميثاق الأمم المتحدة لم يفوض مجلس الأمن أي سلطة قضائية وحصرها في محكمة العدل الدولية فإن مجلس الأمن لم يعد في البيئة الدولية الجديدة بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1989-  1990 يتمتع بأي درجة معقولة من الاستقلال والنزاهة والحيادية في كل ما يتصل بالعراق، على وجه الخصوص، بعد أن وقع تحت النفوذ الكامل للولايات المتحدة التي قادت الحملة الحربية الاستعمارية على العراق بالتعاون مع حليفتها التابعة بريطانيا منذ آب /أغسطس 1990، ولم تخفيا مساعيهما لتدميره وإنهاك شعبه وتكبيل نظامه الوطني والإطاحة به. وهكذا بات مجلس الأمن هو الخصم والحَـكـَم في آن معا.

 

ولقد انعكست هذه الحقيقة على اللجنة الخاصة للتفتيش عن أسلحة العراق وإزالتها (UNSCOM)  وفرق وتشكيلات الوكالة الدولية للطاقة الذرية اللتين منحهما  مجلس الأمن صلاحية رفع التوصية الى مجلس الأمن بأن العراق قد أخفق في أداء التزاماته المفروضة بموجب القرار 687 بخصوص نزع الأسلحة المحظورة أو أنه قد أداها، وما ينطوي عليه ذلك من قرار خطير يتعلق ببقاء أو إلغاء تدابير نظام العقوبات التي قرر المجلس استمرارها وربطها بنتائج عمل فرق الهيئتين التفتيشية في العراق حسب أجندتهما. وبما أن هذه التوصية يتوقف عليها استمرار جريمة القتل الجماعي للعراقيين المتمثلة باستمرار الحصار والتحريض على شن حروب وهجمات مدمرة على العراق، أو بوقف هذه الجريمة واستبعاد اي مسوغ لشن الحروب والهجمات العسكرية، فإن مجلس الأمن قد منح، في الحقيقة، فرق التفتيش سلطات تفوق سلطات الأمم المتحدة نفسها. ومعلوم أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد هيمنتا هيمنة كاملة على تشكيلة اللجنة الخاصة وعلى أجهزة الوكالة الدولية للطاقة الذرية المعنية بالعراق وعلى فرقهما العاملة في العراق، وملأتاهما بضباط أجهزتهما التجسسية ووجهتا عملهما للإضرار بمصالح العراق بالتوافق تماما مع مسار السياسة الأميركية والبريطانية المعادية للعراق.

 

من صاغ فقرات نزع سلاح العراق وكيف؟

وقد أقر الدبلوماسي والأكاديمي الأميركي روبرت  گالوچي  Gallucci) Robert ) المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية الذي خدم فترة قصيرة نائبا لرئيس اللجنة الخاصة (اونسكوم) في محاضرة له في 15 حزيران/ يونيو 1991 في معهد العلوم والأمن الدولي عن تجربته في صياغة القسم ج الخاص بنزع ما يسمى بـ(أسلحة الدمار الشامل) في العراق في قرار مجلس الأمن رقم 687 وفي تشكيل اللجنة الخاصة للتفتيش أن الحكومة الأميركية كانت تعد العدة منذ اليوم الأول لوقف الحرب الثلاثينية الشاملة لكتابة معاهدة استسلام وفرضها على العراق بصيغة قرار لمجلس الأمن. كما أكد ما أوردناه في أعلاه عن دور الولايات المتحدة  في صياغة القرار 687 وفرضه وتشكيل اللجنة الخاصة وفرقها وفرق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

 

يقول گالوچي:

 ((استدعتني وزارة الخارجية حالما انتهت تلك الحرب القصيرة جدا [حرب عام 1991] ، من كلية الحرب- حيث  كنت معارا في مهمة من المكتب السياسي- العسكري في وزارة الخارجية - وطلبت مني أن أعود للعمل على صياغة قرار مجلس الأمن، الذي سيكون أساسا لمعاهدة السلام بين قوات التحالف والعراق. وهذا، بطبيعة الحال، ما أصبح يعرف بالقرار 687.

 

وعملت على صياغة تلك الفقرات  7-14، القسم (ج) المتعلقة بتجريد العراق من أسلحته ذات الدمار الشامل وقدراته لإطلاق الصواريخ.................. اسمحوا لي أن أنتقل إلى إنشاء اللجنة الخاصة. بعد أن صغنا لغة [الفقرات]، أوفدتُ إلى نيويورك لمساعدة [السفير الأميركي في الأمم المتحدة] توم بيكرينغ والعمل مع بعثة الولايات المتحدة لتمريره في مجلس الأمن. وظننت أنني مع الانتهاء من هذا سأتمكن من العودة إلى الكلية الحربية. ولكنني أبلغت انني مخطئ، وأنني الشخص النموذجي للمساعدة في وضع الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة، وأن هذه اللجنة الخاصة قد وفقت ببداية جيدة. لذلك وضعوا أمامي ثلاثة أهداف عاجلة. أولها المضي بإنشاء اللجنة الخاصة. والثاني: ان لدى الحكومة الأميركية شخصا تود كثيرا أن يصبح الرئيس التنفيذي للجنة الخاصة، وأعطيتُ اسمه. والثالث- وجوب عملي نائبا للرئيس التنفيذي.

 

ربما تتساءلون كيف يمكن أن يتحقق هذا، وبم كنت أفكر؟ أول شيء فكرت به هو: ما هي اللجنة الخاصة؟ لم يكن هناك أي نموذج يمكن الإقتداء به. عندما ذهبت إلى مكتب المنظمات الدولية في وزارة الخارجية وسألت :" ما هي اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة؟ مم تتكون؟  ومن يفترض يعمل فيها؟" كان الرد الذي تلقيته: إن ذلك يعتمد، هناك الكثير من اللجان التي تعمل الكثير من الأشياء المختلفة، ولكن ليس ثمة لجنة أسست لكي تذهب إلى بلد آخر قد هزمته الولايات المتحدة في حرب للتو، وحيث قد يوجد  بعض المشاعر العدائية، وتقوم بتدمير أسلحته ذات الدمار الشامل. قيل لي عليك أن تكوِّن بنفسك فكرة عن المهمة. لقد أسدوا لي نصيحة جيدة: فكِّر في المهمة ثم حدد كيف ينبغي أن تنجزها، ولكن لا تلزم نفسك بأي سوابق، لأنه ببساطة لا سابقة لهذه المهمة. لذلك ذهبت إلى نيويورك، وقيل لي إن الأمم المتحدة قد اختارت إدارة نزع السلاح التي كان يديرها السيد أكاشي، موظف اتصال بيني وبين المنظمة. لذلك ذهبت لرؤيته، وسألته عما لديه فقال: "لدينا نموذج موحد للجنة: تختار الأمم المتحدة دبلوماسيين من مناطق مختلفة من العالم، وبذلك تتكون اللجنة. قلت له: "لا أعتقد أن دبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم يمكن أن يؤدوا هذه المهمة .... أننا فعلا بحاجة إلى مجموعة من الخبراء، ويمكن أن يكون للجنة مشرفون مناوبون، ولكننا بحاجة إلى وظيفة تنفيذية تؤدى هنا. وكانت واشنطن سعيدة جدا بتعيين رولف ايكيوس رئيسا تنفيذيا، وأن أكون نائبا له. قال رولف أن اللجنة الخاصة ستكون بحاجة إلى موظفين قانونيين وغيرهم. قيل لنا لا يمكن أن نوظف أي شخص. كانت الإجابات على كل طلباتنا لا، لا، لا ولا، ثم: "اخرجوا". أعرف أن هذا يبدو قاسيا، وغير قابل للتصديق ربما، لكنه تشخيص دقيق إلى حد ما للاستقبال البارد للغاية الذي واجهتنا به الأمانة العامة والأمين العام نفسه. أما نحن فقد فعلنا الشيء الطبيعي.

 

ذهبت عبر الشارع الى [السفير الأميركي] توم بيكرينغ وطلبت المساعدة. في نهاية المطاف، كان من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت متحمسة بالفعل لهذه اللجنة.... 

 

ومما حدث تقريبا في اليوم الاول أن نداء هاتفيا وصلنا من ديفيد كاي في فيينا. لم أكن قد التقيت ديفيد من قبل. كان محتداً جداً على الهاتف، ويريد المباشرة بعمليات التفتيش فورا. وقال إن الوكالة [الدولية للطاقة الذرية] مستعدة لبدء عمليات التفتيش، وأنها تريد الاستعجال للذهاب إلى هناك. قلت له إن اللجنة الخاصة ليست جاهزة، وليس  لدينا أي شيء على الأرض حتى الآن، من حيث القدرات أو الدعم. قال انه لا يريد أن يسمع أي شيء من ذلك: وكالة الطاقة الذرية تريد الذهاب، لأن سمعتها على المحك. لذلك، ضغط ديفيد بشدة ........ وهكذا ذهبت البعثة في غضون بضعة أسابيع.)).

 

وديفيد كاي هذا هو أول مسؤول عن فرق تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصل العراق وتكتشف السلطات العراقية بأنه ضابط مخابرات أميركي. ورغم رفض اللجنة الخاصة والأمم المتحدة لهذا التشخيص إلا أن السلطات الأميركية أكادت صحته بعد الغزو عندما أرسلت فريقا من وكالة المخابرات المركزية الأميركية برئاسته الى العراق ليبحث عن الأسلحة المزعومة.

 

الخبير الدولي زاكلين : القرار معاهدة استسلام

ولذلك فأن ما أوردناه واعترف ببعضه المسؤول الأميركي  روبرت  گالوچي  قد  توصلت إليه أكثر من دولة من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والكثير من لجان وخبراء الأمم المتحدة والمحللين والكتاب والمختصين الأميركيين والأوربيين. 

 

ومن هؤلاء الخبراء القانونيين الدوليين السيد رالف زاكلين المستشار في مكتب الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون القانونية الذي علَّق على القرار 687 في ندوة قانونية عقدت بباريس عام 1991 فقال: "اعتمد هذا القرار في إطار الفصل السابع  وهو يعتبر، بلا أدنى شك، وثيقة تاريخية لا سابقة لها في تاريخ الأمم المتحدة. ولئن كان يعد من الناحية الشكلية قراراً من مجلس الأمن، فإنه في أهدافه ومطالبه معاهدة فرضَ بموجبها المنتصر على المنهزم سلسلة من الالتزامات الباهظة التي يضمـَن قبول العراق بها كونها مفروضة بموجب الفصل السابع ومرتبطة باستمرار العقوبات". وأضاف: "إن القرار 687 يتسم بسمات استثنائية من حيث محتواه وتعدد المهام التي أنيطت بالأمين العام. إذ أنه لا سابق له من عدة جوانب: إنه أول قرار فرض تخطيط حدود، كما أن مهمة المراقبة هي الأولى التي تنشأ في إطار الفصل السابع دون أن ترتبط برضاء الدول لنشرها، وهو أول قرار فرض تدمير أسلحة بلد، كما أنه الأول في إنشاء صندوق للتعويضات يـُموّل من إيرادات البلد المنهزم. وثمة العديد من الالتزامات التي فرضت على العراق والمهام التي كلف بها الأمين العام وينبغي إنجازها في مهل محدودة جدا. فقد كلف الأمين العام ،على سبيل المثال، بتقديم تقرير الى مجلس الأمن ضمن مهلة 30 يوما حول ترسيم الحدود وتشكيل لجنة للمطالبات. إن المهام معقدة ومتنوعة بعضها يجب تمويلها ذاتيا، ولكن البعض الآخر مكلف جدا. بعض المهام يتوجب انجازها بسرعة كترسيم الحدود والبعض الآخر يستغرق سنوات عديدة. من وجهة النظر القانونية هناك شكوك مستمرة حول دستورية القرار 687 وخصوصا التفسير الواسع الذي أعطي للفصل السابع. ومن الناحية السياسية فإن القرار فرض على الأمم المتحدة مسؤولية لا يمكن تحملها."

 

وبعد أن يستعرض المطالبات الرئيسية الواردة في هذا القرار الكارثي يختتم المسؤول القانوني الدولي زاكلين تحليله قائلاً: ".. وبموجب هذا القرار، لا يدخل وقف إطلاق النار حيز النفاذ إلا بعد إعلان العراق قبوله بجميع أحكام القرار. وقد تم ذلك من العراق، على مضض".

 

ظروف صدور القرار وقبول العراق به

صدر هذا القرار والعراق ما يزال يعاني من الآثار الكارثية للحرب الثلاثينية التي ضربت فيها قوات الولايات المتحدة وحليفاتها المدن والأراضي العراقية بأكثر من 88 ألف طن من المتفجرات، وبما يعادل 7 قنابل نووية من تلك التي ضربت به الولايات المتحدة مدينتي  هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في الحرب العالمية الثانية. ومن بين هذه المتفجرات أكثر من ثلاثة آلاف طن من القذائف المزودة برؤوس من اليورانيوم المنضب ذي الخاصية الإشعاعية والسمية. وأصاب جميع مرافق الحياة الحديثة تدمير هائل نتيجة القصف المتعمد لكل مدن العراق وقراه مئات الكيلومترات بعيدا عن مسرح العمليات في الكويت أو على حدودها.

 

ولبيان حجم هذا الدمار والخراب، يكفي أن نشير هنا الى ما ورد في تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الأوضاع الإنسانية برئاسة السيد ماري أهتساري الأمين المساعد العام للأمم المتحدة للشؤون الإدارية بعد ان زارت العراق من 10  الى 17 آذار/ مارس 1991. يقول تقرير البعثة الدولية: "إن النزاع الذي حدث مؤخرا يـُشبه أحداث يوم القيامة في آثاره على الهياكل الأساسية الاقتصادية لما كان يعتبر حتى شهر كانون الثاني/ يناير 1991 مجتمعا حضريا يعتمد المكننة الى حد بعيد. أما الآن فإن معظم الوسائل الداعمة للحياة الحديثة قد دمرت أو أصبحت هزيلة. لقد أعيد العراق إلى عصر ما قبل الثورة الصناعية وسيظل كذلك فترة من الزمن مع كل أوجه العجز". وخلصت البعثة الدولية الى القول: "إن الشعب العراقي قد يواجـَه في القريب العاجل بكارثة مُحدقة أخرى يمكن أن تشمل الأوبئة والمجاعة، إذا لم تـُلبّ على نحو عاجل الاحتياجات الهائلة بالوسائل التي تبقي على الحياة البشرية."

 

كما أن هذا القرار الظالم صدر بعد أقل من ثلاثة أسابيع على إخماد حركة الغزو التي قامت بها إيران لأراضي العراق في المنطقة الجنوبية والوسطى حينما دفعت بعشرات الألوف من حرس الثورة الإيرانية فور توقف آلة الحرب الوحشية لحلفائها الأميركيين وشركائهم، مستغلة ، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي ولكل القيم الإنسانية والإسلامية وتقاليد الدول والأمم المتمدنة، أوضاع العراق بالغة الصعوبة ومآسي شعبه الناجمة عن الحرب الكارثية الثلاثينية. وتنفيساً عما يعشش ويتوطن في عقولهم وقلوبهم المريضة من أحقاد مجوسية وصفوية ضد العراق أولا وضد كل ما هو عربي وإسلامي قتلوا الآلاف من العراقيين وأغلبهم من المدنيين في المدن التي سيطروا عليها بضعة أيام. وحرقوا مراكز الشرطة والمستشفيات والمدارس ودوائر الدولة ونهبوا الممتلكات العمومية، وأشاعوا الخراب والتدمير في تلك المدن.

 

وصدر هذا القرار ودولة العراق وشعبها يرزحان تحت نظام عقوبات هو الأقسى والأكثر شمولا في التاريخ.

وهكذا وضع العراق أمام شرين كلاهما مرّ: الأول- أن يواجه حربا شاملة مدمرة أخرى ولما يمض على توقف الحرب الشاملة المدمرة الأولى سوى أقل من خمسة أسابيع، وما يزال العراق يعاني من كوارثها وأهوالها وفظائعها وفظائع حركة الغزو الإيرانية: فأرضه ما تزال مقطعة الأوصال، وبنيته الأساسية وخدماته الضرورية لإدامة الحياة ما تزال مدمرة، وشعبه ما يزال ينزف دماً، وعشرات الألوف من أبنائه العسكريين والمدنيين ما تزال جثثهم الطاهرة متناثرة على طريق الكويت- البصرة وخنادق القتال بين الكويت والمملكة العربية السعودية من جهة والعراق من جهة أخرى، وفي بعض مدن الجنوب والوسط العراقية.

 

أما الشر الآخر هو القبول اضطرارا بهذا القرار بكل ما ينطوي عليه من ظلم وتعسف وإنهاك لدولة العراق وتجاوز على سيادته ومصالحه وحقوقه الوطنية.

وعندما اختارت حكومة العراق الوطنية أهون الشرين، أي القبول على مضض بهذا القرار الجائر درءاً لشرور حرب مفتوحة شاملة كارثية مدمرة أخرى، فإنما قد وضعت ثقتها بالعلي القدير ثم بإرادة شعب العراق العظيمة في الحياة الحرة الكريمة وبطاقاته الكبيرة وعزمه الذي لا يلين وقدراته الجبارة على احتواء المؤامرة وصدها وإحباطها.

 

وتبعا لذلك، كان لابد أن تثبت، في رسالة القبول الرسمية جميع جوانب التعسف والتجاوز على حقوق العراق ومصالحه الوطنية خلافا للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة وأن تؤكد أنها إنما تقبل بهذا القرار اضطراراً، وذلك بما يحفظ حقوق العراق مستقبلاً إزاء ما يترتب على هذا القرار وغيره من قرارات مجلس الأمن المفروضة بقوة السلاح على العراق من إجحاف وظلم.

 

رسالة وزير خارجية العراق

وهذا ما أوضحه وزير خارجية العراق آنذاك الأستاذ أحمد حسين في رسالته الى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة يوم 6 نيسان/ ابريل، التي تضمنت عرضاً قانونياً موثقاً يثبت أن إجراءات هذا القرار (تشكل بمجموعها ظلماً وإجحافاً بحق الشعب العراقي في الحياة وإنكاراً صارخاً لحقوقه الثابتة في السيادة والاستقلال والإرادة الحرة). كما تضمنت توضيحاً للدافع الأساس للحملة الحربية الاستعمارية الأميركية على العراق التي يعد هذا القرار ركناً أساسياً لبنائها السياسي والدبلوماسي، جاء فيه: (إن السبب الجوهري الذي يكمن وراء قرارات مجلس الأمن هو أن العراق لم يقبل بالوضع المجحف الذي فرض على الأمة العربية ودول المنطقة منذ عقود عديدة والذي جعل من إسرائيل القوة العدوانية المهيمنة في المنطقة بما تمتلكه من أحدث وأقوى الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل ومنها السلاح النووي. وإن هذه الحقيقة تؤكد ما سبق أن بينه العراق قبل أحداث 2 آب/ أغسطس 1990من أنه يتعرض إلى مؤامرة تستهدف القضاء على الإمكانات التي وفرها من أجل إقامة توازن عادل في المنطقة من شأنه أن يمهد الطريق لإحلال السلم المنصف والعدالة فيها).

 

وفي ضوء كل ذلك ثبَّت العراق في رسالة وزير الخارجية أنه إذ يقبل بهذا القرار تحت التهديد بقوة السلاح فإنما هو قبول المضطر بعقد إذعان: (وفي الوقت الذي يسجل فيه العراق هذه الملاحظات المبدئية والقانونية والشرعية.... فإن العراق يجد نفسه أمام خيار واحد لا غير هو القبول بهذا القرار).


 


 


 


 


 

 

وفي القسم الرابع والأخير من هذه الدراسة سنأتي، إن شاء الله تعالى، على تفاصيل هاتين القضيتين المجحفتين اللتين أثقلتا كاهل العراق وما تزالان تشكلان انتهاكاً فظيعاً لحقوقه ومصالحه الوطنية واعتداءً بالغاً على حاضر ومستقبل شعبه، ثم نعود الى بعض مما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المقدم الى مجلس الأمن  بتاريخ 17 حزيران/ يونيو 2013 ، ونختتم بتناول استحقاقات شعب العراق المشروعة في ضوء كل ما تقدم.

كما ينبغي التوضيح هنا أن عنوان هذا القسم لا ينصرف الى التدابير التي فرضها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع على العراق بعد الغزو والاحتلال الأميركي مثل صندوق تنمية العراق بموجب قراره 1483 في 22/5/2003 وهو ما سنأتي على ذكره في القسم الرابع والأخير.

 

يتبـــــــــــــــــــع ....

 

 





الاثنين ٦ رمضــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تمــوز / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب وجهات نظر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة