شبكة ذي قار
عـاجـل










· الكيان الصهيوني .. رسم له خطوطاً ( دفاع ) لمشروعه .!!

· النظام الرسمي العربي .. فكك الترابط بين وحداته السياسية.

· الكيان الصهيوني .. حدد أدواته الأستراتيجية .

· النظام الرسمي العربي .. فقد ميزة الترابط في صنع القرار.

 

من دواعي الفهم الأستراتيجي لواقع الأمة العربية ، هو الترابط العضوي بين اقطارها .. وهذا معناه أن كل الوحدات السياسية التي تشكل كيان الأمة العربية محكومة بالترابط .. ومن غيره تمسي في حالة شرذمة .. والشرذمة في معناها ومغزاها ضعف وتشتت وانعدام القدرة على الدفاع عن كيان الوحدة السياسية العربية ولا عن مصالحها وبالتالي عدم القدرة على الدفاع عن كيان الأمة في ترابط وحداتها على المستوى الأستراتيجي العام الشامل سياسياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً وحضارياً واجتماعياً .

فلا أمن قطري من دون أمن قومي مترابط عضوياً .. ولا أمن قومي بدون أمن قطري محكم على مستوى الوحدات السياسية لكيان الأمة .. وما ينسحب على الأمن ينسحب على السياسة في ادارة الوحدات السياسية القطرية ، وينسحب على الأقتصاد والثقافة كما ينسحب على المنظمات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني على مستوى الوطن العربي.. هذه مُسَلَمات ليست انشائية إنما جيوبوليتيكية تدخل عالم التخطيط الإستراتيجي للدولة القطرية كما تدخل عالم التخطيط الإستراتيجي على مستوى الأمة بكل أقطارها على اساس من المصلحة العربية العليا .

 

والواضح ومنذ عقود من السنين لم تعر الدولة القطرية العربية اهتماماً لمسألة الترابط الموضوعي بين أمنها القطري والأمن القومي العربي .. وهذه المسألة تعد خطيئة كبرى بحق الأمة .. كما تعد خطأً فادحاً بحق الدولة القطرية ذاتها، فيما تشكل ثغرة قاتلة في جدار أمنها وأمن الأمة .. والمعنى في مسألة الترابط الموضوعي هو إدراك العمق الإستراتيجي للدول القطرية العربية مع بعضها البعض، وخاصة في ما يتعلق بالواقع الجيو- ستراتيجي الأجنبي الذي يحيطها ويترصدها ويتعامل معها، ليس على أساس ( كتلة ) موحدة ذات قرار موحد في السياسة والأمن والأقتصاد، إنما على أساس ( وحدات ) سياسية غير مترابطة بنيوياً وهيكلياً في عملية اصدار القرار العربي الموحد .. الأمر الذي شكل بدورة حالة من حالات العمل الخارجي عمق التناقضات ووسع الثغرات ومهد لمستلزمات الإختراق ، حتى باتت الدولة القطرية لا تستطيع لوحدها ان تسد الثغرات وتعالج الاشكالات، حتى وان ترمم التداعيات .. والدولة القطرية هذه تعيش في ( ازدواجية ) متناقضة، تعد من اخطر حقائق الواقع الجيو- سياسي للدولة القطرية ، وهي .. إعلانها الإنتماء إلى الأمة العربية ، وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، وهي تمثل أحد أركان النظام الرسمي العربي ، وهي تؤمن بالمصير العربي المشترك ، وتهمها المصلحة العربية العليا .. ولكنها في حقيقة الأمر متقوقعه بين جدران قطريتها، ولم تكترث بأمنها الوطني، وسمحت على مدى عقود وعقود للخرق الأجنبي على كل المستويات، حتى أنها باتت لا تمتلك أمناً غذائياً ولا أمناً مائياً ولا أمناً عسكرياً ولا أمناً معلوماتياً ولا أمناً بيئياً ، فهي أقطار لا تمتلك حداً أدنى من الحماية الذاتية .. والسبب يكمن في عدم ايمانها الحقيقي بارتباطها بالأمة العربية، إنما تمسكها بكيانها القطري بشكل يجسد انانية ذاتية قل نظيرها .. هذه الأنانية هي التي قتلت الأيمان وروح الشعور بالإنتماء إلى الأمة .. والدليل على ذلك، أن الحدود بين الأقطار العربية ما زالت قائمة ، حتى أن جامعتها العربية قد ماتت لأنها باتت وعاء لتناقضاتها ولسياساتها المتناقضة والمتعارضة، ومشاكلها ما تزال متكلسة ولا تجد حلاً عربياً شجاعاً ومنطقياً، فيما باتت الأخطار داهمة على الحدود والسواحل والبيوت والمضاجع ، ومع ذلك لم تحرك ( الدولة القطرية ) ساكناً .!!

 

واقع الأمة .. كيف نفهمه ونفسره ..؟

وقبل الحديث عن هذه الموضوعة المهمة، يتوجب ان نعرج على ما يلي :

 

- الكيان الصهيوني له مخططاته منذ ما قبل عام 1948 ، ومنذ ما قبل مؤتمر ( هرتزل ) ، في صيغة مشروع، يعمل عليه على وفق مراحل، قطع فيها شوطاً بعيداً ويكاد ان يستكمل تجريف الأرض والبشر اصحاب الأرض الفلسطينيون.

 

- وإيران ونظامها الفارسي لها مخططاتها منذ ما قبل مجيء ( خميني ) الى السلطة عام 1979، وهي في صيغة مشروع، تعمل عليه على وفق مراحل ايضاً، حددها مؤتمر ( قم ) الطائفي بخمسة عقود ، قطعت فيها شوطاً، وهي الآن تحاول ان تنفذ ( مستعجلة ) ، المرحلة الأكثر خطراً من تنفيذ الكيان الصهيوني لمشروعه .

 

- وتركيا لها مخططاتها، التي تسميها ( العمق الأستراتيجي ) ، تعمل عليها في صيغة مشروع العودة الى الـ ( العثمنة ) - كما هو حال المشروع الإيراني الذي جاء بصيغة الـ ( فرسنة ) - تَعثَرَ المشروع باستعجال تعامل انقرة مع الحصان الأمريكي الخاسر في مصر .. فيما تبدو ملامح الإنحسار الإيراني نتيجة رهان أمريكا على حصان الاحتلال الإيراني بأدوات طائفية في العراق وسوريا وغيرها .. وهو الأمر الذي سيجعل من الفورة الطائفية مدخلاً لنهضة الشعب العربي ويقين بعض الوحدات السياسية العربية التي تشكل حجر الزاوية في النظام العربي الرسمي ( مصر والسعودية ومحيطهما الخليجي ) على وجه التحديد، بأهمية وضرورة إعادة النظر في أمر تشكيل هياكل جدية وقوية للأمن القومي العربي، وبصورة استباقية قبل ان تعمد اطراف خارجية على استغلال ما تسميه فراغ الأمن في المنطقة لتفرض هيكلية نظاماً اقليمياً يضر بالأمن القومي العربي وبالمصلحة العربية العليا .

 

- وامريكا لها مخططاتها التي تسميها ( مشروع الشرق الاوسط الكبير ) ، والذي يزعم انه يضم، اضافة الى الدول العربية، كل من تركيا وايران، تحاول من خلاله أمريكا ان تُدْخِلْ الكيان الصهيوني في جسد المنطقة، الذي يرفض كياناً غريباً منذ عام 1948 ، بعد تحويله الى دولة دينية تنسجم مع دويلات مذهبية وعرقية تنتجها مرحلة الحرب الراهنة، لتخلق من هذه الكيانات ركائز اساسية تسمى بـ ( نظام الأمن الأقليمي ) ، تتولى قيادته دول اقليمية هي ( ايران وتركيا واسرائيل ) تحت توجيه ورعاية واشنطن وأداتها الأستراتيجية الـ ( ناتو ) .!!

 

والملاحظ خلال العقود الأخيرة كيف تناغمت هذه المشاريع الثلاثة في السياسة- الأستراتيجية لتستكمل مراحل التنفيذ على الأرض .. إذ يعد مشروع الشرق الأوسط الكبير الحاضنة الأساس للمشاريع آنفة الذكر مع بعض الأختلافات التي تشترطها مصالح الدول الأقليمية صاحبة المشاريع، لأن هدف التوجه صوب المنطقة هو توجه واحد يستهدف بسط النفوذ ونهب الثروات.. وهذا الأمر ينتج منافسات وصراعات من نوع معين لن ترقَ الى التصادم المسلح :

 

1- المليشيات المسخرة من الخارج والمجندة من الداخل هي التي تعمل حالياً على ساحات الأمة، بعد ان حُيدَتْ جيوشها حتى غدت بديلاً عنها في واجهات الصراعات العسكرية .. فبدلاً من أن ترسل ايران جيشاً، ترسل حرساً ومستشارين وتقول انهم متطوعون في العراق وسوريا وساحات عربية اخرى.

 

2- حتى استخدامات الأسلحة، بصورة عامة، لم تعد تقليدية في سياقات هذه الاستخدامات، فقد دخلت ساحات الصراع اسلحة صاروخية حديثة ومتطورة ، وطائرات بدون طيارين ومنها قاصفات، وقنابل ومقذوفات لها قدرات تدميرية محددة ومعروفة في دقة اصاباتها التدميرية تحت تصرف الأقمار الصناعية الحربية .. حتى يكاد مفهوم الردع أن يتغير، وكذا الأمر بشأن العقائد القتالية التي تدير المعارك هي الأخرى .. وعلى اساس هذا الفهم، فأن العقيدة القتالية لحروب التحرير الشعبية، حتى حروب المليشيات، بغض النظر عن اهدافها، باتت تختلف تماماً عن العقيدة القتالية للجيوش النظامية .. فجيش العراق المليشي الراهن قد اضاع العقيدتين ، فلا هو في سياق استخدام عقيدة قتالية نظامية ولا هو في سياق استخدام عقيدة قتالية مليشية .. فتدهور وتراجع وانكسر في كل جولاته الحربية ولن تقوم له قائمة وهو مهزوم في النتيجة .. أما قطعان الحشد الطائفي فهي لا تملك من كل هذا ـ انما تمتلك الوحشية من ناحية كما تداخلها حالة الهروب والفرار في حالات منها مقتل قادتها من الطائفيين .. ولذلك يتقدم الحرس الايراني بالاستشارة التي تركز على الجانب التدميري فقط .

 

3- تعلن ايران بكل صفاقة أنها تمتلك اربعة جيوش في العراق وسوريا واليمن، يمثل حجمها ضعف حجم حزب الله في الجنوب اللبناني .. وتحاول في منطقها المتعجرف هذا، ان تكرس إيهامات بأنها تدافع عن كيانها في خارج اراضيها وبأدوات غيرها تتبنى التشسع الصفوي وكأنها تتبنى موقفاً ( دفاعياً ) .. ولكن ِمنْ مَنْ ؟ هل من امريكا التي تتعاون معها ستراتيجياً، أم من الكيان الصهيوني الذي لها معه علاقات ستراتيجية وتجارية وأمنية، كما كشفتها الحقائق منذ ما قبل اندلاع الحرب العراقية- الايرانية على مستوى التسليح والتجهيز وضمانات الأمن المتبادل؟!

 

نعود الى مداخلة واقع الأمة .. فقياداتها كانت لا تخرج عن مصالح قطرياتها الأنانية فحسب وما تزال، انما ظلت في معميات السياسات التي سوقت أو سيقت إليها كاملة ومبرمجة، وهي تراها ولا تفعل شيئاً، بل تفعل عكس مصالحها وعكس مصالح شعبها، والأكثر إيلاماً أنها لم تستدرك أين هو الخطر وظلت مجرورة تلك القيادات وراء دعوات الغرب بالحماية .. ومع كل هذه المخاطر التي اقتربت من المضاجع .. ظلت الأنانية القطرية تأكل الأخضر واليابس .

 

 أين يكمن الخلل؟ لن اجيب عن هذا السؤال، الذي يعرفه الشعب العربي كما تعرفه قواه السياسيه الغارقة في متاهات التفسير والأنتظار الذي قد يبعد عنها المخاطر.!!

 

تمت ...






الاربعاء ٩ ربيع الاول ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / كانون الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة