شبكة ذي قار
عـاجـل










من أهداف الحرب على غزة .. هدف إسرائيلي إيراني مشترك هو منع التقارب الفلسطيني- الفلسطيني من أجل العودة بالقيادة الفلسطينية إلى سابق عهدها لقيادة مرحلة الإنتفاضات الفلسطينية على أساس الكفاح بشقيه السياسي والمسلح .. كيف ؟

 

- لأن ( إسرائيل لا تريد التقارب أصلاً، في ضوء حساباتها منذ انسحابها من ( غزة ) .. حيث عملت على إجهاض كل محاولات التقارب بكل الوسائل الممكنة والمتاحة بما فيها الحرب.

 

- كما أن إيران لا تبارك خطوات التقارب هذه، لأن توجهها نحو ( حماس والجهاد الإسلامي ) توجهاً إستراتيجياً بغطاء طائفي لا علاقة له بحب فلسطين ولا بالقضية الفلسطينية .. إنما لتطلعات تستهدف اكتساب المشروعية من مشروعية القضية الفلسطينية .!!

 

- ومن هنا يلتقي الطرفان الإيراني والإسرائيلي حول هدف مشترك يقضي بمنع التقارب وإبقاء حالة التأزم مستمرة والإحتقان على حاله والحرب مستعرة .. طالما لم تحقق إيران اهدافها في ملفها النووي من جهة، وطالما لم تحقق أحلامها في التوسع من جهة ثانية..وكليهما : إيران والكيان الصهيوني مستفيدان من نهجهما الإستراتيجي غير المعلن، طالما يتطلع هذا الكيان هوالآخر، إلى أهدافه المرسومة بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء وإلى باقي الدول العربية .. وما مشروع ( أمريكا- مرسي ) لشراء أراضي مصرية في سيناء بملايين الدولارات لإستيطان الفلسطينيين إلا مشروعاً خبيثاً يريد الكيان الصهيوني تنفيذه على مراحل في ضوء التحولات التي تجري على الأرض .

 

1- هنالك مغالطة تقول ( .. أن الجناح العسكري لحماس هو الذي أختار توقيت الحرب، والتوقيت هذا وفر الفرصة لإسرائيل للحرب.. ) .. ولكن قرار الحرب عادة هو قرار سياسي وليس عسكرياً بما فيه التوقيت، حسب منطق الفكر السياسي كقاعدة عامة ليست لها استثناء أبداً.

 

فإيران تدعم ( حماس ) وتدعم ( الجهاد الإسلامي ) حصراً في ضوء مدى التزام هتين الجهتين بسياساتها .. وتلك حقيقة معروفة تستدعي التساؤل : ماذا طلبت إيران منهما في هذا التوقيت الذي تحدثنا عنه في الحلقة الأولى من المقال ؟ طلبت إيران منهما التحرك لخلط الأوراق من أجل التغطية على ثورة الشعب العراقي العملاقة، وفشل العملية السياسية والجهد العسكري الذي يديره العملاء الإيرانيون الطائفيون في العراق ، فضلاً عن فشل الجهود السياسية والعسكرية الإيرانية في سوريا .. وانكفاء الطائفي " حسن نصر الله " وحزبه وانهياره وتعريته على الأرض السورية .. حتى أن مسألة تلميع وجه إيران في المنطقة من خلال القضية الفلسطينية النبيلة بات أمراً ملحاً للقيادة الطائفية في طهران .. وهو الأمر الذي يكشف أن إيران فقدت زمام الأمور في العراق وسوريا واليمن والبحرين وباتت على مشارف انفجار أزمتها الداخلية .!!

 

2- والملفت، أن نظام دمشق الطائفي يفرق بين الجناح السياسي لـ ( حماس ) وبين الجناح العسكري لها في لعبة غبية وفاضحة، لأن تحرك العسكر لا يتم إلا بقرار سياسي، وإن عملية التفريق إما غباء أو لغاية في قلب يعقوب .. كما أن إيران، هي الآخرى تفرق بين ( حماس ) وبين ( الجهاد الإسلامي ) .. والمغزى من هذا التفريق هو مدى إقتراب هذه أو تلك من إيران، ومدى تنفيذ أياً منهما للأجندة السياسية الإيرانية.. أما الشعب الفلسطيني فعليه أن يدبر حاله ويسترحم العالم لوقف المجزرة. !!

 

3- إن أحد الأهداف ( الإيرانية - الإسرائيلية ) المشتركة الذي يقع في إطار تفكيك الترابط أو منعه بين غزة والضفة هو إعلام العالم بأن ( حماس ) تقاوم و ( منظمة التحرير ) تساوم .. حيث يتضح من هذا المسعى المشترك شق وحدة الشعب الفلسطيني الوطنية .. فالشعب الفلسطيني في غزة يساند حماس، ليس لأنها ( إسلامية ) إنما عربية تقاتل من اجل فلسطين العربية .. وهذا ربما لم تدركه حماس لحد الآن، لأن حماس لا تضع هدفاً قومياً في حساباتها، إنما تضع نفسها في إطار حركة أممية تصطدم في نهاية الأمر مع توجهات الثورة الفلسطينية التي تهدف الى التحرير وبناء الدولة الفلسطينية من البحر الى النهر.!!

4- فماذا اسفرت حروب ( حماس ) الإنفرادية في عام 2008 و 2009 و 2012 وما ستسفر عن عام 2014 ؟ - ليس ذلك من باب اليأس أو التيئيس، إنما من باب رصد الفعل غير المدروس والمأخوذ بأجندات إقليمية وفي مقدمتها الأجندة الإيرانية المبنية على أكذوبة التوازن الإستراتيجي بين حماس و ( إسرائيل ) ، كما هو حال التوازن الإستراتيجي بين سوريا و ( إسرائيل ) والذي انتهى بأن باعت إيران السلاح السوري الرادع من أجل ملفها النووي وبدعم ( روسي- أمريكي ) مشترك.. فمن هو الخاسر في هذا التوازن ؟!

 

الملاحظات :

أولاً- الحرب العدوانية على غزة وفي هذا التوقيت الذي تتراجع فيه ايران مأخوذة بالفشل والضعف .. هي من حيث التوصيف حرب ( تحريك ) وليس حرب ( تحرير ) بكل المقاييس السياسية والإستراتيجية .. لأن حرب التحرير لها مفهومها وبنيتها الجامعة الموحدة واهدافها التي تتبناها إستراتيجية تحررية مركزية تجمع في تخطيط متقن بين الوسائل والأهداف .

 

ثانيا- فشل إيران السياسي والعسكري في العراق فشلاً مؤكداً باعتراف قادة إيرانيون وفي مقدمتهم " هاشمي رافسنجاني " .

 

ثالثاً- فشل رهان حكومة المالكي العميلة على الحل العسكري، وذلك نتيجة لفشل العملية السياسية أساساً على الرغم من الدعم الإيراني والأمريكي غير المحدود منذ عام 2003 وحتى الوقت الحاضر، وذلك أيضاً بسبب غياب المنهج الوطني واعتماد الطائفية والعرقية بديلاً عن المواطنة، الأمر الذي فاقم الوضع الى مستوى التهديد الجدي الذي يتعرض له الشعب والوطن بالتمزق والتقسيم والتدمير.

 

رابعاً- القرار الايراني والامريكي ليس نهائياً .. فهو قابل للتغيير في أي لحظة تتغير فيها موازين القوى في العراق وفي سوريا وفي اي صراعات اخرى .

 

خامساً- لم تقتصر انعكاسات فشل العملية السياسية على العراق فحسب، إنما كانت ارتداداته على الداخل الإيراني قوية جداً، باتت تنذر بإنقسامات بدأت ملامحها تظهر بين بعض عناصر قيادات الحرس الايراني والقيادة السياسية والمؤسسة الطائفية من جهة، وعموم قطاعات الشعوب الايرانية التي تفتش عن فرصة للخلاص من طغمة ( ولي الفقيه ) .

 

سادساً- القتلى الايرانيين قد فاقمت الازمة التي تعصف بالنظام الصفوي في طهران، فضلاً عن الفشل العسكري في سوريا والعراق، على الرغم من اعداد المقاتلين الايرانيين والمستشارين والطيارين والمليشيات، التي لم تستطع ان توقف ثورة الشعب العراقي وهي ماضية صوب اهدافها الوطنية .

 

ثامناً- ضمور ( حزب الله ) في الجنوب اللبناني وتراجعه الخائب، إلا من صوت باهت يحاول أن يرقع ما تفتق في منهجه السياسي- الطائفي بالدعوة الى صمود غزة دون أن يكون له موقف ساند، الأمر الذي يجعله ذراعاً طائفية إيرانية مغلولة إلى عنقها، لأن مصيرها معروف سلفاً كمنظمة إرهابية تأريخاً وحاضراً .

 

تاسعاً- اللعبة الخفية في سيناريو ( إيران وإسرائيل ) التي تعكس سياسة الشد والجذب، والإقتراب والإبتعاد عن القضية الفلسطينية، لعبة إذا كانت تنطلي على السذج، فأنها لن تنطلي على الشعب العربي الذي يمتلك حساً متقدماً يفرق بين اهداف الكيان الصهيوني وبين أهداف النظام الصفوي الذي يسعى لأبتلاع المنطقة العربية بلداً بعد آخر ويدمر شعباً عربياً بعد آخر، ويعلن في الوقت ذاته دعمه لقضية فلسطين .!!

 

تمت ...

 





الخميس ٤ شــوال ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تمــوز / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة