شبكة ذي قار
عـاجـل










قبل الإجابة على هذه الأسئلة ، يتوجب أن نعرج على مفهوم الإرهاب ، وفي ما إذا كانت الأمم المتحدة وأجهزتها القانونية – الفقهية المتخصصة قد توصلت إلى مفهوم له ، أم أنها  ولحد الآن ، بعد مرور عقود من السنين لم يتوصل المعنيون بالقانون الدولي عن تعريف قاطع للإرهاب، سوى عزله تماماً عن المقاومة وحق الشعوب في مقاومة المحتل الغازي بكل الوسائل الممكنة والمتاحة حتى تنال حريتها واستقلالها .

 

وبهذا المنطق العام ، تم رسم الحدود بين أفعال المقاومة المشروعة التي ترفض الغزو والإحتلال، وبين أعمال الإرهاب التي تأتي في كل الاحوال والظروف لاسباب متعددة، يصنفها القانون الجنائي ويضعها على طاولة الإدانة والإجرام ، وهي لا تدخل في الدائرة السياسية .. أما أفعال المقاومة فهي افعال سياسية محضة اضفى عليها القانون الدولي مشروعية قانونية وسياسية في آن واحد .

 

واعمال الإرهاب بصفتها العامة تندلع في صيغ مختلفة ومعروفة لا تقترب منها افعال المقاومة التي وضعت لحركتها حدوداً واعلنتها صراحة، بأنها لا تتعرض لغير المحتل الغازي وقواته وقواعده وركائزه المؤثرة في مجرى الصراع ، وإن كل افعالها تصب في صالح الشعب دون أن يقتصر ذلك على فئة دون أخرى .. أما الإرهاب فهو الفعل الذي لا يهدف إلا للتدمير وخلق حالة من الذعر والفوضى وزعزعة الأستقرار وتهديد السلم الإجتماعي وبالتالي تفكيك البنية المستهدفة سواء كانت مجموعات أو مصالح محددة أو عامة ، والنتيجة أن الإرهاب يطال الشعب .. وما نراه خلال سني الاحتلال العشر وحتى الوقت الحاضر .. انفجارات في الأسواق الشعبية والأحياء السكنية والحافلات المدنية واغتيالات واعتقالات مبرمجة تماماً .. والمتضرر هنا هو الشعب.

 

وعلى اساس ما تقدم هنالك أشكال من العمل الإرهابي يأتي بعضة بأنماط جديدة، حيث يتداخل فيها ارهاب المنظمات وارهاب الدولة أو الحكومات :

أولاً- ارهاب القوى والجماعات السياسية التي تأتلف في سلطة الدولة ، حيث تسخر كل امكانات السلطة في ممارسة السياسة عن طريق العنف المخطط له والمبرمج وتحت أغطية معروفة ومكشوفة مثل ( سيارات الحكومة ، ملابس الشرطة ، شارات رسمية، مذكرات وهمية ..إلخ ) .. فقد مارست احزاب العملية السياسية وتنظيماتها المسلحة في شكل فصائل مليشيات، تعمل بأوامر سياسية لفرض سياسة الأمر الواقع ولأغراض متعددة، تقع في مقدمتها إثبات وجودها الفاعل لدواعي الحسم السياسي مع غيرها من الأحزاب والتنظيمات والقوى التي تنافسها في ذاك الحسم ، كأن يسعى (حزب الدعوة) الحاكم إلى إضعاف خصمه (التيار الصدري) ، بضرب مناطق نفوذه ( سيارات مفخخة، وتفجيرات متنوعة واغتيالات بأسلحة كاتمة ..إلخ ) ، والإعلان بأن أعمال الإرهاب هذه قام بها مكون معين .. والهدف واضح هو إثارة التيار الصدري ودفعه للإشتباك مع ذلك المكون،  والنتيجة ان (حزب الدعوة) يصل الى هدفه وهو اضعاف هذين المكونين (الصدر) و المكون الآخر المناهض للاحتلال ومخلفاته .!!

 

كما ان الاسلوب ذاته يستخدمه (المجلس الأعلى) من خلال منظمة (بدر) المليشية المسلحة، نتيجة لصراعات فقهية وحوزوية معروفة قائمة على الأحقية .. التيار الصدري تيار (شيعي عربي) وتيار المجلس الأعلى ( تشيعي فارسي) معروفة تشكيلاته .. ومن هذه الزاوية يستخدم المجلس تفجيرات لإضعاف التيار الصدري عن طريق زجه باحتراب مصطنع مع مكون آخر (السني) .. ويندفع (التيار الصدري) في مجرى الإيهام ويصدق أطروحة (حزب المجلس الأعلى) و (حزب الدعوة)، ويوجه عناصره للقيام بأعمال تعود عليه وعلى عموم الشعب بالضرر الكبير والعميق، كما حصل خلال السنوات الممتدة من عام 2005 حتى عام 2007 ، حين كان التأليب من جهة ودوافع الإنتقام من جهة ثانية تأخذ مجراها المروع في التصفيات المقصودة للمكون الآخر، في الوقت الذي يكن اهل (السنة) للصدريين احترامهم لكونهم (شيعة عرب) وليسوا اجانب من الفرس أو غيرهم الذين يضمرون العداء للعراق ولشعب العراق وللوجود والهوية العربية .

 

ثانياً- ونمط آخر من الإرهاب، وهو إرهاب الدولة المستتر متمثلاً بما تقوم به اجهزة السلطات الحكومية ، من مخابرات وأمن ومليشيات أحزاب السلطة ، واستخبارات إيرانية مع تشكيلات فيلق القدس .. بعبارة أخرى ، سلطة الحكومة العراقية و اجهزة الإستخبارات الإيرانية التي تقف خلفها .. كيف ؟ :

 

 طالما أن إيران لها علاقات مع عناصر من قيادات طالبان الذين تستضيفهم إيران على اراضيها وتفتح لهم معسكرات تدريب وإيواء ، تقوم المخابرات الإيرانية باستدراج بعض عناصر القاعدة من اجل تجنيد عناصر من (الشيشان وباكستان وافغانستان وبلوجستان وغيرها) والقيام بتدريبهم وتهيأتهم للقيام باعمال الارهاب في العراق .. والهدف الرئيس : هو إبقاء حالة العنف مستشرية في العراق، ما دامت سياسة ايران تدفع باتجاه استمرار كسب الزمن، وتدمير العراق انتقاماً وارجاعه خمسين عاماً إلى الوراء، فيما هي تعلن عن مكافحتها أو محاربتها للإرهاب الدولي .. وما تستهدفه إيران في العراق من أن الإستنفار الكامل للقوى يعني الهيمنة عن طريق البطش السلطوي، على مقدرات الشعب العراقي .. وما حدث في مدخل محافظة بابل مؤخراً واحدة من هذه الاعمال الإرهابية الإيرانية بالإشتراك الميداني مع سلطات العملية السياسية الفاسدة والفاشلة .. حيث جندت المخابرات الإيرانية عنصران احدهما (باكستاني) والاخر (افغاني) قاما بتحضير فعلهما الإجرامي في العراق وذلك بتفجير سيطرة عسكرية ، بعد توجيه هذه السيطرة ووضعها في درجة عالية من الإستنفار الأمني، وزادت من عناصرها من أجل تكثيف التفتيش والتدقيق، الأمر الذي ادى إلى تكديس طوابير من السيارات والبشر عند السيطرة وبالقرب منها، حيث فجر الإنتحاريان ، الباكستاني والأفغاني ، نفسيهما من أجل اكبر عدد من القتلى والتدمير في هذا الموقع .. والتهمة جاهزة ، هو الإرهاب، في وقت انعقاد مؤتمر محاربة الإرهاب التي عقدته السلطة الإرهابية بصورة مخادعة بناءً على توجيهات طهران.

 

والتساؤل .. ماذا تستهدف إيران من وراء هذا الفعل الإرهابي بمعونة حكومية عراقية ميدانية ؟! :

 

1-   إبقاء حالة العنف مستشرية في العراق .. لغرض ان يستمر العراق ضعيفاً ومفككاً .

2-   تحفيز القوى الرسمية الحكومية وغير الرسمية على ردود أفعال غير محسوبة العواقب تدخل في دائرة تصفية الحسابات ذات الصبغة العنيفة .

3-   التأكيد للرأي العام في العراق وفي العالم بأن الإرهاب مستمر في العراق ويجب محاربته، الأمر الذي يستوجب دعماً خارجياً .!!

4-   ظهور السلطة الإرهابية في العراق بمظهر الحمل الوديع الذي يتلقى ضربات الإرهاب، والمطلوب من العالم مساندتها.

 

5-   الإبقاء على عملية خلط الأوراق، ولصق أعمال الإرهاب هذه بالمقاومة الوطنية المشروعة وبالمناهضين للإحتلال الأمريكي- الفارسي، وبالرافضين للوضع المتردي الذي أوصل العراق إلى طريق مسدود بالفساد المالي والإنتهاكات والإغتصابات والإعدامات والجريمة المنظمة، فضلاً عن ضياع المستقبل.

 

6-   فرض اجندات خارجية غير مقبولة كلياً على الشعب العراقي .

7-   تبديد اموال الشعب العراقي لأغراض واهداف الدولة الإيرانية، كشراء السلاح وتمريره إلى سوريا ، وسد النقص في العملة الصعبة في السوق الإيرانية بعد واثناء هبوط العملة الإيرانية، فضلاً عن سرقات النفط العراقي والسيطرة على مخزون الآبار العراقية تحت ذريعة الحقول النفطية المشتركة، التي لم يتحدث عنها احد سابقاً .

 

8-   استمرار حكومة العراق الطائفية التابعة لإيران بتقبل أسوء ما تنتجه إيران من منتجات وبأسعار عالية، فضلاً عن تمرير البضائع الإيرانية والمواد المنتجة منتهية الصلاحية وتمريرها للشعب العراقي وخاصة إلى أبناء شعبنا في الجنوب.!!

 

والغريب في الأمر .. إن حكومة الإرهاب في العراق تدعو إلى محاربة الإرهاب ؟ ودعت إلى عقد مؤتمر لمحاربة الإرهاب في العراق ؟ وتطلب من العالم اسنادها ودعمها في مساعيها لمحاربة الإرهاب ؟!

 

لقد ارتكبت هذه الحكومة الطائفية الفاسدة والفاشلة .. سلسلة من الجرائم ضد الإنسانية بدم بارد (( .. مجزرة البصرة وكربلاء والنجف .. ومجزرة الحويجة .. ومجزرة طوس خرماتو .. ومجزرة سلمان بك .. ومجزرة ديالى .. ومجزرة كركوك .. ومجزرة الموصل .. ومجزرة المحمودية .. ومجزرة ضواحي بغداد . إضافة إلى الإعدامات التي زادت معدلاتها عن السنوات السابقة، تليها بالترتيب الرسمي إيران ... ((.. أعلنت السلطات العراقية يوم 32/2/2014 تنفيذ احكام الإعدام بـ(11) مواطناً عراقياً .. فيما تزداد معدلات الإعدام : سنة 2010 تم اعدام (18) مواطناً .. سنة 2011 تم اعدام (67) مواطناً .. سنة 2012 تم اعدام (123) مواطناً .. سنة 2013 تم اعدام (151) مواطناً.. فيما صادق مكتب الرئاسة الحكومي على اعدام (200) مواطناً عراقياً ، بانتظار التنفيذ)) .. في الوقت الذي يعترف فيه العالم بأن القضاء العراقي مسيس لحزب الدعوة وشركائه، وان اجهزة السلطة الطائفية تنتزع الإعترافات عن طريق التعذيب .. أما الإغتصابات في سجون السلطات الطائفية السرية والعلنية ، فهي بالمئات ، والإعتقالات العشوائية فبالآلآف نساء ورجال وشباب .. فيما ينهب العراق نهباً منظماً قل نظيره في دول العالم.!!

 

كل هذه الجرائم المروعة التي ترتكبها السلطات الطائفية في العراق .. لا تمنعها من الإعلان عن محاربتها الإرهاب ، ودعوتها إلى عقد مؤتمر لمحاربة الإرهاب، فيما افصحت بشكل هستيري عن أزمتها المستعصية في العراق وحاولت تصديرها إلى الخارج وتصريف أفعالها على الأخرين، وهو ذات السلوك الإيراني حين تتصاعد المشكلات والمعضلات الداخلية تعمل الحكومة الفارسية في طهران على تصديرها إلى الخارج من اجل تخفيف الضغط عليها ، ولكن هذا الأسلوب بات خائباً ولا يستوي مع الحقائق الماثلة على أرض الواقع في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن ومصر وغيرها من الساحات التي تفتش ايران عن موقع لها من اجل التوسع وبسط النفوذ الفارسي المريض بالهيمنة .!!

 

والغريب في الأمر أيضاً .. أن توافقاً سياسياً  يأخذ مجراه بين عواصم اقليمية (طهران ، بغداد ، دمشق) ، كلها يعلن سياسة محاربة الإرهاب، تماشياً مع السياسة الأمريكية المعلنة في هذا الإطار.!!

 

ومن ضمن الأعمال الإرهابية التي تقوم بها حكومة طهران الفارسية ، تشجيع واستدراج وتجنيد عناصر اجنبية (أوربية وآسيوية وعربية) إلى معسكراتها في إيران والعراق وتدريبها ثم تكليفها بمهمات إرهابية تحت يافطة الجهاد ومحاربة الإرهاب ، والإعلان في الوقت ذاته أن هذه العناصر المدربة على السلاح إذا ما عادت إلى بلدانها ستقوم بأعمال الإرهاب .. وهنا يحصل الضغط بطريقة التخويف من اجل الدعم والإسناد الأوربي وغيره .!!

هذه السياسة الإستخبارية، تعتمدها كل من طهران وبغداد ودمشق، إذ خلقت منها عدداً من منظمات الإرهاب مثل ( .. داعش والنصرة في سوريا) و(البطاط  وابو الفضل  العباس وحزب الفضيلة وعدد من التنظيمات الإرهابية المسلحة في العراق) و (وأنصار الله ، وهم فرع من داعش في شمال اليمن، وداعش مصنوعة في دمشق وتخوض معارك طائفية مع القبائل في (صعدة وعمران وحجة) ، وهي مدعومة من إيران بالمال والسلاح والرجال والتدريب في قواعد اريتيرية مؤجرة لحساب إيران).!!

 

أما مليشيات (فيلق القدس الإيراني) ، فأن عناصره  تنتشر في العراق وسوريا مع الحرس الإيراني لتمارس اعمال القتل في الرمادي والفلوجة وديالى وصلاح الدين وبغداد وبابل والعمارة والبصرة وغيرها من المدن العراقية الثائرة على الظلم والفساد والإنتهاكات المستمرة منذ اكثر من عشر سنوات على الاحتلال الأمريكي- الإيراني الغاشم .

 

هكذا يتضح مفهوم الإرهاب من خلال الواقع الراهن المتحرك أمام انظار الجميع ، مجلس الأمن الدولي، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمات حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، وأمام محكمة الجنايات الدولية، وكذلك محكمة العدل الدولية في لآهاي، فضلاً عن اتحاد المحامين العرب، واتحاد الحقوقيين العرب،واتحاد البرلمانيين العرب .. وما اكثر هذه المنظمات التي يأكلها الخرس والجذام والقرف.!!








الخميس ١٢ جمادي الاولى ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أذار / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة