شبكة ذي قار
عـاجـل










فكم تناديكم الاشعار والخطب     بالله ياقومنا هبوا لشانكم


وزير الطاقه الامريكي في الثلاثينات من القرن الماضي قال ان ارادة امريكا قيادة العالم عليها ان تضع يدها على نفط العرب والسيطره على المياه الدافئة ومن هنا نرى ثالوث المال والإعلام يصنع القرار في الديمقراطية المتحركه وفقا" للمصالح الامريكية الغربيه في المنطقة والاقليم بل في العالم اجمع ، كتب جورج سوروس في كتابه - أزمة الرأسمالية العالمية - مانصه (( إن الرأسمالية والديمقراطية تتبعان مبادئ مختلفة ومتنافرة تماماً إن أهداف هذين المبدأين مختلفة ففي الرأسمالية الغاية هي الثروة ، أما في الديمقراطية فالغاية هي السلطة السياسية ، كما أن معايير هذين المبدأين مختلفة ، ففي الرأسمالية يعتبر المال هو وحدة القياس ، أما في الديمقراطية فهي صوت المواطن ، وإن مصالح هذين المبدأين مختلفة أيضاً ففي الرأسمالية تعتبر المصالح الشخصية الخاصة هي الأهم ، أما في الديمقراطية فلا شيء فوق صوت المصلحة العامة )) وفي الولايات المتحدة يتمثل هذا التوتر بين الرأسمالية والديمقراطية في الصراع الأزلي بين بارونات المال والشعب ، كما قال الرئيس الأمريكي روذرفورد بي هيز (( إن مقولة هذه حكومة الشعب ، ومن الشعب وللشعب ، لم تعد قائمة . . إنها حكومة الشركات ، ومن الشركات وللشركات )) ، ونقتبس من ما كتبه الكاتب الأمريكي الكبير وليام غرايدر في كتابه - من الذي سيقول للناس -

 

(( إن الديمقراطية الأمريكية تعاني خللاً أعمق بكثير مما يريد معظم الناس الاعتراف به فخلف المظاهر الزائفة التي تبعث على الاطمئنان مثل مسابقات الانتخابات المنتظمة وغيرها ، فقد تم إفراغ الحكومة الذاتية من مفهومها الجوهري وعلى أعلى المستويات في الحكومة انتقلت سلطة صنع القرار من الأكثرية إلى الأقلية ، تماماً كما يشك في ذلك الأفراد والمواطنون العاديون وبدلاً من الرغبة الشعبية ، تستجيب الحكومة الآن لإملاءات الطبقة الصغيرة التي تستحوذ على السلطة التي تمثل مصالح المنشآت الاقتصادية الكبرى والثروة المتركزة في أيدي النخبة والصفوة من الناس ذوي التأثير البالغ ، لقد تقلص الاختلاف والتباين المفيد والمعقد بين أفراد الأمة ليصبح سلعة بلهاء أطلق عليها - الرأي العام - الذي يمكن بسهولة التلاعب به أو إثارته بالشعارات أو التصورات التي تطلقها وسائل الإعلام والدعاية ، لقد تم تجريد الديمقراطية الأمريكية حسب ما هي عليه الآن ، من جوهرها حيث أصبحت عبارة عن عملية ميكانيكية تم إفراغها من أي مضمون ولم يبق منها سليماً سوى مظاهرها الميكانيكية مثل إجراء الانتخابات على صعيد البلدة او الولايات او الأمة على أن هذه الانتخابات باتت محكومة بألعاب وألاعيب مبتكرة وحيل بارعة أفقدت الانتخابات مضامينها والنوايا المعقودة عليها وسيطر المال وما يستطيع شراءه على العملية ، فانحسرت وأصبحت في نهايتها صوتاً واحداً لكل دولار وليس صوتاً واحداً لكل مواطن وأصبح على معظم المرشحين أن ينحازوا ويصبحوا جزءاً من الممسكين بزمام السلطة الحقيقية في البلاد حتى لو أنهم هم الأقلية وعلى المرشحين أن يكونوا مهيئين للعمل طبقاً لأجندة معدة سلفاً ومفصلة لخدمة مصالح تلك الأقلية وهي طبقة الواحد في المئة ، الذين يمتلكون الثروات والنفوذ وبغض النظر عما يمكن أن تكون عليه ماهية هذه المسائل ومن ثم يجري تسويق هؤلاء المرشحين على أيدي أصحاب النفوذ والمال وأبواق دعاياتهم ، وهذا التسويق لا يتم بتبني المرشحين لمسائل جوهرية بل لشعارات فارغة ولكنها سلسة وسهلة التسويق للجماهير وحين يتبوأ هؤلاء المرشحون مناصبهم ، يصبحون جزءاً من نظام مسيطر عليه تماماً يمارس كل أعضائه منتخبين كانوا أم مُعيّنين أدوارهم المرسومة لهم بكل دقة ويُراقب أصحاب النفوذ والأموال إدارة هذا النظام للوصول إلى أهدافهم من خلال أسلوب فذّ كفء ، وطريقة تنم عن الاحتراف واذا ما تراءى لأحد من المشرعين أو ذوي المناصب العليا المنتخبة الرفيعة الخروج عن الخط المرسوم فالويل لهم فالناس خطاؤون بطبيعتهم ولكن خطايا المسؤولين المنتخبين تبدو وكأنها جزءٌ من مؤهلاتهم الوظيفية إن أولئك الذين جاءوا بالمسؤولين المنتخبين إلى مقاعد السلطة بواسطة النفوذ والمال يستطيعون دوماً ، وبنفس تلك الوسائل تحطيمهم بواسطة نفوذ المال والإعلام إن الله يسامح المخطئين اذا تابوا ولكن أصحاب النفوذ والثروات لا يتسامحون ولا يسامحون وربما ينسون أو يتناسون ما دام النسيان أو التناسي خادماً لأغراضهم )) ،

 

ان سيطرت الشركات سيطره متلازمة ما يسمى بالأجنبية (BBB Syndrome الغوغاء تعطل الدماغ ) فمثلا" نتيجة للحملة الإعلامية المضللة لشركات التبغ الامريكية انهالت على السيناتور جون ماكين الذي كان رئيساً للجنة 10 آلاف رسالة ضد قانون التبغ موجهة من ناخبيه ، مع العلم بأنه قبل ستة أسابيع فقط حاز هذا القانون موافقة ثلثي الأمريكيين وموافقة 19 من أصل عشرين عضواً في اللجنة التجارية لمجلس الشيوخ الامريكي ، وألقى السيناتور ماكين خطاباً ملتهباً عاطفياً في قاعة مجلس الشيوخ قبيل تصويته ضد القانون ، وتساءل ما إذا كان الأعضاء يعتقدون أنه يجب السماح لصناعة ما أن تكذب ، وتنجو من العقاب بأكاذيبها وقال إن القانون لم يكن منصباً على الضرائب بل على مسألة ( ما اذا كنا مستعدين للسماح بقتل 418 ألف أمريكي سنوياً الذين يموتون في سن مبكرة جراء إصابتهم بأمراض متعلقة بالتدخين ، ولا نفعل إزاء ذلك شيئاً ، بل نقف مكتوفي الإيدي ) . وقال ماكين إن التصويت كان ليفاضل بين خدمتنا لمصالح الشعب أو لمصالح الخاصّة ، وكانت نتيجة التصويت تجسيداً للمثل الذهبي أن الذي يحكم هو الذي يملك الذهب ،

 

وهذا بالضبط ما يمكن أن تفرزه نظرية دولار واحد وصوت واحد بدلاً عن شخص واحد وصوت واحد إنها الديمقراطية الميكانيكية ، وربما أجادت الكاتبة نانسي جيبس في إصابة كبد الحقيقة عندما كتبت في مجلة تايم” بتاريخ 29-6-1998 ص28 (( إن مجلس الشيوخ الأمريكي يضم أعضاء يتمنون لو أن أعضاء آخرين ( مثل ماكين ) لم تطأ أقدامهم مجلس شيوخهم أبداً فهؤلاء كثيرو الغلبة يحبون التغيير على الدوام حتى تغيير الأنظمة الراسخة مثل نظام التزاوج بين المال والقوة ولذا فعندما وقف النائب الجمهوري المذعور والممزق جون ماكين في قاعة المجلس محدقاً في زملائه ومتهماً أياهم بتقديم ديونهم السياسية إلى شركات التبغ على التزامهم نحو ( أولئك الذين لا يستطيعون الاعتناء بأنفسهم والمحافظة عليها في هذا المجتمع ومن ضمنهم أطفالنا ) ، فقد التزم القلة من الجمهوريين الحاضرين الصمت بينما وقف الديمقراطيون مصفقين ، وبعد الخطاب اتجه ماكين إلى الباب مغادراً القاعة ،

 

بعد انتهاء التصويت ، قال السياسي كلينتون( إن السياسة قد سدّت الباب أمام هذا الأمر ، وأظن أن الشعب الأمريكي لديه سبب وجيه ليشعر بالحزن والأسى هذه الليلة ) ، ولكن ما الجديد في الأمر ؟ ألم يقل الرئيس الأسبق ار ، بي هيز منذ زمن طويل ( إن مقولة هذه حكومة الشعب وبالشعب وللشعب لم تعد قائمة إنها حكومة الشركات وللشركات وبالشركات ) ، وهكذا لم يستطع الزمن أن يغير هذا التقليد الصلب الراسخ الذي يمثله اقتران المال بالنفوذ والقوة وإن الفارق بين مشرعي القرن التاسع عشر ووقتنا الحاضر أن الأموال لشراء التشريعات كانت تدفع على أساس فوري - ادفع وارفع Cash and Carry - ، أما الآن فإنها تدفع مقدماً من خلال وأثناء الحملات الانتخابية والتأييد المادي للمرشحين ، ويتم الحصول على التشريعات فيما بعد كذلك فإن ما علّق به كبير موظفي البيت من أن هذا الموقف هو أسوأ ما رأته واشنطن حتى الآن ، ليس صحيحاً ، إذ إن ذلك هو النسق الذي تسير عليه واشنطن على نحو معتاد ، إن الناخبين المساكين الذين يقضون كل أوقاتهم للحصول على قوت يومهم والخوف من غدهم يبهرون بشعارات وصور ما يتم تسويقه لهم فيسارعون إلى انتخاب الصورة بدلاً من انتخاب الشخص الحقيقي ، ولما كانت الديمقراطية الروسية قد تلقت العون والمساعدة من الديمقراطية الأمريكية ووسائلها فإنها ستعطي مثلاً ناصعاً على كيفية التخطيط لعملية الانتحابات وإجرائها في الديمقراطية الميكانيكية )) وما يجعل المثال أقرب إلى الوضوح أن الرأسمالية الروسية لم تكتسب خبرة الرأسمالية الأمريكية لتغليف نفسها


يتبع بالحلقة السابعة






السبت ٢٢ محرم ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة