شبكة ذي قار
عـاجـل










ظهر الرئيس الأمريكي " باراك أوباما" عصابياً ومتحمساً حين خاطب جمهوره الصهيوني في منظمة الـ ( إيباك ) ، التي تتولى عادة ترشيح القادة الأمريكيين رؤساء ورجال سياسة وعسكريين وأمنيين واعلاميين وماليين كبار تقع على عاتقهم مهمات صنع القرارات، وخاصة على مستوى الرئاسة والأمن القومي الأمريكي .. ولن يفلت من مخرجها أحد يغرد خارج سربها الصهيوني أبداً .. والعصابية إذا التأمت مع الحماسة غدت مكوناً فاضحاً يأخذ مداه في كشف الأزمة الأخلاقية التي تعيشها أمريكا والأزمة البنيوية التي تعيشها ( إسرائيل ) .

 

هنالك سببان وربما أكثر، يدعوان " أوباما " الرئيس الامريكي، لكي يكون عصابياً ومتحمساً للكيان الصهيوني. الأول عدم التزامه بتعهداته الداخلية. والثاني اخفاقه في سياساته الخارجية، فضلاً عن اسباب اخرى. كما أن أوربا وفي مقدمتها ألمانيا لم تعد تثق بسياسة "أوباما " تحديداً لأعتبارات تتعلق بالتجسس على الحلفاء الغربيين وبالأخص منهم ألمانيا .

 

وعلى الرغم من أن أحد هذين السببين لا علاقة له ( بغزة ) والعدوان الأسرائيلي الغاشم عليها، إنما يلامس الفشل الذي رافق السياسة الخارجية الأمريكية التي خسرت الكثير من مكانتها في المنطقة والعالم، كما خسرت مواقعها وصداقاتها، ولم يعد كلامها محط احترام او تصديق حتى من الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.

 

÷ذن .. قد تكون هذه الملامسة هي سبب العاصبية التي كشف فيها "أوباما" كل أوراقه العنصرية، طالما ان الصهيونية التي يعرفها العالم اجمع هي شكل من اشكال العنصرية.. ولهذا المفهوم قرار اصدرته الامم المتحدة في حينه وعملت امريكا على الغائه بكل ثقلها تهديداً وترغيباً للعالم في المؤسسة الأممية .. ولكن الصفة العنصرية ما تزال لصيقة السلوك العدواني العنصري للكيان الصهيوني منذ عام 1948 وسيبقى حتى زوالها بمشيئة الله سبحانه .. فلا " أوباما " ولا غيره يستطيع ان يوقف ثورة الشعب الفلسطيني المناضل.. فلو كانوا يستطيعون اقافها لأوقفوها خلال العقود الستة واكثر من عمر الثورة الفلسطينية المسلحة، ولكنهم لم يستطيعوا رغم كل محاولات التسويات المخادعة والمؤامرات والدسائس لتمزيق نسيج الشعب الفلسطيني .. ومن هنا قد تأتي هيستيرية " نتنياهو " وعصابية " أوباما "، لأن رياح الثورة الفلسطينية والعراقية والعربية وجريانها بما لا تشتهيه سفن هذين الصهيونيين.!!

 

وتمثلت عصابية هذا العنصري الأسود الذي قذفت به الصدفة الى البيت الأبيض ، إدراكاً من اللجنة الثلاثية الأمريكية العليا والـ ( AIPAC ) الصهيونية، لأهمية وجود اسود صهيوني على رأس أمريكا لأغراض شد الداخل الأمريكي الذي كان على وشك الإنفراط جراء واقعة تصادم السود والبيض وتدخل كولن باول لفض الصراع الدموي في الشوارع، ولأغراض خدمة الكيان الصهيوني حتى على حساب المصالح العليا للمجتمع الامريكي.. بمعنى ان المصالح الامريكية تأتي بعد المصالح الاسرائيلية .. وهذا ما لم يحدث في أي تحالف إستراتيجي في العالم عدا العلاقة العضوية الكائنة بين واشنطن وتل أبيب التي تعززت بالإتفاقية الإستراتيجية التي وقعها الطرفان عام 1985.

 

ماذا قال " أوباما " في الوكالة اليهودية ( AIPAC ) .. ؟! :

 

1- ( .. ان أي اتفاقية مع الفلسطينيين يجب ان تحترم هوية إسرائيل كدولة يهودية .. ) :

هل ترون .. ان الرئيس الامريكي "أوباما " يتحدث باسم ( اسرائيل ) وكأنه مواطن اسرائيلي أو رئيس اسرائيلي، كأن يكون نسخة من بيريز أو شارون أو شامير أو حتى نتنياهو .. وهو بهذا التصرف المأزوم يخالف الدستور الامريكي، كما يخالف إرادة المجتمع الامريكي التي ( اختارته ) رئيساً للأمريكيين وليس رئيساً مستنسخاً لأي رئيس إسرائيلي.!! .. ثم يشير الى وجوب ان تكون ( إسرائيل دولة يهودية ) ، بعد ان اشعل فتيل الإقتتال بين المسلمين .. بمعنى أنه يتبنى الخيار الصهيوني في قيام ( دولة دينية ) على الأراضي الفلسطينية يتساوق والدعوة إلى خلق كيانات مذهبية وطائفية هزيلة ومتقاتلة .. لماذا ؟ ، لأن الكيان الصهيوني ومنذ هام 1948 لم يستطع أن يصهر المجتمع الإسرائيلي، المكون من قوميات متعددة وغير متجانسة لا في الثقافة ولا بالإنتماء ولا بالهوية ولا بالسيكيولوجيا، في بوتقة واحدة .. الأمر الذي باتت فيه ( إسرائيل ) تتشبث بكيان ديني يهودي لتأسيس ( دولة يهودية ) في محيط قومي شاسع واسع وعميق .. والديانة من الصعب الحديث عن قدرتها على تأسيس دولة في عصر تنوع الثقافات القومية .. فالدين اليهودي- المسيس بالصهيونية الذي يراد فرضه على المنطقة، بعد اكثر من ستين عاماً من اغتصاب فلسطين، ما يزال في مأزق ( قومي ) و ( ديني ) في آن واحد .. فلا هو كيان قومي قادر على التشكل بمقومات يفتقر إليها، ولا هو كيان ديني قادر على أن لا يكون اقصائياً وعنصرياً .. فمن الصعب قبول هذا الكيان الهجين المنبوذ وهو مستمر في اغتصاب فلسطين العربية، ومستمر في تهديده للأمة العربية .

 

2- ( .. يجب على مصر ان تقضي على عمليات تهريب الاسلحة الى غزة.. ) :

ومسألة الوجوب هذه التي استخدمها "أوباما" ليس لها صدى، طالما ان امريكا تناصر المعتدي القاتل على الضحية وهي الشعب الفلسطيني منذ دخلت امريكا على خط فلسطين وهي تدعم ( اسرائيل ) بالسلاح والاموال والمعلومات الإستخبارية .. و "أوباما" يعلم ان صعوده رئيساً للدولة الامريكية كان بموافقة الـ ( AIPAC ) تحديداً والشركات الضالعة في القتل على مستوى العالم في اطار خديعة كبرى اسمها الديمقراطية المختزلة بحزبين يمثلان تلك الطغم التي تقود تلك الشركات الرأسمالية واحتكاراتها عابرة القارات .. واحرار العالم يقولون .. يجب أن تتوقف امريكا عن دعم القاتل الصهيوني وفقاً للقوانين الأمريكية التي لا تجيز ابداً ان يفلت القاتل من العقاب.!!

 

 -3 ( .. إسرائيل دولة ذات حدود آمنه سالمه ومحصنه، والقدس ستبقى عاصمة إسرائيل ولن تنقسم.. ) .!!

فهل وضع "أوباما" حدوداً للكيان الصهيوني الذي يتطلع إلى تحقيق مشروعه الصهيوني من النيل الى الفرات ؟ ، ثم أين هي حدود هذا الكيان؟ سؤل " موشي دايان" وزير الدفاع الصهيوني الأسبق السؤال نفسه فأجاب ( حدود إسرائيل حيث تتوقف الدبابات الإسرائيلية ) .!! ، وهنا يأتي "أوباما" ليتلاعب بالألفاظ ويوحي وكأن هذا الكيان له حدود.. هذا من جهة ، ومن جهة ثانية : من قال بأن القدس العربية هي عاصمة لهذا الكيان الغاصب؟ .. القدس عاصمة أبدية لأمة العرب والمسلمين ولكل الأديان تأسست قبل أن ترى امريكا النور، وقبل أن تعرف مسألة الحضارة، وقبل أن تبيد خمسة عشر مليون هندي هم سكان امريكا الأصليين .. فالقدس عربية اسلامية لا احد يغتصب وجودها التاريخي والحضاري ابداً، وهي موجودة في عقول وضمائر مايارات من العرب والمسلمين .. فيا لبؤسك يا أوباما وانت تعلن صهيونيتك على الملأ ، حين تشير الى الحدود الآمنه لكيانك الصهيوني ، وكأن هذا الكيان هو المعتدى عليه وليس المعتدي، وكأنه الضحية وليس القاتل .!!

 

4- ( .. اتحادنا قائم على مصالح وقيم مشتركة .. وسأحصل على موافقة تخصيص ( 30 ) بليون دولار في شكل مساعدات لإسرائيل.. ) :

 

ماذا يعني هذا الدعم الباذخ لكيان معتدي وغاصب وقاتل اطفال.؟ هل يعني تعويض ذخيرة العدوان الصهيوني في الحرب على الشعب الفلسطيني؟ .. هذه التخصيصات الضخمة تأتي في اطار الدعم الأمريكي لقطاعين ، الأول: بناء المزيد من المستوطنات على المزيد من تجريف الأرض الفلسطينية وتشريد شعبها عن طريق القتل. الثاني: دعم القوات الصهيونية التي استهلكت سلاحها في حروبها العدوانية على العرب وقتل الفلسطينيين .. ولم يكتف هذا الصهيوني في المساعدات السنوية والهبات في اطار برنامج المساعدات الخارجية الامريكية، فقد تخطى هذا البرنامج ليكشف حجم المساعدات، التي تفصح عن البرنامج ( الإسرائيلي- الأمريكي ) في العمل السياسي- العسكري المشترك من اجل تكريس مخطط تدمير المنطقة العربية والاسلامية مذهبياً وطائفياً وعرقياً على اساس مشروع الشرق الاوسط الجديد .. حيث أن الأرصدة والحشد السياسي والإستخباري وتوظيف الموارد المالية والبشرية، تعد في الأساس من اجل العمل العسكري ولا غيره أبداً ، ولكن بأسلوب غير تقليدي .!!

5- ( .. سندافع عن اسرائيل في الامم المتحدة وحول العالم ، ولن نقدم على أي تنازلات تتعلق بالأمن الإسرائيلي.. ) :

 

دفاع الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض لم تكن غريبة ، وليس في هذا الأمر أي تعليق يضاف إلى حقيقة وحجم المساعدات العسكرية وغيرها التي قدمتها خلال العقود المنصرمة .. بيد أن عبارات أوباما ( .. لن نقدم على أي تنازلات تتعلق بالأمن الإسرائيلي.. ) ، تثير شيئاً من السخرية ، فأي تنازلات يتحدث عنها أوباما ؟ ومنذ متى ظهرت ملامح مثل هذه التنازلات؟ فقد كان يوحي بأنه في معرض المطالبة بتنازلات من هذا النوع .. فهل ظهرت اصوات مؤثرة تؤشر بأن ( إسرائيل ) باتت عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد الأمريكي المثقل بالأعباء ؟!

 

مسببات عصابية " أوباما " المفتون بخطاباته الماراثونية المفلسة :

 

أولاً- اعتراف وكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية على لسان مديرها "جون برينان" بالتجسس على محققين برلمانيين يمتلكون ملايين الوثائق السرية التي تتعلق بتقنيات الاستجواب الوحشي، والتي تستخدمها الوكالة وخاصة بين الاعوام 2006 و 2006 خلال ولاية " بوش الأبن " .. فيما اتهمت رئيسة الاستخبارات في مجلس الشيوخ " ديان فاينشتاين " في اذار- مارس الماضي الوكالة علناً بأنها تجسست على عمل محققين في لجنتها .. والوكالة بهذا التصرف قد خرقت القانون الامريكي .. هذا الاستهتار الاستخباري الامريكي في داخل امريكا ، أما الاجهزة الاستخبارية الامريكية في اوربا، ومنها على وجه الخصوص في المانيا، فقد اثارت ضجة بلغت مستوى عال من التوتر وفقدان الثقة بين عاصمة الديمقراطية الاستخبارية وبين عواصم اوربا الحليفة.!!

 

ثانياً- التحرك الداخلي الامريكي الجدي لعزل " أوباما " نظراً لارتكابه تجاوزات في ممارساته للسلطة الدستورية .. فمجلس الشيوخ الامريكي قد وافق على ملاحقة "أوباما" قضائياً بتهمة تجاوز حدود السلطة الدستورية .. وكان تصويت المجلس باغلبية ( 225 ) نائباً مقابل ( 201 ) ، وكانت ( كتلة النواب السود ) في الكونغرس هي التي دقت ناقوس خطر التجاوز الدستوري، بعد ظهور مشروع عزل الرئيس الفاشل .. والعزل عقوبة تنص عليها المادة الثانية من الدستور الامريكي في حالات ( الخيانة والرشوة والجرائم والجنح العليا الآخرى .. ) ، حيث يكشف استطلاع الرأي العام عن 92% بين معتقد ومؤيد لعزل " أوباما " .!!

 

ثالثاً- فشل " أوباما " في سياسته الخارجية، وتراجع مكانة أمريكا إلى الحضيض وسمعتها إلى الدرك الأسفل من الإحتقار.. الأمر الذي أدى إلى تفكك علاقاتها وخسارة مصالحها وسقوط مصداقيتها لدى اصدقائها وامام العالم .

 

رابعاً- اصطفاف " أوباما " على خطى الادارات الأمريكي السابقة مع القتلة والفاسدين واللصوص ، كالمالكي في العراق، والأسد في سوريا، ونتنياهو في تل أبيب، وعلى خامنئي في إيران .. هذه الأنظمة قد أعلنت حروبها القذرة ضد شعوبها .. الأمر الذي يعكس الطبيعة الإمبريالية للسياسة الأمريكية في تعاطيها المخادع مع مجتمعها ومع شعوب العالم .!!

 

ومن هنا تأتي عصابية " أوباما " وهو يتشبث بالإيباك ( AIPAC ) الصهيونية، قد تعينه في تغطية أخفاقاته وفشله، بثمن بائس من سمعته السيئة التي باتت على كل لسان في داخل أمريكا وفي خارجها، وذلك بوقوفه مع القتلة "نتنياهو" في تل ابيب و" الأسد " في دمشق " و "المالكي" في بغداد و " خامنئي " في طهران .!!

 





الاحد ٧ شــوال ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أب / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة