شبكة ذي قار
عـاجـل










تتقدم خطى معركة الثورة العراقية الكبرى نحو حسم مراحلها الأخيرة والمنتظرة على أرض المحافظات المحررة يوما بعد يوم نحو تحرير العراق كاملا .


والمعركة بكل مجالاتها التعبوية والشعبية ليست مجسمة فقط على خطوط تماس البنادق وهجومات الثوار بكل مسمياتهم بل هي مجسدة أيضا في احتدام الصراع السياسي و المسلح على كل جبهات القتال مع قوات المالكي وحلفائه المحليين وفي الخارج.


على المستويين الوطني والدولي تتجسد ملامح الصدام الشرس في الجهد المعنوي واللوجستي والسياسي والدبلوماسي والإعلامي الممتد من سوح المواجهة داخل العراق ومنها ليصل الى سائر أرجاء العراق والبلاد العربية والى العالم أيضا.


لا بد لنا ان نذكر الجميع ، أنه لم تُظلم أية حركة مقاومة وتحرير في تاريخ العالم كما ظُلمت وحوربت حركة وفصائل التحرير والمقاومة العراقية الباسلة التي هزمت بجهدها التعبوي وحدها أعتى جيوش الامبريالية الأمريكية وحلفائها محليا وخارجيا، وهي مقاومة يعترف لها العالم اليوم دورها رغم انها كانت ولا زالت معزولة إعلاميا وسياسيا تماما، ولم تمتد لها يد المساعدة منذ انطلاقتها ، ولم تدعم ماديا أو سياسيا أو إعلاميا من اية جهة عربية أو أممية رسمية، ما عدى التعاطف والافتخار من لدن قوى شعبية عربية واممية قليلة وضعيفة الإمكانيات في الدعم المطلوب بسبب فترة الصراع الدولي وهيمنة الولايات المتحدة ونفوذها على كثير من المجالات .


لقد جرى التآمر علي مقاومة شعب العراق ومورس التعتيم الكامل عليها بكل الوسائل الخسيسة والقذرة، وخاصة على الجبهة الإعلامية للتعريف بها وتقديم صورتها الأنصع للعالم كحركة تحرر وطني تسعى لتحرير شعب من براثن الاحتلال الأجنبي .


حاول الإعلام المرتزق تسويد صفحات ومعارك المقاومة العراقية البطولية ضد قوات الاحتلال والغزو الأمريكي، وجرى نشر أخبار جرائم القتل والتفجيرات الدموية وأعمال الإرهاب الدموي الأسود التي استهدفت جماهير أبناء العراق العزل وقتل مئات الألوف من الأبرياء والعزل بالمفخخات والسيارات الملغمة والعبوات الناسفة والقتل والنهب اليومي المبرمج على مدى أكثر من عشرية سوداء، حتى تم زج عمليات الانتحاريين وإلصاقها باسم المقاومة، وهي بريئة من مثل تلك الأعمال.


لقد مرت فترة وسم النعوت الخبيثة بالمقاومين الشرفاء وبالحديث عن ما سماه البعض "المقاومة الشريفة" و " المقاومة غير الشريفة" أو محاولات تقسيم ساحات الوطن العراقي المقاوم إلى " مناطق سنية وغير السنية، أو " الجنوب الشيعي" وحكايات مبتذلة عن " المثلث السني" و "المناطق الساخنة" رغم أن العراق كله بات جحيما ناقما من الاحتلال وعملائه، ومقاومته الوطنية تمت بمشاركة غالبية أبناء قومياته وطوائفه وأحزابه وفصائله السياسية، وقد أسهم في هذا الجهد الوطني المقاوم عشرات الألوف من الرجال والنساء الشجعان ، وحاضنتهم الوطنية تمتد إلى بيوت الملايين من أبناء الشعب، كلها أسهمت في طرد قوات الاحتلال الأمريكي وحلفائه وبهزيمة عسكرية وسياسية واقتصادية وأخلاقية سيذكرها العالم طويلا وسيسجلها التاريخ عن بطولة شعبنا ومقاومتنا الوطنية التي رفعت السلاح منذ اليوم الأول للغزو والاحتلال والى اليوم وفي سائر مدن ومحافظات العراق من أُم قصر البطلة والى بغداد المجاهدة الصابرة، كرمز لعاصمة التحرير والكرامة الوطنية.


وبعد كل التجارب القاسية لشعبنا وخلال أكثر من عقد دموي وقاس من سنوات الاحتلال المباشر وغير المباشر وبالوكالة الإقليمية يعيد البعض إلى صفحات التشويه للعمل المقاوم هذه الأيام نفس الأقاويل المشروخة في محاولة تجزئة ووصف العمل البطولي المقاوم ، خاصة بعد انطلاق وتصاعد كفاحنا الجماهيري من خلال استمرار الانتفاضة العراقية، وخلالها وبعدها اتساع أعمال المقاومة والعمل الثوري المسلح ضد بقية أدوات الاحتلال وجيش حكومة المالكي ، عاد البعض، في الداخل والخارج، إلى محاولات تقزيم وتشويه صورة الانتفاضة والثورة العراقية، وتجاهل وإنكار أدوار فصائلها السياسية وقوى المقاومة المسلحة ،ويجري تصعيد متعمد لأخبار ما يسمى ( الدولة الإسلامية في العراق والشام) ، " داعش" ، باتت وكأنها القوة الفاعلة والوحيدة على الساحة العراقية، رغم كل التحفظ عليها وعلى الكثير من ألأفعال المنسوبة إليها، من لدن الكثير من ابناء شعبنا وقوانا الوطنية المقاومة، خصوصا ان " القاعدة " وغيرها ، لم تنسب ، أو تنتسب، في اي يوم من الأيام إلى قوى المقاومة الوطنية العراقية .


إن دور " داعش" وما يقابلها من أدوار لمليشيات شيعية يكمل بعضه بعضاً، فهي تلعب الدور نفسه في إضعاف الجهد الوطني المقاوم حين تغرق متقابلة مع مثيلاتها وبتنسيق مع الجهد الحكومي والإقليمي المشبوه، في وحول تأجيج الصراع الطائفي الدموي والسعي، كل حسب توجهاته، إلى تقسيم العراق طائفيا أو فدرلته لصالح الأجندات الأجنبية القذرة ولخدام الاحتلال الأمريكي وحليفه المتشارك في نكبة واحتلال العراق النظام والنفوذ الإيراني وتحالفاته المحلية.


واليوم بعد أن ظهرت "داعش؟" على حقيقتها، كونها واحدة من وسائل وأذرع الصراع الدموي والطائفي في المنطقة، وفي العراق وسوريا خاصة، وهي، من خلال ما يصدر عنها من تصريحات وبيانات إعلامية مقترنة بسلوكيات اجتماعية مريبة في مناطق تواجدها أو ظهورها ،بدت للكثيرين الآن، أنها ليست بعيدة عن خدمة ومرامي وأغراض، وحتى عن إدارة ونفوذ دوائر المخابرات الإيرانية والسورية وفيلق القدس وبقية التشابكات الإقليمية ، حينما خلطت " داعش" الحابل بالنابل كما يقال ، في الكثير من مهامها العملياتية على الساحتين العراقية والسورية، وبدى ذلك وبوضوح انه يتم بتنسيق وتوقيت مريب، في كثير من مفاصله ، في عمليات وأنشطة الحراك والصراع على الساحتين العراقية والسورية وسيمتد إلى ساحات إقليمية أخرى، تبعا لتطور الظروف في الشرق الأوسط، مما بات يثير الكثير من الشكوك حول مدى قدراتها الفعلية واللوجستية وأسباب ظهورها شبه العلني، في مواقع وأوقات معينة، فبدت وكأنها باتت تخدم توجهات وأهداف حرب المالكي على الشعب العراقي نفسها، التي تستهدف أساسا القضاء على استمرار الانتفاضة والمقاومة العراقية.


ويسعى المالكي وحلفائه ، وبمساعدة الإعلام الطائفي والعربي والأمريكي ألى توظيف الترهيب باسم "داعش" أو ربطه بما يسمى " الحرب على القاعدة" و " الحرب على الإرهاب" ... الخ، وزج هذه الحملة الإعلامية والسياسية وبشراسة في أغراض خبيثة واضحة المقاصد والأهداف، تتجلى أولا وأخيرا إلى إجهاض الانتفاضة والثورة الشعبية العراقية المسلحة، ومنعها من الامتداد عراقيا وعربيا، كونها باتت بديلا ثوريا للتغيير بعد إخفاقات ما سمي بالربيع العربي وفشل دمقرطة الحكم في البلدان العربية بسبب التدخلات الأمريكية وفرض الوصاية الرجعية على عمليات التغيير الديمقراطي المنتظر شعبيا.


لقد بات الخيار الثوري لشعوب المنطقة حتميا ويتجلى بوجود تجربة وخبرة لدى المقاومة العراقية وصمودها مثلا يمكن الاحتذاء به في أكثر من بلد عربي.


يتداول الإعلام المرتزق اليوم، وخلفه العديد من الجهات والمنظمات السياسية المحلية والإقليمية والدولية أخبار العراق كحدث الساعة الأكثر سخونة ، ولكن يجري اختزال أحداث العراق في تضخيم ظهور بعبع " داعش"، وهي في الحقيقة محاولات مقصودة تتجاوز ما يجري على الأرض العراقية من الحقائق الثورية عندما اختار شعبنا طريق الثورة والانتفاضة لإحداث التغيير ما بعد الاحتلال وفشل العملية السياسية وما لحق بما سمي الخيار الديمقراطي من تطبيقات أفضت إلى قيام دكتاتورية دموية سوداء تتجلبب بالرداء والعمامة الطائفية في سلب الجماهير حقوقها في إيصال ممثليها إلى السلطة والحكم.


يتصاعد هذا التشويه من لدن قوى وأطراف محلية عدة لكون المقاومة الوطنية العراقية تواصل وبزخم عال انجاز مهمة التحرير اليوم، تساعدها ظروف وطنية عراقية ناضجة ومؤشراتها تتجلى في السقوط الكلي للنظام والدولة التي أقامتها قوات الاحتلال، وثمرة هذا الاحتلال يتجسد في قيام نظام ثيوقراطي متخلف وفاسد يقف على رأسه عملاء الإحتلالين الأمريكي والفارسي مجسدا في نظام المالكي وحزبه، ومن خلال استمرار ما يسمى بالعملية السياسية التي سقطت تماما بعد تزوير الانتخابات وإتمام الصفقات لتوزيع المغانم على العملاء ووصول المخطط البريطاني والأمريكي إلى منتهاه المحتوم في إقراره على لسان أصحابه في واشنطن ولندن انه بات هزيمة عسكرية للغزو والاحتلال وهزيمة سياسية منكرة لكل البنيات والقوى والنظام وشبه الدولة التي اشرف عليها الاحتلال بمشاركة وتنفيذ أعداء العراق والتي باتت كلها عاجزة تماما عن تسيير أمور العراق وحكمه وتحقيق مطالب شعبه.


واليوم أيضا بات على قوى المقاومة الوطنية العراقية وحلفائها داخل الوطن وخارجه ان تعلن من دون مواربة أو تأجيل عن حقيقة ما يجري فعلا على الأرض وان تعلن قوى جبهة الشعب الوطنية التي تنفذ على ارض العراق مهمات التحرير عن برنامجها المطبق على الأراضي والمناطق المحررة ، وعليها عدم السكوت عن ما ينشر عن ممارسات " داعش" وقوتها ، بل حتى في الادعاء والترويج لها من أنها باتت تشرعن وتنفذ أجنداتها في حكم المناطق المحررة، كما يحاول الإعلام المعادي ترويجه، ، حيث يسهم الإعلام المعادي إلى تضخيم بعض الصور أو الأخبار الفرعية الجانبية والممارسات المرفوضة ليشكلوا منها أعذارا وواجهة مضلله لتشويه صورة المقاومة والسكون عن ما يجري فعلا من جهد وطني لتنظيم الحياة وحماية السكان وتقديم نموذج التحرير ، كما وصلت الكثير من بشائره في الموصل وغيرها ، بعيدا عما يقال عن ممارسات منسوبة ظلما للمقاومة، تتحدث عن الظلامية والرجعية المنسوبة لـ " داعش" وتوسيع دائرة اتهاماتها إلى الآخرين.


صور التسامح الوطني والعفو ومساعدة الجنود الرافضين لقتال إخوتهم الثوار والعمل على تسفيرهم إلى أهلهم في الوسط والجنوب بكرامة وإنسانية ، ويطرح اليوم خطاب وطني معتدل من لدن قوى الثوار يعبر عن الاستعداد لفتح صفحات جديدة وجادة للحوار والمصالحة الوطنية بين العراقيين وطرح ملامح انجاز التغيير المطلوب في العراق بدون خسائر ودماء ومئآسي جديدة، نلاحظ على الطرف الآخر من سلطة المالكي وحلفائها يجري التجييش الطائفي الأعمى وتشكيل المليشيات الجديدة والصحوات والدعوة إلى مزيد من التطوع والتسلح في صفوف قوات المالكي وغيره، ووصلت الوقاحة إلى طلب التدخل العسكري الأجنبي والحث على الأحقاد الطائفية باتت تشكل خطاب ومضمون وتوجه السلطة التي تتلمس انزلاقها وسقوطها المحتوم وهروب أتباعها تباعا إلى خارج العراق.


على قوى الثورة العراقية بكل فصائلها وما سينضم إليها الآن من القوى المستعدة للتغيير المطلوب مهمات مستجدة تطالب بها قطاعات الشعب العراقي تتجلى في بعض الأولويات ومنها حسم وتقديم صورة الإعلام التحرري عن مجريات الأمور في المناطق المحررة والتي سيتم تحريرها كذلك.


وعلى كافة أحرار العراق وثواره وكل فصائله السياسية أن يتجاوزوا عقد الماضي ونبذ الخلافات والحساسيات السياسية العالقة من ذكريات مشاكل الماضي القريب والبعيد، وخاصة ما تتحجج به بعض الجهات العراقية في مواقفها المسبقة من أي حوار مع هذا الفصيل أو ذاك، ويصل التحجج مثلا من تواجد وتموقع أحد فصائل المقاومة العراقية الأساسية،في قيادة المقاومة العراقية، رغم أنه بات احد فصائل الثوار باستحقاق وجدارة نالها بعد تضحيات جسيمة ومريرة، كحزب البعث العربي الاشتراكي، أو تحجج البعض في الموقف من تواجد ضباط وقادة من الجيش العراقي السابق، الذي تم حله بقرار احتلالي أمريكي بغيض، وهؤلاء القادة هم اليوم من قادة فصائل المقاومة والمبادرين بنكران ذات واستعداد للتضحية ضمن تشكيلات المجلس العسكري العام لثوار العراق، وهناك من يتحجج من وجود أو إسهام او حضور بقية أخرى أو شخصيات من سائر القوى الوطنية العراقية الأخرى، التي لم يسلم منها فصيل أو تنظيم من الانشقاقات الحزبية والتكتلات المتنافرة على مدى أكثر من خمس عقود ، وهناك من القوى التي تعارضت ولا زالت تتعارض مع فصائل وقوى سياسية عراقية أخرى بسبب الموقف المبدئي والرافض من الاحتلال وما تبعه من أحداث ومحن وصراعات واجتهادات في الرؤى والمواقف، وخاصة في الموقف من الدستور المشبوه وقبول البعض به، ومن فرض العملية السياسية المشبوهة ،الجارية آخر فصولها الآن في العراق، وسقوطها بشكل مخزي بعد أن سقطت تحت الوصايتين الأمريكية والإيرانية تاركة مصالح واهتمامات شعبنا العراقي للنهب والفساد والضياع.


إن الحوار الوطني الشامل والمصالحة الوطنية بين كل أحرار العراق، بات مطلبا شعبيا وواجبا لا يحتمل التأخير ويرفض المساومات السياسوية على المستقبل أو محاولات فرض الصفقات والشروط المسبقة .


لا بد أن يكون هذا الحوار منطلقا نحو تحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية والمنشودة وقيام التحالف الشعبي الواسع لجبهة الشعب الوطنية وللالتفاف حول الثورة الوطنية العراقية الكبرى ون يتم الإعداد لهذا الحوار وبالسرعة الممكنة انطلاقا من الإيمان بمسلمات وأهداف تحرير العراق كاملة والسعي إلى بناء دولته الوطنية الديمقراطية الموحدة ولضمان حماية مستقبل أجياله وثرواته، ووجوده كدولة ومجتمع موحد بكل قومياته وفئاته الوطنية يكون قادرا على الإسهام في استقرار المنطقة وحماية حقوق شعوبها والإسهام الحضاري في تقدم العالم بعيدا عن تدخلات الغزو والاحتلال والنفوذ والهيمنة.


وان غدا لناظره قريب
 

د. عبد الكاظم العبودي
الناطق الرسمي ونائب الامين العام للجبهة الوطنية والقومية والاسلامية في العراق
عضو اللجنة التنفيذية للمجلس السياسي العام لثوار العراق
الأمين العام لهيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية

 

 





الاحد ١٧ شعبــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / حـزيران / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة