شبكة ذي قار
عـاجـل










يرى المختصون والباحثون والفقهاء بالشريعة لن يتم اي اصلاح وتغيير في المجتمعات عامه والمؤسسات خاصة ومنها النظم والحكومات والهيئات المختصة الا باصلاح التراث عموما" وخاصته التراث الديني ، ولاندري هل انهم ناسين او متناسين بأن القيادات السياسية القائمة على أساس ديني لم تقدم أي انجاز يستهدف خدمة شعوبها ، وتأمين حقوقها الانسانية وحريتها ، وتحقيق الحياة التي تليق بها ، بل على العكس من ذلك نجد ان تلك التجارب قد جلبت لشعوبها العبودية والتخلف ، وسلب المواطنين لحقوقهم الانسانية ، والتدخل الفض في أعماق شؤونهم الشخصية ، مما يشكل اعتداء صارخا على حقوق الانسان التي اقرها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة عام 1948 ، ولنا من نموذج الحكم القائم في العراق ، ومصر محمد مرسي ، والسودان ، ونيجيريا ، وليبيا ، واليمن بضل الحوتيين وقبلهم نظام طالبان في افغانستان خير دليل على الانتهاك الفض لحقوق مواطني هذه البلدان ومعاناة شعوبها ، وعند تصفح التأريخ العربي الاسلامي مابعد الرسول العربي الهاشمي المضري محمد بن عبد الله صلى الله عليه وأله وسلم نجد أن الدولتين العربيتين الاسلاميتين الاموية والعباسية انتهجت أمرين متداخلين وان اختلفا في الرؤية والاعتقاد (( ما يُراد العودة إلى تطبيقه ليس شـريعة وإنما هو فقه يحتج بالشـريعة واجتهاد بشـــري خالص اعتمده الحاكم الاموي ووعاض السلاطين ، وحد الردة عُرف متأخراً استخدمه العباسيون في مواجهة خصومهم السياسيين )) ،

فلابد من الحديث عن الفكر الديني وأمراض الثقافة الاسلامية التي أوجدها ألاعاجم الذين اعتنقوا الاسلام ليس ايمانا" بل نتيجة الامر الذي فرض عليهم ، وفضائح الدولة العثمانية التي تُمتُّ بِصِلةٍ عِرقية مع التتار الذين اقتحموا بغداد مركز العالم العربي الاسلامي وعاصمته ومنبع العلوم والمعرفة ودمروا الحضارة العربية الاسلامية ، وحول الإسلام الســياسي ، والخلافة الإســــــلامية والفرق بين الفقه والشـــــــريعة ، وما تم عرضه من قبلنا عن معنى - الاسلام السـياسي - ومن هو اول من ابتدعه فيما سبق ، اتناول اليوم وببعض التفصيل هذا الامر كي اتمكن من بيان بان هذا الفعل يعد من بواكير استخدام الدين الاسلامي استخداما" مشوها" تطفوا عليه الاهواء والغايات الذاتية والنفعية التي تعد بذاتها وسيله من وسائل الاجهاز على الاسلام كدين قيم ومبادىء سامية اراد الله جل علاه ان تنعم مخلوقاته بما يراه لهم ويرضيه ، خرجت حركات الاسلام السياسي من رحم الحركة الاصلاحية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر واستمرت حتى عشرينات القرن المنصرم ، حيث بدأت قطاعات الاسلام السياسي بالانزياح تدريجيا"عن فكر وممارسة الاصىلاحية الاسلامية وصولًا إلى إحداث نوع من القطعية فالاصلاحية الاسلامية تحالفت موضوعيا" مع رجالات عصر التنظيمات التي انتجها مرحلة الاحتلال العثماني ان كانت ايجابية او سلبية وذلك في سبيل بناء منظومة حديثة تستوعب المتغيِّرات العالميَّة التي أحدثها صدمة الغرب ، وفي هذا المجال قدمت الإصلاحيَّة الإســـــلاميَّة أطروحتين أســاســـيتين هما (( أطروحة المنافع العمومية بتعبير رفاعة الطَّهطاوي وأطروحة التَّنظيمات بتعبير خير الدِّين التُّونسي )) ، لقد حقَّقت الإصلاحيَّة الإسلاميَّة انجازاتٍ كبرى في سائر مجالات اهتمامها الذي كان شاملا" ذا أبعاد اجتماعيَّة واقتصاديَّة وسياسيَّة وأخلاقيَّة ،

إلا أن عشرينيات القرن المنصرم شهدت خللًا في مجال علاقة الإصلاحيَّة الإسلاميّة بالغرب ، وعلاقتهم بالدَّولة ففي المجال الأول ، درج الاصلاحيُّون على الفصل نظريًّا وعمليًّا بين الثَّقافة الغربيّة ، والتقنيَّة الغربيّة من جهة ، والسِّياسات الغربيّة تجاه الوطن العربي والعالم الإسلاميّ من جهة ثانية فالحضارة الغربيّة كانت من وجهة نظرهم حضارةً عالميةً يمكن الإفادة من منتجاتها في كلِّ المجالات فلا ينبغي إيصاد الأبواب في وجه التَّجربة الحضاريَّة الغربيّة بسبب عدوانيَّةِ الغرب تجاه الإسلام والعرب والمسلمين بل إن المقصود من وراء الإفادة من المنجزات الحضاريَّة والتقنيَّة الغربيّة في سائر المجالات الوصول إلى نِدِّيَّة يمكن بها وبما تحدثه من قوَّةٍ وتقدُّمٍ ، مواجهة نتائج السِّياسات الغربيّة على الإسلام والعرب والمسلمين ، لكن العقدين الأولين من القرن العشرين شهدا عدوانيَّةً غربيّةً هائلة تجاه الوطن العربي والعالم الإسلاميّ ، والتي تمثَّلت في السَّيطرة على أكثر ديار الإسلام والاسائة لدينهم ومجتمعاتهم ، وبلغت ذروتها في الحرب العالمية الأولى بسحق دولة الإسلام الباقية السَّلطنة العثمانيَّة واقتسام أمصارها بين المنتصرين في الحرب من خلال معاهدة سايكس بيكو وما تبعها وعد بالفور المشؤوم لذلك رأى كثيرون من تيَّار محمد عبده أن العلّة لا تنحصر في الصِّراعات الدَّاخلية بين رجالات الغرب ودوله ، أو نزعتهم الاستعماريَّة ، بل تتعدى إلى العقليَّة الغربيّة ، والثَّقافة الغربيّة ، وتاريخ الغرب مع الإسلام وحروبه العدائية ، فالعقليَّة والثَّقافة ماديتان غير إنسانيتين ، وهما تسترجعان وتتبلوران تاريخًا طويلًا لمعاداة الإسلام والعرب والمسلمين ،

من هنا فقد بدأت التَّفرقة بين الثَّقافيّ الحضاريِّ، والآخر السِّياسيّ لدى الغرب أمرًا غير مسوغ بل وغير صحيح وعلى أن الخلل الآخر هو الخلل في العلاقة مع مشروع الدَّولة ، بدا آنذاك أشدَّ أهميةً لأنَّه كان ظاهرًا ومباشرًا ، فقد عمد مصطفى كَمال اتاتورك إلى الفصل بين السَّلطنة والخلافة عام 1922 ، ثم ألغى الخلافة عام 1924 ، وأقام نظامًا علمانيًّا متشددًا فصل بمقتضاه الدَّين عن الدَّولة في النِّظام التُّركي الجديد مع عدائية صريحة ضدَّ الإسلام ومؤسساته ورجالاته لكن بدأت تظهر في تلك البلدان برعاية القوى الاستعماريَّة المسيطرة ، أو بدون رعايتها أنظمةٌ سياسيَّةٌ ذات نزعات قوميَّة أو قطريَّة ، لا تعالن الإسلام ومؤسساته العداء لكنَّها لا تترك له أيَّ دورٍ حتى في مجال إسباغ المشروعيَّة على المستجدات ، كما كان عليه الحال منذ الثُّلث الأول من القرن التاسع عشر كانت الدَّولة الوطنيَّة في المشرق تتلمَّس طريقها إلى الظُّهور والاستتباب وتبحث عن مشروعيتها في المصادر القوميَّة العلمانيَّة للمشروعيَّة فكرًا ومؤسسات ، وتزيح الإصلاحيِّين الإسلاميّين جانبًا لقد تولَّدت في وعي النُّخبة الإصلاحيَّة أزمةٌ نجمت عن الخيبة بالغرب وثقافته وسياساته أفرزت جيلًا هيمن على مجمل الفكر الإسلاميّ المعاصر كان الشيخ رشيد رضا أحد تحوُّلاته ، وظهور حركة الإخوان المسلمين ، فقد بدأ هاجس الحفاظ على الهويَّة حاضرًا بقوةٍ في المشروع الإصلاحيّ ، لجماعة الإخوان المسلمين التي قام بتأسيسها الشيخ حسن البنا عام 1928 في الإسماعيلية ، والتي بدأت كحركة توعية دينيّة وثقافيّة ، تعني بالأخلاق والشَّـــــــعائر ، والهوية الإســـــلاميّة للمجتمع فهي حركة إحيائيَّة ، لا تعنى بشكلٍ مباشــــرٍ بالقضايا السِّـــــياسيّة وضع نشوء حركة الإخوان المسلمين بذور القطيعة بين الحركة الإسلاميّة الجديدة ، وفكر الحركة الإصلاحيَّة غير أن هذه المقدمات ســـــتنضج نتائج كبيرة على صعيد العلاقة بين الفكريين خاصَّة مع موضوعات الجيل الثَّاني للحركة مع ســـيد قطب ترتكز فيها على أفكار أبو الأعلى المودودي كانت فكرة ( الحاكمية ) ذروة التَّعبير عن تلك القطيعة ،

بعد أن أودت نهائيًّا بفكرة الدَّولة الوطنية لكنها سـتولِّد سياسة خوارجيَّة ( الخوارج الجدد ) في جسم الحركة الإسلاميّة ، أنجبت إلى جانب ثقافة العنف والتكفير بنى سياسية متطرفة أساءت استخدام فكرة الجهاد ، وفتحت المجال السِّياسيّ والاجتماعيّ على الفتنة الدينية - بعقليتها المذهبية – والحرب الأهلية من خلال ألحركات ( التكفير والهجرة ، والجهاد الإسلاميّ ، والجماعة الإسلاميّة التي انتجت القاعدة وسواها من الحركات النَّظيرة ، وقد جاءت تجربة المقاومة الأفغانية ( العرب الافغان ) للاحتلال السوفيتي تعطي زخمًا لهذه الحركات على صعيد قدراتها الماديَّة الضَّاربة ، وقد أفرزت ظاهرة المقاومة الأفغانية تيارات عديدة تستند إلى مفهوم التدين السياسي أدت إلى ولادة تنظيمٍ انتقل من مصطلح الجهاد الوطني إلى الجهاد العالمي ، وعولمة الحركة الإسلامية تمثّل بنتظيم القاعدة الذي أصبح نموذجا معياريا لظاهرة التدين السياسي وكيفية مكافحته ، وعلى الرُّغم من الجدل العميق حول أسباب بروز ظاهرة الإسلام السِّياسيّ إلَّا أنَّه لم يحسم بشـــكل نهائيٍّ حيث ظهرت خمس أطروحات رئيســـة في محاولة لتفهُّم الظَّاهرة ويمكن خلاصتهما بالاتي (( فشل النُّخب العلمانيَّة القوميَّة إذ يرى فؤاد عجمي أن هذا الفشل يعود في جزءٍ أساسيٍّ منه إلى الطريقة التي تحالفت بها نخب ما بعد الاستعمار مع الحداثة والغرب ، ودفعوا إلى احتقار شعوبهم لكونها متخلفة ، ويرى فيشر في هذا الفشل أحد العوامل الرئيسة وراء بروز الإسلام المسلَّح - إن الإسْلامويَّة ردُّ فعلٍ على فشل الليبرالية السَّاذجة التي سادت في ثلاثينات القرن العشرين ، واشتراكية العالم الثالث التي سادت في الســــتينيات والســــبعينيات ويقدِّم بروز الإســـــلام كنتاج لعدم قدرة النُّخب العلمانيَّة التي خلفت الأنظمة الاسـتعماريَّة الأوروبيَّة على ملاقاة أمال شــــعوبها وتطلعاتها - ، و نقص المشاركة السِّياسيّة إذ يجعل توسع الدَّولة النَّامية كلًّا من الجغرافيا والبُنية التَّحتيَّة من الصَّعب على المجموعات السُـــــّكانية الفرار منها وحيث تربح اليد الطُولي للبُنية التَّحتية باليد الحديدية للتَّســلط في المجتمعات المسلمة فتكون النَّتيجة تآكلًا للمجتمع المدنيّ ، أي أن الطَّبيعة الدِّكتاتورية لأنظمة ما بعد الاستعمار ضيَّقت كلَّ المساحات العامة الشرعيَّة المتوفِّرة ، كما يرى مايكل غيلسنان وأزمة البرجوازيَّة الصَّغيرة إذ ترى نيكي كيدي أن الإسْلامويَّة هي عقيدة البرجوازيَّة الصَّغيرة ، ويرى غيلسنان كذلك أنَّ أصول الإسْلامويَّة في أزمة البرجوازية الصَّغيرة ، وتنشأ أزمة البرجوازية الصَّغيرة بحسب غيلسنان من واقع أن الاستقلال حمل نتائج غامضة للبرجوازيَّة الصغيرة ، التي تمكَّنت من السَّيطرة على دولة ما بعد الاستعمار ، عبر تجنيدها في صفوفِ جهازٍ حكوميٍّ واسع الانتشار وقسريًا ، لكنَّها استمرت عاجزةً عن الوصول إلى السُّلطة والثَّروة بسبب السَّيطرة المستمرة للنُّخب الحاكمة أي أن التَّعبئة التي عرفتها البرجوازيَّة الصَّغيرة بعد الاستعمار لم تنجح في إعطائها السُّلطنة ، والبترو دولار والتَّنمية الاقتصاديّة غير المتوازنة إذ إن هناك مجموعةً شائعةً جدًا من الآراء التي تقوم على العلاقة بين العمليات الاقتصاديّة ودلالاتها السِّياسيّة ، يذيب النُّمو والتنمية الاقتصاديّتين ، الرَّوابط الاجتماعية التقليدية ، ويولِّد طموحاتٍ مستحيلة في مجموعات اجتماعيَّة ناشئة وتبرز الإسْلامويَّة كردَّة فعلٍ على نتائج النُّمو الاقتصاديّ السَّريع؛ فتدمير الأنماط التَّقليديَّة للحياةِ والغموض الذي يوحي ذلك به ، يدفعان النَّاس إلى تأكيد طريقة حياتهم التَّقليديَّة أو إلى إعادة تأكيدها وسيلةً للتَّأقلم مع التَّغيرات ، والتَّآكل الثَّقافيّ إذ أدَّى تكامل المجتمعات المسلمة في النِّظام الرَّأسمالي العالمي الخاضع لسيطرة الغرب إلى إضعاف الهويات المسلمة أي أن الإسْلامويَّة برزت كاستجابةٍ للانضمام إلى نظامٍ عالميٍّ يقوده الغرب )) هذه الآراء الخمسة هي الأكثر شيوعا" في الكتابات الساعية إلى تعليل بروز التيارات الإسْلامويَّة أو ( الإسلام السِّياسي ) في والوطن العربي والعالم الإسلاميّ

يتبع بالحلقة الثانية





الاحد ١٠ جمادي الاولى ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أذار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة