شبكة ذي قار
عـاجـل










( يُعتبَر القتل جريمة ضد الإنسانية عندما يرتكب بشكل واسع النطاق أو منهجي كجزء من سياسة تنتهجها إما حكومة أو جماعة منظمة . وتُعتبَر الجرائم ضد الإنسانية جرائم دولية، وهذا يعني أن أولئك الذين يمكن تحميلهم المسؤولية يشملون : الذين يرتكبون الجريمة، والذين أعطوا الأوامر بارتكابها، ومن ساعد أو تواطئ بأي شكل في ارتكابها. والقادة العسكريون والمدنيون الذين كانوا يعرفون أو كان يجب أن يعرفوا أن مرؤوسيهم كانوا يرتكبون الجرائم وأخفقوا في اتخاذ التدابير المناسبة لمنع ارتكابها ) .

 

والجرائم التي ارتكبت في العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 ولحد الآن، اتخذت مسارين على اقل تقدير .. الأول : أمريكي بامتياز بلغ حد مجازر ضد الإنسانية، حين استخدم الأمريكيون كل أساليب القتل بدم بارد ومنها ذخائر اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض المحرمة دولياً . والثاني: إيراني من خلال الأحزاب الإيرانية ومليشياتها الحاكمة في العراق، حين استخدمت اساليب التطهير الطائفي والعرقي بما يتعارض مع القوانين واللوائح الدولية .. هذان النوعان من الجرائم يقعان على خط واحد وهو التطهير الطائفي والعرقي، بأستخدام أدوات القتل الوحشية والمحرمة دولياً.. والأخر ما يزال يستخدم التطهير الطائفي عن طريق القتل المدبر والتهجير القسري المخطط له لغايات ذات طابع ديمغرافي هو إخلاء المناطق والأحياء السكنية والمدن من مكون واحد، وقتل المناهضين الوطنيين وكل من يعارض الطغمة الطائفية الحاكمة .. هذان الشكلان من الإبادة الجماعية والتي هي جرائم ضد الإنسانية، تَحَدَثَتْ عنها منظمات حقوق الإنسان الدولية ووضعت تقاريرها بشأن تفاصيلها، وما عليها سوى رفعها إلى مجلس الأمن الدولي لإتخاذ الإجراءات وفقاً للميثاق و بما يراه نظام محكمة لآهاي مناسباً ومحكمة الجنايات الدولية بهذا الخصوص .

 

جرائم الحرب التي ارتكبت في العراق وما زالت ترتكب وبشكل يتحدى العالم ، لم تكن بعيدة عن سلطات النظام الحاكم في العراق، فهي جرائم مدبرة ومخطط لها وتقع في دائرة الأحكام والقرائن المؤكدة والثابتة .. وإن التنسيق والتخطيط في إرتكابها ما زالت تحكمه الرابطة التنظيمية والأيديولوجية الطائفية الكائنة بين مليشيات احزاب السلطة، بحكم دمجها في هياكل الجيش والشرطة وقوى الأمن وأجهزة المخابرات الخاصة بها .. فيما يقع مؤشر آخر هو ارتباط هذه السلطة عضوياً وأيديولوجياً بالنظام الإيراني وسياساته الإقليمية على حساب الشعب العراقي ودول المنطقة كما هو معروف للقاصي والداني مدى تطلع إيران لتوسيع نفوذها في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومحاولاتها التمدد صوب حافات البحر الأبيض المتوسط .

الترابط الإجرامي كائن بين مليشيات السلطة ومؤسساتها في العراق وبين مؤسسات السلطات الإيرانية العسكرية والإستخبارية والطائفية على حدٍ سواء.. فيما يشكل هذا الترابط هرماً رأسه ( علي خامنئي وأطرافه ، قاسم سليماني وعلي شمخاني ، والمالكي وخليفته العبادي بإعتبارهما قياديين في حزب الدعوة التابع سياسياً وإدارياً وعسكرياً وأيديولوجياً لإيران والمنفذ لأوامر وتوجيهات رأس الهرم علي خامنئي ) .!!

 

إذن .. جرائم الحرب يتحملها الآمر والمنفذ ، على أساس المنطق القانوني الذي يؤكد الترابط، ويؤكد التنسيق، ويؤكد التوجيه، ويؤكد الأوامر الصادرة من رأس الهرم إلى المالكي وحزبه ومن ثم إلى المليشيات التابعه لغرض التنفيذ .. وعلى أساس هذه الحقيقة بات القتل المبرمج يأخذ مدياته السياسية على وفق واقع السياسة وتصعيداتها وصراعاتها، سواء داخل أروقة الأحزاب الصفوية الحاكمة من أجل المصالح الشخصية والنفوذ أو من أجل تنفيذ إيجندات إيرانية - أمريكية ولأهداف سياسية- استراتيجية .

 

وهرم الأوامر بالقتل الجماعي لا يعفي القاتل في المليشيات الذي ينفذ، ولا يعفي القائد المليشي أو العسكري الذي يصدر الأوامر، ولا يعفي الزعيم السياسي الذي يرسم مسارات القتل والتهجير، ولا يعفي القائد العسكري الذي يهندس خطط القصف والقتل ببراميل البارود وبقذائف المدفعية والصواريخ التي تحصد المئات من الأطفال والنساء والرجال العزل، وتهدم بيوتهم ومدارس اطفالهم ومتاجرهم ومستشفياتهم ومجالات حياتهم .. فلا المليشي يستطيع أن يدعي بأنه ينفذ الأوامر، ولا القائد العسكري يستطيع أن يعفي نفسه من تبعات الجريمة ضد الإنسانية، ولا السياسي يستطيع أن ينأى بنفسه عن واقائع المجازر التي ارتكبت والمذابح التي انتشرت في كل مكان في العراق .. كلهم مدان بالجرم المشهود على وفق ما جاء في معاهدات جنيف وصكوك حقوق الإنسان ولوائح هذه الحقوق ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة .

 

من الحقائق التي لا يختلف حولها اثنان هي .. ليس هنالك دولة تسمح بأن تكون المليشيات المسلحة بديلاً لقوى الأمن ولقوى الجيش .. كما أنه ليس هنالك من دولة تسمح لعناصر المليشيات بقيادة قوى الأمن الداخلي وقيادة قطعات الجيش في عمليات مسلحة .. هذا التداخل المبرمج بين المليشيات وقوى الأمن والجيش في صيغة دمج، موجود في العراق، تفاقم إلى مستويات خطيرة يصعب تصورها .. والسبب الأساس لهذه الحالة الشاذة، هو أن الحكومة الطائفية التي شكلها المحتل الغازي لا تملك جيشاً ( حكومة بلا جيش ) بعد أن حلَ الاحتلال جيش العراق الوطني .. الأمر الذي دفع بأحزاب السلطة العميلة إلى تشكيل ( جيش ) من عناصر مليشياتها مرتبطين بأحزابها ومؤدلجين بأديولوجية تلك الأحزاب ويتلقون توجهات وتعليمات وأوامر احزابها وكل منهم له عقيدة طائفية وليست عقيدة قتالية وطنية تبنى على أساسها الجيوش في العالم .

 

كما أنه من الحقائق، عدم وجود دولة تسمح لمليشيات أن تعبث بأمن المجتمع دون أن يكون لهذه المليشيات علاقة قوية بأجهزة الدولة السياسية والسلطوية .. والدولة حين تسمح لهذه المليشيات بحمل السلاح والإستعراض به أمام الملأ وتمارس التفتيش والدهم والإعتقال والإختطاف، فأن سلطتها الحكومية لا تستطيع أن تخفي علاقاتها واعتمادها على هذه المليشيات الإجرامية غير المنضبطة، وغالباً تكون قياداتها وعناصرها مؤدلجة طائفياً أوعرقياً، من أجل إحكام سلطاتها الأمنية في البلاد بطريقة غير قانونية ولا نظامية .. فإذا ارتكبت هذه المليشيات العابثة بأمن المجتمع جرائم طائفية وعرقية، فأن ذلك لا يعفي الحكومة من تبعات هذه الجرائم .. لأن السلطات الحكومية وصاحب القرار السياسي فيها هو الذي يتحمل مسؤولية اصدار القرارات والأوامر، وهو الذي يشرف على سير هذه المليشيات وفعالياتها وتوجهاتها .. كما أن مثل هذه الأفعال لا تتم لوحدها إنما تأتي بالتنسيق مع السلطات الحكومية سواء كانت أمنية أو عسكرية ، وتقديمها الدعم ( رواتب وسيارات خاصة وباجات للتعريف مزيفة ومعلومات استخبارية وحماية كاملة عند تنفيذ الإعتقالات والمداهمات والخطف والقتل بكواتم الصوت ) .

 

التداخل هذا جاء بقرارات من الحكومة الصفوية، لأن المليشيات هي جزء من هياكل أحزابها الحاكمة، فلا تستطيع أن تتخلى عنها .. فلو كانت حكومة، شأنها شأن أي حكومة في العالم ذات مسؤولية قانونية واعتبارية ودستورية، لقامت بكبح جماح مجاميع المليشيات المسلحة واعتمدت على مؤسسات مهنية محترفه ذات اختصاص لحفظ الأمن العام ومنع وقوع الجريمة ومعاقبة المجرمين على جرائمهم والمحافظة على السلم الاجتماعي في البلاد .. إن عدم كبحها لجماح هذه المليشيات العابثة والمجرمة يعني قبول الحكومة الصفوية بتلك الجرائم وبتخطيط سياسي منها ومن ورائها النظام الصفوي الإيراني، الأمر الذي يضع هذه الجرائم المبرمجة في خانة جرائم ضد الإنسانية .

 

وعليه ، نرى حقائق تثبت بأن ليس " المالكي " وحده مجرم حرب إنما اعضاء حزبه القياديين الذين يتولون مهام سياسية وأمنية وعسكرية وإستخبارية ومن معهم من رهط الأحزاب الأخرى العاملة في حاوية القمامة، التي يسمونها العملية السياسية :

 

1- فبدلاً من أن يُشَكَلْ جيشاً وسلطات أمن مهنية وغير مسيسة ولا طائفية، أسرع "المالكي" أولاً باحتكار قرارات وزارة الدفاع والداخلية والأمن العام والمخابرات والإستخبارات وقيادات مكاتب المليشيات.. ثم قام بنشكيل قوات خاصة ترتبط بمكتبه حصرياً، من كل من ( العصائب، وبدر ، وكتائب حزب الله، وغيرهم .. ) مهمتها قيادة أجهزة الأمن من جهة، ومشاركة قيادة قوات الجيش في عملياتها الإجرامية ضد الشعب تحت غطاء محاربة ( الإرهاب ) .. الأمر الذي يعكس أن العقلية القيادية للمالكي ولخلفه هي عقلية ايديولوجية طائفية لا تمت للعراق ولا للعراقيين بصلة، كما أنها لا تتمتع بمميزات وصفات رجال دولة يتحملون مسؤولية إدارة دفة الحكم من منظور قانوني واعتباري ودستوري .

 

2- إن قادة أجهزة الأمن والشرطة والجيش والمخابرات والإستخبارات يتلقون الأوامر والتعليمات من حزب الدعوة حصرياً، وليس من ما تنجزه هذه الأجهزة على اساس الخبرة والتجربة والمهنية المحضة .. وعلى أساس هذه الحقيقة، تسفر إجراءات هذه الأجهزة عن الحقد الطائفي في شكل جرائم يندى لعا جبين الإنسانية.

 

3- القتل المليشي المبرمج طائفياً، يأخذ شكلاً نمطياً ( سيارات بدون ارقام .. واشخاص ملثمين وبملابس مدنية واحياناً بملابس عسكرية .. يحملون أسلحة .. يتجولون بحرية .. ويمرون بسهولة من منافذ السيطرات الحكومية دون اعتراض على هيئتهم العامة - اسلحة وسيارات بدون ارقام ووجوه ملثمه - يداهمون مساكن المواطنين، ويعتقلون الأبرياء بدون مسوغ قضائي أو اخلاقي ، ويعودون من أمام تلك السيطرات الحكومية في المناطق التي لا تملك سوى مدخلين فقط ، دون أي إعتراض .!! ) .. ثم تعلن مصادر الحكومة في اليوم التالي عن وجود جثث مرمية على الأرصفة وبالقرب من المزابل أو طافيه على سطح مياه الأنهر .. أما الطب والأطباء فهم يعلنون بأن الضحايا قد تعرضوا إلى ( إطلاقات في مؤخرة الرأس.. فيما تكون أياديهم مقيدة إلى الخلف ) .. !!

 

4- نمطية جرائم القتل والتخطيط والتنسيق لإرتكاب هذه الجرائم .. ونمطية التهجير القسري للسكان من مكون واحد ، تقعان في خانة التخطيط السياسي للحكومة الصفوية منذ الاحتلال عام 2003 ولحد هذا اليوم .. والهدف هو سياسي يقوم على تصفيات طائفية وعرقية تكرس فرزاً واقعياً ديمغرافياً على الأرض يمهد للتقسيم .. تقسيم الشعب أولاً ليتم تقسيم الأرض ثانياً .!!

 

5- الدعم العسكري الذي تقدمه أمريكا لهذه الحكومة الطائفية المجرمة، سلاح وعتاد وقذائف وصواريخ وغيرها من الأسلحة الثقيلة، وكذلك المساعدات العسكرية التي تقدمها الدول الأخرى لهذه الحكومة .. كل هذه الأسلحة تكون تحت تصرف مليشيات القتل الحكومية في العراق، التي هي تحت إمرة "المالكي" و "قاسم سليماني" و "علي شمخاني" في نهاية الأمر .. وهذه النمطية الخاصة بالعلاقة العضوية الكائنة بين المليشيات والأحزاب والحكومة وسلطاتها والعملية السياسية، يعرفها المحتلون الأمريكيون وهم على دراية تامه بتفاصيلها.!!

 

6- يعلم الأمريكيون جيداً أن اسلوب قذف براميل البارود على المدن والقرى والأحياء السكنية بما فيها من مستشفيات ومستوصفات ومدارس وجامعات واسواق ودوائر ومؤسسات ومنشئات ومساجد ومزارع وحقول .. هو أسلوب ابتكره قادة إيران ونصحوا قادة نظام دمشق بتنفيذه .. هو الأسلوب ذاته الذي يسكت عنه "أوباما" في سوريا ، ويسكت عنه في العراق .. هذا الأسلوب في القتل يبيد المئات من المواطنين في العراق وسوريا، ولا يثير حفيظة "أوباما" .. ولكنه ثار وأزبد وأرعد حين نحر صحفي أمريكي واحد.. وهذا من دواعي المقارنة التي تدعو الى القهر والسخرية في آن واحد .. القهر على الضحايا جميعهم ، والسخرية من "أوباما" الذي يكيل بمكيالين ولا يفطن أن قابل الأيام ربما ستتسع ثورة المضطهدين السود الذي يشعرون بالتمييز العنصري في أمريكا، ومدينة ( فيرغسون ) هي المثال وربما الشرارة .!!

 

7- دخلت أمريكا، أو ربما استدرجت إلى مستنقع العراق، وسينطبق عليها المثل العربي القائل ( على نفسها جنت براقش ) .. ألم تُدْخِلْ أمريكا روسيا في أوكرانيا .. فأين موقع إيران من مستنقع العراق .؟!

 

الثورة التي اندلعت سلمياً وتصاعدت بالسلاح وحررت نصف اراضي العراق وطوقت بغداد العاصمة واشعلت نفوس ابناء الجنوب الغيارى .. قد زعزعت اسطورة امريكا واستخباراتها، ومرغت انوف الحكام الصفويين في طهران وأخمدت نارهم المجوسية الموجهة نحو العرب والعروبة ونحو الإسلام والمسلمين .. هذه الثورة قلبت كل الموازين وجعلت الجميع يفتشون عن حلول .. فهي ماضية حتى تحقق كل اهدافها التحررية .. اندلعت الثورة ولن تتوقف إلا بالتحرير .. ولا يهمها نباح الكلاب على قافلتها الثورية الكاسحة ، ولا فحيح الأفاعي في دروبها، ولا قطعان الدواب التي تشاغلها في طريق التحرير .. أنها ثورة شعب، كل الشعب يطالب بالإنعتاق والحرية.!!






السبت ٢٧ شــوال ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أب / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة