شبكة ذي قار
عـاجـل










نص المحاضرة التي ألقاها الرفيق الدكتور بشير مواس، في بلدة عكار العتيقة في الذكرى السابعة والثلاثين لاستشهاد المناضل البعثي المربي والأستاذ علي بطيخ. وألقيت باسم حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي.


لمناسبة الذكرى السابعة والثلاثون لإاستشهاد المناضل البعث الشهيد علي بطيخ، اقامت منظمة حزب طليعة لبنان العربي الأشتراكي في عكار ندوة سياسية جماهيرية، حضرتها فعاليات منطقة عكار من رؤوساء بلديات ومخاتير ومدراء مدارس ثانوية وابتدائية.


وتحدث فيها الرفيق الدكتور بشير مواس الأستاذ في الجامعة اللبنانية وتناول فيها الأوضاع السياسية


أيها الإخوة والرفاق
عندما نحضر إلى هذه المنطقة الأبية – عكار العتيقة – التي هي جزء من عكار الوطنية نشعر بأننا وسط أهل مرحبين بمن يزورهم وجاهدين ليشعروا زوارهم أنهم بين إخوة أحباء لهم.


وقد أصبح لي ولرفاقي في حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي رغبة دائمة في متابعة أخبار المنطقة ومشاركتها نشاطاتها السياسية والفكرية والاجتماعية.


صحيح أن لقاءاتنا تأتي في مناسبات تكون عامة أحيانا وخاصة أحيانا أخرى، إلا أن ذلك لا يحول دون الرغبة بالارتباط ولعلاقة المستمرة.


واليوم إذ نلتقي مجدداً بذكرى استشهاد أحد أبناء عكار الوطنية والعربية المرحوم الشهيد علي بطيخ وسائر شهداء عكار من رفاقنا في الحزب الذين سقطوا دفاعاً عن مبادئ الوطن ضد انعزالييه وكذلك دفاعاً عن الأمة العربية من خلال التزام قضية فلسطين التي لا نقبل إلا أن تكون عربية.


هؤلاء الشهداء الذين رسموا لنا بدمائهم وتضحياتهم الطريق التي على المناضلين إتباعها والتي لولا شهاداتهم لانهزم المشروع الوطني والعربي الذي حملنا لواءه مع عدد من القوى السياسية الأخرى والتي نحيي أيضاً شهداءها.


نعرف جميعا كم كان الشهيد علي بطيخ في التزامه الأخلاقي الحزبي يمثل الصدق ونقاء الضمير وهو لم يقف في التزامه وعقيدته على الجانب النظري بل ترجم هذا الالتزام بعمل نضالي على الأرض ابتداءاً بتوعية الجماهير وفتح آفاق تطلعاتها نحو الأفضل وحثها للعمل والنضال لتحقيق مطالبها وانتهاءً بحمل السلاح للدفاع عن وطنه وعن مبادئ العقيدة والعروبة التي آمن بها بكل صدق والتزام.


ولا أظن أحداً بيننا لا يعرف ذلك عن الشهيد علي بطيخ سواء ممن عاصروه من أبناء جيله أم من سمع عنه من أبناء الجيل الذي تلاه.


وقد روى لي أحد الأصدقاء المسحيين منذ فترة كيف انه لا ينسى اندفاع الشهيد وحماسه للدفاع عن كل من يتعرض منهم للاعتداء المادي أو الجسدي.


واخبرني انه كان هناك شخص من إحدى قرى عكار الكبرى وهو بحسب تعابير اليوم يمكن أن نسميه احد الشبيحة أتى إلى هذا الشخص وطلب منه مالاً مدعياً حمايته لأنه مسيحي. ولما عرف الشهيد بهذا التهديد توجه مباشرة إلى الشبيح وأمسك بوجنتيه وشدها قائلاً إذا كررت ذلك مرة أخرى فلي معك حساب كبير. ولم يكتف بذلك بل سأل صديقي إذا كان يحتاج للمال أو للمواد الغذائية لان الانتقال بالنسبة له أمر صعب لكثرة حواجز الفوضى في خلال سنتي الحرب 75و76.


هذه هي قيم علي بطيخ وهذه هي مبادئه. وأنا على ثقة بأن ما زرعه رفيقنا في قريته ووسط منطقته وأهلها لا يزال يثمر مواقف مبدئية والتزامات صادقة.


أيها الاخوة والرفاق
يأتي لقاؤنا اليوم لنحيي هذه الذكرى – ذكرى استشهاد علي بطيخ – ولبنان والوطن العربي على مفترق طرق مصيري ووسط أزمات تعصف بنا من كل جانب.


ففي لبنان الذي انخرط رغما عنه وعن إرادة أبنائه المخلصين في الصراع السوري المسلح بين النظام والمعارضة وذهبت القوى السياسية فيه إلى حد التورط العسكري المباشر سواء المنظم الذي يقوم به حزب الله أم غير المنظم الذي تقوم به قوى سياسية – دينية مدعومة من ناحية المشاركة سياسياً ومالياً وعسكرياً من المعسكر الآخر في السلطة أو من الخارج وهذا الأمر غير خاف على أحد فحزب الله يعلن مشاركته العسكرية مع النظام ويفاخر بذلك.


والآخرون يعلنون دعمهم للمعارضة بالسلاح والعديد والمال وهم همزة الوصل بين المعارضة المسلحة والدول الداعمة لها.


هذا الواقع الصعب الذي فرض على المواطنين اللبنانيين انعكس بشكل مباشر على الوضع السياسي فأصبحت الشعارات للقوى السياسية تدور حول ما يجري في سوريا بدل أن يكون محورها وهدفها هو ما يجري في لبنان من انتكاس في أحوال الوطن سياسياً ومعيشياً وتأمين سلامته وسط العواصف العاتية. وبدل أن تحصن هذه القوى السياسية التي تتناوب على الحكم في الدولة، سواء كانت في فريق 14 أم 8 آذار، الوضع اللبناني وتعمل على تامين سلامته اندفعت بالطريق المعاكس. فازداد الانقسام بين اللبنانيين طائفياً ومذهبياً أيضا .


وبرغم إيماننا المطلق الغير قابل للنقاش بحق الشعب العربي في كل دولة عربية وخاصة الشعب السوري في الانتفاض على الحكم في وسوريا والسعي للتغيير وتحقيق تطلعاته المشروعة في بناء دولة تسودها العدالة وليس حكم العائلة والعسكر. إلا أننا وفي نفس الوقت نعتبر أن الصراع الداخلي قد تحول إلى حرب مدمرة وقد يتحول إلى حرب أهلية دينية وطائفية ومذهبية تطغى على مشهد التحركات المشروعة والسلمية. وقد سمح هذا الواقع للدول الكبرى والدول الإقليمية للتدخل في الصراع السوري – السوري ومحاولة استثماره لصالح استراتيجيتها في المنطقة العربية. فروسيا التي انكفأت خلال العشرين عاماً الماضية رأت ومنذ عدة سنوات أن عليها مواجهة الإستراتيجية الأميركية وقد بدأت هذه المواجهة في أزمتها مع جورجيا في خلال مشكلة اوسيتيا الجنوبية ثم الآن في أوكرانيا من خلال شبه جزيرة القرم. رأت في الأزمة السورية فرصة لتعزيز مكانتها ومحاولة العودة إلى حالة التوازن الاستراتيجي مع الولايات المتحدة فتبنت دعم النظام السوري بالعتاد والسلاح ومنعت أي قرار يدينه أو يفرض عليه الحلول من خلال مجلس الأمن الدولي. والولايات المتحدة التي أطقت خطتها خلال غزو العراق والمعروفة بولادة الشرق الأوسط الجديد القائم على ما ينتج من الفوضى الخلاقة. أرادت تطبيق نظريتها في سوريا بعد أن نجحت إلى الآن ومرحليا في العراق.


ومن خلف كل دولة من هاتين الدولتين اصطفت الدول الإقليمية الكبرى والصغرى فسارت كل من إيران والعراق خلف روسيا أما السعودية ودول الخليج فاتبعت المسار الأميركي


وها هو العام الثالث ينقضي على الحرب الدائرة في سوريا وها هو الشعب السوري الشقيق والبريء من هذه السياسات يدفع الثمن الغالي من أرواح أبنائه ومقدرات دولته بكل أنواعها العسكرية والاقتصادية والعمرانية وحتى الاجتماعية.


هذا الواقع السوري الذي يتخذ البعض حياله مواقف مختلفة وفق خلفيته السياسية . لن يصل إلى أي حل في المدى المنظور، ويبدو أن الحل لن يصل إلا بعد توافق القوى الدولية ووفق مصالحها وليس وفق مصالح سوريا وشعبها أو مصالح الأمة العربية.


قد يتساءل البعض منكم هنا أو هناك عن الطريق الأمثل للحل في سوريا.
فأقول ان الوقت فات على هذا الحل وليس باستطاعة احد العودة إلى الوراء. لان الزمن الملائم كان من خلال موقف عربي ينتج حلاً عربياً وينبع من فهم وإدراك ما ينتظر الأمة من مخاطر قادمة تهدد وحدتها أو بالأحرى وحدة دولها القطرية لتدخل في حالة من التجزئة تليها حالة من الاصطراع الداخلي والنزيف المستمر.


كل هذه الوقائع أرخت بثقلها على الوضع الداخلي اللبناني وكان من نتائجها استقالة حكومة نجيب ميقاتي وأعقبها أكثر من عشرة أشهر لتأليف حكومة جديدة برئاسة تمام سلام دخل خلالها الوضع في لبنان في فترات من الخوف من المجهول ومازال هذا الخوف قائماً ومترافقا مع ما يستجد من الأوضاع بخصوص الانتخابات الرئاسية وكذلك النيابية.


نعم تألفت حكومة تمام سلام وما زال الوضع السياسي الداخلي والإقليمي والدولي على حاله.


فالأطراف اللبنانيون متمسكون بمواقفهم المتباعدة والصراع الإقليمي بين إيران ومشروعها القديم الجديد بالسيطرة علىى المنطقة تتم مواجهته بالموقف السعودي ومعه موقف دول الخليج وكذلك الوضع بين روسيا والولايات المتحدة . وإذا ما أضفنا لكل ذلك الانقسام الطائفي والمذهبي في لبنان فان جملة من المخاوف تحيط بالأوضاع في لبنان ليس أخطرها الفراغ الرئاسي ويليه الفراغ النيابي المحتمل . والجميع بانتظار تسوية مؤقتة أو دائمة بين الأطراف الخارجية تعكس نفسها على الوضع اللبناني كما انعكست على موضوع تأليف الحكومة.


أما في الجانب العربي العام فإذا كانت مصر وتونس وليبيا وحتى اليمن قد تجاوزت مرحلة التغيير السياسي فان هذا التغيير لم يواكبه استقرار أمني وسياسي داخلي بتعبير آخر لم تنجب مخاضات التغيير في هذه الدول الوليد الذي راود حلم شعوبها واعني به الديمقراطية والاستقرار الأمني والاقتصادي الذي ينتجه استقرار سياسي على صعيد السلطة التي أعيد إنتاجها بعد الانتفاضات في كل واحدة من هذه الدول.


وقد جاءت الأوضاع بعد انتهاء الحراك الشعبي مخيبة لآمال الجماهير. فمصر الدولة العربية الأكبر تعاني من أزمة سياسية على صعيد السلطة التي أراد الأخوان المسلمون مصادرتها لحسابهم وبدؤا بتوزيع المناصب على قيادتهم. ناسين أو متناسين حقوق المصريين الآخرين في المشاركة وإبداء الرأي في الحكم الجديد بما دفع الأمور إلى التأزم ليفرض الجيش المصري الحل الذي وجده حسب رأيه يناسب الأوضاع في مصر. بالتأكيد فان الحل للأزمة في مصر ليس تدخل الجيش في السياسة أو وضع يده على السلطات فيها وبالتالي ترشيح وزير الدفاع لمنصب رئاسة الجمهورية لكن سوء الأداء من قبل الأخوان المسلمين وتفردهم بالهيمنة أثار الشارع المصري من جديد مما استدعى هذا الموقف من قبل المؤسسة العسكرية في النظام المصري.


وليست الأوضاع أفضل منها في تونس وليبيا ففي الأولى لا يزال الصراع الداخلي بين القوى السياسية التونسية مستمراً إلى الآن وصولاً إلى حد حصول بعض جرائم الاغتيال السياسي الذي تعرض له معارضون للسلطة الجديدة في تونس التي سيطر عليها حزب النهضة التونسي وهو الرديف لحزب الاخوان المسلمين في مصر. هذا الوضع أرخى ثقله على الاقتصاد التونسي فانعدمت السياحة في تونس وهي المرتكز الأساسي للدخل الوطني في هذه الدولة والى الآن لم تتحدد وجهة مسار الأوضاع هناك رغم رضوخ السلطة للقوى السياسية وإجراء بعض التعديلات على الدستور الذي سبق وأقره حكم النهضة والذي يعبر تونس إلى الوراء عوض عن تقدمها الذي تتطلع إليه جماهير الشعب التونسي الشقيق.


وفي ليبيا فإن حالة الانقسام السياسي القبلي والعشائري هي المهيمنة على المشهد السياسي في ليبيا التي أوشكت أن تصبح أكثر من دولة من الناحية العملية وان كانت نظريا دولة موحدة. فالمناطق الجغرافية المتنوعة اتخذت لنفسها شكلا سياسيا من الناحية العملية خاصة بين بنغازي وطرابلس ولازالت الميليشيات المسلحة تتقاتل فيما بينها وتلجأ كل واحدة منها إلى أعمال خطف واغتيال لبعض الشخصيات الليبية والأجنبية إضافة إلى سيطرة تفرضها هذه الميليشيات على المباني العامة من وزارات ودوائر الدولة المدنية والعسكرية في ليبيا.


أيها الرفاق أيها الأصدقاء
هل نتحدث عن اليمن البلد الذي عانى كثيراً للوصول إلى حالة الوحدة السياسية بين شطريه الشمالي والجنوبي هذه الوحدة ما كانت لتحصل لولا التدخل المباشر للحكومة العراقية تحت قيادة الرئيس الشهيد صدام حسين الذي مارس الضغوط المتنوعة على طرفي الصراع اليمني ليصلا إلى صيغة الوحدة وإنهاء حالة الانقسام بين يمن شمالي عاصمته صنعاء ويمن جنوبي عاصمته عدن.


وبعد التغيير السياسي الذي حصل هناك وإزاحة حكم علي عبد الله صالح وإقامة حكم جديد انتقالي برئاسة نائبه عبد ربه منصور، فان الوضع الأمني في اليمن لم يعرف الاستقرار حتى اليوم ففي شماله حركة عصيان لجماعة الحوثيين مدعومين من إيران وفي الجنوب محاولات حقيقية للعودة إلى زمن الدولتين وإذا ما أضفنا إلى ذلك الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها اليوم هذه الدولة فإننا لا نستطيع تقييم نتائج الحراك الشعبي إلا سلباً على الأقل في المرحلة الراهنة.


فأي ربيع عربي هذا الذي سالت بسببه أنهار الدماء من المواطنين في كل دولة خصوصاً في سوريا وربما في أقطار أخرى في المستقبل القريب.


لقد أصبح الربط مبرراً بين خطة الولايات المتحدة الأميركية للمنطقة وبين ما يحصل فيها على الأرض فكم من مرة سمعنا أن الولايات المتحدة ستتدخل عسكريا في سوريا وستقوم بعمل عسكري يشبه ما قامت به في ليبيا ، وكم من مرة سمعنا أن النظام في سوريا أصبحت أيامه معدودة وكم راهن بعض الزعماء السياسيين في لبنان على سقوط النظام وأعطوا مهلا محددة لهذا السقوط والانهيار وفي كل مرة كانت الولايات المتحدة الأميركية تتراجع وتعود للاختباء خلف مفاوضات بينها وبين روسيا تأمل من خلالها التوصل إلى حلول وسط لا تلبي طموحات الشعب السوري ولا تعادل التضحيات التي يقدمها أبناؤها.


فإذا كانت الأمور تسير بهذا الاتجاه نتساءل لماذا توريط المعارضة السورية بالعمل العسكري وإغرائها بالمساعدات من أسلحة حربية أو معدات تكنولوجية ومؤخراً صواريخ مضادة للدروع.


لماذا السكوت عن ظاهرة نمو التطرف الديني وتفريخ المنظمات المسلحة التي تتخذ من الدين ستاراً لها وتمارس أبشع أنواع القتل والعنف في سوريا صحيح إن النظام وشبيحته أيضا يقتلون الشعب السوري بكل أنواع الأسلحة المحرمة لكن تواجد المنظمات الدينية المتطرفة من القاعدة إلى داعش إلى النصرة أعطى للنظام الحجة والتبرير ليقوم بجرائمه ضد شعبه بذريعة قتال التطرف الذي يهدد ليس سوريا فحسب بل كل دول المنطقة وحتى دول أوروبا القريبة والبعيدة.


وأكثر ما يلفت النظر الآن هو الحديث عن الحل السلمي الانتقالي من خلال مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين النظام والمعارضة سواء في جنيف أو غيرها.


أيها الاخوة والأصدقاء
لم ولن يغيب عن بالنا أن ما تعيشه الأمة العربية اليوم ليس سوى جزء من تداعيات الغزو الأميركي للعراق واحتلال هذا البلد العربي وتفتتيه من الداخل عبر الإجراءات التي أقدم عليها بول بريمر وأولها حل الجيش العراقي الوطني والذي كان درعاً عربية في وجه الهجمة الإيرانية منذ ما قبل وصول خميني إلى السلطة هذا الجيش الذي صد العدوان الفارسي على الأمة ومنعه من الاقتراب من الدول العربية في الخليج حيث شكل العراق البوابة الشرقية الحديدية للوطن العربي برمته.


وثاني الإجراءات هو ما سمي استئصال واجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي من أجل تغيير هوية العراق العربية وإحياء روح الانقسام في الدولة عبر فرض دستور يعترف بإقامة ثلاثة أقاليم أو كيانات ركيزة كل واحد منها الطائفية والمذهبية والعرقية.


واستكملت الخطة بدخول إيران على الخط بعد الاحتلال الأميركي وإرسال بضعة ملايين من الأيرانيين الفرس من أجل تجنيسهم داخل العراق والعمل على تغيير ديموغرافية الدولة العراقية.


ولا نبالغ إذا قلنا أن الدوائر الرسمية في محافظات الجنوب والشرق العراقي المتاخمة للحدود مع إيران سيطر عليها الفرس وأصبح على العراقيين اصطحاب مترجمين معهم من أجل إتمام معاملاتهم الرسمية.


هذه الإجراءات يتم تتويجها عبر وضع اليد على ثروة العراق النفطية وبات المواطن العراقي أشد عوزاً وفقراً وحاجة من المواطن في أي دولة افريقية فقيرة.


من هنا انطلقت المخططات المشتركة بين إيران والولايات المتحدة والصهيونية والتقت الأطراف الثلاثة على تقاطعات مصالحها الإستراتيجية – فالعدو الصهيوني لم يعد يشعر بأي تهديد عسكري عراقي بعد أن دب الذعر فيه خلال قصف الأراضي الفلسطينية المحتلة بالصواريخ العراقية فتم حل الجيش وأعيد بناء جيش على قياس الرغبة الأميركية والصهيونية.


و الولايات المتحدة حققت رغبتها بالسيطرة على ثاني أكبر احتياط نفطي في العالم حيث انتشرت الفكرة التي تقول أن آخر برميل نفط في العالم سيكون عراقياً


أما الدولة الفارسية في إيران قد تمكنت من وضع اليد على النظام السياسي في العراق وسيطرت على الحكم فيه من خلال الأحزاب الطائفية والمذهبية التابعة لها مثل حزب الدعوة وحزب الله العراقي وجماعة الحكيم وكذلك جماعة الصدر وانشأ كل طرف منها ميليشيا خاصة به تقاتل المقاومة في الداخل على أساس مذهبي اضافة الى انها تقاتل إلى جانب النظام في سوريا كما يفعل حزب الله منذ عام 2011


نعم لا نبالغ إذا قلنا أن مدخل الأزمات في الدول العربية كان احتلال العراق وإسقاط حكمه الوطني الذي لا يستطيع أي كان أن يتجاهل انجازاته العملاقة على صعيد بناء الدولة بمؤسساتها وشعبها. بجيش العلماء الذي من خلاله استغنى العراق عن أي دعم ومساندة من الخارج خلال سنوات الحصار الثلاثة عشر من 1990 حتى 2003 والذي لاحقته يد الإجرام الصهيوني بالاغتيال المباشر ومن استطاع أن ينجو فضل الهجرة إلى دول أخرى كما حصل للضباط الوطنيين العراقيين.


من خلال هذه الصورة السوداء للواقع العربي تبقى قضية العرب المركزية قضية فلسطين مؤجلة إلى أجل غير معروف وبالتوازي مع التراجع العربي في الموقف الذي كان أعلن لاءاته الثلاث في القمة العربية في الخرطوم . ها هو اليوم يقبل بحوالي عشرين في المئة من أراضي الضفة الغربية التي يريدها الاحتلال الصهيوني مقطعة الأوصال يزرع بين مدنها مزيدا من المستوطنات الصهيونية ولا يقبل بإنشاء دولة فلسطينية إلا إذا كانت منزوعة السلاح ولا يقبل عودة أي فلسطيني إلى المدينة أو القرية التي هجرها قسراً سواء عام 1948 أم عام 1967 وحتى بعد ذلك.


وإذا ما حاول الفلسطينيون لم الشمل وتوحيد مواقفهم كما حصل بالأمس بين حركتي فتح وحماس فالرد الصهيوني جاء سريعا بوقف المفاوضات مع الفلسطينيين تأديباً لهم على نجاحهم في تجاوز الخلافات الداخلية هذا اللهم إذا ثبتوا في مصالحتهم ووحدتهم.


أيها الاخوة والرفاق
إن الرد العملي والواقعي على ما يجري والذي يخلو من أية مبالغة هو انتصار المقاومة في العراق وتعزيز الوحدة في فلسطين . فالأولى هي التي تقصم ظهر التحالف الإيراني الأميركي من جهة وتفك حلقات السلسلة الطائفية الممتدة من إيران إلى لبنان مرورا بالعراق وسوريا وإذا ما قدر الله لهذه المقاومة أن تسقط الحكم الطائفي العميل في العراق فإنها بذلك تقطع التواصل الاستراتيجي بين عناصر المشروع الإيراني الفارسي لينحسر داخل حدود الدولة الصفوية وتتغير المعادلات في الداخل السوري وتاليا في الداخل اللبناني.


إن مصلحة العرب اليوم كل العرب بكل أنظمتهم المختلفة أن يكفروا عن ذنوبهم في الوقوف إلى جانب الغزو الأميركي بالوقوف اليوم إلى جانب الشعب العراقي ومقاومته الباسلة التي تقاتل المشروع الفارسي البغيض داخل العراق لان ذلك سينعكس حتما وبشكل ايجابي على الأوضاع العربية عامة وخاصة في المشرق العربي. إضافة إلى تبنيهم الفعلي واحتضانهم العملي للقضية الفلسطينية من خلال رفض أية حلول على حساب أرض فلسطين وشعبها وعدم القبول إلا بما يقبل به الفلسطينيون مرحليا وتاليا كي تعود فلسطين كل فلسطين إلى أصحابها الشرعيين والتاريخيين لبناء دولة ديمقراطية متعددة الأعراق واللغات والأديان.


ربما يرى البعض كلامي بعيداً بعض الشيء عن الواقع لكنه ليس بعيداً عن حدس الجماهير وليس بعيداً عن تطلعاتها بل هو يحاكي هذه التطلعات وأظن أن الوقت قد حان ليأخذ العرب الدروس من كل ما جرى ويجري على أرضهم.


لدي الكثير الكثير لقوله لكن المجال لا يتسع الآن لقول كل شيء.


ختاماً أقول
المجد والخلود لشهداء الأمة العربية كلها خصوصاً شهداء حزب البعث العربي الاشتراكي
وكما علمنا الشهيد القائد صدام حسين نقول عاشت فلسطين حرة عربية
عاشت الأمة العربية من المحيط إلى الخليج
عشتم وعاش لبنان
 






الجمعة ٢٣ رجــب ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أيــار / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة