شبكة ذي قار
عـاجـل










من كتابات صفحاتي الفيسبوكية السابقة خاطرة أستعيدها اليوم بألم بمناسبة الأول من محرم الحرام وبمناسبة قرب حلول ذكرى يوم عاشوراء، وفي كل عام هجري أو ميلادي جديد،أستعيدا وانتم يا أهلي وأحبتي في وطني الحبيب على حالكم.


كنت ولا زلت أتمنى لكم العيش ولو في استراحة وهدنة مؤقتة مع الحزن بعيدا عن المنادب والبكاء والمئآسي؟؟؟


ولكن الذكرى تبقى هي الذكرى،قاسية وقد باتت كابوسا يؤرقنا حين تطل بكل الوانها السوداء المدمية على لوح الفيسبوك وصفحات التبادل الاجتماعي، استذكرها صارخا بكم مرة أخرى لتتحرروا من كل قيود الإذلال والقمع والشفاعة من غير جدوى بأصنام الماضي ومظلومياته المنتقاة عند البعض بامتيازات طائفية .


من خاطرة كتبتها ليلة 31 ديسمبر، 2012 كانت بعنوان [ في ليلة الشك لمن أشكوك يا وطني ] جاء فيها:


(...ملايين التعساء الليلة تشارك في كرنفالات الحزن والندب واللطم والبكاء في ماراتون مخيف العواقب يزحف بحشوده نحو كربلاء. وعبر مدن الجنوب العراقي تتم تعبئة الحشود البشرية في ظروف مناخية وسياسية وتعبوية تنذر بأسوء العواقب لما تبقى من جسد العراق.


جماهير تحتشد من هنا وهناك تسير حافية وجائعة ومبللة بالمطر والأطيان... عزائها انها تظن بإخلاصها في وقفة لنصرة الحسين، ذلك الرمز الخالد للثورة والمقاومة.. جماهير مستلبة الإرادة في التغيير المنتظر منها لخلاص العراق وهي تظن أنها تلبي واجبا ما، تضلله شكوك من اليقين من جدواه وتعبئته بهذه الطقوس الغريبة على كل فطنة .


نوازع شتى تطرح على العراق وشعبه بكثير من الأسئلة الكبرى في كيفية ترجمة الناس لهواجسهم الوجدانية في نصرة رجل او قضية أو وطن مستباح .


هذا الوطن العراقي الجريح المستباح صار حسينا آخراً أبديا في أحزانه وجراحاته، نراه ممددا بين روابي بلاد الرافدين وشعبه، نحسه مكلوماً في عمق كرامته الوطنية، تائها بين ضفاف ممتدة بالبؤس والخوف والرعب من عواقب الغد.


على ضفاف أخرى من وطني تمتد ما بين البصرة الى وسط عراقي تتجاذبه الإرادات الوطنية، وعبر شمال وغرب، تحتشد الليلة قامات من الرجال والنساء في مدن تختزن الثورة والغضب وتمتلئ بإرادة من الخلاص والتغيير ان أحسنت ترابط صلاتها مع بقية المدن الأسيرة بأوهام الثواب في مجالس المنادب ومسيرات العزاء.


من هنا وهناك مرت كل التجارب القاسية على شعب لا زلنا نظن به خيرا وهو الحامل الابدي لكنوز تجاربه التاريخية المرة... من هناك مرت جحافل الغزو والاحتلال عبر العصور، كلها خرجت مهزومة تباعا، وبقي العراق.


تلمسنا عبر سنوات تقترب من استكمال العشرية الدموية السوداء في العراق. هذا العقد المريض لا يحسب على عمر العراق طالما تنصب الاقزام مسيرة هذا التيه العراقي ... كان العراق وسيبقى مقاومة للاحتلال والغزو الأمريكي ... مقاومة عصية على التقسيم والإحتراب الطائفي. وان أرادوا له مُحاصصة فكانت مُحاصصته في التضحيات المشتركة لامة تتقدمها فصائل وإرادات التحرير، وهناك تذاوبت في معارك العراق دماء ودموعا وحرائق لتحقق به وحدة وكما مشرفا ومثالا جسدته نتائج هزيمة الاحتلال وانسحابه .


الخراب الشامل لم يلغ إرادة العراقيين من استعادة المبادرة في بناء ذواتهم وإراداتهم .. ثمة ممانعة خالدة ستبقى في موروثاتنا ومورثتنا الوطنية... وربما مرت من هنا هناك طوارئ الحالة الثورية متفاوتة في مدن ومناطق العراق، لكن العراق ظل عصيا على التقسيم والمناوبة، حتى وان اغتنمت ببعض أقاليمه "قاعدة" او "قواعد" خلطت الحابل بالنابل، ولكن العراق العميق لم ير فيها مقاومة وطنية مهما حملت من الأسماء والعناوين من كل الالوان والمشارب. لقد ادرك العراقيون عنوان ورجال مقاومتهم الأسطورية بصمت مهما كان تضليل الإعلام المعادي.


وكما شهدنا ايضا ظهور صحوات وغفوات، تستيقظ تارة وتغفوا تارة أخرى، مرتهنة بإرادات السلطة القائمة او تعتاش من تركة المحتل.. وتلك لها قصص أخرى... لكن المثل العربي القائل " لا يبقى في الوادي إلا حجارته وحولها أهله" وها هي أحجار العراق كريمة في أديمه، ترمم نفسها، وتنتفض، وهاهي مدن تحتشد بالغضب والتمرد والثورة المرتقبة والمنتظرة. مدن عراقية في بلاء المحن ترى نفسها تحمل اسم كربلاء الأنبار وكربلاء الفلوجة وكربلاء سامراء وبعقوبة ونينوى ،وترى في حسينها واربعينيته عراقا شهيدا، وزينبا مسبية ومغتصبة، الكل يطلب الغوث والمدد ، ويمني النفس بإمام للثورة قادما بسيوف علي أو خالد أو عمر أو القعقاع أو سعد بن وقاص...


في هذه الليلة الموحشة يختلط التفاؤل عندي بالتشاؤم، ولمن يفكر مثلي بخلود الرافدين، والواثقين بمسارات دجلة والفرات القائمة في أديم الحضارات، هما رافدا العراق الخالدان بشعبه، محبة وخصبا وحكمة وحضارة وبقاء.


دقائق وسيدخل العالم عاما آخر والعراق سيدخل سنة جديدة من عشرية عقد الاحتلال البغيض ، المنعطف الحاد في العراق خاصا الليلة، سيكون حادا كحد السيف المجاهد في خيارات العراقيين وإرادتهم الوطنية.


باتت الليلة مصيرية في العراق، لانها ستلبي تحقيق حلم منتظر. هذه الليلة حسينية بأبناء علي، وعمرية بسيوف شجعان الفتح، وغدها القادم مُنتظَر باسترجاع العراق لأهله وأمته.


هذه الليلة تنتصر الدماء على السيف والإرهاب والسجان مهما كان عنوانه ... الليلة سترى الأمة العربية المكلومة بكل جراحاتها في العراق حسينا وعمر المختار والأمير عبد القادر .. كل الرموز تحضر لأجل تحرير العراق الليلة، وان الحسين بات عراقا للجميع، وبغداد هي القبلة لكل ثورة وأينما وجهت سيفك لأجل الحق ستجده ثائرا على المظالم ..


الليلة علينا أن نقيم لها عنوانا بديلا إما عراقا للتحرر أو إقامة دائمة للرعاع في المزبلة والمضبعة الخضراء؟؟


لك المجد يا عراق الثورة ... يا حادي المجد العربي في ليلة الشك العظيمة.)


وان غدا لناظره قريب
 






الجمعة ٧ محرم ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تشرين الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة