شبكة ذي قار
عـاجـل










* الخميني والسر الامريكي
الثابت أن الولايات المتحدة الامريكية ..من خلال .. خوفها من وصول السوفيت الى – منابع النفط - - والمياه الدافئة – اختار صناع القرار في واشنطن (( أية الله الخميني )) كاداة لوقف المد الشيوعي . ولعل اخر ما كشف الدكتور ابراهيم يزدي وزير الخارجية الايراني الاسبق للحكومة المؤقتة التي تشكلت بعد الثورة والزعيم الحالي لحزب " نهضة الحرية في ايران" والتي تحدث عن ما عرف في حينه بمؤتمر " كوآدلوب " الذي انعقد في المنتصف الاول من كانون الاول 1979 وضم اربع رؤساء دول هما:"كارتر، كالاهان، جيسكار ديستان واشميت" ( الولايات المتحدة الامريكية، بريطانيا، فرنسا و المانيا) حيث يحتل اسم " كوادلوب " للمحللين السياسيين وخاصة فيما يتعلق باسرار الثورة الاسلامية في ايران مكانة خاصة في دراسة التاريخ السياسي الايراني المعاصر، وقد كتبتَ حينها وكالة يوناتيد برس الامريكية قائلة: "لا تستطيع الولايات المتحدة الامريكية وبسبب المعارضة المتزايدة والشاملة للجماهير الايرانية ان تدعم الشاه " وبدوره كان جيمي كارتر يقول: "الجميع يقول يجب على الشاه ان يرحل فورا" كما ان الشاه بدوره قد ذكر في مذكراته:" ان مؤتمر كوادلوب وافق على ابعادي".


كان الدكتور ابراهيم يزدي من الشخصيات السياسية الهامة التي عاصرت الشرارة الاولى لهذه الثورة ناهيك عن انه من اهم السياسيين والمنظرين على الساحة الايرانية وذلك بسبب تواجده ونشاطه الفعال في رحم تحولات الثورة،وحتى استقالته بعد احتلال السفارة الامريكية .


يقول السيد يزدي، ان اول اتصال بين قيادة الثورة وامريكا قد تم عبر السيد جيسكار ديستان الرئيس الفرنسي الاسبق الذي نقل رسالة القيادة الامريكية الى الامام الخميني ومن ثم اتصال وزير الخارجية الامريكية وتبادل الرسائل بينه وبين اية الله الخميني، حيث كنت اقوم بترجمة هذه الرسائل الى السيد الخميني وكان الخميني يرد عليها، كما انني كنت اترجم الردود واسلمها الى مندوب السفارة الامريكية في باريس وفي احد اخر هذه الرسائل المتبادلة اعرب الامريكيين عن قلقهم حيال احتمال قطع ايران لامداداتها النفطية عن امريكا و قد اجاب الخميني، نحن لا نريد قطع الامدادات النفطية . ويقول يزدي ايضا: في اواخرعام 1978 اقتنع الامريكان رويدا رويدا ان الاصرار على بقاء الشاه امر لا فايدة منه، لذلك اخذوا يغيرون من مواقفهم. من جهة اخرى كانت الحرب الباردة في اوجها وكانت افغانستان محتلة من قبل الجيش الروسي والامريكان كانوا قلقون فيما اذا ذهب الشاه، من يملء الفراغ الذي يخلفه هذه الرحيل؟ لذلك وافقوا على رحيل الشاه شريطة ان يحل محله بختيار وان يتعاون الجيش مع الثورة حتى يجد له موقعا في الثورة، وكانت نظرية برجينسكي(مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر والمفكر الاستراتيجي زبغنيو برجينسكي Zbigniew Brzenski ) تقول انه في حال ذهاب الشاه فان القوى الوحيدة التي تسطيع الوقوف في وجه الخطر الشيوعي هي التنسيق والائتلاف بين المؤسسة العسكرية ورجال الدين، وكان استدلاله قائم على ان رجال الدين بطبيعتهم معادين للشيوعية ولديهم امكانية تعبئة الجماهير، كما ان المؤسسة العسكرية منسجمة فيما بينها وان الجيش الايراني المكون من 400 الف رجل مدرب على معادة الشيوعية وعلى مجابهة الانتفاضات، لذلك فان الائتلاف بين الجيش ورجال الدين من شأنه مواجهة الخطر الشيوعي بعد رحيل الشاه . وبالفعل تم نقل الخميني بطائرة فرنسية من باريس الى طهران . وكما استخدم الجيش الايراني كاداة للقضاء على حزب تودة الذي كان المحرك الرئيسي للثورة الايرانية ضد الشاه . ولاجل فهم .. حقائق الامور اكثر ضروري الاطلاع على كتاب ( رهينة الخميني ) لـروبرت دريفوس.. الذي حقق نجاحاً لا يشق عليه غبار في استجلاء وترسيخ حقيقية بسيطة مفداها أن – أية الله الخميني – يمثل شر مستطيراً في أصله واخلاقه ..اذ ساعة .. كان المبعوث الامريكي في الامم المتحدة ينعت الخميني بـ ( القيديس )) ويصف الرئيس جيمي كارتر نفسة عصابات سفاحي خميني بـ ( أصدقاؤنا ). أ قدم ليندون انش لاروش – محرر في موسسة ( Intelligence Peview ) أقدم على نزع سمت الاخلاق من الخميني ووصمه (( بالعجوز المنتقم )) الذي رفع ألوية مشوة للاسلام لا صله لها بصحيح الدين. لكن أصول الخميني تبدو – لغز – في حد ذاته .. فأنى لمُلى مهووس يتقد حقداً أن يطيح بشاه ايران القوي العتيد.. والحق . أنه لا الغاز في الطريقة التي اعتمدتها مؤسسة (Executivt Intelligence peview) في استجلاء ( السر) الكامن وراء الخميني .

 

انما كان المدخل الى حل اللغز الظاهر في ثورة الخميني هو تعريف – لاروش – للحرب العالمية بين ممثلي ما يعرف بفصيل (( عصور الظلام الحديثة ) من جانب والقوى الساعية الى اطلاق " عصر جديد من النمو والتصنيع بلا حدود في ربوع العالم" من جانب اخر .. ومن فضله القول أن وجود عصور الظلام بمعناها المذكور لم يعد سرا حسب ما يفيد به لاروش .. فلقرون عديدة بشر حكم الاقلية البريطانية بنهجة المعارض للتقدم والاذكاء ومد روح التخلف والتمذهب الطائفي. وليس اول على ذلك من أن الاقتصاديين وعلماء الاجتماع البريطانيين – الذين حذوا حذو يارسون مالثوس في اطلاق اسم (( العلم الكئيب) على علم الاقتصاد . قد جادلوا في ادبيات يعود تاريخها حتى القرن السابع عشر : قائلين أن العلوم والتقنية ما هي الا شر محض..ذلك أم رأوا النموذج – المستقر – الوحيد للنظام الاجتماعي ماثلاً في النموذج " الصيني" المنضوي على مجموعة غفيرة من الفلاحين البدائيين الرازحين تحت وطأة أنظمة زراعية شبة اقطاعية . بيد أن البريطانيين أنفسهم ...ومن والاهم...يرون في الصين النموذج الامثل للدول النامية في العالم الثالث . كما أن البريطانيين أنفسهم هم من رعوا –الخميني – على معطيات القرن العشرين في ايران.


أن فهم –هذة الفكرة البسيطة – تفضي الى استجلاء سير لوابل التفاصيل الشارحة لكيفية قيام "" الثورة الايرانية "" شرحا دقيقا .. وعلى ذلك فان الخميني لم يقم بالثورة بل جيء به الى سدة الحكم من خارج الدولة .. وانه " نصب" كنبراس للضعفاء وتعساء الشعب الايراني . وفق عملية شديدة الدقة قامت بها المخابرات البريطانية.


لذا فان كتاب "" رهينة الخميني "" يقص علينا " حكاية تنصيب الخميني من قبل البريطانيين بالتواطئ مع ادارة كارتر .


وهنا لابد من التساؤل اليوم .. ما الذي يجمع بين رئيسة الوزراء البريطانية – مارغريت تاتشر – والحرب الروسية الافغانية –والزعيم الاصلاخي الصيني – دينع شياوينغ – والبابا يوحنا بولص الثاني – وايات الله في ايران – لا يبدو فعلاً أن هناك رابط يجمعهم .. الا ربما شيء واحد هو عام 1979. هذا العام الغريب .شهد صعود اسماء وبزوغ احداث.. غيرت .. وجه العالم الذي نعرفه اليوم.. تاتشر ،رسول الرسمالية والسوق المفتوحة التي نعيشها اليوم .. تسلمت مهامها كرئيسة للوزراء في عام 1979، الغزو السوفيتي لافغانستان الذي اسهم بتصدع .. الامبراطورية السوفيتية .. وخلق حاضنة التي ترعرعت فيها "" الجماعات الارهابية"" في ذلك العام ايضا، الصين لم تكن اليوم بهذة القوة الاقتصادية لولا اصلاحات –شياوبينغ –الجذرية التي بدأت في عام 1979، البابا يوحنا البولص الثاني تحدى الشيوعية . واسهم بانعاش الكنيسة الكاثوليكية . تسلم منصبه في عام 1978 ، ولكن أكثر خطواته جراة في عام 1979، وبالطبع من يستطيع ان ينسى تسنم ايات الله والخميني الحكم في ايران في ذلك العام الغريب.


ببراعة يشرح الصحفي الامريكي " كريستيان كارل" في كتابه (( المتمردون الغرباء: 1979 وولادة القرن الواحد والعشرين)) يشرح .. سر .. هذا العام الذي يعتبر – اذا نظرنا الى الوراء –ربما الاهم الذي فتح فصلا جديداًفي كتاب التاريخ المعاصر .... يتبــــــــــــــع

 

 





الثلاثاء ٢٤ جمادي الاولى ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / أذار / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب داود الجنابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة