شبكة ذي قار
عـاجـل










بداية لا بد من تسمية الاشياء بأسمائها , وتشخيص الاحداث وردود الفعل المقابلة بدقة . نظام الملالي في ايران اكثر وضوحا في اعلان استراتيجيته من الانظمة العربية بكل تكويناتها العقدية والسياسية . فمنذ ان تسلم خميني السلطة في ايران اعلن خطته على المدى البعيد , وقال انه يهدف الى نشر مذهبه على نطاق العالم الاسلامي , وان اول بلد يجب التمدد فيه هو العراق , وقال ان الطريق الى القدس يمر من بغداد , وهو شعار للاستهلاك الجماهيري , وبعد ثلاثين سنة يعلن النظام على لسان مسؤوليه ان بغداد هي عاصمة الدولة الفارسية , وان ايران تستعيد الامجاد السالفة , امجاد كسرى ورستم يوم كانت المدائن عاصمة خلفية للامبرطورية الفارسية , تلك الامبراطورية التي انتهى بريقها في معركة القادسية الاولى زمن خلافة عمر بن الخطاب .

لم يعتمد نظام الملالي الحرب المباشرة بعد تجربة الحرب العدوانية التي شنها على العراق عام 1980 واستمرت ثماني سنوات حتى 1988 . بل اعتمد اسلوب التسلل الى الساحات الرخوة من خلال المؤمنين بالمذهب الشيعي , وانشاء مليشيات عسكرية مدربة لتكون القاعدة التي يعتمدها النظام في تنفيذ خططه التوسعية . وكانت التجربة الالى اختراق منظمة امل في لبنان وشقها وانشاء حزب الله الذي صار قوة يعتمد عليه النظام في التدخل سواء في سوريه او العراق او البحرين .

وتكرر الاسلوب في العراق اذ تم انشاء مليشيات تم تدريبها في ايران قبل احتلال الولايات المتحدة العراق 2003 , وصارت اذرع يعتمدها الملالي في تنفيذ خططه في العراق وابرزها منظمة بدر والعصائب وغيرها الكثير . وفي اليمن تم دعم بدر الدين الحوثي وابنه حسين ومن ثم عبد الملك الحوثي الذين دفعوا بالمذهب الزيدي الاقرب الى جماعة المسلمين نحو المذهب الاثني عشري على المعتقد الصفوي الذي يشكل دينا جديدا وليس مذهبا من مذاهب الاسلام .

وخلاصة القول ان نظام الملالي نفذ خطته باسم الاسلام والمذهب , وتمدد على حساب العرب ارضا وتاريخا وثقافة وتراثا , مدفوعا بحقد تاريخي اسود على العرب منذ ان قتل ابو لؤلؤة الفارسي سيدنا عمر بن الخطاب , والدس الشعوبي الذي مارسه الفرس في زمن الخلافة العباسية , ومحاولاتهم تحريف التاريخ العربي والانساب العربية والدس على لسان الرسول محمد ( صلى الله علية وسلم ) , ولعن صحابته وامهات المؤمنين .

ومقابل ذلك كانت الانظمة العربية تداهن وتلوذ بعيدا عن المواجهة المباشرة لوقف مخططات ملالي ايران , ظنا منهم ان الملاطفة والصمت قد يحيد الملالي عن الاستمرار في تنفيذ مخططاتهم ضد العرب . وهذا يعني ان الزعماء العرب كلهم او بعضهم كانوا يثقون بالادارة الامريكية لتحميهم , ولم يدركوا ان الولايات المتحدة لاتؤمن بالصداقة النزيهة , بل بالتحالفات المصلحية , فاذا انتهت تلك المصالح انتهت تلك التحالفات . وما اسهل على الامريكان ان يتخلوا عن اصدقائهم في اللحظة المناسبة لهم , وامثلة التاريخ كثيرة , لاداعي لتعداد الزعماء الذين تخلت عنهم الادارة الامريكية . ولم يدركوا ان الادارة الامريكية كانت ايضا صريحة في رسم سياستها في الشرق الاوسط , وفي المنطقة العربية , اذ اعلن اكثر من مسؤول امريكي ان التعامل مع جهة مركزية لها سلطة في فرض القرارات افضل من التعامل مع جهات لا تملك السلطة على الجماهير العريضة . وقد عبر رامسفيلد ان التعامل مع الشيعة اسهل واضمن من التعامل مع السنة . لان الشيعة لهم مرجعية واحدة ذات نفوذ على الجماهير في حين ان السنة لهم مرجعيات عديدة غير مطاعة من جماهيرها .

هذا جانب وجانب اخر ان ايران الملالي احرزت خطوات على الارض جعلتها تحاور الولايات المتحدة والاوروبيين من منطلق القوة , وفرضت نفسها قوة اقليمية تتقاسم النفوذ فيها الى جانب القوى الاقليمية المعروفه . وبغض النظر عما ورد في الاتفاق النووي بين ايران الدول الكبرى فان الظاهر ان ايران حققت مكاسب على حساب العرب , ويكفي ان الملالي حاوروا الغرب طيلة السنوات الماضية وحققوا بعض المكاسب , اي اعتراف الغرب باحقية ايران تخصيب اليورانيوم ولو بنسب محددة بعلم الغرب . ان القاصي والداني يقر ان الملالي يريدون انتاج قنبلة نووية , سواء اليوم او غدا , لكي تصبح قوة نووية في المنطقة وتفرض ارادتها في الاقليم . وكما سكت الغرب على باكستان انتاج قنبلة نووية , فانه سيسكت على ايران لانتاج هذه القنبله , مادامت لا تؤثر على امن الكيان الصهيوني . وهذا الامر بات محسوما منذ الان , فنظام الملالي يعمل على توثيق العلاقة مع الكيان الصهيوني من خلال اللوبي اليهودي الايراني المتنفذ تجاريا سواء داخل ايران او في الولايات المحدة . ولكن القنبلة الايرانية ستكون سيفا مسلتلا على رقاب العرب .

لقد انخدع الزعماء العرب بالولايات المتحدة , حتى وصل السكين على رقابهم , وبات الملالي لا يتورعون عن تهديد العرب واستلاب اماكن عزهم , وهاهم يهددون باحتلال المضائق البحرية والبحار للسيطرة على الملاحة الدولية فيها , كما انهم يهددون بالاستيلاء على الحرم المكي ليسيطروا على حج المسلمين , وتحويله الى قم مستقبلا . سواء نفذت تلك التهديدات ام لا فانها تنم عن صلافة في التصريح والتهديد , وبالمقابل لم يفعل الزعماء العرب فعلا مقابلا له تاثير مباشر على ايران .

وعلى سبيل المثال لم ينتصر الزعماء العرب لاخوانهم العرب في اقليم الاحواز السليب , ولديهم منظمات جهادية تطالب بالحرية وحقوق انسانية اقرتها الشريعة الاسلامية وشرعة حقوق الانسان , ولم يعملوا لدعم القوميات غير الفارسية في ايران تلك القوميات المطالبة بحقوقها مثل الاكراد والبلوش . ولم يعملوا على دعم اكبر منظمة لها تاثير داخل ايران الا وهي منظمة مجاهدي خلق المعارضة التي كان لها دور مهم في الثورة ضد نظام الشاه , وانقلب عليها خميني لانها رفضت الانصياع الى نظرية ولاية الفقيه , التي هي تعبير عن الديكتاتورية المطلقة .

واذا كانت البلاد العربية ارضا رخوة يمكن اختراقها من قبل الملالي فان ايران ايضا ارضا رخوة يكمن اختراقها واحداث ثغرات فيها لو كان العمل الاستخباري منظما ودقيقا .

اما اليمن فقد جاء الرد السعودي والعربي متاخرا جدا , رغم ان السعودية تعرف دقائق الوضع اليمني وقد تعاملت معه منذ سنوات , , وكان الاولى ان يتم التعامل مع الوضع اليمني من زمن ليس بالعيد , اي كان لابد من كسب ولاء قادة القطعات العسكرية , ويكون ولائهم للوطن قبل الولاء للاشخاص. حتى لا تكون مهمة عاصفة الحزم انهاء قوة الجيش اليمني بالكامل , اي ضرب القوة الجوية والصاروخية والدبابات والدفاعات الجوية , فهذه مهمة صعبة ومكلفة وتضر باليمن مستقبلا وامنه الوطني .

ولولا قوة الجيش اليمني لما تمكن الحوثيون من التحرك السريع نحو الجنوب واحتلال القصر الجمهوري , ولولا قوة الجيش لما تمكنوا من السيطرة على معظم المحافظات اليمنية . المعتقد ان الحوثيين يملكون اسلحة تكفيهم للقتال زمنا طويلا فوق الارض . وان المعركة معهم طويلة اذا لم يتم شرخ قوات الجيش اليمني وجلبها لصالح الشرعية الدستورية .

ان مواجهة نظام الملالي ليست في اليمن فحسب , بل لابد ان تكون مواجهة شاملة في كل الجبهات واولها في العراق قبل سورية , لان العراق كان هو البوابة الشرقية للوطن العربي والسد المنيع بوجه الاطماع الايرانية على الدوام . لابد من دعم قوى الجهاد الوطنية في العراق , التي تمثل القوى والعشائر المهمشة من الحكومة التابعة لنظام الملالي .

لقد ان الاوان ان يقف الزعماء العرب موقفا موحدا ضد نظام الملالي الذي هو اخطر من الكيان الصهيوني على العرب . ولا يعني نسيان المعركة الكبرى ضد الكيان الصهيوني الغاصب , واسترجاع الحق العربي في الاراضي المحتلة . لقد فصلنا في هذا الموضوع كثيرا من قبل , وان نظام الملالي قد خدع الكثيرين بانه ضد الصهاينة وضد امريكا في حين انه يتعاون معهم بالسر والعلن , ولم يخفي هذا التعاون كلما اقتضت مصالحه ذلك , ولابد من استقلالية القرار العربي بعيدا عن الاملاءات الغربية وخاصة الامريكية , بل لابد من فرض الارادة العربية واجبار الدول الغربية القبول بها .

hassan_tawalbh@yahoo.com






الاربعاء ١٩ جمادي الثانية ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / نيســان / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة