شبكة ذي قار
عـاجـل










في السياسة والحروب والغزوات والاحتلال الناتج عن فقه السياسة العدوانية, كما في الانظمة التربوية, هناك تغذية راجعة يتم على ضؤها تقييم الوقائع والمخرجات ومن ثم يجري أحد أمرين :

 

الأول : التواصل صعودا مع خطة تجد دروب التنفيذ سالكة والوقائع القائمة تتماهى وتتناغم وتنسجم مع جزئيات التنفيذ والمخرجات مقنعة كما ونوعا.

 

الثاني :  تعثر مصحوب بوقائع غير مريحة ومخرجات لا تتناسب مع المدخلات المادية والاعتبارية يصحبه اعادة قراءة الوقائع والمخرجات كما ونوعا ومن ثم البحث عن مسالك جديدة مختلفة تعلن ضمنا عن فشل جزئي مخيف أو كلي محبط.

 

التغذية الراجعة التي استعرناها مصطلحا هنا هي لالقاء الضوء على نتائج غزو العراق من قبل أميركا ومعها قرابة أربعون جيشا لاربعين دولة ودول أخرى دخلت بالمال أو الاعلام أو التخابر لتساند اضخم حرب كونية في العصر الحديث ميزتها المختلفة عن حروب الكون السابقة فقط، هي ان العراق وحيد بلا سلاح حديث او محدّث وبشعب جائع مروّع نتيجة حرب ضروس كونية سبقت الغزو بقرابة ثلاثة عشر عام، وحصار امتد متوازيا مع هذه الحرب وملحقاتها منع الغذاء والدواء وحبة الاسبرين وقلم الرصاص وما بينهما من احتياجات انسانية وتسليحية وصناعية وزراعية وعلميةعن العراقيين.

 

كانت التغذية اذن حرب كونية تبعها حصار وتواصل عسكري بعدوانات متكررة تلاهما بعد 13 عام غزو واحتلال. تغذية لو حصلت مع الاتحاد السوفيتي السابق أو روسيا اللاحقة التي كانت وستبقى الند المقابل للولايات المتحدة الامريكية ومنهجها الامبريالي والمتقابلة معها بالمصالح أو ضد برطانيا العظمى أو فرنسا أو المانيا أو على افريقيا برمتها أو الصين أو الهند أو ماليزيا لانهارت في أيام معدودات وخضعت كما خضعت اليابان في نموذجها المعروف والمشهور. لو حصل ما حصل على العراق على أي بلد في العالم لكانت التغذية الراجعة هي تماما ما خططت له أميركا وتوابعها رؤوسا وذيول.

 

فكيف تقييم تغذية العراق الراجعة بعد عشر سنوات من الغزو والاحتلال ؟

 

يمكن اجمال تغذية العراق الراجعة بناءا على ماجرى ويجري ميدانيا وأمام أنظار ومسامع العالم كله بما يأتي :

 

1- مقاومة وطنية وقومية واسلامية كبّدت أميركا ودول الغزو الاخرى خسائر باهضة في الارواح والمعدات أجبرتها على الانسحاب واحدة تلو الاخرى حتى ظلت أميركا وحدها ومعها شريك مثله مثل المرأة التي تشتهي الزنا وتمارسه غير انها توحي بالشرف وتختبئ مثل اختباء النعامة رأسها في الرمل وظهرها في العراء الا وهي ايران وذيولها.

 

2- وضع أمني متدهور يدفع فيه شعب العراق ثمنا باهضا لنزوات الغزو والاحتلال رؤوسا وذيول من دماء ابناءه التي يحصدها ارهاب تمارسه أحزاب وقوى السلطة التي مكنها الغزاة من ادارة ملفات الموت والتدمير ومنظمات ايرانية واخرى امريكية وسواها من منظمات التطرف الديني والعرقي التي تجمعت من كل دبابير الكون المظلمة.

 

3- مشهد سياسي تعمه الفوضى التي يُقال حينا انها حصاد امريكي ايجابي لغزوها ويُقال عنه احيانا انه فشل ذريع للغزو والاحتلال ولكنه في كل الاحوال قدر تعلق الأمر بالعراقيين كارثة وفجيعة وفضيحة تُغطي جبين الولايات المتحدة وتوابعها رؤوسا وذيول.

 

4- فساد مالي واداري وسياسي واخلاقي يضع العراق في ذيل قائمة الدول الفاشلة والفاسدة.

 

5- صعود تأريخي لقوة روسيا والصين واوربا والهند على حساب تردي وتدهور مضطرد لاميركا.

 

6- استغلال ايراني متفرد من بين نتائجه التواصل في برنامج انتاج السلاح النووي ومد الاذرع للسيطرة على سوريا ولبنان والخليج بعد وراثتها للفراغ الجزئي الذي خلفته اميركا المتدحرجة المندحرة في العراق عبر وسائل مباشرة واخرى بواسطة السابحين في هواء مشروعها القومي المغطى بغطاء الدين والمذهب.

 

7- تبني سياسة ودستور طائفي عرقي ينحر رقبة الشعب العراقي ويجذر الجهل والتخلف والعداء الاجتماعي كطريق لا خيار سواه لغلبة الولاء للوطن وتمزيق الوحدة الوطنية.

 

8-  هدر مريع لثروات هائلة تذهب لجيوب النخبة التي اختارها الاحتلال لتنفيذ مشروعه وجلبها من الشوارع والازقة والحارات المتعفنة في عواصم اميركا وايران وبريطانيا وغيرها وتذهب الى جيوب وبنوك شركات اليمين الامريكي المتصهين الذي هيئة الاجواء للحروب والحصار والغزو.

 

9-  تبني ديمقراطية قوامها الوحيد انتخابات شرعنت الطائفية والعرقية وامعنت في خداع الشعب للاستمرار في سرقة قوته وسفك دمه وتضييع مستقبله .

 

ان ما بدات أجهزة الاعلام تروج له وتسربه أجهزة المخابرات وتنفق عليه بقايا العوائل المتسلطة على أنظمة العرب من مؤتمرات ولقاءات وما يشاع عن مشاريع تطرح ( لحل مشاكل المنطقة وخاصة العراق وسوريا ) تلد من العقل المتخشب للادارة الامريكية وبنسغ يمتد من عاصمة الضباب وعاصمة العشق والموسيقى وغيرهما من دبابير العفن الذي غلب طهر الانسانية وعفتها قبيل غزو العراق وبعده لا تعدو أن تكون كلها تعبير عن التغذية الراجعه ( نتائج الغزو والاحتلال ) التي هي المردود الأوضح لسقوط التغذية ( مشاريع الغزو والاحتلال ).

 

الواضح تماما ان مقومات التغذية الراجعة تتجاهل كليا أو في الظاهر المعلن على الاقل أسباب وعوامل سقوط وفشل ومرارة وعفن التغذية الاحتلالية المرتبطة برد فعل الشعب وقواه المجاهدة بالسلاح والمعبرة عن ارادة مقابلة لا يمكن أن تخضع للمنتج الاحتلالي ولا يمكن ان تمنحه أية شرعية مهما كان نوعها وغطاءها ومهما طال المدى الزمني المخطط لها . وعليه فان محاولة الولايات المتحدة ترقيع الثقوب السوداء الكثيرة في منتجات غزوها واحتلالها للعراق لن تصل بها الى أي بر ولن تفلح فما بالكم بمحاولاتها الاسترجاعية التي تروم باستماتة وتوق هروب المجرم الى أمام في محاولات ردم الفجوات البركانية في العملية السياسية وفي طبيعة القوى المليشياوية والعصابجية والمافوية التي اعتمدتها لتسويق وتطويع وتوطين المشروع الامريكي الصهيوني الفارسي.

 

ان تكرار طرح المشاريع الترقيعية والمؤتمرات متعددة العناوين ولكنها وحيدة الهدف الا وهو ردم الثقوب والفجوات في نتائج الغزو والاحتلال له معنى واحد هو انه تغذية راجعه باوراق سوداء ملطخة بالدم ولن تفلح في أي شئ على الاطلاق ما دامت العوامل التي أفرزت التغذية الراجعة خارج اعتبارات المحتل واذنابه وأهمها : ارادة شعب العراق الرافضة للاحتلال ومنتجاته من دستور وعملية سياسية مخابراتية مجرمة ومقاومة العراق البطلة امتواصلة الى ان يتحقق النصر بتحرير العراق. لقد فشل الاحتلال وطوقت مشاريعه وما يطرح الان من مشاريع هو محاولات يائسة لتغذية جديدة لن تفلح في ضخ أية طاقة فاعلة في جسده الذي نخبه مقاوموا العراق النشامى.

 

 





السبت ٢١ ذو الحجــة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / تشرين الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة