شبكة ذي قار
عـاجـل










وهنا لابد لنا من التوقف لبيان الحراك الشعبي الذي شهده الشارع العراقي والعربي والشروط التي يتوجب توفرها لتحقيق التغيير والاصلاح الجذري للواقع العربي الفاسد وبما يحقق تطلعات الشريحة الاغلب التي تعاني من التردي في الخدمات الحكومية وابتعاد الحاكم عن الارادة الشعبيه ، فاتفق كل الباحثيين السياسيين وعلم الاجتماع أن ثلاثة شروط لإنجاح أي تغيير او صلاح جذري ( ثورة ) لابد وأن تكون متوفره وهي (( أولها المنظومة الفكرية أي حزب سياسي منظم ومتين ، وقيادة قوية الشكيمة والعزيمة ، وبرنامج عمل واضح )) ، ولو وضعنا هذه الشروط كمقياس فاحص فلم يتوفر لأي من الانتفاضة المصرية ، ولا التونسية ولا اليمنية ولا السورية ، أما الحراك الشعبي العراقي من قبلها فتلك العناصر متوفره بمجاهدي ومناضلي حزب البعث العربي الاشتراكي الذين حملوا السلاح مقاومه للغزو والاحتلال او النزول الى الشارع بالرغم من قساوة الاجراءات التي تتخذها حكومات الاحتلال المتعاقبه والسلوك العدائي للاحزاب التي جاء بها الغزو والاحتلال لتتسلط على رقاب العراقيين وتحرمهم من ابسط حقوقهم ابداء الرأي ورفض الغزو والاحتلال لان المادة 4 ارهاب جاهزة لتكبيل من يعلن الرأي كارهابي مطلوب ! ، كما ولم يكن للانتفاضة في الاقطار العربية التي اشرنا لها اهداف واضحة حيث إن الأهداف كان يصوغها الشارع ساعة بساعة وبطريقة عفوية ، كما لم يكن لها قيادة محددة باعتراف الجميع ،

ولم يكن يقودها تنظيم أو حزب مُحدد في بداياتها وان كان هناك من الثوار فانهم يخضعون للضغط النفسي الذي ولده الشارع المتأثر بالاعلام الامبريالي الشعوبي ، هذه الهبّة الشعبية العارمة أطاحت برأس النظام المصري مثلا" ولكنها أبقت على النظام برموزه ومؤسساته ، فبقيت المباركية دونما مبارك الذي تم استبداله بمجلس عسكري تم تعيين كافة اعضائه من قبل مبارك ، بقيت هياكل الأجهزة الأمنية كما كانت اللهم عدا إفراغها من أي مستندات قد تدين رموزها ، سلطة القضاء بكاملها من النائب العام إلى كافة المراكز القيادية فيه بقيت كما كانت عليه التعاون الأمني والاستراتيجي بين مصر وأمريكا والكيان الصهيوني بقي كما كان عليه ، أصبح الحاكم بأمره الجديد رئيس المجلس العسكري محمد حسين طنطاوي يتمتع ليس بسلطات كونه قائداً عاماً للجيش ورئيساً للدولة فقط ، بل بسلطات مجلس الشعب أيضاً ، وبقى ذلك الحكم العسكري قرابة الســــنة والنصف ترّص فيها ( الفلول ) صفوفها إلى انتخابات كان المطلوب والمأمول منها شــرعنة عودة الفلول إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع والزيف الديمقراطي الذي يدعونه أدواة الفوضى الخلاقه ، ومن ثم جلس على كرسي الرأسة الهارب من السجن محمد مرسي وحزبه الذي كان هوس التفرد والتهميش لكل القوى التي كانت فاعله في الشارع المصري ،

تناولي للاحداث المصرية بالرغم من مايمتلكه الشارع المصري من امكانات وقدرات سياسيه يمكنها ان تستقطب الحراك ايجابيا" وبما يتناغم مع حاجات الفرد المصري وخاصه الغلابه منهم لبيان التدني الذي حققه الضياع بفعل الانظمه الحاكمه والعجز الذي وصلت اليه القوى والاحزاب السياسيه ، وما تعرضت اليه القوى القومية الثوريه من تطويق وملاحقه وحتى الاباده لرموزه وادواتها الفاعله ، وهنا نتوقف لبيان ماذهبنا اليه ، الواقع اليمني وما يمتلكه الشارع اليمني من قوى قومية ووطنيه لها باع واسع في النضال والحراك فيكون انصار الله ( الحوتيين ) اليوم هم لولب الصراع والتغيير وفقا" للاجندة الخارجية وتحديدا" ايران التي لا ولن تتوافق مع اماني وتطلعات الشعب اليمني ، وأما الواقع السوري فان جميع القوى التي تطرح نفسها كقوى معارضه نجدها أسيرة التأثير المخابراتي الاسدي ومن هنا نجدها متناحره متنافره كل منهم يريد ان يكون هو المتصدر المتقدم وتسارعوا هرولة" نحو امريكا وحلفائها ارتهانا" ليكون لهم مكان في المشهد السوري ، ومن نافلة القول ولبيان حقيقة المتغيرات التي سرقت من ايادي الراغبين بالتغيير الحقيقي والمؤمنين بانهم هم المحرومين المغلوبين على امرهم ، فأقول من هو المشير طنطاوي الذي قدمه حسني مبارك ليكون من اللاعبيين في عاصفة الصحراء تحت امرة الجيش الأمريكي بقيادة الجنرال نورمان شوارتسكوف كوزير للدفاع في مصر العربية بدءاً من شهر مايو سنة 1991 وحتى سنة ونصف من بعد رحيل مبارك ،

أي أنه بقي 21 سنة بالتمام والكمال ، أتمّ خلالها شهر العسل بين الجيوش الأمريكية والجيش المصري وذلك عبر مشاركته في المناورات العسكرية مثل - النجم الساطع - والتي كانت يحضرها الكيان الصهيوني بصفة مراقب وهكذا أصبح صاحب هذا السجل الناصع الثائر الأول على رأس - الثورة المصرية - ، وأود الاشاره الى دراسة أمريكية تمت سنة 2006 يتبين أنها وصلت إلى القناعة والنتيجة أن أياً ممن قد يصل إلى الحكم من الإسلاميين أو خلافهم ، سوف يصعب عليه ( إن لم يستحل عليه ) أن يحدث تغييراً في الوضع الراهن اقتصادياً كون الاقتصاد المصري قد تمّت هيكلته وربطه بمشاريع ومؤسسات العولمة الأمريكية والغربية الرأسمالية ، وحيث أصبح الجيش والأمن القومي المصري مرتبطاً بمساعدات أمريكية مشروطة بمعاهدة ( كامب ديفد ) بل وتصل الدراسة إلى حد القول إن القوات المسلحة المصرية لن تسمح بمس العلاقة الاستراتيجية الأمريكية (( الإسرائيلية – المصرية ! )) ، عمل العسكر في المجلس العسكري الأعلى ثمانية عشر شهراً كل ما بوسعهم للإبقاء على ثوابت نظام مبارك مستعملين أجهزة مبارك القضائية والأمنية والإعلامية حتى إن رئيسي الوزراء في عهد المجلس العسكري كانا من عهد حسني مبارك جيء أولاً بعصام شرف بعد مسرحية ذهابه إلى ميدان التحرير يوماً أو بعض يوم وروج المجلس العسكري وإعلامه بأن عصام شرف هو اختيار الثوار علماً أنه ولآخر ساعة كان عضواً في لجنة السياسات التي يرأسها جمال مبارك ! وحين كُشف أمره جيء بالجنزوري وهو أيضاً رئيس وزراء سابق من عهد حسني مبارك وحيث إن التنظيم الوحيد الذي كان على الأرض قادراً على التنظيم هو جماعة الإخوان المسلمين فقد تعاون العسكر معهم تكتيكياً لا استراتيجياً حيث إن سياساتهم المعلنة لا تتماشى مع عقيدة القوات المسلحة العلمانية لكنه ( أي المجلس العسكري الأعلى ) أراد أن يكسب وقتاً يلتقط فيه فلول النظام القديم أنفاسهم مستخدمين اعلام مبارك وفلوله والذي بدأ يكشف عن هويته خصوصاً ، أيام الانتخابات الرئاسية والتي كادت أن تأتي بأحمد شفيق ممثلاً للمباركية على رأس النظام من جديد فكانت نتيجة الانتخابات هي بفارق بسيط جداً ( 49 - 51 % ) فتم حل البرلمان ذي الأغلبية الإسلامية بعد أيام من ذلك ، ثم ( شرّع المجلس ) ذلك الاعلان الدستوري المكمل الذي سلب رئيس الجمهورية عملياً كافة سلطاته ، ثم التأهب لحل اللجنة ذات الاغلبية الإسلامية لكتابة الدستور إلى أن قام الرئيس مرسي بحركته الاستباقية بإقالة طنطاوي وأغلب أعضاء مجلسه العسكري ، للتمهيد لتفرد الاخوان بالسلطة والانقلاب على ارادة الشعب المصري هذه هي صورة الواقع وجزيئاته وصورة ذلك غير واضحة وليس معلوماً إلى اين ستكون نهاياته ،

أما تلك التغيرات التي يظن بأنها مهمة فتسقط ضمن هذه الرحلة الطويلة إلى المجهول أما الفاعلون الجدد والذين تم تحفيزهم حديثاً فلقد قفزوا إلى الواجهة أي الشارع السياسي الذي لم يتم تعريفه فسريعاً ما يلتئم وسريعاً ما ينفض ، والإخوان المسلمون الذين اعتبرهم الغرب بالأمس القريب كمتطرفين خطرين يتم اعتبارهم اليوم كعقلاء عمليين والسلفيون التقليديون الذين كانوا يتوجسون من كل أشكال السياسة تجدهم الآن متحمسين للمشاركة في الانتخابات ، كما توجد جماعات سلفية مجهولة ومليشيات ولاءاتها غامضة لايُعرف من المستفيد منها ، فضلاً عن وجود عصابات من المجرمين وقطاع الطرق والخاطفين ، أما التحالفات فحّدث ولا حرج ، فليس لها من منطق يحكمها كما أنها تتغير باستمرار فالأنظمة التي تدعي الديمقراطية وتنادي بالديمقراطية نجدها من الاكثر تجنيا" على المواطن المغلوب المنهوب حقا" وحاجات وخدمات ، والولايات المتحدة تشكل شراكات مع إسلاميين وإسلاميين يتطلعون إلى أنظمة طالما قاوموها ، وبعض الدول الشمولية تشجع العلمانين ضد الإخوان المسلمين والسلفيين ضد العلمانيين ، وأمريكا تتآلف مع النظام العراقي الذي انتجته بعد غزوها واحتلالها للعراق والتي تتآلف بدورها مع إيران التي تساند النظام السوري والذي تعمل امريكا على إسقاطه ، وتتحالف امريكا مع دول تموّل حماس وتموّل السلفيين الذين يمولون الجهاديين والذين يرفعون شعارات الموت للأمريكان ، وفي وقت قياسي تحوّلت تركيا من دولة دون أي مشاكل مع جيرانها إلى دولة تنازع كل الجيران ، لقد أغضبت إيران والعراق والكيان الصهيوني وعملياً فإنها في حالة حرب مع سوريا ، وها هو حسن نصر ألله يعلنها بملىء فمه وضاحكا" بانه متواجد على ارض العراق اي انه المخلب الايراني يتواجد اينما تريد ايران ولا غرابه انه في اليمن ومصر ، فيا لها من لعبه ؟

 

يتبع بالحلقة الثالثة





الجمعة ١ جمادي الاولى ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / شبــاط / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة