شبكة ذي قار
عـاجـل










في قصيدة كتبتها للرفيق ظافرالمقدم بتاريخ ٧ / ٥ / ٢٠٠٤ بعنوان ( احلام في حضن الطفوله ) اليكم فقد بضعة كلمات .. وسأنشرالقصيدة لاحقا تقول


يا رفيقي
أنت من قال فيك نسر الشعر قائلة
فاينعت الحروف أنوارا ونيرانا
وتعانقت النقاط مع الحروف وصارت
فوق الرأس تيجانا تفترش السماء
يا رفيقي الكون اضيق من نقاط دمائنا حين
تزهر في الصحارى المجدبات
الكون أضيق من مساحات الكلام
فوق الشفاه الباسمات


ليس لي شرف الادعاء بأني اكثر من عرفك ولكن لي الشرف بالقول أني تعرفت اليك في لحظة من لحظات الوجدان التي لا زالت تنتشر في داخلي محملة بأجمل المعاني واعمق المشاعر عن شخص لا زال قلبي وعقلي يختزنان منهما كنز من الذكريات.


هي أجمل لحظات العمر في بغداد في شهر نيسان الميمون وانا اركض متلهفا للسلام على من جعل للعمر معنى بالمفهوم النضالي قائدي ومعلمي الشهيد موسى شعيب ...كنت انت تلازمه مرتديا قمصا تزركشه المربعات وخصلة من الشعر تنساب بكل هدوء على جبينك الوضاء عائدين من مهرجان المربد الشعري...تعرفت اليك الى عملاق أخر من جنوب لبنان الرفيق ظافر المقدم...ومن يتعرف اليك لا يقدر ان ينساك ...عدنا الى لبنان وكنت دائما استمتع اللقاء بك واثناء رحلتي الدراسية في بغداد كنا نحن الاغصان الطريه من الشجرة نتلهف الى سماع اخبار اي من الرفاق الاتين من لبنان ...نركض للتحية والسلام لاننا كنا نستمد منكم ما يشد قوتنا .


أجمل اللحظات كانت حين عودتي عام 1978 بعد التخرج الجامعي والقيام ببعض الاعمال المكلف بها ..كثيرا ما كنت التقي بك هنا او هناك لا تكل ولا تمل واتساءل كيف لانسان تكون راحته في الانغماس اكثر في النضال ...كان النضال لديك نبراسك والثورة عشقك وفلسطين كانت لحنك السرمدي وبينها كانت القضايا الوطنية وقضايا الجماهير كانت منارة دربك...نراك في النبطيه وبنفس اليوم في صيدا ثم في بيروت ..لم تكن تتأفف او تكل كما البعض ولم تكن مدعيا للنضال والبطولات ورواية الاساطير كنت انت فقد ظافر المقدم ابن الجنوب المقاتل والمناضل والسجين السياسي والقائد والقدوه...رسمت خطا لحياتك محملا بالعشق والثورة بالدم والدموع وبالاحاسيس التي لم يقدر على اكتشافها الا من دخل الى عمق اعماقك وقليل ما هم.


عام 1980 واثناء دراستي للماجستير في بغداد التقيت بك مرات ومرات وسيما في ذلك الرمضان الغاضب الذي استشهد به الرفيق موسى شعيب بعد عودته من بغداد بالايدي الاثمه وكم بدت عليك علامات الحزن الموشى بالغضب اثناء التشييع والدفن..نعم موسى استشهد مطمئنا لانه كان يدرك ان الثوره بين ايدي الشرفاء ستستمر وليست على موائد اللقطاء.


بعد سفري الى اوروبا للدكتوراه كنت اتتبع اخبارك واخبار مطارداتك من قبل تجار الوطنية والمخبرين والعملاء وكنت اعلم انك نسجت شبكة من العلاقات التي ربطتك بالكثير من الناس الاوفياء والوطنيين ومن كل الملل ومن عرفك لا بد انه كان يفتخر بتلك المعرفه.


رحلة رغم الانقطاع القسري لم تنتهي حيث عام 1996 واثناء وجودنا في السجن العسكري الاول في سوريا في صيدنايا مع بعض الرفاق عرفنا انك اصبحت في جناح اخر ...سررنا ليس لسجنك وانما لكونك حيا وانك لا زلت بيننا ...فترة وانتقلت الى جناحنا انا اصريت ان يكون فراشك الى جانبي ووضعك الصحي كان صعبا وكان لي الشرف ان اقوم بخدمتك قدر المستطاع وكل الرفاق قاموا بذلك ...ورغم شدة المرض وندرة العلاج كنت مهوسا بالحديث عن الثورة والانتصار وفلسطين والوحدة وغير ذلك ...البعض كان يريد انهاء مرحلة السجن بأشياء اخرى للتسليه وانت كنت مسكونا بأرائك المبشرة بالنصر والتحرير.كنت دائما صدرا حنونا تزودنا بالصلابة في الزمن الصعب ...وكنت اشعر انك الحر والجلادين هم السجناء ,,,قوتك كانت تنير طريقنا وتصلب مواقفنا وتجعلنا الاقوى للعيش لليوم الاخر ولا انكر القول انك كنت رغم قلة الامداد المادي تمد اليد الى من كان يحتاج ولا فضل في ذلك...يا ايها انبع البعثي الفياض تحية لك .


خرجت من السجن الى اوروبا وعدت الى لبنان أبحث هنا وهناك في ظل وضع امني سيء عن من اعرف مع الشعور بالحذر ...مهم جدا من صديق العمر دكتور ن.ب ان يكون امامي ولا يشي لي بشء الابلحظة معينه حين دعاني للقاء بشخص كنت هو انت ...لم اعرف مقدار ما خفق قلبي ولكن ادركت انا الامور بخير رغم شدة الحصار.....


خطى تدرجنا عليها تكللت بعملي معك في مكتب العلاقات الوطنية في الحزب وكم كنت اشعر بالفخر والاعتزاز في مسيرة تعلمت من خلالها الكثير وحسدتك حبا على شبكة علاقاتك سواء بالرفاق اللبنانيين من احزاب مختلفة او بالقيادات في الثورة الفلسطينيه...احيانا كنت نجم القاء الكلمات في المناسبات الفلسطينية ..اصدقك القول كنت انزعج قليلا ليس لكلامك وانما للجهد الذي كنت تبذله..


أثناء الحرب على العراق كنت لولبا في العمل على مدار الساحة اللبنانيةوالفلسطينية لنصرة العراق شعبا ووطنا وكنت اراك دائما تمتشق موقعك في الصف الامامي ليس لاخذ الصور والمباهاة وانما لانك كنت تعتقد أن القائد لا يكون قائدا ما لم يكن في الصف الامامي.


الموت والحياة عندك فلسفة تحتاج لمن يفهمها أن يكون قد عاش مسالكها ...بعد سقوط بغداد وقفت معك لانشاء ما سمي بالهيئة الوطنية اللبنانية لدعم المقاومه والشعب العراقي وتعرفت على الكثيرين ممن اصبحوا اعضاء باللهيئة وتابعت نشاطاتها ...ظروف تمر ولا ادري ان الاجساد احيانا تفترق بسبب او بغير سبب او برغبة من بعض المرجفين ولكن بقيت روحك ترفرف فوق رأسي تذكرني بأنك رجلا من نوع خاص وبمواصفات خاصه وحتى قبل يومين ولا اعلم كيف دار حديث بيني وبين صديق اخر وجئناعلى ذكرك فقال لي ان الرفيق ظافر"تعبان صحيا" واعذرني اني قلت له بانك لا ترحم نفسك ونسيت ان الكبار يستنزفون حتى اخر رمق ... لقد صارعت في حياتك الكثير الكثير تعبت وشقيت وناضلت وقاتلت وكنت دائما الاقوى من كل الجلادين ... حتى الموت لم ينتصر عليك انت من انتصر لانك رحلت واقفا ماردا كالجبال ورغم المرض والتعب ابيت الا ان تسجل لنا نشيدا الوفاء الذي لا يحفظه الا الاوفياء.


يا رفيقي وانا بهذه اللحظات التي ابحث فيها عن الصور التي تجمعني معك سواء في بغداد او لبنان او اي مكان اسمح لي اذا ما اخطأت بحقك ان اعتذر الى روحك الطاهرة واعلم انك نقاءك وطهارة روحك التي احبت دائما ستعذرني .......... واقول لك كلمتي الاخيرة .



Dr.mostafaelsabag@windowsLive.com 

 

 

 





الثلاثاء ٢٧ شــوال ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أيلول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. مصطفى توفيق الصباغ نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة