شبكة ذي قار
عـاجـل










هناك قادة عباقرة ومبدعون تجاوزوا حدود اداء الواجب بكفاءة عالية , الى حالة الابداع والتفوق , والتواصل الحي مع ابناء الشعب , فدخلوا قلوبهم وظلوا موضع حب وتقدير واحترام حتى بعد وفاتهم .


صدام حسين قائد تاريخي من هذا النوع دخل قلوب الشرفاء من ابناء الامة العربية ومن الشرفاء في العالم , وضع نظرية ( حب الشعب ) , وعاشها بكل احاسيسه وجوارحه , وطبقها خلال سنوات قيادته للحزب و للعراق , رغم كل الظروف الصعبة التي عاشها العراق , اثناء تصديه للغزوات الهمجية القادمة عليه من الشرق تارة , ومن الغرب تارة اخرى .


ظلت حياة صدام حسين غير معروفة عند غالبية ابناء الشعب , باستثناء قلة قليلة من البعثيين الذين عايشوه في فترة النضال السري ,حتى جاء عام 1977 , حيث اطلع عدد من البعثيين والكتاب على قصة حياته ونضاله قبل ثورة تموز 1968 , واطلع الناس على بعض تفاصيل حياته العائلية عندما حققت مجلة المرأة العراقية لقاء صحفيا معه وعائلته بمناسبة العام الدولي للمرأة 1975 .منذ ذاك الوقت عرف العراقيون تاريخ ميلاده , كما صارت مسيرته النضالية معروفة للبعثيين والمناضلين .


لقد مرت حياة صدام حسين بالعديد من المراحل المفصلية المهمة , وددت ان أعيد عرضها للأجيال الشابة ممن لم يعايشوا صدام حسين . وقد مرت سيرة حياته بفواصل زمنية شكلت نقاط ارتكاز في تكوين شخصيته .


اولى هذه الفواصل التاريخية هي قراره, الذهاب الى المدرسة عندما كان في سن العاشرة من عمره , ورغم بعد المسافة بين داره والمدرسة . وتكمن اهمية ذاك القرارفي انه اكد اردته وفرضها غلى اهله , وأكدت شغفه بالعلم وضرورة التعلم , وقد كان قرارا صعبا لمن هو في سنه .


الفاصلة الثانية كانت يوم 7/10/1959 , يوم اختاره الحزب ليكون احد الرفاق المكلفين للتصدي لموكب عبد الكريم قاسم .ورغم اهمية تلك المشاركة بالنسبة لشاب متحمس ,الا انه نقد تلك العملية وهو في الحكم .لكن تلك الفاصلة عززت مسيرته داخل صفوف الحزب , سواء بكتابة شعارات الحزب على الجدران او المشاركة في التظاهرات التي قادها الحزب اثناء العدوان الثلاثي على مصر وما تلاها من احداث قومية .


افرزت تلك المشاركة صفات وسمات بارزة في شخصيته اهمها : الانضباط الواعي في تنفيذ الاوامر , وتلك السمة ستظل احدى ضرورات العمل الحزبي المنضبط .وكذلك حرصه على السرية التامة حيث رفض ابلاغ مسؤوله الحزبي بالمهمة التي كلف بها آنذاك .ورفضه ابلاغ بيت خاله بما قام به , رغم جرحه النازف اثر اصابته بعيار ناري في ساقه من قبل احد افراد الشرطة اثناء تحرك المجموعة من شارع الرشيد الى شارع الجمهورية حيث ينتظرهم الباص الذي سينقلهم الى المكان المقرر في حي الكراده.


الفاصلة الثالثة , كانت اثناء تواجده مع رفاقة في الوكر السري الذي التقوا فيه بعد تنفيذ العملية , فقد رفض مقترح رفاقه القاضي باستدعاء طبيب لمداواة جرحه , واصر على ان يخرج الرصاصة من ساقة بنفسه , رغم ما لذلك من خطورة على صحته . وفي تلك اللحظات العصيبة , حيث بقي قاسم على قيد الحياة , وتم نشر صور المجموعة التي كلفها الحزب بتصفيته في الصحف وعلى الجدران , عندها قرر عدم البقاء في الوكر في حي الكراده , تحسبا من مداهمة الامن للوكر , وهو ما حصل لاحقا .


رغم انه تمكن من الوصول الى بيت خاله الا انه رفض البقاء فيه لأنه مكان معروف من الاجهزة الامنية آنذاك . فقرر الرحيل من بغداد الى الشمال حيث اهله في تكريت والعوجه , وقد اتقن حالة التخفي بلباسه العربي , وركوبه الفرس , ولم يمكث في ديار اهله بل قرر السفر الى سوريه بواسطة دليل اوصله الى بر الامان .


لم يمكث طويلا في سوريه , بل واصل سفره الى القاهرة , عاصمة الوحدة الثنائية ( مصر وسوريه ) انذاك , وفي القاهره تميز بقدرته التنظيمه, اذ قاد فرع الحزب التابع للتنظيم القومي. ومن هناك كان ارتباطه بابنة خاله ولو عن بعد( ام عدي ) اعانها الله وصبرها على فراقه وفراق نجليها وحفيدها الذين سطروا ملحمة جهادية في مقاومة القوات الامريكية.


اما الفاصلة السادسة المهمة فكانت قيادته فرع الحزب في العراق وهو في السجن اثناء حكم عبد السلام عارف , وفي تلك الفترة كان الحزب يعيش مرحلة مخاض صعبة , وقد نبه الشهيد القيادة القطرية والقومية للحزب من مخاطر المحاور داخل الحزب , تلك المرحلة شكلت بداية المرحلة القيادية في حياة الشهيد صدام حسين فكرا وتنظيميا , وبرز اسمه في صفوف الحزب , واصبح اسما له دلالاته لدى قيادة الحزب القومية .


اما دوره في التخطيط لثورة 17/7/1968 , فكان دورا متميزا في التخطيط والادارة الفنية , ودقة الحركة فيما بين القطعات التي نفذت الثورة ,وكان دوره البارز في حسم الجدل داخل قيادة قطر الحزب في العراق حول مشاركة عبد الرزاق النايف في الثورة عقب اكتشافه امرها قبل تنفيذها بزمن قليل , وتعهده امام القيادة بحسم الوضع لصالح الثورة خلال مدة قصيرة , وهو ما حصل يوم 30 تموز .


اما دوره في قيادة الثورة والحزب بعد الثورة فهو صفحات لامعة مشرفة يعرفها القاصي والداني , الصديق والعدو , وهاهم الاعداء او بعضهم بدأ يكتب عن صدام القائد صاحب الكلمة الصادقة المنسجمة مع افعاله . وقد الف عدد من الكتاب العرب والاجانب عدة كتب عن حياته وعن مسيرته النضاليه .


لقد تميزالشهيد صدام حسين بالشجاعة اثناء الحكم واخافت اعداءه حتى وهو في المحكمة المزيفة التي قادها الامريكان والصفويون من اعوان ملالي ايران .


لقد تميز بالدماثة التي كسبت ود العرب والاجانب , ولعدد كبير منهم قصصا روها بعد مقابلتهم له , ولنا في قصة الضابط الامريكي الذي كان مسؤولا عن حمايته وهو في السجن , وكيف احبه وبكى حينما تقرر نقله من الزنزانة الى مكان تنفيذ الاعدام .


تميز بالوفاء لوطنه وامته ومبادئه القومية والانسانية , واستشهد من اجلها . لقد كان السيف والراية والقلم في حياته , ومثلا في هذه القيم وهو في دار الاخرة .


رحم الله ابو الشهداء وولديه عدي وقصي وحفيده , ورفيق الشهداء في جنات النعيم .
ورحم الله كل شهداء الامة العربية .
التحية لصمود الاسرى الابطال في سجون اعوان الاجنبي .
 






الثلاثاء ٨ ربيع الاول ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / كانون الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة