شبكة ذي قار
عـاجـل










يبدو ان مشاهد القتلى في صفوف العرب والمسلمين صارت مألوفة لدى المشاهد العربي منذ سنوات , فلم يعد الضمير يتحرك , ولا المشاعر تحس بما يجري من مأسي وألام . ولا يرتجف القلب لطفلة فقدت كل عائلتها , ولا لاُم فقدت كل ابنائها . والادهى من كل ذلك صار الحديث عن العروبة والقومية كلام مستغرب , وأخذ الفكر التغريبي الطائفي والعرقي والديني يطغى على العقول هذه الايام . واختلطت المفاهيم الدينية بالسياسية , وصار للدين فهم خاص يروق لهذه الفئة او ذاك الفصيل , يكفرون بعضهم البعض , ويحللون قتل بعضهم البعض .


ان هذا الانسياح الفكري والتردي في المشاعر المتبلدة , هو نتاج الضخ الصهيوني الامبريالي الطائفي سواء من الغرب او من الشرق . وهكذا يمر قرابة الشهر على العدوان الصهيوني على غزة , وتنشغل وسائل الاعلام بسرد الاخبار والتصريحات من الاطراف المتقابلة , ولا تفرق بين الضحية والجلاد , الكل سواسية في الميزان , وكأن الامر مجرد حدث عادي .


لقد غطت انباء غزة على ما يجري في العراق وسورية وليبيا واليمن من قتل وتدمير , اذ تتشابه الاساليب الارهابية في القتل والتدمير , فالاطراف الارهابية التي تلبس هوية الدولة تستخدم كل ما تملك من وسائل الدمار لقتل الشعب العربي . الكيان الصهيوني تفرغ للقتل واستحضار تاريخه الاجرامي الارهابي هذه الايام لذبح المزيد من ابناء الشعب العربي في غزه . وكذلك يفعل بشار الاسد وحليفه المالكي في الشعب العربي في سوريه والعراق , وراعي الارهاب بامتياز هو نظام الملالي في ايران , الذي فرخ مئات المنظمات الارهابية في الاقطار العربية . وقد غطت انباء غزة على ما يجري في العراق حيث الثورة الشعبية تتقدم , واسوار الطائفية تتهاوى , وتنتظر الضربة القاضية عما قريب .


الكيان الصهيوني ونظام الملالي يلتقيان في العداء المطلق للعرب وللامة العربية ومشروعها القومي النهضوي والانساني . فكلاهما لا يريدان للعرب النهضة والتقدم والوحدة ابدا , لان الوحدة والنهضة يحولان دون تحقيق مشروعهما في التوسع . الصهاينة يريدون انشاء دولة على حساب الارض العربية من النيل الى الفرات , ونظام ولاية الفقيه يريد اقامة دولة في العالم الاسلامي تدين بالمذهب الذي سيتحول الى دين جديد لا علاقة له بالاسلام مطلقا في الشرك بالله , وتجاوز الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) .


لقد حقق الكيان الصهيوني ونظام الملالي خطوات مهمة على طريق مشروعهما رغم التناقض بينهما , والخاسر الاول هم العرب , واقصد الامة العربية في كيانها الذي دفعت الدماء من اجل البقاء طيلة السنوات الماضية . وقد استخدم الطرفان الاساليب ذاتها في قهر الشعب , ولكن المؤلم ان الطغاة العرب المدعومين من الملالي في ايران فاقوا الصهاينة في القتل والتدمير , فهؤلاء يقتلون ابناء جلدتهم اما الصهاينة فيقتلون العرب والفلسطينين بخاصة .


عندما ثار الشعب العربي على حكامه كانت نواياه صادقة في احداث التغيير والنهضة , ولكن المشروع المعادي تمكن من استثمار ما حصل لصالحه . فتحول شعار التغيير الى الفوضى والقتل والدمار والاقتتال بين العرب انفسهم , وتخندق كل فريق في خندق ضيق سرعان ما سينهار على المختبئين فيه .


يحاول الحكام العرب ان يضحكوا على مشاعر الناس بفتات التبرعات المادية الى الاهل في غزة . وهو امر مطلوب وبغزارة , ولكن ما يجري في غزة وفي العراق وفي سورية لا يحتاج الى معونات مادية فقط بل يحتاج الى موقف قومي حقيقي يفرز الخنادق . ولما كان الحكام قد فقدوا اهليتهم للحكم , فمن حق الشعب ان ينتفض مجددا لاجراء التغيير المطلوب . وقد يطول حال العرب في هذا التمزق والاقتتال , ولكن مأل الامة يوما ما هو التوحد انطلاقا من المصالح المشتركة والمصير الواحد . ولن يتحقق المشروع المعادي مادام هناك عرق ينبض في الانسان العربي .

 





الاربعاء ١٠ شــوال ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أب / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة